دول الخليج سياحياً: استبدلت التصدير بالإستيراد

عرفت دول مجلس التعاون الخليجي بأنها من أبرز المناطق المصدرة للسياح في العالم، لكنها تتجه حالياً لتكون من أبرز المناطق المستوردة للسياح مع ما يستوجبه ذلك من بنيات متطورة واستقرار ثابت على أمل ان يزداد نصيب القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي.
لم يعد خافياً على أحد ما تقوم به دول مجلس التعاون من تطوير بنيات ووضع خطط سياحية استطاعت ان تحول هذه الدول في فترة وجيزة من دول مصدرة للسياح الى دول مستوردة، ما يؤهلها لمنافسة ابرز المقاصد السياحية في العالم.
6 مزايا
وتعتبر «بوز اند كومباني» في تقرير لها ان قطاع السياحة في دول الخليج يمتلك 6 مزايا تنافسية تساعدها على ان تكون واحدة من أهم مناطق السياحة في العالم. فالدول الخليجية تتمتع بإقتصادات قوية بشكل عام مما يسمح لها بالإستثمار في المنتجات السياحية القادرة على استقطاب السياح. كما تتمتع بباقة مطارات ضخمة وحديثة قادرة على استيعاب اعداد كبيرة من الزائرين وتتصل بمسارات جوية بالبلدان التي يفد منها أكبر عدد من السياح.
والميزة الثالثة تتمثل في تمتع البلدان الخليجية بشعبية كبيرة كوجهات لسياحة الأعمال نظراً لبنيتها التحتية المتطورة للإجتماعات والمؤتمرات.
والميزة الرابعة تتمثل في تحسين المرافق الثقافية في المنطقة تزامناً مع ترميم المواقع الأثرية وانشاء متاحف جديدة مهمة في الكويت وقطر، على سبيل المثال، تشجع الفنون المعاصرة.
خامسة الميزات التنافسية تتمثل في تمتع بلدان الخليج بطقس جيد في وقت مهم من السنة، أي عندما تكون كبريات الأسواق السياحية للأنشطة الشاطئية والترفيهية، مثل بلدان الشرق الأوسط، تعاني من انخفاض في الطلب، وهذا من شأنه ان يجعل المنطقة «وجهة للإستمتاع بالشمس والشواطىء»، كما ذكر التقرير، عندما تعاني الأسواق المنافسة من انخفاض في نشاطها السياحي.
أما الميزة السادسة فهي تتمثل في ما تتمتع به دول مجلس التعاون من سمعة السلامة والإستقرار على كل المستويات.
خطوات التصويب
وتعتبر «بوز اند كومباني» ان الإستفادة من هذه المزايا تستوجب تعامل دول الخليج مع السياحة بإعتبارها منظومة متعددة المستويات، «حيث سيساعدها فهم القطاع بهذه الطريقة على معالجة أوجه القصور التي تشوب المنظومة من خلال عدد من الخطوات، أولاها تكمن في تعريف المنظومة السياحية بما تشمله مكوناتها الأساسية من منتجات وخدمات سياحية ومعالم على غرار الشواطىء والثقافة الى جانب عوامل تمكين القطاع التي تساهم في بنائه مثل التسويق والترويج، وعوامل تمكين المنظومة السياحية بشكل عام مثل البنية التحتية والأمن والإستقرار التي تؤثر في صورة البلد لدى السائح.
ويذكر التقرير ان عوامل تمكين القطاع السياحي تقع ضمن خمس فئات تشمل التخطيط والترويج والتسويق، وتنمية قدرات الموارد البشرية، والبحوث، والإحصاءات. وبشكل عام تتولى جهة مركزية لتخطيط السياحة الإشراف على هذه الأنشطة وتكون مولجة بتنويع المنتجات السياحية، وزيادة الإستثمارات. وتكمن الخطوة الثانية، بحسب التقرير نفسه، في اختيار «التموضع الإستراتيجي»، الذي ينطوي على تحديد المصادر الرئيسية للسياح، والتي يفضل ان تكون قريبة وكبيرة الحجم، ومن ثم تحتاج البلدان الى توزيع المصادر المحتملة للسياح بحسب الشرائح مثل سياح الأعمال، المحدودي الدخل، الاسر، المتقاعدين، والتي تحمل انعكاسات على متوسط انفاق هؤلاء السياح، والنمو المتوقع في اعدادهم، وهذا ما يسمح لدول الخليج بإتخاذ قرار بشأن ماهية المنتجات ذات الأولوية مع الأخذ بعين الإعتبار ما اذا كان المنتج المطلوب بطبيعته جاهزاً لطرحه، وبمقدوره المنافسة مع الأسواق الاخرى أولاً.
ووفقاً لـ «بوز اند كومباني»، فإن المنطقة العربية الأوسع يمكن ان تكون مصدراً أساسياً من مصادر السياح نحو الخليج، كما يمكن ان تصبح دول الخليج مراكز عالمية للأعمال والمؤتمرات، أو وجهات للسياحة المغامرة.
الأرقام تتكلم
شهدت السنوات الأخيرة ارتفاعاً في اعداد السياح الوافدين الى بلدان مجلس التعاون من 23،5 مليون في العام 2006 الى 29،7 مليوناً في 2011، وهو ما يمثل معدل نمو سنوياً مركباً يبلغ نحو 5%. واذا كانت السعودية وقطر وعمان والكويت قد رفعت المساهمات المباشرة للسياحة في الناتج المحلي الاجمالي من 4،5% الى 7%، فإنها مع اخواتها تخطط للإستفادة أكثر من كعكة السياحة العالمية المقرر لها ان تنمو بنسبة 70% في السنوات العشرين المقبلة، أي بمعدل 1،8 مليار سائح سنوياً.