الغاز الصخري يربك السوق ولا يضعف الشرق الاوسط
بعدما احدث النفط والغاز الصخريان تحولات داخل الولايات المتحدة بدأا يحدثان تغييرات في المشهد الوقودي وسط انعكاسات بادية للعيان اكثر فاكثر، حتى ولو كانت تشعباتها ما زالت غير واضحة.
لعل خير مثال على هذه التشعبات ان الفحم الاميركي، الذي تخلى عنه الكهربائيون المحليون، مفضلين الغاز الصخري الرخيص عليه، يتم تصديره باسعار منخفضة الى اوروبا وآسيا.
وداعاً للفحم
مثل هذا الامر يهيىء لانسحاب المعامل الكهربائية العاملة على الفحم في القارة الاوروبية لمصلحة المعامل العاملة على الغاز رغم انبعاثاتها المتزايدة من ثاني اوكسيد الكربون.
يضاف الى ذلك ان القيمين على قطاع الكهرباء ينتظرون بدء الولايات المتحدة تصدير غازها في غضون سنوات قليلة الى اوروبا وآسيا على شكل غاز طبيعي مسال.
وتقتضي الاشارة الى ان اربعة موانىء تصدير اعطيت التراخيص حتى الآن، وفي العام 2016، سيبدأ تصدير الغاز الطبيعي المسال، «الامر الذي سيحدث تغييرات في العلاقات بين اسواق الغاز في كل قارة»، على حد قول تيم غولد، محلل الوكالة الدولية للطاقة في مؤتمر صحافي في مطلع الشهر الماضي.
غير ان الولايات المتحدة لا تعتزم تصدير الغاز الصخري بكثافة، لانها تسعى وراء الحفاظ على مستوى اسعار محلية منخفضة، «ومع ذلك هناك خطة آجلة لانشاء عشرة موانىء تصدير نحو آسيا واوروبا»، كما يقول جيروم فيرييه، رئيس الاتحاد الدولي للطاقة.
اعادة رسم الخريطة
والواقع ان سوق النفط بدأت تتأثر باستخراج اميركا الشمالية الغاز الصخري المكلف والمعقد (غالباً ما ينطوي هذا الغاز على النفط) في آن واحد مع استخراج النفط من حقول نفطية صخرية بواسطة التكسير.
ويقول اوليفييه ابير، الرئيس السابق لمؤسسة البترول الفرنسية «ان الولايات المتحدة، مع هذا البترول غير التقليدي تستعيد ما كان عليه انتاجها النفطي قبل 25 سنة، اي ما يفوق 7 ملايين برميل يومياً بالوتيرة الحالية». ويضيف: «اذا جمعنا الانتاج الاميركي والكندي، فان اميركا الشمالية تصبح قريبة من الاستقلال النفطي والغازي، اضافة الى ان الولايات المتحدة يفترض ان تصبح في العام 2020 اول منتجة للنفط في العالم، ما سيحدث تغييرات جمة في مشهد الطاقة»، غير ان تسويق هذه النظرة ينطوي على مرام سياسية تجاه الشرق الاوسط، وخصوصاً دول الخليج التي تتصدر مشهد النفط والغاز العالمي.
تغيير ظرفي
ويستدرك ابير قائلاً انه حتى ولو كان حجم الانتاج الاميركي ومداه مثار جدال، فانه على الاقل سيحدث تغييراً ظرفياً في خريطة المبادلات التجارية، وسيدفع الصين، ذات الحاجات الضخمة من الوقود، الى التحول نحو حمل لافتة اول مستورد للبترول في العالم.
وقد اعتبرت مؤسسة وودماكينزي في آب (اغسطس) الماضي ان الصين ستصبح اول مستورد للذهب الاسود في العام 2017، ما سيرفع فاتورتها النفطية الى 500 مليار دولار في العام 2020. وفي موازاة ذلك، ستنخفض فاتورة الولايات المتحدة من 335 مليار دولار في العام 2008 الى 160 مليار دولار في الموعد نفسه، ومثل هذا التوازن لم يكن يتوقعه احد قبل سنوات.
وفي مواجهة النفط الصخري كان الموقف السعودي مشابهاً لموقف العملاق النفطي الروسي «غازبروم». وهو يقوم على اعتبر الوقود الصخري بمثابة فقاعة مضاربات على وشك ان تنفجر، لكنها بدأت اليوم تأخذ الامر على محمل الجد، الى حد ان «اوبك» – التي تمثل فيها السعودية مركز الثقل – اطلقت في حزيران (يونيو) الماضي فريق دراسات لهذه المسألة، وفق ما اشار اليه ابير نفسه.
وفي نهاية الامر، لا يعتقد الخبير الفرنسي نفسه ان الولايات المتحدة ستفك ارتباطها بالشرق الاوسط ولا الصين تريد ان تحل محلها في دور شرطي العالم، لان دبلوماسييها تحركهم المصالح الجمة.
السعودية تخوض السباق
كشف المهندس خالد الفالح رئيس شركة ارامكو السعودية وكبير ادارييها التنفيذيين امام مؤتمر دولي للطاقة في كوريا الجنوبية عن ان ارامكو، التي تعتبر اكبر شركة منتجة للنفط في العالم، ستدخل سباق البحث عن النفط والغاز الصخريين رغم من ما تملكه من احتياطات مؤكدة من النفط التقليدي (نحو 260 مليار برميل). ويعد الخبراء هذه الخطوة بأنها تأكيد من السعودية على صون مكانتها كدولة مركزية في سوق الطاقة الهيدروكربونية. واكد الخبراء ان القراءة الاولية لهذا الاعلان تؤكد ان السعودية متمسكة باستراتيجيتها كدولة ضامنة لامدادات الطاقة في العالم، فيما اعتبر خبير سعودي ان توجه المملكة هو من اجل التنويع في الاستثمارات في مجال استخراج الطاقة، ولا سيما الغاز لتلبية الحاجات المحلية.