اسرائيل – حزب الله… حتى ما بعد الـ 2025!
يخلص الباحثون في اسرائيل الى أنها قد تكون خلال العقدين المقبلين مضطرة الى خوض حروب غير مسبوقة، من حيث النوعية والنطاق، وستكون مصيرية بالنسبة اليها والى المنطقة، في خضم الاحداث المتسارعة.
للربيع العربي في الوعي السياسي – العسكري الاسرائيلي مساحة واسعة من التفكير والتمحيص، نظراً الى ما تراه وتنتظره تل ابيب – حكومة ومراكز ابحاث – من تأثيرات مباشرة عليها.
من بين الدراسات، مقاربة استراتيجية للسنة 2025 وردت في حلقة بحثية في جامعة بار إيلان لمناسبة مرور 20 عاماً على تأسيس مركز بيغن – السادات للدراسات الاستراتيجية، تعتبر ان اسرائيل ستكون مضطرة الى خوض حروب غير مسبوقة، من حيث النوعية والنطاق، وستكون مصيرية بالنسبة اليها والى والمنطقة.
اراد منظمو الحلقة البحثية ان يسهموا في تكوين وعي لدى المسؤولين في المستويين السياسي والعسكري، لما ستكون عليه الحال في السنة 2025، مع ايراد توقعات قريبة من الواقع للبيئة المحيطة بها على وقع التغيرات التي تستنزف دولاً عدة محيطة بها، وتأثيرات هذه التغيرات على موازين القوى والخريطة الجيو-سياسية الشرق أوسطية.
الى الـ 2025
ابرز المتحدثين في الحلقة البحثية، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي بني غانتس الذي شدد: على إسرائيل أن تحافظ على تفوقها العسكري على الجانب العربي مجتمعاً، وفي طليعة ذلك قدرات تكنولوجية متطورة تدعم تفوق سلاح الجو لديها، وقدرات استخباراتية متقدمة تكون في خدمة القادة الميدانيين في أي حرب، وقدرات تمكن من احتواء سيبرانية.
وكشف عناوين وثيقة يعمل عليها خبراء إستراتيجيون في الجيش بعنوان «الجيش الإسرائيلي سنة 2025، الرؤية وتوجهات العمل في العقد المقبل».
توقع غانتس أن تواجه إسرائيل خلال السنوات القليلة المقبلة أكثر من سيناريو حرب، وعلى اكثر من جبهة، بنواح تقليدية والكترونية – انترنتية، تستخدم فيها تكنولوجيا متطورة جداً، تستوجب ان تبقى إسرائيل على استعداد دائم، والا تهمل مسألة تطوير قدراتها العسكرية والتكنولوجية.
وأورد المخاطر المحتملة والثغرات الواجب العمل على تفاديها، متكئاً على ارهاصات الربيع العربي «التي قد تأتي لخيرنا كما قد تأتي بالاسوأ»، مما يحدو بإسرائيل الى مواصلة الاستعداد بلا اي تلكؤ، فالمواجهات قد تكون عسكرية تقليدية او غير متوقعة.
وتوقع مواجهة عسكرية إسرائيلية – إيرانية، تبادر إليها إسرائيل لوقف المشروع النووي الإيراني، أو تأخيره على الأقل، لتلافي خطر وصول إيران إلى عتبة صنع قنبلة نووية.
وشدّد على حاجة الجيش الإسرائيلي الى تغيير القوة العسكرية، في ظل التغيرات الإقليمية العاصفة، وحدود ما تسمح به الميزانية الإسرائيلية، والبحث عن إمكان خفض التكاليف، في موازاة رفع المستوى التكنولوجي والقدرات العسكرية، من منظومات دفاعية، واستخدام قوة النيران الدقيقة من البر والبحر، والاستخباراتية المتقدمة، وامتلاك إمكانات احتواء هجمات سيبرانية.
النجاحات والمخاطر
يعتقد غانتس ان تل ابيب في استطاعتها مراكمة نجاحات عدة من جراء ما يحصل في محيطها وقد يمكنها من انتاج «ما وصفه من هو أعظم مني في ظروف اخرى بشرق أوسط جديد»، تكون لها فيه اليد الطولى في منظومة القرار والادارة، وذلك تأسيساً على مجموعة عوامل، ابرزها:
– ما يواجهه حزب الله من صعوبات لبنانية.
– تضاؤل الخطر العسكري والأمني الإقليمي التقليدي.
– ابطال الأسلحة الكيميائية السورية.
– إبداء إيران مرونة في تعاطيها مع الغرب في ومع مجموعة الـ 5+1.
– تناثر المصالحة الفلسطينية، وعودة فريق رئاسة السلطة إلى المفاوضات مع إسرائيل من دون شرط وقف الاستيطان.
– القطيعة بين غزة ومصر بعد الانقلاب العسكري في القاهرة.
– عزل قيادة حماس في القطاع.
اما المخاطر فكثيرة، منها:
– انهيار النظام الاقليمي الذي نظم علاقات دول الاقليم العربي – الاسلامي بعضها ببعض.
– تغيّرات جيو-سياسية قد تنتج خريطة دول جديدة، وهو ما يختصره غانتس بعبارة “تفكك دول فاعلة في المنطقة إلى تكوينات فرعية ما دون الدولة”.
– تفشي الارهاب الاصولي وتأصله في مجتمعات عادة ما تكون عصية على هذا التوجه، مما يحتم تدخلاً اسرائيلياً مباشراً منعاً لاستدارة هذه الاصوليات الجهادية صوبها.
– استمرار تطوير حزب الله منظومته العسكرية، وخصوصاً في ما خص دقة القدرة الصاروخية التي يمتلكها في ترسانته، ويمكن أن تصل إلى أهداف محددة في كل أنحاء إسرائيل.
– امكان اندلاع حرب سيبرانية – انترنتية ستؤثر على المنظومات العسكرية والمدنية الإسرائيلية.
الجولان وحزب الله
وخص التقرير الجولان بفقرة مطولة، حيث أكد أن الحدود بين سوريا والهضبة المحتلة «تنتقل تدريجياً، وبعد نحو 40 عاماً من الهدوء الكامل، إلى وضع من عدم الاستقرار والمثير للقلق»، مفترضاً الآتي: «سيتم تفجير عبوة جانبية، وسيطلق صاروخ مضاد للدبابات نحو دورية على طول الجدار، في صيغة تذكر بهجوم حزب الله في بداية حرب لبنان الثانية عام 2006. سيختطف ثلاثة جنود، أحدهم قائد كتيبة. منظمة جهادية ما، تستلهم من القاعدة، ستعلن المسؤولية عن العملية. لكن ليس مثلما في العام 2006، فان العملية في ساحة واحدة ستشعل النار في معظم الحدود في معركة متعددة الجبهات وفورية. سيطلق حزب الله الصواريخ نحو الجليل. ستواصل منظمات الجهاد محاولات التسلل عبر الجولان. ستزداد دقة الصواريخ، «واذا اختار حزب الله ضرب هدف موضعي، ففي كل اسرائيل تقريباً، سيعرف كيف يفعل ذلك». ستطلق الصواريخ نحو ايلات. سيهاجم مئات من ناشطي «حماس» حواجز الجيش الاسرائيلي على حدود القطاع. «ستعربد معركة الكترونية هائلة ستؤثر ليس فقط في المنظومات العسكرية، بل في المنظومات المدنية ايضاً».
وكانت المستوطنات في الجولان قد شهدت قبل فترة وجيزة مناورة يحتاط فيها الاسرائيليون في مواقع مختلفة من تسلل مسلحين إلى أراضي المستوطنة أو سيناريوهات مختلفة، وذلك بسبب الخشية من تفاقم الأوضاع في المنطقة.
وتدرب هؤلاء على التنقل بين المنازل والتفتيش في الشوارع داخل المستوطنات، في حال وقوع هجمات محتملة يخشون منها في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.
ويجرى تدريب صفوف الجاهزية من أجل الحفاظ على الجهوزية المدنية، وفي الأغلب يجري ذلك في حقول التدريب التابعة للجيش الإسرائيلي.
الخطر الاكبر
يستدل مما سبق ان حزب الله سيكون حتى سنة 2025، الخطر الاستراتيجي الاكبر على اسرائيل، انطلاقاً من قراءات غانتس:
– سيبقى حزب الله منظمة لا تعمل كدولة، وسيحافظ على قدرات دقيقة نارية واستراتيجية، وسيراكم مخازنه.
– سيزيد تهديده مع قدراته غير المحدودة على نقل خطر ناره الصاروخية من منطقة اسرائيلية الى اخرى.
– لن يبقى تهديده محصوراً في لبنان، بل سيشمل اماكن اخرى، وخصوصاً قطاع غزة.
ويضيف الرئيس السابق لمجلس الامن القومي اللواء احتياط غيورا ايلاند، الذي شارك ايضاً في ندوة معهد بيغن – السادات للدراسات الاستراتيجية، على هذه الهواجس، هاجساً اكثر اتساعاً: «لا نصر عسكرياً على حزب الله، ومن يعمل على ذلك، يضيع الوقت لا اكثر». وحض على ايجاد استراتيجية مواجهة جديدة مع حزب الله، تخرج عن الاطار التقليدي العسكري، عبر تهديد الدولة اللبنانية، مما يكفل عدم اندلاع حرب، لان منسوب الردع سيكون مرتفعاً، وفي حال وقوعها، ستقلص اسرائيل الخسائر التي تقدرها نتيجة هذه الحرب، عبر دفع المجتمع الدولي الى التدخل لمنع الاضرار بلبنان، وتالياً تقصير مدة الحرب من 33 يوماً في حرب تموز (يوليو) 2006، الى 3 ايام.
دولة حزب الله – الاسد!
وسبق لرئيس الاستخبارات العسكرية اللواء أفيف كوخافي، ان تحدث عما يقرب من مئة ألف صاروخ موجودة في حوزة حزب الله. وقال إن «لدى التنظيم اللبناني القدرة على استهداف أي نقطة في إسرائيل، كما أنه قادر على إطلاق آلاف الصواريخ في كل يوم من أيام الحرب المقبلة». وإضافة الى القدرة النارية المؤثرة لدى حزب الله، والتي تشمل أيضاً صواريخ سكود تصل الى ديمونا وإيلات، عمد حزب الله الى تحصين قرى الجنوب اللبناني، وحوّلها الى أفخاخ لمواجهة القوات البرية الإسرائيلية، إذا اجتاحت لبنان.
ولفت الى ان خشية حزب الله على النظام السوري، وهو الجهة الأساسية التي تزوده بالسلاح، يدفع الحزب إلى تغيير أسلوبه وتصرفاته وتفكيره، باتجاه مساعدة الرئيس السوري بشار الأسد، الى درجة الانجرار في أتون الحرب السورية.
وشكك في قدرة المساعدة التي يتلقاها الرئيس السوري بشار الأسد من حزب الله، وبأن تكون كافية لإنقاذه ونظامه، «ويرجح أن اليوم الذي يلي سقوط النظام، سيشهد انضمام الأسد وداعميه في سوريا الى حزب الله، وإنشاء دولة مشتركة تمتد الى لبنان وتشمل الساحل السوري، وتكون برعاية إيرانية – شيعية – علوية».
ولفت الى ان هذا السيناريو يقلق جداً الأقليات الأخرى في لبنان، وهو عامل إقلاق أيضاً لحزب الله، الذي يقدم نفسه على أنه كيان لبناني سياسي يدافع عن هذا البلد.
طلال عساف