متفرقاتمهرجان

واخيراً… صار لنا «سيرك لبنان»

واخيراً صار للبنان سيرك… نعم انه «سيرك لبنان»، صنع في لبنان، ابطاله ومؤسسوه لبنانيون، ولا جدال انه الاول من نوعه في وطن الارز. باحتفالية كبيرة وبرعاية رسمية اعلن عن نفسه، وزير السياحة اللبنانية اطلقه، وفي ذاك المساء الخريفي التشريني كان موعد افتتاحه الكبير في تلك الخيمة التي تمددت على مساحة 1200 متر مربع مزهوة بالابيض والاحمر معلنة بدء عروض مذهلة، بدأت وتستمر بنجاح لافت ولغاية نهاية شهر كانون الثاني (يناير) من العام المقبل، واعدة بعروض اضافية مع اقتراب اعياد الميلاد ورأس السنة وبثقافة ترفيهية سياحية جديدة تقتحم لبنان، وان تأخرت، مستقطبة آلاف المتفرجين كباراً وصغاراً.



بدأت الحكاية عام 2005، يومذاك فن السيرك في لبنان كان نادراً تداوله او ممارسته، ومع ذلك مجموعة من الشباب اللبنانيين تراوح اعمارهم بين 15 و25 عاماً جمعتهم هذه الهواية، لكن ممارستها «أغوت» قسماً منهم الى الذهاب ابعد من ذلك، الى التخصص والاحتراف، طموح دفع بهم للسفر الى الخارج والانضواء في معاهد فن السيرك في اوكرانيا لثلاث سنوات، عادوا بعدها الى لبنان للانطلاق في مغامرة زرع وترويج فن «غير رائج» بعد في بلادنا، وكان التحدي الكبير، ومعه تحولت تلك الهواية الى حلم كبير، والحلم صار حقيقة اسمها «سيرك دو ليبان».

 

الحلم الجميل
المنسّق العام لسيرك دو ليبان جورج الزغبي يروي ان هؤلاء الشبان المحترفين وهم من كل المناطق اللبنانية: من بيروت، طرابلس، الجنوب والبقاع تجمّعوا وتضامنوا حول حلم جميل: المشاركة في عروض السيرك، وقاموا بعمل جريء من خلال تأسيس شركة مختصة بهذا المجال بالمواصفات المطلوبة عالمياً، هي الأولى في لبنان التي تقدم مثل هذه العروض لمحترفين لبنانيين مع أجانب.
وهكذا ومنذ تأسيسها، تمكّنت الشركة من مراكمة واقتباس خبرة كبيرة إذ قدّموا استعراضات ترفيهية في أماكن عديدة ومختلفة: في المراكز التجارية، عروض في مناسبات عدة في الشوارع، في المؤتمرات، النوادي الليلية، البرامج التلفزيونية، الفنادق، الاحتفالات الرياضية فضلاً عن عروض للمدارس والجمعيات والمؤسسات. ولم يقتصر نشاطهم على لبنان، بل تمددت عروضهم الى العديد من دول المنطقة: دول الخليج، البحرين، قطر، الكويت، الأردن، العراق، تركيا ومصر.
وخلال هذا الوقت سعى هؤلاء الشبان باستمرار الى تطوير شركتهم، وكل ربح لهم كان يدخر ليصب في اطار تعزيز عروضهم أكان لجهة التجهيزات ام الاضاءة ام الصوت وغيره وغيره، وكان سعي لتملك كل التجهيزات اللازمة كما للتوسع والتقدّم على المستوى الفني والتقني وتحضير عروض جديدة.

اول مدرب حيوانات لبناني
ضمن هذا التوجّه اشترت الشركة بعض الحيوانات بينها اسد وافعى ونمور مدرّبة استقدمتها من جنوب افريقيا فضلاً عن الكلاب والقرود، كما قام أحد المؤسسين الاساسيين للشركة، اسحق ابو ساري، بالتدرّب هو أيضاً على مهمة تدريب مثل هذه الحيوانات. وهو، بذلك، أول لبناني، يكون مؤهلاً لمثل هذه المهمّات. كما تم استقدام فنيين ومدربين أجانب بهدف اكتساب خبرات جديدة وتطوير قدرات الشبان اللبنانيين للتوصل الى برمجة عروض كاملة في المستقبل، وكان هدفهم – حلمهم الكبير – تأسيس أول سيرك وطني لبناني وتعزيز هذه الثقافة والفنون في لبنان… وكان لهم وللبنان ذلك.

اتلانتيس شو
فللمرة الأولى اجتمع شباب لبنانيون فنانون من مختلف البيئات والمناطق اللبنانية لتقديم عرض سيرك بعنوان «أتلانتيس شو» Atlantis Show في بيروت لمدة ثلاثة أشهر انطلقت في الأول من تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري وتستمر حتى نهاية كانون الثاني  (يناير) سنة 2014.
وكما اوضح الزغبي «يُعتبر هذا السيرك مشروعاً طموحاً ومبادرة شجاعة فهو الأول من نوعه في لبنان الذي يقدّم أو يؤمّن عروضاً ترفيهية واستعراضية بمستوى لائق، كما يعزز ثقافة الترفيه والحركة السياحية والاقتصادية أيضاً، اذ يشمل برنامجاً غنياً ومتكاملاً، فالى عروض الاكروباتية والرقص على الحبال والبهلوانيات وغيرها وغيرها من الاستعراضات، هناك ايضاً العروض الجريئة مع الحيوانات منها الأليفة كعرض الكلاب والقرود ومنها المدربة كالنمور والافعى. ويشير الزغبي الى عرض آخر ستشهده حلبة سيرك لبنان مع استقدام الاسد وسيكون ذلك خلال فترة الاعياد كما ان عروضاً اخرى جديدة ستضاف الى البرنامج المعتمد حالياً.
وهكذا في ساحة معرض الزهور – مقابل الفوروم دو بيروت – النهر، سيكون اللبنانيون كل مساء على موعد مع عروض «سيرك دو ليبان» لمدة ساعتين يقدمها فنانون لبنانيون وأجانب، تتضمّن مختلف أنواع  فنون السيرك، في خيمة ضخمة اعدت خصيصاً لهذه الغاية، وتتسع لـ 1000 مقعد إلى جانب 250 مقعداً لـلشخصيات (VIP)، وتتوزع  بشكل مدروس لمشاهدة العروض بوضوح ورؤية جيدة من كل الجهات.
وتتمدد خيمة العرض على مساحة 1200 متر مربع (30 متراً × 40 متراً) وعلو 11 متراً، وقد اكتست باللونين الاحمر والابيض، وجهزت جيداً للشتاء وضد تسرّب المياه. ويمكن للزوار الاستراحة في كافيتيريا في خيمة واسعة اقيمت إلى جانب خيمة العرض التي زودت ايضاً بالحمامات للرجال والنساء، كما ان مواقف السيارات مؤمنة إلى جانب خيم العرض في الساحة.

السيرك ثقافة وترفيه
كيف بدا تجاوب الجمهور اللبناني مع سيرك لبنان وعروضه؟
وفق منظمي السيرك «الجمهور عندنا مثله في كل مكان يطلب أعمالاً ثقافية وفنية وترفيهية بمستوى لائق وعروض السيرك توفر له الفرصة المناسبة للإستمتاع بلوحات تشتمل على الديكور والموسيقى واللياقة البدنية والتعبير،  إلى جانب المتعة والترفيه. انه من الفنون المرتبطة منذ القدم بحياة الانسان».
ويوضح جورج الزغبي انه مع اطلاق سيرك لبنان اطلقت ثقافة جديدة في لبنان لم تكن متوافرة، هي ثقافة السيرك ومع كل ما تحمله من ميزات وعناصر خاصة بها وحدها أكانت لناحية العروض والموسيقى التي ترافقها والديكور أو ما تحمله من مفاهيم تربوية واخرى تتعلق باللياقة البدنية، فالسيرك كفيل بأن يفتح اذهان الاولاد على نظرة جديدة الى الحيوانات تؤهلهم لان يصبحوا اصدقاء لعالم الحيوانات وتبدل نظرتهم اليه على انه عالم شرس مفترس وخطر. هنا سيشاهد الناس، خصوصاً الصغار، الحيوانات المفترسة تشارك في الترفيه وكأنها صديقة مخلصة للانسان وتريد اسعاده أيضاً.
ويلفت الزغبي الى ان التجاوب كان جيداً منذ افتتاح السيرك، وان الاقبال يسجل من قبل كل الاعمار والفئات كما ويسجل اقبال كبير من المدارس، وذلك رغم صعوبة الاوضاع السياسية والاقتصادية.
في حفل اطلاق «سيرك دو ليبان»، وصف وزير السياحة اللبناني فادي عبود هذا السيرك بأنه «قصة من قصص النجاح السياحي التي يتفرد بها لبنان» و«مثال جديد على الثقة بلبنان وقدرة اللبنانيين على الابداع»، وختم مناشداً الجميع دعم هذه المبادرة «التي تأتي لتزرع ثقافة الفن والفرح مكان ثقافة التقاتل والعنف». ولم ينس طبعاً تذكير اللبنانيين بأنه السيرك اللبناني الوطني الاول و«صنع حقاً في لبنان».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق