
تحدث عضو تكتل التغيير والاصلاح النائب سيمون ابي رميا عن «محاولة سافرة لنقل الصراع القائم في سوريا الى الداخل اللبناني»، ورأى أنه «نتيجة التقدم النوعي الذي يتم على الساحة السورية من قبل النظام ومن ورائه ايران، فان الانفجارين امام السفارة الايرانية رسالة للقول ان الرد يمكن أن يكون على أرض لبنان وفي غير ساحات». واعتبر «أن الدخول اللبناني المتعدد الجوانب في الوحول السورية له ارتدادات ندفع ثمنها على كل الاصعدة في الامن والاقتصاد ووجود النازحين الكثيف». وردّ على من يربط انفتاح تكتل التغيير والاصلاح برئاسة الجمهورية بالقول: «كل انسان يعتقد أن خلفية تحركنا هي ايصال العماد ميشال عون الى الرئاسة يكون ساذجاً»، لكنه لفت الى «أن العماد عون يستطيع في هذه اللحظة بالذات أن يلعب دوراً تاريخياً لأنه يطمئن مكوّناً اساسياً من مجتمعنا هو المقاومة أو حزب الله»، مضيفاً: «قد لا يكون ذلك من خلال رئاسة الجمهورية، انما التمريك الدائم من هذا الباب مرفوض لأنه ليست هذه هي خلفية التيار الوطني الحر، ولكن في الوقت ذاته ليس عيباً أن يكون العماد عون رئيس جمهورية لبنان». ورأى أن «التسويات تحصل دائماً على حساب الموقع الماروني الاول في هذا البلد الذي هو رئيس الجمهورية، واذا أردنا طمأنة الجماعة المسيحية نظراً الى كل ما يجري في المنطقة من تمدّد للحالات التكفيرية ، واذا أردنا اعادة التوازن الداخلي المطلوب من خلال اعطاء دور لرئاسة الجمهورية، فحكماً هذا الرئيس يجب أن يأتي من بيئة مسيحية شعبية توفّر له أن يكون حاكماً وحَكماً في الوقت ذاته في التركيبة اللبنانية». وفي ما يلي نص الحوار.
الى ماذا يؤشر الانفجاران الانتحاريان اللذان استهدفا السفارة الايرانية في بيروت؟
بالتأكيد هناك محاولة سافرة لنقل الصراع القائم في سوريا الى الداخل اللبناني، والموقع الجغرافي المستهدف دليل على أن هذه اللعبة لها تداعيات اقليمية…
تعتقد بأن هناك رسالة أراد البعض ايصالها من هذين التفجيرين؟
أعتقد أنه نتيجة التقدم النوعي الذي يتم على الساحة السورية من قبل النظام ومن ورائه ايران، فهذه رسالة بأن لبنان، الذي بات ساحة مكشوفة، يمكن أن نردّ على أرضه وفي غير ساحات، ولسوء الحظ تم استعمال الساحة اللبنانية.
ولكن هل يدل هذا الاعتداء على أنه رغم كل التدابير الامنية تبقى ثغرات كبيرة يتم الدخول منها وهل سنشهد عودة لبنان الى مسلسل التفجيرات برأيك؟
لا شك في أن هناك رسالة ترهيب وارهاب، وعلى رغم إمساك الاجهزة الامنية ببعض الامور تبقى هناك ثغرات يستطيع الارهابي الدخول عبرها ساعة يريد. طبعاً الخطط المعتمدة أمنياً تقلّل من القدرة على العمليات الارهابية ولكن لا تمنعها نهائياً.
إعتبرت أن هذا الانفجار هو رد على تقدم النظام السوري ولكن أليس هو رد على خطابات السيد حسن نصرالله التصعيدية في ذكرى عاشوراء حيث أكد عدم الانسحاب من سوريا؟
لا شك في أن الدخول اللبناني المتعدد الجوانب في الوحول السورية له ارتدادات ندفع ثمنها على كل الاصعدة، في الامن والاقتصاد ووجود النازحين الكثيف والى ما هنالك. والمهم حالياً عدم الدخول أكثر وأكثر في خطابات تصعيدية حتى نبقى على الاقل كلبنانيين وكمسؤولين سياسيين مبعدين ساحتنا عن هذا الصراع الهلاكي الجاري في سوريا.
اي دستور يسمح؟
نلاحظ أنكم كتيار وطني حر لا تغطون مشاركة حزب الله في القتال في سوريا علماً بأن السيد نصرالله قال نحن لا نحتاج الى غطاء من أحد فما هو تعليقك على هذه المفارقة؟
موقفنا في هذا الموضوع كان منطلقاً من مقاربة مبدئية قانونية دستورية حيث لا يوجد دستور في العالم يسمح لأي شخص أو مواطن ينتمي الى وطن أن يذهب ليحارب في غير أرضه، ومن هنا كان موقفنا المبدئي. بعد ذلك هناك تحليلات كثيرة أن نقل المعركة الى الداخل السوري لابعادها عن لبنان لها طابع تكتيكي – استراتيجي، والمقاربة الثانية تقول بأن نقل المعركة منع التسلل أو المجيء الكثيف للمسلحين التابعين لجبهة النصرة أو داعش، فهناك أناس يرون فيها ايجابيات، إنما عندما نتكلم عن انتظام الحياة العامة وبناء الدولة واحترام الدستور لا يمكننا إلا إعتماد هذا الدستور بحذافيره.
كم تتوقع أن تكون تداعيات معركة القلمون خطيرة على لبنان وبدأنا نرى موجات النزوح من جديد فكيف السبيل لحماية البلد من هذه التداعيات؟
لا شك في أن هناك خطرين، أمنياً واجتماعياً: الخطر الامني هو من خلال تدفق أعداد هائلة من الاشخاص الذين لديهم قدرة التسلّح من اجل خلق قلاقل أمنية في لبنان وتحويل لبنان من ساحة لجوء الى ساحة صراع وساحة جهادية، وهنا أعتقد أن هناك مسؤولية كبيرة تترتّب على الحكومة اللبنانية، وأعود الى موقفنا الواضح هنا حيث إتهمنا وقتها بالعنصرية فيما بدأ الجميع يتلمّسون اهميته وهو أن تكون هناك مخيمات للنازحين على الحدود اللبنانية – السورية من الجانب السوري، وأن تكون هناك ادارة غير لبنانية لأننا غير قادرين على معالجة هذا الملف. فلبنان اقتصادياً ومالياً وحياتياً واجتماعياً ليست لديه القدرة ولا أعني ليست لديه الرغبة بل عدم القدرة. ثم هناك قلق اجتماعي إذ إن ثلث سكان لبنان تقريباً سيكون من النازحين السوريين المنتشرين في كل مكان وفي كل ساحات لبنان، والارقام التي نطلع عليها مخيفة، ومساهمة الدول سخيفة ومضحكة وعلى الاقل تكفي لبناء منزل أو إستئجار بناية من اجل استقبال هذا الكم الهائل من النازحين الذين هم قنبلة موقوتة. فإذا استمرت الحرب في سوريا سنة أو سنتين وثلاث سنوات… فهكذا بدأت القضية مع الفلسطينيين عندما نزحوا الى لبنان وباتوا لاجئين، بدأت على اساس أنه نزوح لاسبوعين أو ثلاثة ومضى ستون سنة، فمن يقول لنا إن الوضع السوري سيستكين بعد شهر أو شهرين أو بعد سنة؟ ومن يقول لنا إن هؤلاء إذا شعروا بوضع إجتماعي أفضل لهم من سوريا لا يقررون البقاء في لبنان؟ وبالتالي هذه قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في وجه اللبنانيين جميعاً.
لقاءات الكتل
أنتم في لقاءاتكم المختلفة مع الكتل النيابية في 14 آذار هل توصلتم الى قواسم مشتركة حول توحيد النظرة بالنسبة الى درء مثل هذه الاخطار عن لبنان؟
هذه المبادرة نابعة من قناعة وطنية وخصوصاً بعد ما رأيناه من مشهد الانفجار لجهة أن لبنان معرّض في أي لحظة الى انتكاسات امنية يمكن أن تدخلنا في نفق ندخل فيه ولا نعرف كيف نخرج منه، وبالتالي المطلوب اليوم وبالتحديد أكثر من أي وقت مضى الالتقاء بين اللبنانيين، وأنا مؤمن بأن هناك مساحة وقواسم مشتركة تجمع بين اللبنانيين، إنما لسوء الحظ لا يمكن كشف النوايا إذا لم نكن نجتمع، وبالتالي قبل ذلك كانت الاجتماعات شبه معدومة بين مختلف الافرقاء اللبنانيين. زد على ذلك أن هناك حاجات للمواطن اللبناني ولا يمكن البقاء في حالة انتظار للتفاهمات الكبيرة من الملف النووي الايراني والتفاهم الايراني – الاميركي والرعاية الروسية لجنيف الى ما هنالك، لأن الوضع الاجتماعي كارثي، فلا حكومة تصريف الاعمال تقوم بواجباتها الوطنية المطلوبة، ولا مجلس النواب يجتمع وهو معطّل، وبالتالي المؤسسات الدستورية التي تدير شؤون البلد معطّلة، ولذلك كانت صرختنا بهدف إحداث خرق إذا أمكن. ونحن نعرف أننا لن نغيّر سياسة الالتزام القائمة لعدد من الاطراف السياسية، سواء في المحور السوري – الايراني أو في المحور السعودي – العربي، إنما على الاقل نحاول إرجاعهم الى الساحة اللبنانية والتفاهم معهم حول اولويات وطنية لبنانية بمنأى عن التجاذبات التي تحصل على مستوى المنطقة.
ولكن البعض يربط بين انفتاحكم الآن واقتراب موعد انتخابات رئاسة الجمهورية ورغبة الجنرال ميشال عون بالظهور وكأنه محور التقاء بين كل الاطراف فما هو تعليقك على هذا الامر؟
عندما نلتقي مع القوى السياسية نتكلم بالتأكيد عن الاستحقاق الرئاسي إنما لا ندخل بالأسماء، وكل انسان يعتقد بأن خلفية تحركنا هي إيصال العماد عون يكون ساذجاً، لأنه لا يعرف الخلفية الوطنية التي تتحكّم بالتيار الوطني الحر. ونحن نعتبر أن العماد عون يستطيع في هذه اللحظة بالذات أن يلعب دوراً تاريخياً لأنه يطمئن مكوّناً اساسياً من مجتمعنا وأعني المقاومة أو حزب الله من خلال الثقة المعطاة له .وقد برهن بالتجربة أن هذه القناعة لا تتزحزح بالرغم من الخلافات والاختلافات حول ملفات سياسية داخلية، وثانياً كما يقول تيار المستقبل بالتحديد يعترفون بوطنيته وبنزاهته واستقامته وبالتالي يمكن للعماد عون أن يلعب دوراً رئيسياً في هذه المرحلة المفصلية. قد لا يكون ذلك من خلال رئاسة الجمهورية، لا أعرف ولا نطرح هذا الموضوع، إنما التمريك الدائم من هذا الباب مرفوض لأنه ليست هذه هي الخلفية، وفي الوقت ذاته ليس عيباً أن يكون العماد عون رئيس جمهورية لبنان.
نسمع كثيراً مطالبة من الافرقاء المسيحيين برئيس قوي علماً بأن المعادلات الداخلية اليوم لا توصل إلا الى رئيس تسوية أي رئيس لا تمثيل شعبياً له فهل يمكن أن يدفع هذا الامر بالقيادات المسيحية الاربع الى الاتفاق على دعم رئيس من قبلهم؟
أنا كنت مستلماً ملف المفاوضات حول الرئاسة في سنة 2008 عندما حضر وزراء الخارجية الثلاثة، الفرنسي والايطالي والاسباني، ووضعت لهم تقريراً في ذلك الحين يقول عن اهمية إيصال رئيس جمهورية للبنان يمثّل ويتمتع بحيثية شعبية مسيحية كي يستطيع الجلوس على طاولة ويفاوض مع رئيس مجلس نواب شيعي قوي ورئيس مجلس وزراء سني قوي. هذا هو لبنان وهذه هي تركيبته، ولكن نرى دائماً تسويات تحصل على حساب الموقع الماروني الاول في هذا البلد الذي هو رئاسة الجمهورية، وإذا أردنا طمأنة الجماعة المسيحية نظراً الى كل ما يجري في المنطقة من تمدّد للحالات التكفيرية، وإذا أردنا اعادة التوازن الداخلي المطلوب لأنها مطلب وطني من خلال إعطاء دور لرئاسة الجمهورية فحكماً هذا الرئيس يجب أن يأتي من بيئة مسيحية شعبية توفّر له أن يكون حاكماً وحَكماً في الوقت ذاته في التركيبة اللبنانية.
ضد التمديد
هل يعني ذلك أنكم ضد التمديد للرئيس الحالي ميشال سليمان أو انتخاب قائد الجيش العماد جان قهوجي؟
نحن ضد كل نهج التمديد لأننا نعتبره ضرباً للمؤسسات وللدستور وللقانون. نحترم كل هؤلاء الاشخاص ولكن الدستور عندما يُكتَب فهو من اجل السماح بتداول السلطة أكان على صعيد الاجهزة الامنية أو رئاسة الجمهورية أو كان على صعيد المجلس النيابي. فأنا نائب ورفضت مهزلة التمديد التي حدثت فكيف برفض كل أنواع التمديد ولا يضعها أحد في باب الشخصنة أو في باب العلاقات السيئة مع اشخاص معينين في مواقع محددة، أبداً، نحن هذا منطقنا وحتى لو كان العماد عون في رئاسة الجمهورية لكنا رفضنا التمديد له، لأننا نريد انتظام الحياة العامة. وكفانا ضرب الدستور اللبناني بمقوماته ومرتكزاته، فقد بات الدستور اللبناني وجهة نظر! وإذا التقى زعيمان حول فنجان قهوة يقرران تسوية تتناقض مع أحكام الدستور فتركب التسوية ويتم تخطي الدستور، وهذه معادلة لن نقبل بها.
برأيك هل سنبصر تشكيل حكومة ووفق أي صيغة؟
كنا شعرنا بنقلة نوعية من قبل فريق تيار المستقبل وحلفائه منذ حوالى شهرين حول القبول بحكومة سياسية جامعة لكن المشهد السوري والتقارب الايراني – الاميركي خلقا تعنتاً لدى هذا الفريق وبالتالي عادوا الى المربع الاول حول الشروط التعجيزية. وأنا اقول لك منذ الآن في لحظة التسوية التي ستشمل ايران والسعودية بعد ثانية سترى كل الكلام التصعيدي الذي سمعناه يُمحى ويُنسى. فنحن ما نقوله هو يا جماعة دعونا نربح الوقت لأننا حتماً سنصل الى هذه اللحظة. ولكن تحليلي أننا دخلنا بمسار باتت معه معادلة رئاسة الجمهورية والحكومة وقانون الانتخاب في سلّة كاملة ولذلك لا أرى في المدى القريب قيام حكومة سريعاً.
اتفاق الطائف
لماذا عاد الجنرال عون الى فتح مساوىء اتفاق الطائف وهل يريد الوصول الى طائف جديد أم الى ماذا وهل بالامكان حالياً تغيير الطائف؟
أولاً كذبة المثالثة غير موجودة في ذهن أحد في لبنان فهذه الفزاعة التي تستعمل من وقت الى آخر يجب وضعها على جنب. ثانياً كل القوى والكتل السياسية في لبنان تعترف بوجود ثغرات في الطائف وبوجود بنود مبهمة، وتخيّل أن أهم استحقاق انتخابي غير المجلس النيابي وهو انتخابات رئاسة الجمهورية ما زلنا بجدل حول نصاب النصف زائداً واحداً أو الثلثين. فعندما تكون لديك تفسيرات لبنود اساسية في الدستور ألا يتطلب هذا الشيء ورشة دستورية؟ وهذا المطلب ليس فقط عونياً، فالكتائب يتكلمون بهذا المنطق وغبطة البطريرك، ورئيس الجمهورية بات يقرع الجرس مئة مرة حول الموضوع، وسماحة السيد حسن نصرالله يتحدث عن مؤتمر تأسيسي جعلوا منه فزّاعة. اليوم لدينا ثغرات اكتشفناها بالممارسة وفي كل دول العالم الحضارية والراقية يجري تقويم كل سنة أو سنتين لتجربتهم الدستورية كي يروا أين هناك فشل ونجاح وأين هناك أمور مبهمة وغامضة من اجل تطوير وتحسين الدستور، فهل ممنوع علينا ذلك؟!
اخيراً كيف هي علاقتكم بالرئيس نبيه بري حالياً؟
العلاقة ممتازة، غيمة ومرّت، وبعد اللقاء الذي عقدناه معه كتكتل تغيير واصلاح شكّلنا لجنة مشتركة قوامها أمانة السر مع 3 نواب من حركة أمل وسنبدأ اجتماعاتنا قريباً.
حاوره: سعد الياس