سياسة لبنانية

سليمان لحكومة قبل نهاية العام

تبدأ في 25 اذار (مارس) المقبل مهلة الشهرين لانتخاب رئيس للجمهورية قبل 25 ايار (مايو) نهاية الولاية. وفي حال عدم الانتخاب يجتمع المجلس حكماً في العشرة ايام التي تسبق انتهاء المهلة لانتخاب الرئيس. ويتحول مجلس النواب بعد 25  اذار (مارس) الى هيئة ناخبة، والحكومة الى حكومة تصريف اعمال. لذلك يقول احد الوزراء ان عمر الحكومة محدد بشهرين وبالتالي فان اية حكومة يشكلها تمام سلام ستكون حكومة تصريف اعمال.

يطالب الرئيس سليمان بحكومة جامعة. ويصر على تشكيلها كما ابلغ بعض الاطراف لانه «لا يريد ان ينتهي عهده من دون ان يتمكن من تشكيل حكومة مسؤولة تدير شؤون البلاد قبل وبعد الانتخابات حتى تأليف حكومة جديدة، وفي حال تعذر الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية، تتولى الحكومة المسؤولة ادارة شؤون البلاد الى حين انتخاب الرئيس كما فعلت حكومة فؤاد السنيورة عام 2007 بعد حصول فراغ في سدة الرئاسة. ويسخر وزير سابق للعدل من قول البعض ان حكومة سلام في حال لم تنل ثقة المجلس ترحل وتبقى حكومة الرئيس نجيب ميقاتي تصرف الاعمال، ويقول انه مع تأليف الحكومة تصدر مراسيم قبول الاستقالة والتكليف والتأليف دفعة واحدة ويغادر اعضاء الحكومة المستقيلة مكاتبهم ليحل الوزراء الجدد فيها.

احترام الاستحقاق
يؤكد سياسيون ان عواصم القرار مصممة على احترام الاستحقاق الرئاسي  واجراء الانتخابات في موعدها، لان الفراغ قد يدفع بالبلاد الى منزلقات يصعب معها اعادة تصويب الامور، بعد المطالبة باعادة تكوين التركيبة اللبنانية على معادلة جديدة وفق موازين القوى القائمة اليوم وليس تلك التي كانت ايام الطائف، الامر الذي تعارضه قوى سياسية محلية وجهات خارجية لما في الخطوة  من مخاطر قد تؤدي الى نسف الصيغة اللبنانية القائمة على العيش المشترك والشراكة ضمن النظام التوافقي. وتحسباً لعدم حصول اتفاق حول الرئاسة يسعى سليمان الى حث سلام على تشكيل الحكومة قبل نهاية العام، ويتم البحث الان في امكان حمل النائب وليد جنبلاط على السير في التشكيلة الجامعة التي يقدمها سلام لتحظى بالثقة. ويتوقف نائب في 14 اذار امام التصعيد الذي لجأ اليه حزب الله في ذكرى عاشوراء وبعد زيارة الرئيس سليمان الى السعودية ويعزو رفع سقف الخطاب السياسي الى «امر عمليات» صدر عن اطراف خارجية للضغط على الساحة اللبنانية، وكأن هناك من يعمل على منع تأليف حكومة جديدة. فالحكومة الحالية تناسب حزب الله والفراغ يصب في مصلحته.
وتناغمت مواقف مكونات 8 اذار في التصعيد. فبعد تحذير البعض الرئيس سليمان من خطورة الالتزام في السعودية بما يتعارض مع ثوابت المقاومة لعدم تمكنه من تنفيذه، رد النائب محمد رعد على تأكيد سليمان في منتدى بعبدا ان «اعلان بعبدا» اقر بالتوافق واجماع الحاضرين، فقال ان حبره جف قبل ان يصل الى الاعلام وتنكر له فريق 14 اذار قبل ان يعلن ولا يزالون يتنكرون له، في خطوة للتأكيد على رفض اعلان بعبدا، ولاقى الرئيس نبيه بري التصعيد باعلانه ان المبادرات الداخلية فشلت ولم تعد تجدي، واننا لا نعرف ان نحكم انفسنا ونحن بحاجة الى الاستعانة بصديق، وان العمل يجب ان يحصل من الخارج وليس هنا».
ورد الرئيس سعد الحريري والدكتور سمير جعجع على مواقف الامين العام لحزب الله، ووجدا في رفع سقف الخطاب السياسي مسعى لمنع تأليف الحكومة، ورفض اشراك 14 اذار في السلطة  طالما لم يتم الاتفاق على التسوية الشاملة. ووجدت قوى 14 اذار في الحملة على السعودية محاولة للتهويل على القوى الاقليمية التي تدعم المعارضة. وعزت هذه القوى تصعيد مواقف الحزب «الى حال الارباك والتخبط والخوف من نتائج المفاوضات الجارية في ظل ضبابية يعمل وسطها الاطراف الدوليون للوصول الى الحلول». ويكشف احد الوزراء ان مشاركة الرئيس نبيه بري والعماد ميشال عون في منتدى بعبدا عبر ممثلين لهما في غياب مشاركة الحزب تعكس حال التمايز والتباين بين هذه المكونات. واعتبرالمراقبون المواقف الجنبلاطية التي اعلنها وزير الشؤون الاجتماعية وائل ابو فاعور «بانهم ضد اي تدخل في الشأن السوري تحت اي عنوان من العناوين باستثناء العنوان الانساني»، رداً على قول نصرالله ان وجود مقاتلي الحزب في سوريا امر استراتيجي لا نقايضه بحقائب وزارية ونحن لا نحتاج الى احد لتغطية وجودنا في سوريا.

مناخ كباش
ويقول ديبلوماسي لبناني ان التجاذب القائم على الساحة يعكس «مناخ الكباش» بين قوى دولية واقليمية والخلاف بين السعودية وايران وهذا ما يبرر اتهام الحزب السعودية بعرقلة تأليف الحكومة، محاولاً تحييد المسؤولية الايرانية والسورية وتبرئة ساحة الحزب من هذه المسؤولية المباشرة في الاعتراض على التأليف والسعي الى الفراغ. فالفراغ يساعد الحزب ومحوره على ممارسة الضغط على القوى الاقليمية والدولية للحيلولة دون اتفاق لا يكون لصالح محور المقاومة. وان السجال بين الحزب والمستقبل يؤشر الى استمرار الخلاف السعودي – الايراني حول الملف السوري. وان اي تسوية لا تشارك فيها السعودية قد يدفع لبنان ثمنها. وان التسوية الاميركية – الايرانية – السعودية لم تتم بعد والتسوية الكبرى في المنطقة بمشاركة دولية – اقليمية غير ناضجة بعد، وان السعي لتسوية مرحلية غير وارد في ظل الاتفاق الاميركي – الروسي، الذي لا تزال مضامينه غير معلومة وغير معلنة. ان حل الخطوة خطوة الذي يقترحه البعض  لم تتم مقاربته بعد، الا ان اشارات ايجابية برزت على صعيد الملف النووي و«جنيف – 2» وان الاجتماعات التي عقدت في موسكو بين المسؤولين الروس ووفد من النظام واخر من المعارضة ربما ساهمت في تذليل العقبات امام مؤتمر «جنيف – 2» الذي يسعى المبعوث الاممي الى انعقاده قبل نهاية العام. ويراهن اللبنانيون على تقدم المفاوضات واتخاذ الانفتاح الايراني على الولايات المتحدة خطوات انفراجية تسهم في ترطيب الاجواء بين ايران ودول الخليج قد تنعكس ايجابيات على لبنان.

ف. ا. ع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق