رئيسيسياسة عربية

اسرائيل تراقب الاراضي السورية بطائرات بدون طيار

عكست الغارة التي شنتها اسرائيل على موقع في اللاذقية، وضعاً آخر، يؤكده الخبراء العسكريون، بان اسرائيل تحولت، بصمت، تقطعه اصداء المعارك، الى اول مصدر لاخبار سوريا. فعندما كانت الامم المتحدة تسعى الى الحصول على تقديرات لترسانة سوريا الكيميائية، تقارنه مع الكميات التي قال النظام السوري انه يقتنيها، اعتمدت الرقم الذي اعطته اسرائيل: 1000 طن موزعة على حوالي 50 موقعاً.

 بقيت اسرائيل مراقباً متوتراً، يراقب ما يجري في سوريا، بفضل شبكة تجسس، من الجو، قوامها عدد كبير، من الطائرات من دون طيار، تتولى توجيهها من قاعدة بالماهيم، الجوية، قرب تل ابيب.
ويعتبر النموذج الاكثر عدداً لعمليات التجسس الجوي، الذي تتولاه الكتيبة الجوية، للمركبات الجوية من دون طيار، طائرة «هيرون». هذه الطائرة الصغيرة، تتمتع بطاقة طيران 30 ساعة من دون توقف ، وتطير على ارتفاع 4500 متر، فلا تكشفها انظمة الرادار، وتستطيع اخذ صور، فائقة الدقة، حتى للسيارات والاشخاص، بفضل انظمة تصوير تعتمد الذكاء البصري.

 ولا احد يكشف  عن عدد هذه الطائرات، وتكتفي المصادر، بالقول للاعلام الغربي، ان اسرائيل تملك منها نحو مئة طائرة.
واذا كانت اسرائيل تكتفي بالاشارة الى طائرات استكشاف، ففي المخابرات الغربية، من يعتقد ان عدداً منها، مجهز بالصواريخ.

مهاجمة سوريا
وفي هذه السنة، هاجمت اسرائيل سوريا من الجو، في اربع مناسبات، كانت آخرها، عملية اللاذقية، وفي كل مرة كان الهدف، صواريخ، قيل انها كانت في طريقها الى حزب الله. وينسب المراقبون هذه الدقة الى كون هذه الطائرات تتولى استكشاف الاراضي السورية، في صورة متواصلة ودائمة. وليس داخل حدودها فحسب، فانها تخترق اجواء لبنان والاردن، وصولاً الى سوريا.
وسبق لمراقبي
ن، في غزة، ان اتهموا اسرائيل بالاغارة على اراضي القطاع، بواسطة طائرات من دون طيار. ويعتقد ان صاروخاً اطلقته طائرة من دون طيار، قتل في السنة الماضية، احمد الجباري،  قائد حماس العسكري.
وفي كانون الثاني (يناير) اطلقت الامم
المتحدة، تحقيقاً حول مقتل مدنيين في غزة، واغارة طائرات من دون طيار، على غزة ومناطق حرب اخرى.
وتشكل الطائرات من دون طيار، السلاح المفضل لدى الاميركيين، في اليمن، وباكستان والصومال.
ففي الاسابيع الم
اضية، قتل صاروخ اطلقته احدى هذه الطائرات ابرهيم علي، المعتبر، ابرز خبراء حركة الشباب الصومالية، في ضواحي جيليت في منطقة جوبا الوسطى، بواسطة صاروخ اطلقته طائرة من دون طيار، على سيارة كان على متنها.
وتتناقض نتيجة هذه العملية مع العملية البرية، التي حاولت تنفيذها في الصومال مجموعة من القوة التي قتلت اسامة بن لادن، في باكستان في 2011، لاعتقال عبد القادر محمد عبد القادر، «ايكريما»، في مدينة باراده الجنوبية. ولكن العملية توقفت بعد حوالي 20 دقيقة، فاثبت فشلها هشاشة، مثل  هذه العمليات البرية. وانها تشكل سكيناً ذات حدين.
وكانت عملية جوية اخرى، قتلت في ايلول (سبتمبر) 2009، احد اقوياء الجهادية المحلية صالح علي صالح نبهان، من مدينة باراده اياها. ولكنها نفذت بواسطة 6 طوافات حربية اميركية على الاقل.

مقتل محسود
وفي الاسبوع الماضي، قتلت طائرة اميركية من دون طيار، حكيم الله محسود، (33 سنة)، زعيم حركة طالبان باكستان، في شمال وزيرستان، ناحية الحدود الافغانية من دون سقوط مدنيين. وكانت اف. بي. ايه، وضعت مكافأة خمسة ملايين دولار، لمن يساعد على القاء القبض على هذا الرجل، الذي كان يتزعم حركة تجمع بين حوالي 30 من التنظيمات الارهابية، منذ سنة 2009. وكانت الاخبار اعلنت، سابقاً، مرات عديدة عن مقتله، الا ان الخبر مؤكد هذه المرة. ودفن الرجل، وجرى تعيين خليفة له. واملت حكومة باكستان الا ينعكس مقتله سلباً، على جهود السلام. وتعتبر العملية نجاحاً اكيداً، للولايات المتحدة، في وقت يتعرض استعمال الطائرات من دون طيار الى اعتراضات، بسبب عدد الضحايا المدنيين الذين يسقطون «جانبياً».
ولا تتوقف  المقارنات عند هذا الحد، فان حكومة اسلام آباد، كانت اعلنت قبل ساعات من مقتل «امير» الطالبان، اطلاق مفاوضات مع «طلاب الله»، لاعادة السلام والامن، الى باكستان. اما مشروع الحكومة الباكستانية، فانه غامض، ويعتبره مراقبون، مستحيلاً، على ضوء الشروط التي وضعها محسود، خصوصاً، قطع العلاقات في شكل كامل مع الولايات المتحدة، ومع كل «الكفرة» وفرض اقصى اشكال الشريعة في باكستان كلها. ووقف  عمليات الطائرات من دون طيار، حالاً، ولكن صاروخاً من احدى هذه الطائرات كان قتل سلفه، بيت الله محسود، في سنة 2009. واختير حكيم الله، اميراً جديداً بالاجماع، بسبب جرائمه وقساوته، اللتين قادتاه في سنة 2007، الى خطف ثلاثمئة جندي باكستاني، لمبادلتهم بعدد من رفاقه السجناء.
وماذا عن الضحايا المدنيين، الذين يسقطون «جانبياً»؟!
المنظومة البريطانية «مكتب التحقيقات الصحافية» اشارت الى ان سقوط 30 في عمليات بواسطة طائرات من دون طيار، موثقة في الصومال، بين 2007 و2013، اضافة الى العشرات (بين 11 و60 حسب المصادر، وكان بينها 3 اطفال) في عمليات تراوح عددها بين 7 و14 ، لم يكشف امرها. وتعتقد مصادر ان مجمل عدد الضحايا المدنيين هو 170.

عمليتان في الصومال
ويتوقف المراقبون، في صورة خاصة، امام عمليتين جويتين، في الصومال، في 23 حزيران (يونيو) 2011، دمرت احداهما معسكراً لتدريب الارهابيين، على مسافة 10 كلم من كيسمايو. واستهدفت الغارة الثانية، مطار المدينة.
وكانت الضحايا البشرية، في الحالتين من قادة حركة الشباب، مثل ابرهيم الافغاني، الذين قالت حكومة السودان انهم كانوا يخططون لعملية في بريطانيا. ولكن مصادر اشارت الى سقوط مدنيين.
واشارت دراسة نشرتها الامم المتحدة، الى اصطدام بين طائرتين فوق مخيم للاجئين مروراً بتفادي اصطدام، في اللحظة الاخيرة، بين طائرتين تجاريتين، فوق العاصمة مقديشو.
واستنكرت منظمتا العفو الدولية ويومان رايتس ووتش، مقتل المدنيين، بلا تمييز، في هذه العمليات في اليمن وباكستان، فأحصت منظمة العفو 57 مدنياً بين ضحايا بلغ عددهم 82، في ست عمليات طائرات من دون طيار بين 2012 و2013، في اليمن.
وفي القرن الافريقي، جعل حجم العمليات وثقل الخسائر المدنية الجانبية، حكومة جيبوتي، «تجبر» الولايات المتحدة على سحب طائراتها، من دون طيار من مطارها الدولي، تجنباً لاصطدامات مع طائرات مدنية وتفادياً لمخاطر ملحقة، فعمدت واشنطن الى نقل مجموعة طائراتها من دون طيار، من طراز MQ-9 من المطار الدولي، امبولي، الذي يبعد بضعة كيلومترات عن العاصمة، الى موقع مجاور، حتى لا تلحق اضراراً، كذلك بالمدرج الوحيد في المطار، ويخدم الطيران المدني، والقاعدة الحربية، التي حل فيها الاميركيون، مكان الفيلق الاجنبي الفرنسي، في بداية 2002، بعد الاعتداءات القاعدية، على واشنطن ونيويورك (11 ايلول – سبتمبر). ويحتفظ الفرنسيون، بقواعد اخرى، في مستعمرتهم السابقة في افريقيا الشرقية، ولمواجهة الوقائع الجديدة في المنطقة، اضافت اميركا، وحدات جوية واستخباراتية، وفوجاً من طائرات بريداتور وايبر، من دون طيار، للمراقبة والهجوم على الشباب في الصومال وغيرها، بعد ان انضم اليهم، جهاديون من انحاء مختلفة.
ومع الوقت جرى توسيع قاعدة «كامب لومونييه». وبلغت تكاليف  توسيع القاعدة ورفع مستوى تجهيزاتها، اكثر من مليار دولار، ذهب ريعه لانشاء موقع قيادة العمليات المشتركة، التي تدير عمليات القوات الخاصة ومخابرات سي. اي. ايه، في تلك المنطقة، من العالم، وكانت محاربة القرصنة الصومالية، دفعت دولاً اخرى، مثل اليابان وايطاليا الى انشاء قواعد صغيرة في منطقة مطار جيبوتي.

جيبوتي «تطرد» الطائرات
وطلبت حكومة جيبوتي، من الاميركيين نقل قاعدة نشاطاتهم الجوية الى مكان آخر بعد ان سقطت 5 طائرات من دون طيار، على الاقل، منذ كانون الثاني (يناير) 2011، نتيجة حوادث تقنية ام اضطرابات طقسية، وسقوط احداها  قرب مجمع سكني، في احدى ضواحي جيبوتي.
انها مشاكل تصيب الطائرات من دون طيار، في بلاد اخرى، مثل افغانستان، واصطدام طائرتين من نوع ريبر، على مدرج مطار جزر سيشيل الرئيسي، مما د فع الاميركيين الى تعليق نشاطات الطائرات من دون طيار، في مجموعة جزر سيشيل التي يستقبل مطارها الدولي الطائرات السياحية التي تعيش منها هذه الجزر.
وفي اطار مشاكل القرن الافريقي وتوابعه، عمدت القوات الايطالية في جيبوتي الى بناء قاعدة جديدة في خلال شهرين، تستطيع استقبال 300 جندي، على مساحة خمسة هكتارات، في قلب الصحراء على مسافة 7 كيلومترات من الحدود مع الصومال، قريبة من مطار وقاعدة كامب ليمونيه.
وكانت جيبوتي، التي تقوم على مدخل باب المندب، بين البحر الاحمر والمحيط الهندي، رأت اهميتها الستراتيجية، تتضاعف مع تزايد العمليات التي يقوم بها الاميركيون، ضد «القاعدة» في اليمن، وفي الصومال، وتهديدات القراصنة الصوماليين لحركة الملاحة الدولية، وجرى تدشين القاعدة الايطالية الجديدة في 23 تشرين الاول (اكتوبر)، برئاسة رئيس الاركان الايطالي الاميرال لويدجي مانتللي، الذي اوضح ان اعداد القاعدة سينتهي في آخر السنة لاستقبال قوات تستطيع مواكبة السفن التجارية على طريق المحيط الهندي، وقوات التدخل ضد الارهاب ولتحرير الرهائن.
وفي الاسبوع الماضي قتل جهاديون في شمال مالي، صحافيين فرنسيين، وقطعوا جثتيهما.
وشدد الاميرال مانتللي، على اهمية جيبوتي، في اطار عمليات مكافحة القرصنة، والارهاب القاعدي نظراً لموقعها الستراتيجي، بين اليمن والصومال.
بينما يبقى الخلاف في الرأي حول اعتماد الطائرات من دون طيار وسيلة للقتل، يؤكد بحاثة انها تساعد على تفادي خسائر جانبية كثيرة، وضحايا بشرية.
وتشكل هذه الوسيلة القتالية، رأس حربة استراتيجية الرئيس الاميركي اوباما، ضد الارهاب، في كل مكان.

ج. ص

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق