وديع الصافي… أبو الأغنية اللبنانية الحاملة هوية الوطن والشعب

رحل وديع الصافي (1921 – 2013) والاسم عَلَم، حاملاً معه ذكرياته وأمجاده ومحبة الناس الكبيرة له. رحل أبو الأغنية اللبنانية وعملاقها التي تخطت بفضله حدود الوطن الصغير نحو العالم الكبير، وهو الذي سعى الى توصيل صوته الى كل لبناني وعربي، اينما كان وكيفما كان، وذلك على مدى 75 سنة من دون توقف. رحل وديع الصافي، صاحب الصوت الذي لا يجود الزمن بمثله في كل حين، تاركاً لنا صوته الصافي، واغنياته الاصيلة، ورنة عوده العذبة… رحل الشخص وبقي الجوهر. انه باقٍ في ضمير الناس وفي نسيج الوطن. باقٍ مع بزوغ كل فجر ومع تغريدة كل عصفور. عندما رحل ابن بعلبك وابن لبنان والعرب الشاعر الفذ خليل مطران، قالوا سقط العمود السابع لقلعة بعلبك، ومع رحيل وديع الصافي، لن أقول سقط العمود الثامن لهذه القلعة التاريخية الشامخة التي شهدت انطلاقته الفنية الاولى والكبيرة، بل اقول، برحيله سقط أحد اعمدة هذا الوطن، وهو الذي ساهم عبر شعرائه الكبار في هندسته وفي تجميله وفي الدفاع عنه، وفي جعله على كل شفة ولسان، وأنشودة على مدى التاريخ.
اسمه الحقيقي وديع فرنسيس، ولكن عندما سمع الناس صوته الصافي كصفاء فجر لبنان في يوم ربيعي، صار اسمه وديع الصافي، وهكذا تغلّب الاسم الثاني على الاسم الاول.
عرفته معرفة شخصية في سنة 1965، وزرته في منزله في منطقة الحازمية، مع زميلة حادة الاسمرار كانت تخطو خطواتها الاولى في دروب الصحافة، في مجلة «الخواطر»، ولكنها لم تكمل المسيرة، وذات يوم، ذهبت ولم تعد. وبعد تلك الزيارة، صرت التقيه من حين الى آخر في اوقات متفاوتة.
في جعبتي الكثير الكثير من الذكريات والحكايات الفنية التي رواها على مسامعي، وخصوصاً حول بداياته في عالم الغناء، التي لم تكن مفروشة بالورود والياسمين، انما كانت ملأى بالعرق والدموع، بالصعوبات والعقبات، التي اجتازها بارادته القوية، وبصوته الصافي والهادر معاً، والذي لا يضاهى.
كان صوته، هو رأسماله الوحيد، في مسيرته الشاقة، وهل هناك اجمل وانقى من هذا الرأسمال؟!
بين الانسان وصوته
في ذلك اللقاء البعيد والجميل، اعرب لي وديع الصافي عن حبه الكبير للغناء، وعن رغبته في مواصلة الطريق، ما دام على قيد الحياة، غير عابىء بشيخوخة الصوت، باعتبار ان جدّه – كما قال لي – بقي صوته بألف خير، حتى بعدما تجاوز العقد التاسع من عمره، وظل يخدم القداس في قريته الشوفية نيحا، الى أمد بعيد، وكذلك والده.
وبعد ما يقارب العشرين سنة، تطرقنا الى الموضوع نفسه، فقال: «في الواقع، بعد هذا العمر الفني الطويل، يحق لي ان استريح… لا سيما وقد وصلت الى القمة، بعدما اعطاني اللّه اكثر مما طلبت منه».
واستطرد قائلاً: «لو كان بوسعي ان اتوقف عن الغناء، لفعلت… فمن الافضل الخروج من الحلبة بكرامة، وعزة نفس».
الصوت لا يشيخ، ولكن جسم الانسان يشيخ!
أليس ما قاله الاخطل الصغير فيه الكثير من الحقيقة:
أيوم اصبحت لا شمسي و لا قمري؟
مَن ذا يغني على عود بلا وترِ…
❊❊❊
اول أغنية
كان وديع الصافي يتكتم عن ذكر عمره، ويجيب على السؤال بشكل غير مباشر، وفي رأيه، ان الفنان لا يأتي على ذكر عمره الا في الحالات النادرة… فهو يريد ان يبقى شاباً – اي الفنان – حتى ولو بلغ سن الكهولة. انه من هذه الناحية اشبه ما يكون بالنساء! ولذلك، بدلاً من ان يذكر السنة التي ابصر فيها نور الحياة، فهو يذكر عمره الفني!
عرفت منه، ان اول أغنية غنّاها، كان اسمها «قلت الهوا» للشاعر بهاء الدين الرواس. وقبل الحرب العالمية الثانية، اي في سنة 1938، انطلق صوته للمرة الاولى، من الاذاعة اللبنانية. ومنذ ذلك الحين لم يتوقف عن الغناء.
أبواب بيروت الموصدة!
في ذلك الزمن البعيد، طرق وديع الصافي ابواب العاصمة اللبنانية بيروت، ولكنها لم تفتح له وظلت موصدة امامه، لان بعض آذان سكانها كانت لا تستمع الا الى الاغنيات المصرية، والبعض الآخر كان لا يستمع الا الى الاغنيات الفرنسية!
لقد رفضت بيروت، ذلك الشاب الآتي من الجبل، حاملاً معه الاغنيات المشبعة بالشموخ والعنفوان، العابقة برائحة الارض، المثقلة بالحب والعاطفة والبراءة والحنين، الحاملة هوية الوطن والشعب.
قال لي والألم يحز في نفسه: «كانت الأغنية المصرية هي الرائجة… تصور ان المطرب اللبناني بالذات، بقي حتى الخمسينيات من القرن الماضي، يغني باللهجة المصرية!».
وفي رأيه، ان «لدى كل بلد عربي لهجته الخاصة، ونحن لدينا لهجتنا اللبنانية المحببة المفهومة لدى مختلف الشعوب العربية… فلماذا يتجاهل البعض هذه اللهجة ويستعين بدلاً منها باللهجة المصرية مثلاً؟!».
وتجدر الاشارة الى ان وديع الصافي، بعدما بلغ ذروة الغناء باللهجة اللبنانية، لم يبخل بصوته في سبيل لهجات عربية اخرى، ولا بلفتاته الفنية العديدة نحو العالم العربي… وهل ننسى اغنيته الجبّارة «عظيمة يا مصر» للشاعر احمد علاّم، التي غناها بكل جوارحه وامتداد صوته العظيم:
عظيمة يا مصر
يا أرض النِعَم
يا مهد الحضارة
يا بحر الكرم
❊❊❊
ومن دون ان ننسى ايضاً، التفاتته نحو الغرب، وخصوصاً تجربته مع المطرب الاسباني الغجري الشاب خوسيه فرنانديز، حيث زاوج بين الموسيقى الشرقية والفلامنكو بشكل يبعث الى الاعجاب والدهشة.
مطرب العنزة المجنون!
يومها، كان صوت وديع الصافي – الذي وصفه لي ظريف لبنان نجيب حنكش: «انه أضبط من الآلة» – يلعلع في سماء لبنان، من خلال قصيدة «طلّ الصباح» لشاعر الريف الكبير أسعد السبعلي، التي جاء في مطلعها:
طلّ الصباح… وتكتك العصفور!
سهرنا، وطوّلنا بنومتنا…
شوفي الشفق فرّق علينا النور
والشمس منشوره عاخيمتنا
والكون غاشي والفلك مسحور
من سقسقة ميّات نبعتنا!
… يختي اسبقيني وولّفي المعدور
حتى نكفّي نكاش بورتنا…
ليكي الجدايا هدهدو المعبور
وخرّبو مطاعيم عودتنا!
عيطيلك صوت للناطور
عنزات بوطنوس خربتنا!
❊❊❊
هذه القصيدة نظمها السبعلي في سنة 1936، واول من كتب عنها الشاعر ايليا ابو ماضي، واول رسالة تلقاها السبعلي من اللغوي الشيخ ابرهيم المنذر.
من هنا، قال لي وديع الصافي: «وجدت الكثير من الصعوبات، ولا سيّما من ناحية «البيارتة» الذين كانوا يقولون: «ان وديع الصافي مجنون… وانني «مطرب العنزة»! ولكنني كسرت كل المقاييس والمفاهيم التي كانت سائدة – يومئذٍ – وحطمت جميع الاصنام… واعطيت للأغنية اللبنانية هويتها الحقيقية».
الصافي وعبد الناصر
وبالمناسبة، ذكر لي ما يأتي: «هذا اللون الغنائي، كله شهامة وكرامة وعنفوان. عندما ذهبت مع «فرقة الانوار» الفنية الى مصر، قال لنا جمال عبد الناصر بالحرف الواحد: «اننا بأشد الحاجة الى امثال هذا المطرب الذي يغني الأرض والانسان…».
وعندما سألته، هل في وسعنا القول، انك « ابو الأغنية اللبنانية»، قال: «انني مؤسس الاغنية اللبنانية… قبل مجيئي كانت الاغنية – كما سبق وذكرت – تدور في الفلك المصري، ومحصورة في نطاق المعنّى والقرادي… جميع الذين برزوا في هذا المجال تأثروا بالنهج الذي سرت بوحيه، حتى الاخوين رحباني».
واستدرك قائلاً: «وهنا لا بدّ من الاشارة الى ان زكي ناصيف يعتبر من اعمدة الاغنية اللبنانية، كما ان «الاخوين رحباني» يعود اليهما الفضل في انتشار المسرحيات الغنائية».
وهكذا عادت بيروت وفتحت ابوابها امام الغناء اللبناني الاصيل الذي يمثله وديع الصافي والذين جاءوا من بعده، وفي مقدمتهم المطرب الكبير والمميز نصري شمس الدين.
تلوين الحياة
لقد ترجحت اغنيات وديع الصافي بين الصعود والهبوط، بين الاغنية الاصيلة و«الطقطوقة»، بين «لبنان يا قطعة سما» و«عاللومه اللومه يا حلوي ويا مهضومه»، بين «طلّ الصباح» و«حلوي وكذابي والاكذب منك حضرة جنابي»… وهناك قاعدة ثابتة تقول: من اجل بناء اغنية جيّدة وناجحة، لا بد من الكلمة الجيدة، والصوت الجميل، واللحن الناجح… ولذلك، نجحت اغنياته التي تحمل تواقيع: اسعد السبعلي، وميشال طراد، ويونس الابن، واسعد سابا، ومارون كرم، وغيرهم من كبار شعراء العامية في لبنان… بينما نجد بعض الاغنيات دون المستوى المطلوب.
وكنت اشعر احياناً، انه يتعامل مع الشعر الغنائي الذي ليس في مستوى صوته، ولا في مستوى شهرته. وبالرغم من ذلك، نرى الناس يستمعون الى اغنياته المختلفة بكل طيبة خاطر. فماذا يعني ذلك كله، هل ان صوته المعجزة هو مصدر هذه الظاهرة؟
ببساطة كلية، وبعفوية، قال لي: «الناس يصدقون كل ما اقول، حتى ولو نطقت بالكذب… مع انني لا اجيد هذه الآفة. الناس يستمعون اليّ حتى ولو غنيت «يا جمل يا بوبعا».
ومن ثم قال: «صحيح ان الاغنية الناجحة تحتاج الى ثلاثة عناصر، هي: الكلمة، واللحن، والصوت، وفي حال ان احد هذه العناصر لم يكن حسب المستوى المطلوب، فان الاغنية مهددة بالفشل، انا ايضاً، أتضايق مثلك من الشعر الذي لا تتوفر فيه الجودة، ولكن اقدامي على تلحين وغناء «الطقطوقة» ليس من باب التجارة، بل وسيلة من وسائل التلوين، وارضاء لفئة من الناس. وهنا، يجب الا ننسى انني اخترعت الاغنية الخفيفة الضاحكة التي لا بد منها في الحياة».
مدرسة الحياة
ذات مرة، سئل حكيم الصين الكبير كونفوشيوس، عمّن يختاره ليضع شرائع الصين، فأجاب على الفور: «لا يهمني من يضع شرائع الصين ما دمت انا اضع اغنياتها».
وهذا الكلام ان دلّ على شيء فانما يدل على مدى اهمية الاغنية في مسيرة الشعوب، فهي التي تعبّر عن افراحه واتراحه، عن احلامه وطموحاته، عن حبه للأرض والحبيبة… وباستطاعتي القول، ان الاغنية هي مدرسة الحياة.
غنّى وديع الصافي للعديد من الشعراء… واكثر ما غنّى في يداياته، للشاعر اسعد السبعلي، ومن ثم، للشاعر مارون كرم الذي غنّى له اكثر من 60 اغنية:
لا انت راضي ولا انا راضي
ايام عم تركض على الفاضي
وبيجمدوا الكلمات ع شفافي
لمن ع بالي بيخطر الماضي
❊❊❊
اشتقنا لقربك يا حلو اشتقنا
وعادت ليالي الشوق تحرقنا
قطعنا بحور الهجر كلتها
والا ببحرك انت ما غرقنا
❊❊❊
ومن أحلى اغنيات وديع الصافي، قصيدة «رح حلفك بالغصن يا عصفور» للشاعر ميشال طراد. فيا ليت غنى له اكثر من ذلك.
قطعة سما
مع الشاعر يونس الابن، حلّق الصافي عالياً، فغنّى له اكثر من 15 اغنية وكانت البداية مع «لبنان يا قطعة سما» التي اصبحت على كل شفة ولسان:
لبنان
يا قطعة سما
عالأرض،
تاني ما إلاَ.
لوحات
اللّه راسما.
بشطحات
… أحلى من الحَلاَ!
❊❊❊
غنّاها وديع الصافي بشكل رائع، فأعطاها بُعدها الغنائي والشعري والانساني…
بدأت علاقة شعر يونس الابن بحنجرة الصافي، من خلال هذه القصيدة، التي عبّرت اروع تعبير عن جمالات الوطن، وعن مدى تعلّق الانسان بأرضه…
في تلك المرحلة، كان لبنان يعيش في ظل الهدوء والاستقرار، بعيداً عن ضجيج الحرب، وطاحونة الموت الكبير!
كان لبنان هو الاخضر الحلو، وهو مرقد العنزة، الذي لا تعكر صفاءه سوى تغريدة العصفور، وصرخة «الجيز» او «الصرصار» الصاعدة من جوف الصيف!
«مهرجان الانوار»
ذات يوم قال لي يونس الابن، ان هذه العلاقة «يعود الفضل فيها الى سعيد فريحه… وكانت قصيدتي: «قطعة سما عالأرض» قد بدأت تأخذ طريقها الى آذان الناس وقلوبهم، حتى وصل خبرها الى سعيد فريحه، وكنت على خلاف قديم معه، وكان لقاء دبره الفنان نزار ميقاتي، وسمع سعيد فريحه القصيدة، فدمعت عيناه، وضمني الى صدره وقال: «مكانك هنا الى جانبي».
الى ان قال: «… وانطلقت «فرقة الانوار» وانطلقت «لبنان يا قطعة سما». و«لوين يا مروان؟ عامهلك» وعاد الناس يتحسسون الاغنية الاصيلة ذات الكلمات البعيدة عن جو «الطقطوقة» الذي كان سائداً في ذلك الحين. فكانت اغنية «عاللومه اللومه» سيدة الاغاني!».
وبعد «مهرجان الانوار» تم اللقاء بينهما من جديد في «مهرجان نهر الوفا» وغيره من المهرجانات…
لبنان وديع الصافي
كان وديع الصافي يعتبر ان يونس الابن «طاقة مهمة من طاقات لبنان الثقافية، وأحد الادباء والشعراء المرموقين… وفي رأيي، ان رأسمال لبنان، هو تلك القامات الفكرية والانسانية».
واضاف: «لبنان هو الكلمة والفكر والاغنية… هو الارض والينبوع وشجرة التفاح… هو يونس الابن، وفيروز والرحابنة… هو الورد والرياحين والعصافير، وليس المدافع وقذائف الغراد والكاتيوشا… لبنان هو السلم وليس الحرب».
ذهب الكثير وبقي القليل
اذكر انني سألته في سنة 1965 عن عدد اغنياته، فقال لي، انها كثيرة جداً، وهي تناهز الـ 1500 اغنية، منها 500 اسطوانة. اما الاغنية التي يفضّلها على غيرها، فهي: «المنبثقة من صميم الحياة».
وبعد سنوات طويلة جداً، طرحت عليه السؤال نفسه تقريباً: هل تذكر عدد الاغنيات التي قدّمتها طوال حياتك الفنية؟
فقال: «ليس بوسعي معرفة عددها بشكل دقيق ، لانها لا تُحصى ولا تُعد…»!
وهنا بادرني الصديق الراحل يونس الابن الذي كان يحضر اللقاء: «عددها يوازي عدد الشعر الذي تساقط حتى الآن من رأسه… فمع كل اغنية تسقط شعرة!».
قلت: «هذا يعني ان عددها كبير جداً… وهذا يعني ايضاً، ان العطاء لن يتوقف ، لانني ما زلت ارى الكثير من الشَعر في رأسه؟
فقال الصافي: «ذهب الكثير، وبقي القليل».
سكتشات ابداعية
اكثر ما يلفت في مسيرة وديع الصافي الفنية والثرية جداً، السكتشات الغنائية المميزة بينه وبين فيروز، وبينه وبين صباح، الحاملة لمسات «الاخوين رحباني» السحرية. واجمل ما فيها التحدي الجميل في الاداء، من اجل اغنية اجمل وافضل. لست ادري الى اي مدى سوف نحافظ على هذه الاعمال الابداعية، لكي لا تضيع في غياهب النسيان؟!
مهرجان نهر الوفا
قلت له: لقد اعطيت لبنان الكثير… جعلته انشودة حب وجمال وعنفوان، تتردد على مرّ الزمان… فهل بادلك لبنان هذا العطاء؟
قال: «لم أحصل من لبنان الا على جنسيتي!».
قلت: يا جبل ما يهزك ريح!
قال: «والبرهان انني مستمر في العطاء… واينما ذهبت اصنع لبنان».
وبالمناسبة، عادت بي الذاكرة الى «مهرجان نهر الوفا»… فبادرني قائلاً: «لقد حققت «نهر الوفا» في وطن ليس فيه وفاء. مهرجان «نهر الوفا» اسطورة من الاساطير، وقد كلفني مليون ليرة لبنانية (في الستينيات من القرن الماضي)، فهذا المشروع تعجز عن تحقيقه الدول، حتى امبراطورية الرومان لا تستطيع ان تفعل مثله! يومنئذٍ قلت لزوجتي التي كانت تذرف الدموع، بعدما تبدد الحلم الكبير: ان الذين يحاربونني هم الذين سيحرقون لبنان… وقد تحققت توقعاتي».
الى ان قال: «لقد انتهى الوفاء بين الانسان واخيه الانسان، واصبح الوفاء للمال فقط، حتى أعز الاصدقاء الذين تقاسمت واياهم حلاوة الحياة ومرارتها، تركوني من اجل المال!».
عودة لبنان
يومها رويت له ما يقال، من ان الذين خرّبوا لبنان، هم ثلاثة: سعيد عقل، ونجيب حنكش، ووديع الصافي! لقد ظلوا يرددون اسم لبنان، حتى سقط لبنان! فما هو رأيك بهذه التهمة، او بهذه الخرافة، او النكتة؟
فقال لي: «وأنت، ما رأيك بهذه النكتة؟».
قلت: في رأيي، ان وديع الصافي عمّر لبنان، وضاعف من امجاده.
اضاف الصافي: «ليت كل الذين خرّبوا لبنان، استعملوا الاسلحة التي في حوزتي، لكان لبنان بألف خير».
بعد مسيرة طويلة في دروب الفن، تُرى ما هي الامنية التي كانت تراود وديع الصافي؟
كان جوابه: «هناك اناس يستحقون هذه الارض، ولا يستطيعون العيش فيها بأمان… أمنيتي الوحيدة عودة لبنان».
قلت له: هل يتكرر صوت وديع الصافي؟
قال لي:« قد يتكرر، ولكن ليس بكثرة. واللّه أعلم».
اسكندر داغر