أبرز الأخبارسياسة عربية

لبنان «في الثلاجة» وعينه على التحوّلات… من حوله

يراوح لبنان فوق فوهة «حروبه الصغرى» في انتظار ما ستؤول اليه المنازلات الكبرى في المنطقة… كل شيء شق طريقه الى «الثلاجة» وسط ترقب قد يطول لمآل السيناريوهات الغامضة التي دهمت الشرق اللاهب بعد التفاهم الاميركي – الروسي على «الكيميائي» السوري، وملامح «كسر الصمت» بين الولايات المتحدة وايران، وانحسار الانطباعات عن حوار قريب سعودي – ايراني حول الملفات الشائكة على امتداد الاقليم المصاب بتحولات تاريخية لم تتضح طبيعتها بعد.

 لبنان المسترخي فوق أشواكه وتفترسه الشكوك بدا وكأنه اطفأ محركات البحث عن مخارج لمآزقه المتعاظمة بعدما تراجع الحديث عن امكان تشكيل حكومة جديدة، وأحبطت عملية توظيف الاهتمام الدولي الذي حصده رئيس الجمهورية ميشال سليمان في نيويورك، ولم تنجح بيروت في توفير الاطمئنان للدول المانحة لحضها على الافراج عن المساعدات المالية لجبه تداعيات الملف «المليوني» للنازحين من سوريا وكأن على لبنان ان يقلع شوك سواه بيده.
هذا المناخ الذي يوحي بـ «اللا حلول» استدرج محاولات لتعويم حكومة تصريف الاعمال بعد اكثر من ستة اشهر على إستقالة رئيسها، وراجت مع رائحة «النفط» الذي استخدم كأقصر الطرق لنفض الغبار عن حكومة الخيبات، ملامح اجتماع وصفقات كأنهم يريدون القبض على جلد الدب قبل اصطياده، في مشهد فجر تجاذبات حتى داخل القوى المتحالفة نفسها وبين الخصوم انفسهم.
نفط وخطط امنية ونشر الغسيل الوسخ بين بعض الوزراء، وكشف شبكات ارهابية وسندويشات متفجرة، وعمليات خطف وقصف للمناطق الحدودية واجواء عن قرب صفقة تبادل بين مخطوفي اعزاز والتركيين المختطفين في بيروت… كلها عناوين فرضت نفسها على يوميات بيروت التي شعرت اكثر من اي وقت مضى بوجود «خطة ما» لاقتيادها الى «الفراغ المخيف».

الاستحقاق الرئاسي
بعد اقل من ستة اشهر من الآن يطل الاستحقاق الرئاسي من دون اي اختراق ايجابي في ملف تشكيل الحكومة نتيجة «الفيتوات المتبادلة»، مما يعني ان من لا يستطيع التفاهم على حكومة جديدة، لن ينجح في تأمين النصاب السياسي – الدستوري لانتخاب رئيس للجمهورية او «الاقتراع» للتمديد للرئيس الحالي الذي يحرص على ابعاد هذه الكأس عنه عبر دعوته الى ضرورة الانتقال الطبيعي للسلطة.
ثمة من يعتقد في بيروت بأنه ما زال من السابق لأوانه فتح ملف السباق الى قصر بعبدا (القصر الجمهوري)، فالمنطقة مقبلة على اختبارات مفصلية من شأنها ان تنعكس على الواقع اللبناني، ومن اكثرها اهمية اختبار الرغبات المتبادلة الاميركية – الايرانية خلال اجتماع فيينا لمجموعة الدول 5+1 اواخر الشهر الجاري بمشاركة ايران، واختبار مفاعيل التفاهم الاميركي – الروسي في مؤتمر «جنيف -2» المرتقب في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.
ورغم ان الانفتاح المحتمل بين الولايات المتحدة الاميركية وايران لن يكون الا بمثابة الخطوة الاولى في مسيرة الألف ميل من الازمات، فان مجرد فتح نافذة من الحوار بين واشنطن وطهران سينعكس على قوس الازمات في المنطقة، خصوصاً في ضوء المعلومات التي تتحدث عن رغبة ايران في وضع ملفات المنطقة كبند اول على الطاولة مع الولايات المتحدة التي تريد مناقشة ملف ايران النووي اولاً.
ولن يكون الاختبار الاميركي – الروسي في جنيف السوري اقل تعقيداً في تظهير اتجاهات الريح في المنطقة، خصوصاً في ظل السباق المحموم بين النظام السوري وداعميه من جهة والمعارضة السورية ورعاتها، على احداث تعديلات في موازين القوى، في الديبلوماسية والميدان، لكسب المزيد من الاوراق على طاولة «جنيف – 2».
في ظل هذا الحراك الدولي – الاقليمي يتراجع لبنان الى «المقاعد الخلفية» من المشهد، يلهو بأزماته اليومية، في السياسة والامن والاقتصاد، وينصرف الى عد الامواج الزاحفة من النازحين من سوريا، من دون ان تتوقف المبارزات الكلامية حول الحكومة العتيدة ومواصفاتها والاطراف المعرقلة لولادتها والجهات التي تسبب بهذا الدوران المميت في الحلقة المقفلة على المأزق الوطني الكبير.
فمن خلف «غبار» الكلام «الكبير» الذي أطلقه وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الاعمال وائل ابو فاعور حول الخلاصات «المخيّبة والمقلقة» لاجتماع اللجنة التنفيذية للمفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة في جنيف في ما خص سبل احتواء «لغم» النازحين من سوريا الى لبنان، جاءت زيارة نائبة رئيس البنك الدولي انجر اندرسون الى بيروت والمحادثات التي أجرتها مع كبار المسؤولين اللبنانيين محكومة بالتعقيدات السياسية التي تتصل بالواقع الداخلي الذي يدور في «حلقة مفرغة» من فراغ حكومي «عمره» ستة أشهر ونيف.

 


وجود حزب الله
وفيما كان ابو فاعور العائد من جنيف يعلن من بيروت ان «لبنان تُرك حتى الوقت الحالي وحيداً لمواجهة أزمة النازحين من سوريا» كاشفاً انه «من الاسباب التي يتذرع بها المجتمع الدولي لعدم إعطاء الاموال والمساعدات للدولة اللبنانية هو وجود حزب الله في الحكومة، واعتبار ان الدولة ليست صاحبة صدقية كي تُقدم لها مساعدات»، جاءت زيارة اندرسون في سياق متابعة مقررات مجموعة الدعم الدولي للبنان التي أطلقت في الامم المتحدة في 25 ايلول (سبتمبر) الماضي، وايضاَ في اطار البحث عن الاليات التي ستُتبع لتنسيق هذا الدعم وسط انسداد افق تأليف حكومة جديدة.
وحضرت في محادثات نائبة رئيس البنك الدولي خلال زيارتها التي استمرت ثلاثة ايام، عناوين عدة بينها الملف الحكومي والتقرير الذي رفعه المصرف عن لبنان الى مؤتمر الدعم الدولي الذي انعقد في نيويورك والذي أُعد في فترة قياسية هي ثلاثة اسابيع، الى جانب الخطوات الممكنة لترجمة الدعم للبنان من خلال مساعدته على مواجهة ازمة النازحين من سوريا وخصوصاً في ضوء تحذير رئيس البنك الدولي عشية وصول اندرسون الى لبنان من «كارثة» على هذا الصعيد، مقارناً حِمل الـ 760 الف نازح المسجلين لدى مفوضية الامم المتحدة للاجئين بما يعادل 56 مليونا في الولايات المتحدة.
وبدا واضحاً من زيارة مسؤولة البنك الدولي عدم امكان هذا المصرف وحيداً احتواء ازمة النازحين من سوريا الذين قدّر لبنان عددهم بـ 1،3 مليون، رغم الانطباع بان جزءاً رئيسياً من مهمتها كان يتصل  باستيعاب الانزعاج اللبناني الرسمي من تلكؤ مؤتمر جنيف عن دفع ما يلزم من مساعدات مالية وعينية، الأمر الذي يهدد بتراجع لبنان عن التزاماته بإيواء النازحين أو تقديم ما يلزم لهم من مساعدات.
ووسط اعتقاد اوساط مراقبة ان المجتمع الدولي الذي كان التقى في نيويورك على مساعدة لبنان في تحمل اعباء اللجوء السوري يفضّل وجود حكومة جديدة تكون اهلاً بإدارة المساعدات التي يود تقديمها الى لبنان، فان دوائر سياسية اعتبرت ان مجرّد زيارة اندرسون بيروت يدل على الجدية التي يعلّقها العالم في محاولته ابتداع صيغ لمنع وقوع «الكارثة» في لبنان وبينها ما كُشف عن سعي الامم المتحدة والبنك الدولي الذي عقد اجتماعه السنوي المشترك مع صندوق النقد الدولي في واشنطن بحضور وفد لبناني، الى وضع خريطة طريق تنفيذية لتسييل مقررات مؤتمر مجموعة الدعم الدولي وسط  طرحٍ لإنشاء صندوق ائتماني لمساعدة لبنان على تحمل اعباء ملف اللاجئين من سوريا وتبلّغ بيروت من مندوب لبنان الدائم لدى الامم المتحدة السفير نواف سلام ان المنظمة الدولية وبعد صدور قرار مجلس الامن في ما خص الموضوع الانساني والانمائي في سوريا قررت ان ترسل مندوباً الى لبنان للبحث مع الدولة في سبل ايصال المساعدات الى المدنيين في سوريا.

مساعدات الى الداخل السوري
واذا كان ايصال المساعدات الى الداخل السوري من شأنه ان يخفف عن كاهل لبنان بعض الأعباء المتعاظمة المترتبة على ملف النازحين والتي تفوق قدرته على التحمل، فان طرح الصندوق الائتماني يتطلب آلية يحتاج انجازها أشهراً وهو وقت طويل بالنسبة الى بيروت التي عبّرت بلسان رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي خلال لقائه المفاجىء مع الامين العام للامم المتحدة (خلال وجود اندرسن في بيروت) بان كي – مون عن «دعم البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن الدولي والذي يهدف إلى معالجة الوضع الإنساني في سوريا»، مع التمني بـ «الاسراع في وضعه موضع التنفيذ لتقاسم الأعباء الانسانية الناجمة عن ازمة النازحين السوريين وتخفيف الاعباء الملقاة على عاتق لبنان في هذا الاطار والتي لا يمكنه الاستمرار في تحملها بمفرده»، وإبداء «إستعداد لبنان لتسهيل مرور اي مساعدات انسانية الى سوريا انطلاقاً من اراضيه».
الا ان ميقاتي لم يلبث ان اشار بعد ايام من عودته الى بيروت الى ان «لبنان يمر بمرحلة من الصعوبات فهو يستضيف أعداداً كبيرة من اللاجئين»، معلناً  «صحيح اننا ملتزمون بقواعد الأخوة والانسانية تجاه اخواننا السوريين ونتعاطف مع مأساتهم، لكن الأولوية لدينا هي حماية وطننا وشعبنا ودرء الأخطار الداهمة نتيجة أزمة النزوح من سوريا. وعلى هذا الاساس باشرنا بتطبيق سلسلة من الاجراءات لمنع تزايد اعداد السوريين في لبنان إلا ضمن شروط محددة، وكل شخص سوري موجود في لبنان ولا تنطبق عليه صفة اللاجىء ولا يستوفي الشروط القانونية لاقامته سنعيد النظر في وضعه»، وهو ما اعتُبر مؤشراً الى ارتفاع منسوب القلق حيال «لغم» النازحين الذي بدا مرشحاً لمزيد من التفاقم مع التقارير التي تحدثت عن استعدادات متقابلة على الجانب السوري لعملية عسكرية في مثلث جرود عرسال – القلمون – الزبداني من شأن حصولها دفع الآلاف الى النزوح في اتجاه الداخل اللبناني.

تعويم الحكومة
وفي غمرة تداعيات هذا الملف الكارثي، كانت قوى 8 آذار تطلق «ورشة» تذليل التعقيدات التي تعترض «تعويم» الحكومة المستقيلة وعقْد جلسة لها لإقرار المراسيم الضرورية لبدء مسار التنقيب عن النفط، فيما فريق 14 آذار يطلق «قوة ضغط» تدفع نحو تأليف الحكومة الجديدة.
هاتان الحركتان المتعارضتان اللتان تتجاذبان المشهد السياسي في بيروت تشكلان امتداداً لاستمرار حال «انعدام الجاذبية» الإقليمية من حول لبنان الذي يدور في فلك أزمات المنطقة ويجذب «غبارها» إلى واقعه «المفخخ» أساساً بألغام ترتبط بالصراع الذي لم يعد «خفياً» على التوازنات الطائفية والمذهبية وانطلاقاً منها على دور لبنان وتموْضعه على «رقعة الشطرنج» المتحوّلة في الشرق الاوسط.
وسرعان ما انتقل «شدّ الحبال» داخل فريق 8 آذار حول «الجلسة النفطية» للحكومة المستقيلة من «مبدأ» انعقادها الذي بدا ان ميقاتي والنائب وليد جنبلاط أقرا به بعد اعتراض، الى الخلاصة التي سترسو عليها لجهة التلزيم دفعة واحدة جميع البلوكات البحرية العشرة في المنطقة الاقتصادية اللبنانية الخالصة كما يصرّ رئيس البرلمان نبيه بري او الاكتفاء بتلزيم بلوكين كما يطالب وزير الطاقة جبران باسيل.
واذا كان ثبات بري على موقفه من «التلزيم الكامل» للبلوكات «لقطع الطريق على أيّ تعدٍ إسرائيلي محتمَل على ثروتنا النفطية، كما لحاجة لبنان الملحّة إلى موارد مالية في مواجهة أعباء الدين العام وغيرها»، وتمسك باسيل برؤيته على قاعدة ان تلزيم بلوكين سيشكل «اختباراً للاسعار التي يمكن ان يحصل عليها لبنان من الشركات التي قدمت عروضاً مغرية لاستخراج النفط»، فإن الموقفين يعكسان صعوبة كبرى كانت ما زالت تعترض بلوغ مرحلة الدعوة الى جلسة استثنائية لحكومة تصريف الاعمال، فان ما نُقل عن مصادر ميقاتي من انه «لا يمانع في عقد جلسة استثنائية لبت موضوع المراسيم النفطية بعد توافق الجميع على ضرورة عقدها» وتأكيده انه «تحفظ عن ذلك في السابق بسبب عدم وجود توافق سياسي بين الاطراف كافة على عقدها» شكّل مؤشراً الى ان رئيس الوزراء المستقيل يسعى الى «فض اشتباك» مع قوى 8 آذار المندفعة في الملف النفطي بقوة والتي تخوض معركة سياسية – اعلامية تحت عناوين قاسية بينها «التآمر على ذهب لبنان الاسود».
وكان لافتاً ان مصادر ميقاتي رمت «الكرة في ملعب الآخرين» باعلانها ان «النقطة الوحيدة التي تعوق انعقاد الجلسة الاستثنائية هي المقاربة المختلفة بين وزير الطاقة ورئيس مجلس النواب في شأن تلزيم البلوكات البحرية العشرة»، مشيرة الى ان «الاتصالات جارية بين القوى السياسية بهدف عقد الجلسة الاستثنائية بتأنٍ وفي شكل لا يُفسر على انه محاولة من الرئيس ميقاتي لتعويم حكومته المستقيلة وتعطيل تشكيل الحكومة العتيدة».

ثلاجة الترقب
وأياً يكن هذا الشكل الذي يجري البحث عنه وسواء عُقدت هذه الجلسة او لم تُعقد، فان ما عبّرت عنه في الواقع هو ان المداولات للإفراج عن الحكومة الجديدة ما زالت في «ثلاّجة» ترقُّب «اتجاهات الرياح» في الملف السوري، وآفاق الكوة التي فُتحت في جدار العلاقة الاميركية – الايرانية، وامكانات عودة الحرارة بين طهران والرياض، وكلها ملفات تشكل «طبقات» من اي حلول للوضع اللبناني الذي يندفع «بلا فرامل» الى «فراغ كامل» بعد نحو 7 اشهر، موعد انتهاء مهلة انتخاب رئيس جديد للجمهورية (تبدأ المهلة في 25 اذار – مارس)، ما ينذر بان يجعله امام «أزمة نظام» سبق لفريق 8 آذار ان لوّح بها ويمكن ان تضع مجمل تركيبة لبنان على «المشرحة» في لحظة التحولات والصفقات الكبرى من حوله.
ولع
لّ هذه الخشية هي التي دفعت قوى 14 آذار الى إطلاق حملة ضغط سياسي واعلامي بدأت بإطلالة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع التلفزيونية وذلك للدفع نحو تشكيل حكومة جديدة بتوازنات تُبقي الواقع اللبناني على الاقل في حال «ستاتيكو تعادُلي» يسمح لها بالحدّ من أضرار اي اختلال في موازين القوى الاقليمية قد يترتب على المتغيرات في المنطقة، وذلك من خلال تَمسُّكها بحكومة لا ثلث معطلاً لفريق 8 آذار فيها وتستند الى «إعلان بعبدا» ولا تتضمن معادلة «جيش وشعب ومقاومة»، وهو الأمر الذي يقابله «حزب الله» وحلفاؤه بالاصرار على حكومة تراعي الاحجام التمثيلية في البرلمان وتكرس «الثلاثي الذهبي» (الجيش والشعب والمقاومة) كما كرر رئيس كتلة نواب الحزب محمد رعد الذي توجّه الى 14 آذار قائلاً: «إذا كان تشكيل الحكومة مرتبطاً بإسقاط معادلة الجيش والشعب والمقاومة فلينتظروا الحكومة طويلاً، وإذا خرجت هذه المعادلة من أي بيان وزاري لأي حكومة مقبلة يراد تشكيلها فماذا يبقى من لبنان ومن الوحدة الوطنية؟».
واذا كانت قوى 14 آذار والرئيس المكلف يعلنان تأييدهما لحكومة «ثلاث ثمانيات» كحد أقصى، فان قوى 8 آذار تسعى الى تسويق مبادرة كان النائب جنبلاط «عرابها» وتقضي بحكومة محكومة بتوازن سلبي اي يحصل فيها فريقا الصراع على الثلث المعطّل وفق توزيع 9 وزراء لكل منهما وستة لرئيس الجمهورية وجنبلاط على ان تُحتسب حصة الرئيس المكلف تمام سلام من ضمن 14 آذار.
وفي رأي اوساط سياسية ان قوى 8 آذار تراهن على تقارُب ايراني – سعودي يمكن ان يحصل بعد عيد الاضحى وقد يحمل الرئيس حسن روحاني الى السعودية بما يسمح بتمرير حكومة 9-9-6 كما تعتبر ان قوى 14 آذار قد تصل الى قناعة بان حصولها على الثلث المعطّل في ظل الموازين المتحولة اقليمياً ودولياً لغير مصلحتها قد يكون افضل من تكرار تجربة العام 2011.

مقايضات
وفي المقابل لا تُسقط اوساط اخرى من مقاربتها الواقع اللبناني من ان فريق 8 آذار «يلعب بين حدين»: إما حكومة 9-9-6 او لا حكومة فتتمدَّد حال تصريف الاعمال الحكومية حتى موعد الاستحقاق الرئاسي فتصبح الازمة اللبنانية بكاملها مفتوحة امام «المقايضات» وإن تكن المجموعة الدولية لدعم لبنان التي انطلقت من نيويورك تشكّل بهذا المعنى ما يشبه «الحصانة» إزاء احتمالات وضع لبنان في «بازار البيع والشراء».
وفي موازاة ذلك، عادت قضية تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الى الواجهة مع الكتاب الذي وجّهه وزير المال في حكومة تصريف الأعمال محمد الصفدي إلى الرئيس ميقاتي يطلب فيه «موافقة إستثنائية على توفير المبالغ اللازمة لتسديد حصة لبنان من موازنة المحكمة لسنة 2013 على ثلاث دفعات».
وتوقفت دوائر مراقبة في بيروت عند حرص الصفدي على «مخاطبة» ميقاتي «حليفه» السياسي والانتخابي في طرابلس عبر الاعلام، في تطور اعتُبر استكمالاً للسجال الذي دار بين الرجلين على تخوم  «الحرب» بين وزير المال والوزير نقولا فتوش على خلفية قضية تهرُّب ضريبي، وهو السجال الذي تمت قراءته على انه بمثابة اعلان «طلاق» ميقاتي – الصفدي اللذين يسود علاقتهما منذ اكثر من سنة فتور يخفي وراءه حالة من «القلوب المليانة» التي انفجرت في محطات عدة خلال تولي ميقاتي رئاسة الحكومة اذ وقف وزير المال في الجهة المقابلة لرئيس الوزراء في ما كان يُعرض على الحكومة، وهو ما سبق لخصوم الصفدي ان وضعوه في خانة رغبته في ترسيخ استقلالية عن ميقاتي تعزّز حظوظه في رئاسة الحكومة.
وبعدما تم التداول بامكان شمول هذا الملف باي جلسة استثنائية للحكومة، سرعان ما تراجع الحديث عن هذه القضية، مع التأكيد على ان لبنان ملتزم بدفع حصته (49 بالمئة) وان هذا الملف لن يستحق قبل السنة الجديدة، وان حكومة تصريف اعمال لا صلاحية لها لبتّه، ما يعني ان لبنان صار على موعد مع «ازمة مؤجلة» جديدة.

فؤاد اليوسف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق