رئيسيسياسة عربية

اغلاق مفاعل «فوردو» اول مسلسلات التنازلات الايرانية

للحظة، تعتقد ان الجمهورية الايرانية تصر على مواصلة تحدي جيرانها في الدول الخليجية، بما في ذلك التدخل في شؤونهم الداخلية. وللحظة ايضاً تعتقد ان ايران بدأت مشوار الانحناء امام العاصفة، واصبحت جاهزة للتعاطي مع متطلبات التعايش مع الجيران وكذلك الانصياع لبعض متطلبات التعايش مع المجتمع الدولي.

مع ان التناقض في الموقف الايراني، ليس جديداً، الا ان الموقف تطور الى حالة تدعو الى الحيرة. ذلك ان التناقض واضح في ما يخص الموقف من الملف السوري، ومثل ذلك العلاقة مع دول الخليج العربي، والموقف من البحرين تحديداً، ومن الجزر الاماراتية المحتلة بشكل خاص. والاهم من ذلك كله حالة الغزل مع الولايات المتحدة الاميركية، والتي بدأت تؤتي ثمارها من جهة، وتتخللها تصريحات متعنتة من جهة اخرى.
ففي خطوة من شأنها رفع وتيرة التوتر بين إيران وجيرانها الخليجيين، أقدمت طهران على إطلاق اسم «الغدير» – اعظم اعياد الشيعة، ويصادف 18 ذو الحجة – على جزيرة أبو موسى الإماراتية، التي تشكل إلى جانب أختيها طنب الكبرى وطنب الصغرى مشكلة بارزة، تتمثل باصرار طهران على مواصلة احتلالها، منذ العام 1971، أي قبل ان تتحول ايران الى جمهورية اسلامية. والرفض المطلق لاية مفاوضات او مباحثات لتسوية ذلك الملف بالطرق السلمية. وقد نشرت صورة الجزيرة على شبكات التواصل الاجتماعي وعليها اسم جزيرة الغدير، في خطوة يعدها مراقبون تعدياً إيرانياً صريحاً على الاراضي الاماراتية.

استنكار الامارات
وكانت وزارة الخارجية الاماراتية أعربت خلال الشهر الماضي عن إستنكارها الشديد ورفضها القاطع لزيارة وفد من مجلس الشورى الإيراني لجزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى. كما أعرب البيان الختامي لاجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، الذي انعقد في العاشر من أيلول (سبتمبر) الجاري، عن أمله في أن يسهم انتخاب المعتدل الاصلاحي حسن روحاني رئيساً لإيران في توثيق علاقات التعاون بين دول المجلس وإيران، على أسس ومبادىء حسن الجوار، وعدم التدخّل في الشؤون الداخلية، واحترام سيادة دول المنطقة، والامتناع عن استخدام القوة أو التهديد بها.
ودعا البيان إلى ضرورة استجابة إيران للجهود الدبلوماسية الهادفة إلى حل موضوع برنامجها النووي بشكل سلمي، كما جدد التشديد على مواقف مجلس التعاون الثابتة والرافضة لاستمرار احتلال إيران للجزر الثلاث: طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، التابعة للإمارات العربية المتحدة.
اما في ما يخص الملف النووي والعلاقات مع الولايات المتحدة الاميركية، فقد اعترف الرئيس اوباما بانه تبادل الرسائل مع الرئيس الايراني الجديد حسن روحاني، وان هناك فرصة للدبلوماسية واعرب عن امله في ان يستغلها الجانب الايراني. وانه ينوي اختبار جهوزية نظيره الايراني الجديد حسن روحاني تجاه الحوار حول البرنامج النووي.
واضاف الرئيس الاميركي في تصريحات تلفزيونية ان هناك اشارات تظهر استعداد روحاني لفتح الحوار مع الغرب والولايات المتحدة، معتبراً ذلك بانه «امر غير مسبوق» ومؤكداً انه سيضعه امام الاختبار.
ورد المرشد الاعلى لجمهورية ايران الاسلامية علي خامنئي بالدعوة الى «المرونة» في المحادثات الدبلوماسية، فيما تستعد ايران لاستئناف الاتصالات قريباً مع القوى العظمى حول ملفها النووي. الى ذلك، وبينما تعترف التقارير الرسمية بان العقوبات الدولية تترك اثراً بارزاً على الاقتصاد الإيراني، وبصورة كبيرة، بدا واضحاً أن الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني مستعد لتقديم تنازلات في المواجهة التي تخوضها بلاده منذ فترة طويلة مع الغرب، بسبب برنامجها النووي المثير للجدل. وقد تمتد التنازلات الى الملف السوري، بما في ذلك ترسانة سوريا من الأسلحة الكيميائية، التي تشكل مصدر قلق بالغ بالنسبة الى الغرب وإسرائيل. وفي هذا الصدد، ينظر الغرب بعين الخطورة الى منشآت إيران النووية مثل نطنز وأصفهان وفوردو. ويُنظَر إلى المنشأة الموجودة في فوردو، التي لا تبعد كثيراً عن مدينة قم المقدسة، باعتبارها التهديد الأكثر خطورة. ففي منشأة فوردو، يستخدم الباحثون الذين يعملون تحت الأرض هناك 696 جهاز طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم، حتى نسبة قدرها 20%. ويقال إن فوردو، الذي لم يدخل الخدمة إلا في أواخر 2011، يعتبر المحطة الأكثر حداثة في برنامج إيران النووي، وانها المنشأة الأكثر خطورة. كما يعتقد أن محطة فوردو غير قابلة للتدمير، وأن القنابل الخارقة للتحصينات لن تكون قادرة على تعطيلها. غير أن تقارير أوضحت أن النزاع النووي المشتعل مع طهران قد يأخذ منعطفاً مثيراً، حيث اشارت تقارير صحافية، ومنها تقرير نشرته مجلة دير شبيغل الألمانية، استناداً الى مصادر استخباراتية أن روحاني يتحضر لإغلاق محطة فوردو، والسماح للمفتشين الدوليين بمراقبة تفكيك أجهزة الطرد المركزي فيها.

الغاء العقوبات
وفي مقابل ذلك، قد يطلب روحاني من الولايات المتحدة وأوروبا إلغاء العقوبات الاقتصادية، ورفع الحظر عن صادرات النفط الإيرانية، والسماح لمصرف البلاد المركزي بمزاولة نشاطات الأعمال الدولية الخاصة به من جديد. وأشارت دير شبيغل إلى أن روحاني يعتزم الإعلان عن تفاصيل ذلك العرض، ربما خلال خطاب من المقرر أن يلقيه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة (ألقي الخطاب يوم الثلاثاء الماضي). ويسبق ذلك لقاء بين وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف وكاترين آشتون، مسؤولة بالاتحاد الأوروبي في نيويورك، يقدم لها صورة تقريبية لتلك الصفقة.
من جهته، قال كبير مفاوضي الملف النووي الايراني ان طهران «متفائلة» بشأن المحادثات المقبلة مع القوى الكبرى. وقال علي اكبر صالحي: «جئت مع رسالة من رئيسي المنتخب حديثاً لتعزيز وتوسيع تعاوننا القائم مع الوكالة وبهدف اغلاق ما يسمى بالملف النووي لايران». واضاف في كلمة القاها امام مؤتمر الوكالة الدولية للطاقة الذرية: «نحن متفائلون بشأن نتيجة اجتماع 5+1 المرتقب اذا ما جاء الطرفان الى الاجتماع بنوايا صادقة وبتصميم على حل تلك القضايا بمقاربة قائمة على اساس الفوز للطرفين». غير انه اضاف ان ايران لن تتخلى عن «حقها» في الاستخدام السلمي للتكنولوجيا النووية وان الجمهورية الاسلامية لا تسعى للقنبلة.
الى ذلك، أعلن الرئيس الايراني حسن روحاني في مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست الاميركية انه مستعد لتسهيل الحوار بين نظام الرئيس السوري بشار الاسد والمعارضة. واكد روحاني، الذي يسعى الى لقاء الرئيس اوباما على هامش اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة، والذي اكثر في الايام الاخيرة من تصريحاته التصالحية تجاه الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، انه يعتزم اتباع سياسة «اللقاءات البناءة».

طهران – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق