الاقتصادمفكرة الأسبوع

الاميال الجوية هدية ام ضرائب خفية؟

هل ما زال السفر متعة وحاجة ام انه تحول الى عبء يستنزف المسافر ويعيق حركة السياحة؟ قد يكون افضل جواب على هذا التساؤل هو ما بات يعرف بسياسة «الاميال الجوية المجانية»، فهل صحيح ان هذه الاميال هي بمثابة هدية ام انها غطاء لضرائب خفية؟

اذا اخذنا السفر من العاصمة البريطانية الى عواصم الشرق الاوسط نكتشف ان المسافر يعاني من رسوم باهظة تفرض على تذاكر السفر سواء من قبل الحكومات او المطارات او الشركات لا مجال للمسافرين للتصدي لها او الاشاحة عنها، وخير دليل على ذلك ضريبة حكومية هي الاعلى في العالم. وضريبة رسم الوقود مما يرهق كاهل المسافر ويعيق حركة السفر.

ضرائب ام ضربات؟
ولكي ندرك حجم الضرائب التي تضرب جيب المسافر، نمحص في اسعار تذاكر احدى الشركات البريطانية فنكتشف ان نسبة الضرائب والرسوم على بعض الرحلات اكبر من قيمة التذاكر نفسها. ويستدل على ذلك من خلال استخدام الاميال الجوية لرحلات جوية «مجانية» الى مدن مثل القاهرة او عمان او بيروت، حيث يكتشف المسافر انها ليست مجانية على الاطلاق، وان نسبة الضرائب تصل الى اكثر من 600 دولار للمسافر الواحد، فاين المنطق في الموازاة بين الضرائب وسعر التذكرة نفسه الذي غالباً ما يكون اخذ بعين الاعتبار بعض الضرائب المفروضة عند تحديده؟
واللافت ان الحكومة البريطانية تفرض ضرائب متصاعدة على السفر الجوي تبدأ من  26 جنيهاً استرلينياً حتى مسافة الفي ميل، وتصل الى 188 جنيهاً لمسافات تتخطى 6 آلاف ميل. وتقسم هذه الضرائب العالم الى اربع مجموعات من «أ» الى «د»، وفقاً لبعد المسافة من بريطانيا. وتنخفض هذه الضرائب ضمن المجموعات الاربع الى ما بين13 جنيهاً و92 جنيهاً لكل مسافر في الدرجة السياحية الاقتصادية.
واللافت اكثر، ان هذه الضرائب الحكومية – وهي الاعلى في العالم – تفرض على المسافرين فعلاً، وليس على المقاعد الشاغرة في رحلات الطيران، ومع ذلك ليس هناك مسوغ قانوني لرد هذه الضرائب الى المسافرين الذين تخلفوا عن الرحلات الجوية لسبب أو آخر. وهذا  ما دفع جمعيات المسافرين الى القيام بحملات مناهضة لتلك الضرائب والرسوم» التي تعرقل نمو حركة السفر على حد ما جاء في بيان احدى تلك الجمعيات. ويكتفي بعض تلك الجمعيات بالضغط من اجل اعادة الضرائب الى المسافرين الذين يتخلفون عن السفر لأي سبب.
ولا تقتصر معاناة المسافرين على الضرائب الحكومية التي لا مناص منها، بل انها تشكل ايضاً الضرائب والرسوم التي تمعن الشركات والمطارات في فرضها، اهمها:
- تكلفة الوقود التي ابتكرتها الشركات تعويضاً عن تلقلبات اسعار الوقود في الاسواق الدولية. علماً بأن معظم شركات الطيران تشتري الوقود للطائرات قبل سنتين من الحاجة اليها للاستفادة من الاسعار السائدة في السوق ومع ذلك تفرض الشركات رسوم الوقود مضافة الى اسعار تذاكر الطيران. وكانت تكاليف الوقود تدخل تقليدياً ضمن اسعار تذاكر السفر الجوي، ومثل هذه الممارسات تطاول حتى شركات الطيران الاقتصادية، التي سرعان ما يكتشف المسافر على متنها انه يدفع السعر النهائي لتذكرة سفره ثلاثة اضعاف سعرها المعلن.
– رسوم التأمين الجوي التي انتقلت بعد 11 ايلول (سبتمبر) على اثر توقف الحكومات عن تأمين شركات الطيران ضد مخاطر الارهاب، الى الشركات نفسها التي ما لبثت ان نقلتها بدورها الى المسافرين، وهم يشكلون العنصر الاضعف في لعبة السفر.
– رسوم تأخر الاقلاع او الغاء الرحلات تفرضها بعض الشركات لتعويض خسائرها من ظروف الغاء بعض الرحلات او تأخرها لتغطية مطالب بعض الركاب بالتعويض الناتج عن هذه الظروف.
- رسوم خدمات الركاب التي تفرضها المطارات لقاء «استمتاع» المسافرين بالتسهيلات التي تقدمها هذه المطارات وتختلف هذه الضرائب بين مطار وآخر، وهي تتناول استخدام ممرات الاقلاع، ودورات المياه، وخدمات الطوارىء، وخدمات توقف الطائرات عند البوابات.
< رسوم البث الكربوني التي تضيفها شركات الطيران على اسعار تذاكر السفر، استناداً الى ضغط الاتحاد الاوروبي من اجل خفض الانبعاث الكربوني.
وثمة رسوم اخرى تضيفها الشركات على اسعار التذاكر، تحت العديد من المسميات، منها السفر في ساعات معينة او في ايام الذروة، واستعمال تذاكر ورقية بدلاً من طباعتها من على مواقع الشركة على الانترنت.

دفاع
مواطن كندي سافر الى تركيا على متن طائرة بريطانية دفع للشركة مبلغ 970 دولاراً، بالاضافة الى 450 دولاراً في شكل ضرائب. وقد دفع هذا النموذج محامياً كندياً لرفع قضايا تعويض في العام 2010 ضد شركات الطيران الشبيهة بشركة الطيران البريطانية، وقد شملت الدعاوى شركات كندية وشركات المانية. واكتشف المحامي ان مبلغ 326 دولاراً كان في صيغة رسوم خفية لا علاقة له بالضرائب.
ويعتبر المكتب الاستشاري للسفر الجوي – وهو هيئة بريطانية تدافع عن مصالح المسافرين – ان هذه الممارسات تضر بحركة السفر وصناعة السياحة والنقل، لذلك يدعو المسافرين الى التمحيص في التكاليف المفروضة على تذاكر الطيران، والانضمام الى حملات الغاء الرسوم والضرائب على السفر الجوي. ويحارب هذا المكتب اساليب التحايل التي تعتمدها الشركات لتضخيم كلفة التذكرة كفرض رسوم على حقائب اليد عند الاياب من دون فرضها في رحلة الذهاب، او فرض رسوم على تغيير اسم المسافر على تذكرة السفر رغم ان تنفيذ ذلك لا يستغرق سوى دقائق معدودة.
ويستشهد المحامي الكندي بنموذج آخر يتمثل في منع شركة طيران برازيلية مواطناً بريطانياً من السفر الى البرازيل لوجود خطأ في اسم المسافر على التذكرة ارتكبه موظفوها (يجب التأكد دوماً من كتابة اسم المسافر كما هو على جواز السفر والا يكون لشركة الطيران الحق في الغاء رحلة المسافر، واجباره على دفع ثمن تذكرة جديدة). ولم يفلح المسافر في اثبات هويته بجواز سفره ووثائق اخرى، بل اصرت الشركة على شرائه تذكرة جديدة او الغاء سفره. وبعد عودته، وبالتعاون مع المكتب الاستشاري للسفر الجوي، جرى الاتصال بالشركة والطلب منها تعويض المسافر تكاليف السفر المزدوجة. وبعد شهور عدة من المراسلات دفعت الشركة تعويضاً للمسافر يمثل ثمن تذكرته الملغاة.
ويضيق المجال هنا عن الاحاطة بكل النماذج المماثلة، التي تحولت في الواقع جزءاً لا يتجزأ من الاعباء المفروضة على كاهل المسافر.

حقوق المسافر
وفيما يدافع المكتب الاستشاري للسفر الجوي عن مصالح المسافرين يتبنى التعريف بحقوق المسافر التي تشمل:
– طلب التعويض عن تلف او فقدان الامتعة اثناء الرحلات الجوية في اي مكان في العالم.
– معرفة قواعد وشروط التعويض عن الرحلات الملغاة او المتأخرة عن مواعيدها لفترات طويلة.
– حق التعويض في حالة عدم وجود مقاعد بسبب ازدحام الطائرة، او الغاء الرحلة.
– التأكد من عدم التفرقة ضد المسافرين المعاقين او ذوي الاحتياجات الخاصة.
– امتناع المسافر عن دفع اي تكاليف اضافية نتيجة تحويل مسار الطائرة نحو مقاصد اخرى.
– في حالة عدم وجود مقاعد في الدرجة الاولى او درجة رجال الاعمال وتحويل المسافر الى الدرجة السياحية، فلا بد من تعويضه.
– عدم تحميل المسافر رسوماً على استخدامه بطاقات الائتمان لدفع تكاليف الرحلات.
– ضرورة معرفة المسافر بمكونات تكاليف الرحلة، ومعرفة الجهات التي يتقدم بالشكوى اليها في حالة اي مخالفة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق