سينما

The Conjuring الشياطين تسكن الالعاب وعلب الموسيقى

حتماً البيوت المسكونة بالاشباح والارواح الشريرة والشياطين ليست موضوعاً مبتكراً وجديداً في السينما التي سبق ان قدمتها في عشرات الافلام الكلاسيكية والراعبة والدرامية ومنذ عشرات السنين واشهرها The Exorcist. ولكن ما يميّز فيلم المخرج جايمس وان The Conjuring هو كونه واحداً من اقوى تلك الافلام الكلاسيكية ومن الصعب الا يثير القشعريرة في ابداننا ويجمّد الدماء في عروقنا ونحن نتابعه في صالاتنا اللبنانية حالياً.

الفيلم مقتبس عن قصة حقيقية مأخوذة من ملفات الزوجين اد ولورين وارن اللذين عملا كطاردي ارواح شريرة في اكثر من 4000 قضية خلال الستينيات والسبعينيات. وقد اقتبست السينما بعضاً من ملفاتهما وقدمتها في افلام  اشهرها هو The Amityville عام 1979، واخرها  The Conjuring الذي يعيدنا الى بلدة هاريس فيل عام 1970 حيث سينتقل الزوجان روجر (رون ليفينغستون) وكارولين بيرون (ليلي تايلور) مع بناتهما الخمس للعيش في مزرعة كبيرة اشتروها بمبلغ زهيد. عائلة بيرون كانت تمنّي النفس بحياة هادئة، ولكن حلمها سيتحوّل كابوساً عندما ستبدأ الفتيات الخمس بملاحظة ظواهر ليلية غريبة ومخيفة، وسيمتلىء جسد الام بكدمات مجهولة المصدر. الوضع سيتأزم اكثر في البيت الكبير والمخيف مع غياب الاب الذي يعمل سائق شاحنة، وهذا ما سيدفع كارولين لاستدعاء الوسيطين الروحيين الخبيرين في طرد الشياطين أد (باتريك ويلسون) ولورين وارن (فيرا فارميغا). وهكذا ستبدأ رحلتهما مع واحدة من اصعب ملفاتهما واكثرها غرابة واثارة للذعر.

شريط يثير القشعريرة
منذ اللحظة الاولى، نجح المخرج جايمس وان في وضعنا فوراً ومن دون تمهيد لا فائدة منه، في مناخ مرعب ومخيف وحافل بالتوتر المتصاعد، من خلال غزو لقوى الشر التي عمل عليها الزوجان وارن سابقاً، سيجتاح مقدمة الافتتاح الموفقة جداً للشريط. من خلال لعبة مونتاج تسير على خط مواز بين انشطة طاردي الارواح وانتقال عائلة بيرون الى المزرعة، سنشعر فوراً بأننا نغرق في بحر من الرعب من الصعب النجاة منه. مهمة خلق المناخ المخيف والمثير للقشعريرة تكتمل بفضل عناصر الرعب الكلاسيكية والمعتمدة في افلام الرعب القديمة والملائمة للقصة التي تدور اصلاً في بداية السبعينيات. هذه العناصر تعتمد على الصوت والصورة مثل الابواب التي تغلق فجأة والخيالات الغامضة وساعة الحائط بدقاتها الغريبة وعلبة الموسيقى المثيرة للشكوك والخزانات المفتوحة والعتمة المخيّمة في القبو، والالعاب التي يفترض بها أن تكون رمزاً للطفولة والبراءة، فاذا بها تصبح مرتعاً للشر. بدورها الموسيقى تخلق مناخاً ضاغطاً وموتراً، تماماً مثل الديكورات والاكسسوارات التي تفوح منها رائحة القلق.

نجوم الفيلم
تبرز النساء بشكل خاص في هذا الشريط، وتحديداً من خلال ان دورهن محوري ومحرك للقصة، على عكس الرجال الذين يبدون وكأنهم يتلقون الفعل ولا يستطيعون حياله فعل اي شيء. نساء الفيلم وفتياته يتعرضن للعنف الذي تمارسه عليهن الارواح الشريرة، وقد تألقت بشكل خاص كل من فيرا فارميغا  وليلي تايلور. فيرا فارميغا اعدّت للدور بشكل مكثف ومعمّق فهي زارت لورين وارن الفعلية التي زودتها بكثير من النصائح والمعلومات حول الملفات التي عالجتها مع زوجها أد الذي توفي عام 2008. فيرا فارميغا التي بدت متمكنة ومتقشفة في شخصية لورين المتديّنة ، هي في الواقع ممثلة اميركية من اصل اوكراني تألقت في عدد كبير من الافلام المهمة مثل Breaking and Entering من اخراج انطوني مينغيلا وThe Departed من اخراج مارتن سكورسيزي وUp in the Air الذي رشحت عنه هي وبطله جورج كلوني لجوائز عدة مثل الاوسكار والغولدن غلوب. أما ليلي تايلور التي ستصدمنا بقدرتها على تجسيد المرأة والأم التي سيسكنها الشيطان ويحولها مسخاً، هي  في الواقع ممثلة اميركية اشتهرت بمشاركتها في افلام مستقلة كثيرة. وأولى مشاركاتها في السينما كانت عام 1988 الى جانب جوليا روبرتس في فيلم Mystic Pizza، ثم لعبت الى جانب جوني ديب في Arizona Dream عام 1993 وشاركت عام 1996 في Ransom بدور احد خاطفي ابن ميل غيبسون. كما شاركت ايضاً عام 1999 في فيلم The Haunting من بطولة كاثرين زيتا جونز والذي كان يدور حول البيوت المسكونة. في دور أد وارن يقدم الممثل باتريك ويلسون شخصية باهتة بعض الشيء وهو سبق ان شارك في افلام مثل Insidious من اخراج جايمس وان وPrometheus لريدلي سكوت. وتشارك خمس ممثلات صغيرات في الفيلم حيث يؤدين دور بنات عائلة بيرون، وهن ماكينزي فوي التي سبق ان ادت دور رينيسمي ابنة بيلا وادوارد في الجزء الاخير من سلسلة Twilight، وجوي كينغ التي قدمت دور تاليا في شريط The Dark Knight Rises من اخراج كريستوفر نولن، وهالي ماكفارلند التي قدمت دور ابنة تيم روث في المسلسل التلفزيوني Lie To Me، وشانلي كاسويل التي قدمت دور البطولة في الكوميديا الراعبة Detention من اخراج جوزف خان. وحدها كايلا ديفر التي تؤدي دور الابنة الوسطى للعائلة هي ممثلة مبتدئة ولم تشارك من قبل في اي عمل فني.

لعنة الشريط رافقت التصوير
يبدو أن قصة الفيلم المقتبسة عن وقائع حقيقية، تأثرت فعلاً بذلك المناخ المخيف والخارج عن الطبيعة، إذ حلّت لعنة شياطين «هاريس فيل» على فريق العمل الذي تعرّض لمجموعة ظواهر غريبة ومخيفة وغير قابلة للتفسير بشكل منطقي اثناء التحضير للتصوير. البداية مع كاتبي السيناريو شاد وكاري هايس اللذين كانا يتصلان هاتفياً بلورين وارن اثناء كتابتهما نص الفيلم من اجل استشارتها. وفي كل مرة كانا يتصلان بها، كانت المكالمة تتعرّض لتشويش وذبذبات غريبة وعجيبة قبل أن ينقطع الاتصال. بدورها فيرا فارميغا ارادت ان تقرأ سيناريو الفيلم الذي ارسله اليها المخرج عبر بريدها الالكتروني، ففتحت جهاز الكومبيوتر الخاص بها لتفاجأ بآثار خمسة خدوش تشبه مخالب حيوان متوحش محفورة على الشاشة أمامها. أيضاً أكد مخرج الفيلم جايمس وان أن كلبه كان يعوي بطريقة غريبة ويجن جنونه ويبدأ بمطاردة شيء غير مرئي في الغرفة، كلما كان يستعد لارسال ملاحظات حول الفيلم لاحد من طاقم العمل عبر البريد الالكتروني. ايضاً وايضاً حدث امر غريب في الليلة التي سبقت بدء التصوير، فبينما كان الممثلون والفريق التقني كلهم ينزلون في احد الفنادق، دق جرس الانذار بنشوب حريق فتم اخلاء المكان ليتبيّن لاحقاً أن الانذار خاطىء والجرس قرع من تلقاء نفسه. أما أغرب ما حدث فأمر لا يزال كلما تذكره فريق الفيلم ، يصاب الجميع بقشعريرة. في احد الايام، كان فريق  The Conjuring يستعد لاستقبال عائلة بيرون الحقيقية على بلاتو التصوير، وما إن وصلوا حتى عصف هواء قوي في المكان، والمفارقة أن الاشجار لم تهتز ولم تتحرك اوراقها واغصانها. يومها حضر رب العائلة روجر مع بناته الخمس، بينما تخلفت زوجته كارولين عن الحضور لأنها افتقدت الشجاعة في مواجهة تلك التجربة المأساوية التي عانت منها من جديد. ولكن عدم حضور كارولين لم يحمها من لعنة الشياطين، فقد شعرت فجأة بحضور غريب في بيتها وهو الامر الذي لم تعد تشعر به منذ اكثر من ثلاثين عاماً. وهكذا اصيبت باعياء وانهيار، مما تطلب ادخالها الى المستشفى.

مايا مخايل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق