رئيسيسياسة عربية

لماذا استنفرت القوات الاميركية ليل الخميس ثم ليل السبت؟

هل الضربة العسكرية الغربية على سوريا قائمة رداً على استخدام السلاح الكيميائي في المواجهات الاخيرة في الغوطة في ريف دمشق، وقد اعلن عنها الرئيس الاميركي باراك اوباما تحت عنوان «تحالف الراغبين»؟ وهل هي حتمية ومتى؟ ولماذا اعلن اوباما عن تأخيرها الى حين الحصول على قرار من الكونغرس؟ ولماذا اعطيت الاوامر الى القوات العسكرية في المتوسط ليل الخميس ثم ليل السبت ثم طلبت القيادة من قواتها البقاء على الجهوزية وتخفيف حال الاستنفار بانتظار قرار  الكونغرس؟

تؤكد مصادر ديبلوماسية حصول الضربة وفق توقيت متروك للمسؤولين في «تحالف الراغبين». وتتوقعها بعد قرار الكونغرس منتصف الجاري، وبعد لقاء الرئيس الاميركي اوباما والروسي فلاديمير بوتين على هامش قمة العشرين في سان بطرسبورغ في روسيا.
يروي ديبلوماسي غربي ان ضحايا الغوطة بغاز السارين (السلاح الكيميائي) استثار العالم الذي قرر الرد على سوريا لمنع استخدام هذا السلاح في المواجهات بين قوى النظام وقوى المعارضة والعمل على وقف النار فوراً، والانصراف الى الحوار والتفاوض لحل الازمة، لان اي حل للازمة  لا يمكنه ان يتم الا بالحوار. واوفدت الامم المتحدة فريقاً من المفتشين الى سوريا عاد بتأكيد استخدام الكيميائي، في الوقت الذي انصرفت الحكومات الغربية الى تحديد الجهة التي استخدمت هذا السلاح بعدما ابلغ المندوب الروسي اعضاء مجلس الامن «ان معلومات حكومته تفيد بأن المعارضة هي التي استخدمت هذا السلاح وتحدد المنطقة التي انطلقت منها الصواريخ وهي مناطق واقعة تحت سيطرة المعارضة». وتؤكد اوساط ديبلوماسية غربية ان النظام هو المسؤول عن السلاح الكيميائي، فكيف وصل اذاً الى المعارضة؟

تحديد المسؤولية
وفي تقدير جهات غربية ان تحديد مسؤولية استخدام الكيميائي سيبقى مدار اخذ ورد وسجال بين القوى المناهضة للنظام والقوى المؤيدة له طالما انه لم يتضح بعد بالوقائع من الذي استخدم الكيميائي؟ ويحاول كل طرف من اطراف الصراع اتهام الاخر، ويرى النظام ان الغرب، وخصوصاً واشنطن وتل ابيب، سوق «استخدام النظام للكيميائي» لاستنفار القوى لتسديد ضربة الى سوريا، تماماً كما حصل مع الرئيس صدام حسين عندما اتهمه الغرب بامتلاك سلاح الدمار الشامل. ويقول مسؤول سوري: لقد تبين انه ليس في العراق سلاح دمار شامل، واستخدم الموضوع كذريعة لاسقاط صدام الذي تجرأ واطلق صاروخاً سقط في تل ابيب.
وتعزو اطراف سياسية الحملة على سوريا الى انها هجمة تأتي في سياق استهدافها ومن ورائها ايران وحزب الله. وتقول اوساط غربية «ان الهدف من الحملة على سوريا هو منع قيام الهلال الشيعي من ايران الى العراق الى سوريا وصولاً الى جنوب لبنان عبر حزب الله». وتؤكد ان لا تراجع عن تسديد ضربة ضد سوريا لمحاصرة النظام ودفعه مع المعارضة للذهاب الى «جنيف – 2». فهدف الضربة وفق ديبلوماسي غربي هو اضعاف النظام وتطويقه ومحاصرته، وليس اسقاطه مع عدم اعطاء انتصار للمعارضة لئلا توظفه جهات اصولية لصالحها، بعدما دخلت على خط الازمة وقوبلت مشاركتها بموقف غربي اعتراضي، دفعت المعارضة ثمناً له لعدم منعها دخول هذه الجهات على الخط لان ذلك شوه حقيقة الانتفاضة السورية، وفق جهات غربية.

استبعاد الضربة
تستبعد اوساط سياسية في 8 اذار حصول الضربة وتعزو الامر الى الموقف الروسي المعترض، والى الرد الايراني الحتمي على دول المنطقة واسرائيل، وقد يشارك حزب الله في الرد على اعتبار انه لا يمكن لمحور الممانعة ان يبقى مكتوف الايدي حيال استهدافه. ولا تتوقع اوساط وزارية حصول رد فعل لان الضربة ستكون محدودة لاضعاف النظام وتستهدف تعطيل المطارات ومرابض المدفعية وبعض مواقع الاصوليين في الشمال وستكون محدودة في الزمان والمكان. وتعزو مصادر عربية مطلعة موقف اوباما الذي اربك حلفاءه في الخارج والداخل، الى وجود اعتراض داخل الولايات المتحدة على الضربة وعلى رفض الحرب، لعدم تكرار ما جرى في العراق. واعتراض اميركي اخر على «ضربة تجميلية» والاصرار على وضع خطة عسكرية لانهاء الوضع المأساوي في سوريا. وامام هذين الاعتراضين فضل اوباما الحصول على تغطية الكونغرس لما قد يستجد بعد الضربة، بعدما حذرت واشنطن اسرائيل من الدخول على الخط لعدم ارباك الموقف وقلب الامور رأساً على عقب لصالح النظام. وتكشف اوساط وزارية ان تحذيراً اسرائيلياً نقله ديبلوماسيون غربيون الى حزب الله «بان اسرائيل ستعتمد الارض المحروقة في المناطق التي ستستهدفها اذا اطلق حزب الله صواريخ باتجاهها». وقد وضع الرئيس ميشال سليمان الاطراف في خطورة اي تورط، وطلب تجنب تداعيات ما قد يجري على لبنان الذي لا يمكنه ان يقف بوجه التحالف الدولي، فلبنان مع وقف المواجهات في سوريا ومع الحل السلمي. وتتوقع اوساط في 14 اذار ان يتم اختيار الضربة وفق توقيت مناسب. وتشير الى ان اوباما يخضع الى ضغط من حلفائه لانهاء الوضع وعدم الاكتفاء بـ «ضربة تجميلية» لاضعاف النظام لانها لن تعطي نتائج ولا تحمل الاخير على الرضوخ والذهاب الى «جنيف – 2» بعدما تصرف على انه المنتصر على معارضة مهزومة.
لقد حرك الموقف الغربي الملف السوري وحمل روسيا على استعجال «جنيف – 2» والضغط على النظام وان موقفها الاخير من الضربة لا يصب في صالح النظام حتى ان الموقف الايراني وفق احد الديبلوماسيين لن يذهب الى ابعد من الاحتجاج ورفع الصوت امام تحالف دولي – اقليمي عريض  يسعى الى دفع الامور في سوريا باتجاه الحل. ويؤكد مصدر وزاري ان لبنان وفق وعي مسؤولين وقيادات سياسية لن يتورط في ما قد يجري بل سيبقى بمنأى عن تداعيات الضربة.

فيليب ابي عقل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق