ليبيا: الضباط الاحرار يطلقون ثورة جديدة

المدقق في تفاصيل المشهد الليبي يتوقف عند اكثر من مشكلة، واكثر من تعقيد، تتعلق معظمها بالعامل الامني. وفي مقدمة تلك التعقيدات وجود 14 الف سجين فار منذ ما بعد الثورة مباشرة، اضافة الى مئات الاشخاص الذين يندرجون ضمن اطار «المرتزقة»، والذين ينتمون الى جنسيات متعددة يسرحون ويمرحون على الارض الليبية ويمارسون جميع النشاطات التي يمكن تصنيفها ضمن اطار الارهاب.
يتوقف المتابعون عند نشاطات مشبوهة في ليبيا، تتمثل بمحاولات استقطاب يقوم بها بعض الاطياف، وفي مقدمتها جماعة انصار الشريعة التي تصنف كمجموعة متطرفة، والتي كانت متهمة بالاعتداء على السفارة الاميركية، اضافة الى جملة نشاطات اخرى. فقد رصد بعض الجهات نشاطات لتلك الجماعة تتمثل بتقديم مساعدات لاشخاص ضمن خطة استقطاب واستمالة يعتقد محللون انها مدروسة، وتستهدف تنظيمهم في صفوفها.
«الدولة الليبية» التي تعاني من الهشاشة اصلاً، توجه جزءاً كبيراً من جهدها للتعامل مع هذه الفئات الخارجة على القانون، وتتعامل مع تناقضات سياسية وامنية تستنزف جهدها وتعيق جهودها الرامية الى بناء مؤسسات تسهم في تحقيق قدر من التقدم في شتى المسارات. وتوجه الجزء الآخر للتعاطي مع المستجدات الامنية، التي يؤكد متابعون للشأن الليبي انها بلغت حداً متقدماً من الخطورة، وبما يمكن تصنيفه ضمن اطار الفوضى العارمة، حيث تعرضت مواقع النفط الى هجمات ارهابية، والى اعتداءات من شأنها تعطيل عملية التصدير. وتنفيذ عمليات قرصنة مضمونها بيع كميات من النفط لحسابات غير حساب الدولة، اضافة الى قيام بعض الجهات بتنفيذ عمليات تفجير، واغتيالات، واقتحامات لمؤسسات رسمية.
فقد هددت الحكومة باللجوء الى القوة ضد العناصر الامنية المكلفة حماية المواقع النفطية الذين يمنعون العمل منذ اسابيع في المرافىء المختصة، واتهمتهم بالسعي للاتجار بالنفط لحسابهم. وقال رئيس الوزراء علي زيدان ان مجموعة من حراس المنشآت النفطية في منطقة الوسط قررت جلب سفن بوسائلها الخاصة من اجل تصدير النفط لمصلحتها، محذراً من ان اية سفينة لا ترتبط بعقود مع شركة النفط الوطنية وتقترب من المرافىء النفطية ستتعرض للقصف الجوي او البحري، مضيفاً ان هذا القرار اتخذ بالتنسيق مع المؤتمر الوطني العام وهو اعلى سلطة سياسية وتشريعية في البلاد، وانه في حال استمرار اغلاق هذه المرافىء فسيكون من واجب الدولة استعمال سلطتها وجميع القوى التي بحوزتها بما في ذلك الجيش.
احالة الى القضاء
قررت المحكمة العسكرية الليبية احالة عشرات المرتزقة الى القضاء المدني وغالبيتهم من روسيا واوكرانيا وبيلاروسيا، وكانت صدرت بحقهم احكام مشددة لانهم كانوا مرتزقة لدى معمر القذافي. واعلنت رئاسة أركان الجيش الليبي ان وحدات من الجيش انتشرت في طرابلس وضواحيها في اطار خطة طوارىء لتأمين العاصمة التي تشهد منذ اسابيع اعمال عنف دموية.
الى ذلك، اشارت تقارير امنية الى قيام متظاهرين من الأمازيغ باقتحام مقر المؤتمر الوطني العام وتخريب محتوياته، احتجاجاً على ما قالوا انه تهميش لهم في الدستور الجديد. وقالت التقارير ان مجموعة من الامازيغ كانوا يتظاهرون امام مقر المؤتمر الوطني العام اقتحموا قاعة المداولات. وقام المتظاهرون بتخريب اثاث المقر ورمي بعض الوثائق فيما كان رئيس المؤتمر الوطني وبعض الاعضاء يلتقون مندوبيهم ويتحاورون معهم. وبحسب التقارير هدد المقتحمون باستخدام السلاح ضد بعض النواب.
وكان الامازيغ يتظاهرون للمطالبة بادراج لغتهم وحقوقهم الثقافية والعرقية في الدستور الجديد طبقاً لما صرح به رئيس مجلس الامازيغ في ليبيا نوري الشروي.
وفي بداية تموز (يوليو)، اعلن نواب الامازيغ انسحابهم من المؤتمر الوطني العام احتجاجاً على ما قالوا انه «تهميشهم» قبل ان يقرروا تنسيق تحركهم مع الاقليات الاخرى مثل الطوارق والتبو. وفي 17 تموز (يوليو)، اعلنت الاقليات الثلاث عزمها على مقاطعة انتخابات اللجنة التأسيسية اعتراضاً على كيفية اجراء هذه الانتخابات كما حددها المؤتمر الوطني العام، اعلى سلطة سياسية وتشريعية في ليبيا. وهددت الاقليات باعلان عصيان مدني لممارسة الضغط على المؤتمر الوطني. وفي 25 تموز (يوليو)، نفذ الامازيغ في مدينة نالوت (غرب) هذا التهديد عبر اغلاق انبوب الغاز الذي يغذي مجمع مليتة الغازي والنفطي. من جهة ثانية، أعلنت حركة الضباط الأحرار في ليبيا عن قيام ثورة جديدة لاستعادة البلاد من نظام الحكم الذي تلا إسقاط نظام معمر القذافي. وفصّلت الحركة في بيانها ما يجري من تطورات في ليبيا، وخططها لإصلاح حال البلاد، فأكدت تفعيل عمل 12 منطقة عسكرية، وتحريك 14 كتيبة عسكرية، بالإضافة إلى القوات الجوية وقوات الدفاع الجوي، مؤكدة مواصلتها المواجهات العسكرية، ومعتبرة أن الشروط توافرت لتوحيد المجتمع الليبي ومواجهة المؤامرة على ليبيا. وحدد بيان اللحركة ساعة الصفر، وآلية التحرك من اجل «تحرير البلاد».
محاولة اغتيال
وجاء البيان في وقت اصيب فيه رئيس الأركان الليبي السابق اللواء سالم اقنيدي بجراح، بسبب تعرضه لمحاولة اغتيال، بينما كان عائداً إلى منزله في طرابلس. وأعلنت رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي أن مسلحين اطلقوا النار على اقنيدي في منطقة المعمورة غرب طرابلس، بينما كان راجعاً من مقر عمله إلى بيته، معربة عن استنكارها لمحاولة الاغتيال التي تعرض لها.
في تلك الاثناء، وقع انفجار امام مبنى القنصلية المصرية في مدينة بنغازي مخلفاً اضراراً مادية من دون ان يسفر عن ضحايا.
وقال المتحدث الرسمي لغرفة العمليات الامنية المشتركة لتأمين مدينة بنغازي، العقيد عبدالله الزائدي ان سيارة مرت من امام مبنى القنصلية المصرية في منطقة الفويهات وسط مدينة بنغازي والقى مجهولون يستقلونها عبوة ناسفة على المبنى ولاذوا بالفرار.
واضاف ان العبوة الناسفة انفجرت مخلفة اضراراً مادية بالسور الخارجي للقنصلية وبعض السيارات القريبة من المبنى دون ان يسقط ضحايا.
وتجمع على مدى الايام الماضية اعضاء في جماعة الاخوان المسلمين الليبية امام قنصلية مصر في بنغازي منددين باستخدام الجيش العنف في فض اعتصام رابعة العدوية، الا ان السلطات الامنية لم تؤكد بعد الجهة المشبوهة بتنفيذ الاعتداء.
طرابلس – «الاسبوع العربي»