رئيسيسياسة عربية

«تمرد» تونسية قيد التشكيل ومطالبات بحل الهيئة التأسيسية

كما توقعنا الاسبوع الفائت، كان تأثر الساحة التونسية بما يجري في مصر كبيراً جداً. فبينما تحركت مجموعات اخوانية في تظاهرات شارك فيها الآلاف نصرة لـ «مجموعات رابعة العدوية»، شهدت الساحة تحركات مكثفة من قبل المعارضة ضمن مشروع لتشكيل حركة تشبه حركة «تمرد» المصرية، هدفها اسقاط نظام حكم الاسلاميين، في حين ردت الحكومة بسلسلة اجراءات ابرزها تكثيف التواجد الامني، ووضع الخطط لمواجهة اي تحرك، والتمديد لقانون الطوارىء.

نظم حزب حركة النهضة، الذي يقود الائتلاف الحاكم، في تونس العاصمة، مسيرة شعبية قال انها تهدف الى مساندة «الشرعية في جمهورية مصر العربية». وجاءت هذه المسيرة المؤيّدة للرئيس المصري المعزول محمد مرسي تتويجاً لموقف الحزب الإسلامي الحاكم في تونس الذي أدان بشكل شديد ما اعتبره «انقلاباً سافراً» في مصر، ودعا إلى استعادة ما اعتبره «الشرعية» التي يمثلها – من وجهة نظره – محمد مرسي دون سواه.
جاء ذلك رداً مباشراً على دعوة أكبر الأحزاب المعارضة في تونس إلى حلّ الحكومة، حيث أعلنت حركة نداء تونس، التي تضعها استطلاعات الرأي في المرتبة الأولى أو الثانية خلال الانتخابات المقبلة، أنّ الوقت حان لإعادة النظر في مسار الانتقال الديمقراطي برمّته، داعيةً إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني مكوّنة من كفاءات وطنيّة بعد مشاورات، والإعداد لخريطة طريق واضحة للانتخابات، وتكوين لجنة فنيّة لإصلاح مشروع الدّستور.
وأوضح حزب «نداء تونس» أنّ دعوته هذه سببها عدم إمكانيّة تواصل الوضع الرّاهن، الذي وصفه بانه يتّسم بـ «غياب الشّرعيّة الانتخابية والتّوافقيّة، وتعنّتِ حركة النهضة وحلفائها في عمليّة صياغة الدّستور، واختراق مؤسسات الدّولة بالموالين على حساب الكفاءات ،لاسيما في المؤسسة الأمنيّة، والتّدخّل في القضاء وتوظيفه ضدّ الخصوم، والتّشجيع على العنف إلى حدٍّ يهددّ المكوّنات السياسيّة والمدنيّة وعموم المجتمع، فضلاً عن تسجيل استمرار تردّي الأوضاع الاجتماعية».

حل المجلس التأسيسي
وفي الاتّجاه نفسه، تسربت معلومات عن بدء الجبهة الشعبية، التي تضمّ زهاء 12 حزباً يسارياً وقومياً، مشاورات مع أحزاب سياسية ومنظمات وجمعيات بشأن مسألة حلّ المجلس الوطني التأسيسي وتشكيل هيئة بديلة تتولّى استكمال صياغة الدستور وحكومة إنقاذ وطني تشرف على الانتخابات المقبلة. وتعتبر الجبهة أنّ حلّ المجلس التأسيسي والحكومة المؤقتة لن يترك فراغاً دستورياً في البلاد.
وبحسب مسؤولين في الجبهة، فإنها ستعمل مع شركائها على وضع خريطة طريق وبديل آخر لتصحيح مسار الثورة.
أمّا في الجانب الآخر، فقد اعتبر رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي الدعوات المنادية بإسقاط الحكومة وحلّ المجلس الوطني التأسيسي «كلاماً فارغاً وكلام صبيان». وقال على هامش حضوره المؤتمر الوطني للحزب المتحالف معه في الحكومة «التكتل من أجل العمل والحريات» إنّ ما يحدث فى مصر لا يمكن أن يتكرّر في تونس بمفعول اختلاف الزمان والمكان، مؤكداً أن الاعتقاد في حركة «تمرّد» تونسية وهم وجزء من أحلام اليقظة.
وقلل رئيس المجلس الوطني التأسيسي وأمين عام حزب التكتل من أجل العمل والحريات مصطفى بن جعفر، من شأن حركة تمرّد التونسيّة ومن دعوة حزب نداء تونس والجبهة الشعبية إلى إسقاط المجلس الوطني التأسيسي وتشكيل حكومة إنقاذ وطني.
في تلك الاثناء، عاد «قانون تحصين الثورة» إلى واجهة الأحداث مع اقتراب موعد عرضه على الجلسة العامة للمجلس الوطني التأسيسي. وعاد معسكر «الثوريين الجدد» إلى صم آذان الرأي العام الوطني بتبريراته التي تؤكد المعارضة انها فقدت الألق الذي ميزها طيلة الفترة الماضية، مبررة ذلك بعجز اصحاب القانون وحلفائهم عن تحقيق أهداف الثورة والرفاه للمواطن التونسي الذي أطاح من أجله نظام بن علي.
وفي هذا السياق، نظم معارضون لمشروع «قانون تحصين الثورة» تظاهرة احتجاجية امام مقر المجلس الوطني التأسيسي التونسي الذي يعتبر اعلى سلطة في البلاد، والذي كان وافق على مناقشة مشروع القانون فصلاً فصلاً باغلبية 96 صوتاً ومعارضة 36.
ويهدف مشروع القانون الى منع مسؤولي نظام الرئيس المخلوع في العام 2011 زين العابدين بن علي، من الترشح للانتخابات الرئاسية أو ممارسة أي نشاط سياسي رسمي أو تولي أي منصب في الدولة خلال سبع سنوات من تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ.
ورفع المتجمعون شعارات مثل «لا للاقصاء ولا للعقاب الجماعي» و«نريد دولة مدنية ديموقراطية لا للفكر الرجعي». وندد المحتجون بسياسة حزب النهضة قائلين انه يريد ارساء ديكتاتورية جديدة في البلاد.
وقدم مشروع قانون تحصين الثورة حزب المؤتمر من اجل الجمهورية احد الاحزاب الثلاثة الحاكمة في تونس. ويقول انصار مشروع القانون انه يهدف الى تحصين الثورة من احتمال عودة مسؤولي حزب بن علي الى الحكم. في المقابل ترى احزاب معارضة ان غايته اقصاء خصوم النهضة ومنعهم من حقهم في ممارسة السياسة.

مواجهات
وفي مسار آخر، تتصاعد المواجهات بين القوات التونسية والجماعات السلفية بعد اعلان وزارة الداخلية منع التجمعات الدعوية لهذا التيار والتي تحولت الى منابر للتحريض على الحكومة وقتل رجال الأمن، وبعدما كشف انصار التيار السلفي عن اجندتهم الفعلية ومباركتهم لما اسموه جهاداً في مواجهة «جند الطاغوت». وبالتزامن، اعلنت الوزارة عن  منع الخيمات الدعوية لهذه المجموعات، بدعوى انها تحولت الى منابر للتحريض على سلطة الدولة ودعوات للقتل والتجييش.
وازاء ذلك كله، قررت رئاسة الجمهورية التونسية تمديد حالة الطوارىء لمدة ثلاثة أشهر. وجاء قرار التمديد الذي اتخذه الرئيس التونسي منصف المرزوقي بناء على توصيات من القيادات العسكرية والأمنية التونسية وبعد التشاور مع رئيس الحكومة علي العريض ورئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر. ويذكر بأن حالة الطوارىء في تونس أعلنت منذ الرابع عشر من كانون الثاني (يناير) 2011.
وصيغ بيان رئاسة الجمهورية بلهجة دبلوماسية، حيث اشار إلى تحسن ملحوظ في الوضع الأمني العام التونسي. مع ان الحقيقة تبدو مختلفة بعض الشيء، لجهة التصعيد المتبادل بين الجيش والتيار السلفي من جهة، والحكومة والمعارضة من جهة اخرى. غير ان الامور – بحسب العديد من التحليلات – مرهونة بتوجهات الجيش الذي لم يستبعد محللون ان يتحرك باسلوب الجيش المصري عينه في حال كان هناك تحرك شعبي.

تونس – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق