رئيسيسياسة عربية

«نورس» وربيع «حزب الله»!

حرّكت اسرائيل آلتها الدعائية، من جديد، فسربت منظومتها الاعلامية تقارير عن مناورات تحاكي الحرب الثالثة المتوقعة مع لبنان. وشنّت هذه المنظومة في الوقت عينه حملة على الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، بزعم افول نجمه وان له «ربيعاً خاصاً به»!

اطل نائب وزير الخارجية الاميركي وليام بيرنز من بيروت على «حزب الله»، مديناً بـ «أشد العبارات» مشاركة  الحزب في الأحداث الجارية في سوريا، معتبراً أنه «وضع مستقبل لبنان في خطر جراء هذه الممارسات»، ومشيراً الى ادراك واشنطن في هذه المرحلة أن «الأحداث الجارية في سوريا تشكل عبئاً كبيراً على لبنان ومؤسساته، وقد رأينا الأحداث التي جرت خلال الفترة الأخيرة».
واشار الى انه «على رغم عضويته في الحكومة اللبنانية، قرر «حزب الله» أن يضع مصالحه الخاصة ومصالح مؤيديه الاجانب فوق مصالح الشعب اللبناني. ونحن ندين بأشد اللهجة حزب الله، لإجراءات الدعم الإداري والتشغيلي في سوريا التي تتعارض مباشرة مع إعلان بعبدا، وهي انتهاك مباشر لسيادة لبنان، وتضع مستقبله في خطر». واوضح ان واشنطن تدرك العبء الهائل للصراع السوري على لبنان.
وتزامنت هذه الاطلالة مع عودة المستوى العسكري في اسرائيل الى توجيه رسائل الى «حزب الله»، من خلال تنفيذ مناورات تدريبية.

الحرب الثالثة
وذكرت تقارير ان «خطة الجيش الاسرائيلي، التي تدخل ضمن الاستعدادات للحرب الثالثة مع لبنان، تشمل احتلال بلدات في الجنوب اللبناني منها بلدة بنت جبيل التي تقول اسرائيل ان «حزب الله» حولها الى قواعد عسكرية له ومخازن لترسانته الصاروخية. اما بنك اهداف الجيش في لبنان فيزداد ويحدّث بشكل مستمر، فيما بنت جبيل هدف اولي».
بالتوازي، حوّل الجيش مدينة صفد المطلة على لبنان من الجنوب، ساحة معركة كون تضاريسها شبيهة ببنت جبيل. وينتشر عشرات الجنود بين البيوت، فيما تحوط قوات خاصة بمواقع تمثل مخابىء عناصر حزب الله. ويتوقع الجيش ان تنال المدرعات الصغيرة من طراز «نمير» أكبر حصة في المعارك إلى جانب معدات أخرى متطورة وكاميرات تتيح كشف المخابىء وتفادي الكمائن التي يتوقع أن ينصبها «حزب الله».
وفي تهديد مباشر للحزب، اعتبر رئيس الحكومة، بنيامين نتانياهو أن الحزب هو «التحدي الفوري لاسرائيل، وهو يعتبر إحدى المنظمات الإرهابية الرئيسية في عهدنا». وأضاف: «هذه المنظمة الإرهابية تشارك الآن مع نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد بارتكاب مجازر بحق المواطنين السوريين، و«حزب الله» يقوم بحملات إرهابية بمشاركة إيران في 30 دولة بما في ذلك على أرض أوروبا، كما حدث في بلغاريا وقبرص حيث حاول حزب الله تنفيذ اعتداءات وفشل». واشار الى انه «من المهم أن أوروبا ستعرّف حزب الله كمنظمة إرهابية لأنه إذا لم يكن حزب الله تنظيماً إرهابياً فإنني لا أعلم ما هو التنظيم الارهابي»؟!

نورس
ولفت الانتباه الى ان الجيش الاسرائيلي تعمّد ابراز اقامته وحدة استخبارات معروفة باسم النورس منتشرة على طول الحدود مع لبنان ومهمتها جمع معلومات عن عناصر الحزب وتحركاتهم، في وقت روج الجيش بأن منظومة القبة الحديدية في حيفا ستبقى ثابتة في هذه المنطقة، المهددة بحسب الاسرائيليين باشتعال سريع وخطير.
وكانت صحيفة «جيروزاليم بوست» الاسرائيلية قد كشفت أن «الجيش الاسرائيلي يبذل جهوداً مضنية في مراقبة الحدود الشمالية ويحاول رسم صورة عن طبيعة الوضع ورصد أي تحرك يشير الى اقتراب اندلاع مواجهة والاستعداد الجيد لها».
وأشارت الى أن «الجيش الاسرائيلي يوكل كتيبة استخبارية كبيرة على الحدود الشمالية برصد عن كثب تحركات عناصر «حزب الله» الذين يجوبون القرى الحدودية بالزي المدني ويخبئون الأسلحة الثقيلة والصواريخ داخل المنازل استعداداً للحرب المقبلة مع إسرائيل».
وجاء في التقرير أن كتيبة «النورس»، ثاني أكبر كتيبة في الجيش الإسرائيلي، أنهت تدريباً شاقاً استغرق خمسة أسابيع في الجليل الأعلى يهدف إلى إعداد عناصر الكتيبة للاحتمالات كافة.

خطر الصواريخ
وسبق لتقارير استخبارية ان تحدثت عن ان الجيش الاسرائيلي يعمل على وضع خطط خاصة بكيفية مواجهة صواريخ ارض – جو مضادة للطائرات تملكها جهات مختلفة في المنطقة، مشيرة الى ان الجيش يطور قواعد طيران جديدة وانظمة دفاعية لمواجهة هذا التهديد الآخذ بالتوسع وسيضع كتاباً ابيض يحلل فيه الوضع على كل الجبهات.
واضافت: ان سلاح الجو الاسرائيلي يعمل على صوغ عقيدة تشغيلية جديدة لطائراته الحربية تهدف الى تحسين قدراتها في مواجهة انتشار انظمة متقدمة من صواريخ ارض – جو تنتشر في دول قريبة، موضحة ان قسم العمليات في سلاح الجو هو الذي يعمل على تطوير هذه الخطط التي تشمل تحليلاً للوضع على كل جبهة باتت تواجه اسرائيل الان.
وتشمل هذه الخطط كذلك كيفية التعامل مع انتشار انظمة الصواريخ من طراز «سام» والموجودة في مناطق عمليات مختلفة.
وذكرت التقارير أن سوريا تسلمت من روسيا بطاريات عدة من طراز «اس ايه – 17» في اطار تنفيذ اتفاقية ثنائية وقعت قبل اعوام عدة، موضحة ان هذا النظام الصاروخي يمتاز بقدرته على الوصول الى مدى 30 كيلومتراً ويمكنه اعتراض اهداف متعددة تحلق على ارتفاعات تصل الى نحو 40 الف قدم.
ولفتت الى ان «حزب الله» نجح في تطوير قدرات صواريخ «سام» في الاعوام الاخيرة، فيما يشتبه الجيش الاسرائيلي بأن الحزب يملك عدداً كبيراً من هذه الصواريخ. كما يعتقد الجيش ان «حزب الله» يملك شاحنات متنقلة تحمل صواريخ من انظمة «سام» الروسية التي يصل مداها الى 30 كيلومتراً.
وابرز التقرير خشية اسرائيل من الصواريخ التي تطلق عن الكتف والتي سبق ان جرى تهريبها الى قطاع غزة.

افول
في سياق متصل، نشر موقع بلومبرغ الاميركي، تقريراً بعنوان «زعيم حزب الله يوشك على الأفول»، وضع فيه كاتبه الاسرائيلي رونين بيرغمان، وهو مراسل في الشؤون العسكرية والاستخباراتية في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، مقاربته لما يعتقد انه سيكون عليه وضع «حزب الله» وامينه العام السيد حسن نصرالله في ضوء التطورات السورية.
و«بلومبرغ» يعرف عن نفسه بأنه يربط صناع القرار الاكثر تأثيراً بشبكة دينامية من المعلومات والأفكار، وان قوته تكمن في تقديم البيانات والأخبار والتحليلات بسرعة وبدقة، بمشاركة 15،000 موظف في 192 موقعاً حول العالم.
يقول التقرير ان «الثوار السوريين الذين انخرطوا في قتال القوات الموالية للأسد في بلدة القصير، شاهدوا أعداداً قليلة من عناصر الجيش النظامي السوري، وأن قوات «حزب الله» كانت الأكثر بروزاً في معركة القصير. لكن انتصار قوات الأسد في القصير على رغم أهميته، لن يحمي نظام (الرئيس السوري) بشار (الاسد)، وسيكون له تأثير مصيري على «حزب الله». ويرى أن «البعض يتخيل أن حكم الأسد ربما ينتهي بسرعة، ربما بزخة من سلاح أتوماتيكي، أو بغيرها من أدوات. أما الانهيار السياسي لأمين عام «حزب الله»، فسيتم بشكل تدريجي». ويزعم انه «ما بات واضحاً هو أن الدور التاريخي لـ (السيد) نصرالله قد انتهى. فهو (…) المدعوم إيرانياً، والذي ظل متماسكاً على رأس منظمة شيعية (…) ولوقت طويل، فإن هدفه المتمثل في أن يصبح زعيماً لبنانياً وعربياً بات تحقيقه الآن صعباً. (السيد) نصرالله الذي كان ينظر إليه على أنه عدو إسرائيل الأساسي، ها هو الآن يدفن إنجازاته بيديه».
  ويشير الى ان السيد نصرالله «تبنى عقيدة عسكرية، تقوم على ان يشن حرب إنهاك يحصل خلالها على أسلحة رادعة ويجري عمليات خطف. وهو ورث دورين من سلفه (الامين العام الاسبق للحزب) الشيخ عباس الموسوي أولهما: الأمانة العامة لـ «حزب الله»، وممثل المرشد الإيراني الأعلى في لبنان. والموسوي الذي اغتالته إسرائيل في العام 1992 ركز على الدور الثاني (تمثيل المرشد في لبنان)، وحاول إظهار الاستقلالية، ولعب دوراًً في التعليم والثقافة والصحة والاقتصاد وسعى الى بناء قوة عسكرية. وسار (السيد) نصرالله على نهج الموسوي، من خلال ما تلقاه من دعم إيراني بالمال والسلاح، لكنه طمح الى تبوؤ مكانة قوية في الساحة السياسية اللبنانية، ولذلك أمر قواته بألا تنتقم من «جيش لبنان الجنوبي»، المدعوم من إسرائيل، ويتعامل مع المسيحيين بكرم واحترام. لكن انخراط «حزب الله» في الحرب السورية، جعله يبدو ممثلاً لإيران في لبنان أكثر من كونه سياسياً لبنانياً».

انقاذ
ويعتقد التقرير ان السيد نصرالله «حاول إنقاذ حليفه في دمشق لكنه انزلق في النزاع الدائر في سوريا». ويسأل: «هل يعتقد أن بإمكانه إنقاذ نظام الأسد؟»، ليجيب ان «مصادر استخبارية تقول بأنه غير مقتنع بهذا. وإذا لم يكن الأمر كذلك، فهو يسير حسب الأوامر الإيرانية، وأرسل آلافاً من خيرة مقاتليه لمساعدة النظام العلوي في دمشق».
ويلفت الى انه «بالنسبة الى إسرائيل، لا يضعف القتال الدائر في سوريا الجيش السوري فقط الذي يعد الأقوى في مواجهة إسرائيل، بل أيضاً يحد من القدرة العملياتية لـ «حزب الله»، ويشوه في الوقت نفسه صورة زعيمه». يضيف:«لقد اعتاد (السيد) نصرالله على تبرير وجود ميليشياته إلى جانب الجيش اللبناني بالقول: إن دور هذه الميليشيات محاربة إسرائيل، الآن هو يرسل قواته لمساعدة نظام متعطش للدماء على ارتكاب مجازر. وهو بات مرتبكاً جراء مقتل عناصر من ميليشياته داخل سوريا (…)».
ويخلص التقرير الى انه لدى السيد نصرالله «ربيعاً خاصاً به يسيطر فيه على لبنان ويحول الأخير دولة إسلامية مستنداً في ذلك إلى غالبية شيعية (…)».

طلال عساف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق