صحة

حصّن صحتك… إغسل يديك!

سؤال قد تظنونه سخيفاً: هل تغسلون أيديكم صحاً؟ تمهلوا. لا تعطوا جواباً. لا تتسرعوا. عدوا الى العشرة واقرأوا كل المعلومات عن غسيل اليدين قبل أن تعطوا جواباً! اقرأوا ثم جاوبوا والمكافأة: صابونة وصحتكم!

حدقت في يديها، في الكفِ وبين الأصابع وتحت الأظافر، وعادت ونظرت في الصورة المعلقة في صدر المستشفى. ارتعبت. كل الملوثات معلقة. كل الأوساخ تمرّ من هنا، عبر اليدين، وكثير منها يصمد! الجراثيم تصمد. وهناك 3،5 ملايين حالة وفاة في العالم سنوياً نتيجة الإسهال الذي تتسبب به الجراثيم التي يلتقطها الإنسان بكفيه الاثنتين. الأرقام مرعبة. في الولايات المتحدة يحصون مقابل كل حالة وفاة بسبب حادث سيارة حالتي وفاة بسبب عدوى التقطت عبر اليدين في المستشفى!
ماذا نعمل؟ كيف نواجه؟ نغسل يدينا؟ هل هذا يكفي؟ هل تُزيل المياه الترسبات الجرثومية؟

 

 


في مستشفى ومركز «بلفو» الطبي الجامعي أجروا اختباراً واقعياً. وضعوا آلة تكشف إذا كانت الأيدي ملوثة أم لا، والى جانبها وضعوا اداة غسل اليدين ومياهاً، وطلبوا من الزوار غسل أيديهم ثم الخضوع الى فحص نسبة الجراثيم المترسبة الصامدة عليها. ضحك الناس طبعاً كثيراً ظناً منهم أن أيديهم نظيفة تماماً. هكذا يظنون أو هذا ما يريدون أن يظنوه. يرفض الناس عادة فكرة أن أيديهم قد تتحول أحياناً الى بؤرة جراثيم! لكنهم، وهم يضحكون، بدأت ترد النتائج: هذا تختبىء الجراثيم بين أصابعه، وتلك أشارت الآلة الفاحصة الى وجود جراثيم تحت أظافر يدها اليمنى، وذاك باطن يده ملوث. ثلاثمئة إنسان خاضوا التجربة… وسطعت الحقيقة: أيادينا كلنا خشبة تسرح عليها الجراثيم لاعبة أدواراً مختلفة تنتهي، بمشهدٍ أخير، الى أمراض!

لغسل الأيدي أصول
إذا أخبرنا الكبار حكاية الأيدي والجراثيم قد يقتنعون في وقت ما، قد يتأخرون في ذلك لكنهم لا بد أن يعودوا ويقتنعوا، لكن كيف نُخبر الصغار أن لغسيل الأيدي أصولاً؟
حكّ مستشفى «بلفو» رأسه فخرجت فكرة: نذهب الى المدارس! وهذا ما كان، فقد ذهب فريق متخصص بمكافحة الأمراض الجرثومية تابع للمستشفى، ترافقه الشخصية الكرتونية الجميلة “SpongeBob”، الى عدد من المدارس والتقوا صغاراً، أعمارهم تتراوح بين أربع وخمس سنوات وراحوا يسردون عليهم بالغناء والرقص والضحكات أهمية الحفاظ على نظافة اليدين!
فكرة ذكية! أما الشرح فيصلح للكبار أيضاً… فهل تعرفون أيها الكبار أصول غسل اليدين؟
من جهتي، كنت أظن أن غسل اليدين بالمياه والصابونة يكفي، أو قد يكفي، لكن يبدو أنني، مثل معظمنا، نظن أحياناً ما هو غير صحيح! فغسل الأيدي بحسب الاختصاصي في الأمراض الجرثومية والمعدية في «بلفو» الدكتور متى متى يفترض أن يكون متكرراً لتجنب نشر الجراثيم والأمراض ويشرح: الجراثيم موجودة على مقابض الأبواب وحنفيات المياه ومفاتيح الضوء وأزرار المصاعد وحتى على الهواتف المحمولة! هل تعلمون مثلاً أن 92 في المئة من الهواتف النقالة تحمل جراثيم؟ هل تتذكرون كم من مرة ومرة تدخلون المرحاض وفي يدكم الهاتف الخليوي تتكلمون به أو ترسلون عبره رسائل قصيرة أو حتى تلعبون عليه؟

ناقلو جراثيم المستشفيات
الدكتور متى يعتبر أن أسهل طريقة لحماية أنفسنا من الأمراض الجرثومية هي غسل اليدين، خصوصاً إثر زيارة مريض في المستشفى، وحتى المريض نفسه قد يُصاب بعدوى من نفسِهِ! فالزوار قد ينقلون اليه، عبر التحية، الجراثيم وهو قد ينقلها الى جرحٍ مفتوح. والعكس بالعكس. الممرضون قد ينقلون بدورهم الجراثيم الى المرضى. فقد بينت دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية أن ستين في المئة من الممرضين لا يغسلون أيديهم بعد رؤية كل مريض. انهم يتنقلون من مريض الى آخر ناقلين معهم الجراثيم من حالة الى حالة!
مستحيلٌ أن يكون هناك صفر عدوى في المستشفيات والهدف، بحسب متى، أن تصل المستشفيات الى ما دون الخمسين في المئة! حتى في الولايات المتحدة الأميركية يقولون أن المستشفى الذي يدعي أن لديه صفراً في المئة عدوى من الجراثيم يكون لا يبحث أصلاً عن الجراثيم. ولعلّ الأمر الذي قد يفيد جداً هو أن يكون لكل مريض ممرضة لكن هل هذا ممكن اقتصادياً؟ سؤال تعرفون على الأرجح جوابه!

يوم غسيل اليدين العالمي
نعود الى الحماية الذاتية، الى عملية غسل اليدين، التي جرت دراسة حولها أول مرة في التاريخ عام 1840، وفي العام 2009 تقرر أن يُصبح هناك يوم في شهر أيار (مايو) لغسيل اليدين أسوة بيوم السرطان العالمي وبيوم عيد الأب وعيد الحب وعيد الاستقلال… لزم إذا نحو مئتي سنة ليُقرّ العيد! تُرى هل يلزمنا بعد مئتي سنة حتى يفهم البشر، كل البشر، أكثر عن أهمية غسل اليدين؟

كيف ننظف أيادينا؟
عشر خطوات لازمة يفترض إنجازها في ثلاثين ثانية: افتح الحنفية. بلل اليدين. ضع الكمية الكافية من الصابون السائل. افرك راحة اليدين على بعضهما. افرك راحة اليد على ظهر اليد الأخرى مع تداخل الأصابع. أشبك الأصابع براحة اليد. افرك الإبهام بواسطة راحة اليد في شكل دائري. شطف اليدين جيداً بواسطة المياه الجارية. جفف بواسطة فوطة جافة. واغلق أخيراً الحنفية بواسطة فوطة جافة. انتهت العملية.
غسول اليد الكحولي أيضاً مهم، ويفترض أن يكون حاضراً، موجوداً، في الحقيبة أو حتى في الجيب، على أن يستخدم دائماً إثر لمس أشياء ملوثة، وقبل وبعد لمس شخص مريض، وبعد التصافح باليد. ولاستعمال هذا النوع من الغسول المعقم أيضاً أصول: ضعه في راحة يد واحدة، انقله من راحة اليد الى راحة اليد الاخرى، امسحه بسرعة على جميع مساحة كلتي اليدين، ضعه على الابهام، اكبس اصابع اليد اليمنى في راحة اليد، كرر هذا مع اصابع اليد اليسرى، واستمر في مسح الغسول الكحولي حتى يجف.
المياه العادية، التي تعادل حرارتها حرارة الجسم، تسمح للبكتيريا بأن تتكاثر أسرع بكثير، لذا يُفضل أن تستخدم المياه الدافئة.
الأيدي النظيفة تُنقذ الأرواح! شعارٌ رُفع قد يبدو مبالغاً فيه، لكن من يُصغي الى طبيب، أي طبيب صحة عامة، وهو يتحدث عن عدد الحالات الفيروسية والجرثومية التي تعبر الى عيادته يومياً، وتلك التي تدخل عبر الطوارىء الى المستشفيات لسبب ما مجهول يدرك أن المدخل الى السلامة العامة قد يكون من خلال معابر صغيرة، أو يُخال الينا أنها صغيرة، مثل اليدين.
يداك، أيها الإنسان، نظيفتان فأنت إذاً محصن!.

نوال نصر
 


قبل أن تطووا الصفحة…
– غسل اليدين بواسطة الصابون هو من أرخص الوسائل وأكثرها فعالية لمكافحة الأمراض الجرثومية والبكتيريا.
– غسل اليدين بواسطة الصابون أو المواد الكحولية عند الأطفال يحميهم من الالتهاب الرئوي والإسهال أكثر من أي لقاح. وكلنا نعلم بأن هذين المرضين هما المسببان الرئيسيان للوفيات لدى الأطفال.
– 92 في المئة من الاجهزة الخليوية مغطاة بالبكتيريا و16 في المئة قد تحوي على بكتيريا برازية.
– يمكن ان يعيش بعض الجراثيم مدة 48 ساعة على بعض الأسطح كالفولاذ المقاوم للصدأ أو البلاستيك في الأماكن المخصصة لتحضير الطعام.
– تنظيف اليدين بالشكل الصحيح يخفف من الأمراض المعوية بنسبة 50 في المئة.
– تنظيف اليدين في شكل صحيح ووضع كمامة يخففان من انتشار الانفلونزا بنسبة قد تصل الى 75 في المئة.
– تجفيف اليدين يعتبر من ابرز الخطوات للمحافظة على النظافة، وأثبتت الدراسات الحديثة أن المناديل الورقية صحية أكثر من المجفف الهوائي.
– ابتعد عن تجفيف اليدين بمجفف الهواء النفاث الذي يزيد من البكتيريا على باطن اليد بنسبة 42 في المئة وعلى راحة اليد بنسبة 15 في المئة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق