سياسة لبنانية

ايجابيات من دون اتفاقات على المواضيع الخلافية

شهد الاسبوع الفائت محطات مميزة شكلت اشارات ايجابية وان لم تأت بانفراجات على صعيد  تأليف الحكومة او حسم الخلاف بين رئاستي المجلس والحكومة على تفسير المادة 69 من الدستور لجهة امكان التشريع في ظل حكومة تصريف الاعمال، من دون مرسوم بفتح دورة محددة بالزمان وبمواضيع البحث التي لها الطابع الطارىء. الا ان هذه المحطات، وفق وزير سابق، عكست مناخاً ايجابياً وان لم يتوصل الاطراف الى اتفاق على اي حل للمواضيع الخلافية.

«امنت» زيارة الرئيس الفلسطيني الى لبنان اجتماعاً بين الرئيس ميشال سليمان ورئيسي المجلس نبيه بري ورئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي، في بعبدا على هامش مأدبة العشاء على شرف الضيف، وهو الاجتماع الاول بين الثلاثة منذ فترة طويلة، فأدى الى كسر الجليد بين بري وميقاتي وامن التواصل المباشر بين سليمان وبري، بعد مرحلة من الفتور سادت العلاقات بينهما. كما اجتمع العماد ميشال عون مع الرئيس سليمان في خطوة مفاجئة جاءت في سياق «حركة الانفتاح التي يقودها عون بعد التطورات السياسية الاخيرة، فقادته الى لقاء السفيرة الاميركية وتناول الغداء مع السفير السعودي في الرابية بناء لدعوة منه، واعلانه الاستقلالية لان احداً «لا يمون عليه ولا يقرر عنه». وقال الوزير جبران باسيل في اعقاب زيارة السفير السعودي علي عواض عسيري الى الرابية رداً على غمز بعض السياسيين من 8 اذار من قناة عون: «ان زيارة السفير ايجابية ويجب الا تزعج حلفاءنا وهم عندما ينفتحون على خصومنا، نأخذ الامر بطريقة ايجابية وعليهم ان يفعلوا ذلك لان هذه اللقاءات تقرب المسافات بين اطراف الداخل ومع الرعاة الاقليميين».

«طاقة» في افق مسدود
لقد فتحت هذه المحطات «طاقة» في جدار الافق السياسي المسدود بسبب تشبث كل فريق بموقفه رافضاً التنازل، معتمداً سياسة «عض الاصابع» فمن يصرخ اولاً. والجميع ينتظرون نتائج التطورات في المنطقة وكلمة السر التي لم تصل بعد، ونتائج الحراك الخارجي والتغييرات التي حصلت سواء في قطر ام في مصر ام التطورات في تركيا، وكأن هناك حراكاً باتجاه حلول قد يكون لبنان من ضمن التسوية. وقال مسؤول امني انه يتمنى «ان يصمد الاستقرار في لبنان الى حين نضوج الحلول في المنطقة». ويكشف تقرير امني تسلمته الاجهزة «ان المسؤولين في عواصم القرار الغربية»، يسعون من خلال حركة ديبلوماسييهم في لبنان الى بعث رسائل الى السياسيين والامنيين للملمة الوضع المتفلت كخطوة على طريق تثبيت الاستقرار واعادة الحياة الى طبيعتها، خصوصاً بعد حوادث عبرا والتداعيات التي تركتها، وحال الاحتقان في الشارع السني، على رغم ان ازالة مربع الشيخ احمد الاسير تأتي في سياق التغيير في المنطقة». ويشير التقريرالى «ان النصائح الغربية للمسؤولين للإمساك بالقرار اللبناني ينطلق من خلفية ان لبنان هو ساحة للانطلاق باتجاه المنطقة». ولم يرق الحراك الديبلوماسي، لا سيما للسفيرة الاميركية مورا كونيللي والسفير السعودي علي عواض عسيري لقوى 8 اذار التي قررت الرد محلياً من خلال تمسك الرئاسة الثانية بموقفها من دعوة مجلس النواب الى جلسة تشريعية في 16 الجاري وفق جدول الاعمال الذي اتفقت عليه هيئة مكتب المجلس في اجتماع، وصفه احد الاعضاء بانه «اجتماع بلف» لم ندرك خلفياته الا لاحقاً، بعدما كنا وافقنا على جدول الاعمال، استناداً الى معلومات زُودنا بها لم تكن دقيقة وصحيحة». ويتهم حزب الله سياسة «المستقبل» بانها خنجر في قلب لبنان، ويحمل على الحملة التي تستهدف سلاحه بعد حوادث عبرا واتهامه بالمشاركة في الحوادث ومطالبة الجيش بتحقيق شفاف لكشف الحقيقة. فمن ورط مَنْ في عبرا، الجيش ام الحزب؟ ويصعّد الحزب حملته على قوى 14 اذار لصد هجمات الاخيرة عليه وعلى الجيش بعد عبرا وما تركت من تداعيات. غير ان مواقف عون المستجدة اربكت الثنائي الشيعي، وخصوصاً حزب الله، على رغم تأكيد زعيم التيار ان ورقة التفاهم مع الحزب قائمة وهو مع الحزب استراتيجياً، الا ان مواقفه الانفتاحية ولقاءه الجيد والايجابي مع الرئيس سليمان والحديث عن امكان زيارة السعودية تركت ارتياحاً في الشارع المسيحي، مما حمل اوساط بكركي على الحديث عن لقاء للقادة المسيحيين قريباً واستئناف لجنة بكركي التوصل الى قانون جديد للانتخاب، ولجنة التواصل. وقد تشكل مواقف عون خرقاً للجمود السياسي وربما ساهمت في ايجاد نافذة يمكن الولوج منها الى معالجة موضوع تأليف الحكومة عبر تسوية – مخرج من خلال موقف متقدم لعون لاخراج البلاد من المأزق واعادة تفعيل المؤسسات، لا سيما رئاسة الحكومة، لمواجهة الاستحقاقات. وتحدثت اوساط سياسية عن عروض تم تقديمها لعون ليكون بيضة القبان على الساحة اللبنانية في المرحلة المقبلة ولاعادة التوازن الى اللعبة السياسية واخراجها من هيمنة بعض القوى وتسلطها وكسر الاصطفافات السياسية التي عطلت الدولة، واعادة الدور المسيحي الى اللعبة السياسية بعد انكفاء.

توتير امني
ويخشى بعض المسؤولين ان تستخدم اطراف على الساحة الامن في اللعبة السياسية بالتهديد او التهويل على الرئيس المكلف عبر اللجوء الى التوتير الامني في حال اقدم على تشكيل حكومة تكنوقراط حيادية وفق المعايير التي وضعها، تتولى الاهتمام بشؤون الناس والعمل على انقاذ الوضع واعادة العجلة الاقتصادية، بعدما تبين لاركان الهيئات الاقتصادية «ان استمرار الوضع على ما هو عليه من حال شلل وجمود قد ينعكس على الحالة الاقتصادية والسياسية  ويؤدي الى الفراغ، لا سيما في المؤسسات الامنية والادارية في الدولة، وقد يسهم الامر في انهيار الدولة بحيث يصبح تشكيل مجلس تأسيسي كما طالب به الامين العام لحزب الله حسن نصرالله مطلب الجميع، لاعادة تكوين السلطة. وفي هذا السياق يتخوف قيادي في 14 اذار من ان يكون الوصول الى الفراغ في الدولة من رأس الهرم الى القاعدة هو الهدف المنشود في ظل تمترس كل طرف بموقفه، معتبراً ان الحق الى جانبه وان الاخرين هم على خطأ، كما قال الرئيس بري «فليتفق الاطراف وانا اؤمن لهم المخرج». فهل سيبقى التصعيد سمة المرحلة الى حين حلول التغيير في المنطقة وتعديل موازين القوى في سوريا لاحراز تقدم على صعيد الاتفاق حول المؤتمر الدولي للسلام، ام ان الحاجة والمصلحة الوطنية باتتا تلحان على الجميع لتسهيل تشكيل الحكومة، كونها هي التي تخرج البلاد من المأزق وتعالج الخلاف بين رئاستي المجلس والحكومة، كما يدعو الرئيس سليمان؟.

ف. ا. ع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق