أبرز الأخبارلبنان

لبنان: «قتال» بالصلاحيات على تخوم… الفراغ

لم تكن تنقص «الحروب اللبنانية» في الامن والسياسة والاقتصاد، الا «حرب الصلاحيات» لتكتمل ملامح الانهيار المتعاظم للدولة والمؤسسات والاحلام في بلاد تغفو على مأزق لتصحو على ازمة، تودع معركة هنا لتستقبل مواجهة هناك.

من صيدا «الجريحة» الى طرابلس «المنكوبة» وما بينهما من خطوط تماس مكتومة في بيروت والبقاع بشريط من الدم والدموع والقلق والخراب والضياع والشكوك والموت والاشواك… وكل الكلمات المضرجة بالخوف من الآتي المجهول – المعلوم.
ومن اللا إنتخابات نيابية، الى اللا حكومة جديدة، واللا مجلس دستوري، وصولاً الى الـ «لا» المحتملة للانتخابات الرئاسية… شريط آخر من العلامات السوداء على الانزلاق المتمادي نحو فخ الفراغ الذي قد يستولد حروباً تلو الحروب.
ومن المليون وأكثر من النازحين السوريين، الى تزايد معدلات العوز بين اللبنانيين الذين ينزحون رويداً رويداً الى ما دون خط الفقر، شريط مأسوي آخر يزداد قتامة مع الموسم السياحي الخاوي والاصطياف المقفر والانكماش المطرد في الاقتصاد.
كل هذا وذاك يجري وسط الرقص اللبناني فوق الصفيح السوري الساخن، بعدما صارت كل شاردة وواردة في الداخل المأزوم على صلة بالحرب المفتوحة على الكوابيس في سوريا. فتورط «حزب الله» في الداخل السوري نقل معركة سوريا الى الداخل اللبناني.
فـ «السورنة» كانت حاضرة في مواجهات عبرا كما هي جاثمة على صدر طرابلس، وكذلك الامر شمالاً في وادي خالد وشرقاً في عرسال. فالحريق المتطاير من سوريا قد يؤدي الى إضرام المزيد من النيران في الهشيم اللبناني القابل للاشتعال في كل لحظة.
والأكثر خطراً مع النيران الجوالة غياب «الاطفائية السياسية» مع إنغماس الجميع في حروب «المحاور» وإضمحلال شبكات الامان والسقوط المريع لجسور الحوار، الامر الذي من شأنه الانزلاق وبلا كوابح نحو الهاوية ومآسيها.
فلم تكن اندملت جروح عبرا حتى إنجرف الجميع الى حرب صلاحيات دستورية بين الرئاستين الثانية والثالثة، جرى عبرها الرد على تعطيل عملية قيام حكومة جديدة بتعطيل عمل البرلمان من خلال إفقاده النصاب لعقد جلسة تشريعية.
ثمة خطوط سياسية وربما مذهبية رسمتها المواجهة حول الصلاحيات الدستورية، واعتبرت في جانب منها، ذات صلة بملابسات المعركة في عبرا، مع إتهام «حزب الله» بالمشاركة فيها وتدبيرها والافادة منها عبر وضع الجيش وجهاً لوجه مع صيدا.
هذه الملابسات عكرت صفو شبه الاجماع على التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي، بعيد فقدان نصاب الجلسة التشريعية للبرلمان لأسباب دستورية وربما تتصل ايضاً بتبدل مزاج بعض القوى السياسية نتيجة ما جرى في صيدا.

ولأسباب اخرى تماماً إستمر زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون بمعارضة التمديد للعماد قهوجي، وسط ازمة ثقة عنيفة تسبب بها هذا الملف وسواه مع حليفه «حزب الله»، الذي راقب بـ «إرتياب» الانفتاح المستجد بين عون والمملكة العربية السعودية.

«غضبة صيدا»
ورغم تفكيك ظاهرة إمام مسجد بلال بن رباح، فان صيدا استمرّت في عين المشهد اللبناني على مدى ايام بعد مواجهات 23 و24 حزيران (يونيو) الماضي.
ولعل «جمعة صيدا» التي عمّت عاصمة الجنوب مروراً بطرابلس والبقاع وصولاً الى بيروت، عكست حال التضامن الواسعة في مختلف المناطق ذات الغالبية السنية مع عاصمة الجنوب «الجريحة» وسط «غضبة عارمة» انفجرت بوجه ما اعتُبر «الأمن غير المتوازن» وما وُصف بانه تجاوزات ارتكبها الجيش اللبناني وما أشيع عن مشاركة «حزب الله» في المعركة ضدّ الأسير ومجموعته.
  وعبّر المشهد الشديد الاحتقان الذي رافق صلاة الجمعة الموحّدة في كل من صيدا وطرابلس اضافة الى الاعتصامات في الطريق الجديدة وسعدنايل تحت عنوان «صيدا ليست وحدها» ان لبنان ما زال أبعد ما يكون عن  احتواء مضاعفات ما جرى في صيدا ولا سيما في ضوء استمرار الاعتراضات و«بالصوت العالي» على ما اثير عن ممارسات لـ «حزب الله» خلال المواجهة بين الجيش وانصار الاسير او بعدها، خصوصاً الفيديو الذي أظهر تعرُّض مجموعة عسكرية بالضرب المبرح والرفس لأحد المدنيين، كما لجهة الكلام عن «مخفيين» من أبناء صيدا وعن معتقلين «لا أثر لهم» وعن عدد غير محدد من الضحايا.
وشكّلت عاصمة الجنوب نقطة الجذب الأبرز في جمعة “رفض النيل من كرامة اهل صيدا او استباحتها”، حيث اقيمت صلاة حاشدة في مسجد الزعتري تخللها بعض الاشكالات ثم ملامح احتكاك بين مجموعة من الغاضبين والجيش اللبناني قرب مسجد بلال بن رباح في عبرا.
وجاء الحِراك «غير العادي» للقادة السياسيين للطائفة السنية ليؤشر الى مستوى الاحتقان الذي ساد الشارع في ظل محاولات لاستيعاب الغضب والحدّ من الأضرار. وقد رسم اجتماع السرايا الذي ضم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والرئيس المكلف تمام سلام والرئيس فؤاد السنيورة والنائب بهية الحريري بحضور قائد الجيش العماد جان قهوجي ومدير المخابرات العميد ادمون فاضل والأمين العام لمجلس الدفاع الأعلى اللواء محمّد خير، سقفاً عالياً ازاء المطالب الكفيلة بلجم اندفاعة الشارع حيث جرت الدعوة الى فتح تحقيق شامل وفوري وشفاف ودقيق حول «الانتهاكات التي حصلت، والاعتقالات التي تجري والملاحقات من دون ضابطة عدلية أو استنابات قضائية».
وفي حين وصف السنيورة بعد اللقاء تسلُّم لائحة بأسماء المعتقلين والمتوفين والمفرج عنهم، بانه أمر إيجابي، معتبراً أنه من غير المقبول أن تكون صيدا مسرحاً لاستباحات، ومتحدثاً عن «ممارسات وتجاوزات تلبغناها من الاهالي لم تحصل ابان الاحتلال الاسرائيلي»، لفت اعلان النائبة الحريري أن ما حدث في 23 حزيران (يونيو) كان بالنسبة إليها هو يوم 14 شباط (فبراير) مرة أخرى.
وجاء الموقف السني الإجماعي بعيد تسليم الوفد الصيداوي الموسع برئاسة السنيورة إلى رئيس الجمهورية ميشال سليمان مذكرة شددت «على وقف التوقيفات والمداهمات العشوائية وإحالة ملف حوادث صيدا إلى المجلس العدلي، ومنع كل سلاح في صيدا غير سلاح المؤسسات الأمنية والشرعية، وإلغاء المظاهر المسلحة وإقفال المكاتب الحزبية».
ولم تكد الأنظار ان تشيح عن صيدا حتى برز سؤال: هل تكون عاصمة الشمال طرابلس «التالية» بعد عاصمة الجنوب؟
وتردد دويّ هذا السؤال في طرابلس التي عاشت هاجس إمكان تكرار سيناريو صيدا فيها اي فتح «جبهة» جديدة بين الجيش اللبناني ومجموعات سنية، نتيجة المشهد الذي ارتسم في اعقاب توقيف الجيش اللبناني احد ابنائها المدعو غالي حدارة  الذي كان ظهر في شريط مصوّر إلى جانب الفنان السابق فضل شاكر خلال حديث الاخير عن «فطيستين» اكد الجيش ان شاكر قصد بهما عنصران منه في حين كان حدارة اعلن ان المقصود بهما عنصرين من «حزب الله» قضيا في المعارك بين الشيخ احمد الاسير وسرايا الحزب في صيدا قبل ايام قليلة من اندلاع المواجهات بين الجيش اللبناني ومجموعة الاسير في عبرا.
وسرعان ما بدا ان تداعيات مواجهات عبرا انتقلت الى طرابلس التي شهدت صِدامات وعمليات كرّ وفرّ بين مجموعات مسلحة والجيش اللبناني على خلفية الاحتجاجات التي اندلعت بعد انكشاف خبر توقيف حدارة في احد المنتجعات في كسروان، وتخللتها محاولات قطع طرق وسط المدينة، واطلاق نار في الهواء من مسلحين يستقلون دراجات نارية، جابوا الشوارع الحديثة في طرابلس، ولا سيما في محيط السنترال في الميناء وشوارع المعرض وعزمي والمئتين وفي منطقة الضم والفرز واطلقوا عيارات نارية وقنابل صوتية.


حرب صلاحيات
وعلى وهج شظايا التوترات «الجوالة» برز مناخ «تمتْرس» سياسي لم يسبق للبنان ان عرفه في مرحلة ما بعد حرب الـ 15 عاماً، وزاد من خطورته انه يتكىء على صراع مذهبي «فاقع» لم تعرفه «بلاد الأرز» يوماً، وهو ما يجعلها «فاقدة المناعة» امام «الرياح الساخنة» الداخلية التي ترتبط في شكل رئيسي بـ «العاصفة» السورية.
وجاءت «جولة الملاكمة» على «حلبة» البرلمان الذي كان يفترض ان يشهد في الاول من تموز (يوليو) جلسة تشريعية «طارت» حتى 16 منه حيث من المتوقع ان تلقى المصير نفسه، اي الإرجاء، نظراً لعدم اكتمال النصاب، لتعبّر عن  كل المكنونات السياسية والمذهبية التي تعتمل في بلدٍ «ينخر» الفراغ مؤسساته في ظل عدم القدرة على تشكيل الحكومة الجديدة وملامح الشلل الذي ينذر بان «يُقعد» مجلس النواب الممدَّدة ولايته بفعل العجز عن الاتفاق على قانون جديد للانتخاب، في حين تقف رئاسة الجمهورية على مشارف أزمة كبرى بعد اقل من 11 شهراً هو موعد الانتخابات الرئاسية التي تتقاطع كل المعطيات عند تأكيد ان الفائز فيها سيكون «الفراغ».
نحو ساعتين من كلام «السقف العالي»، تردّد دويه في اروقة البرلمان، حيث انفجر «اشتباك الصلاحيات» والخلاف على الجلسة التشريعية بين بري مدعوماً من حلفائه في 8 آذار ولا سيما «حزب الله» والرئيس ميقاتي مدعوماً من كل الطائفة السنية وقوى 14 آذار حول دستورية عقد جلسة تشريعية في ظل حكومة تصريف اعمال، وسط تمسّك الفريق الاخير بوجوب فتح دورة استثنائية بموجب مرسوم موقّع من رئيسيْ الجمهورية والحكومة ووفق جدول اعمال محصور ومحدد بالقضايا الطارئة والضرورية اي التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي، مقابل اصرار فريق 8 آذار على دستورية عقد الجلسة من دون الحاجة الى مرسوم لان البرلمان في حال انعقاد استثنائي حكمية خلال فترة تصريف الاعمال وحتى تشكيل حكومة جديدة كما ان النصوص والشواهد التاريخية تؤكد قانونية التشريع المفتوح.

مواقف
وفي حين عكس تحديد الرئيس بري 16 و17 و18 الجاري موعداً جديداً للجلسة التشريعية بـ «جدول الاعمال نفسه» تصلباً في موقفه هو الذي كان تولى شخصياً الرد في مؤتمر صحافي على ميقاتي، فان العناوين التي تخاض فيها هذه «المعركة» الجديدة التي تبدو متصلة بشكل وثيق بملف تشكيل الحكومة من خلال محاولة ارساء نوع من التوازن السلبي بين فريقي 8 و 14 آذار على قاعدة: «لا حكومة جديدة يقابله لا برلمان فاعلاً»، كانت تؤشر الى احتدام غير مسبوق في التجاذب الداخلي وهو ما عبّرت عنه المواقف الآتية:
– وضع ميقاتي (ومن خلفه قوى 14 آذار) ما يجري في موضوع الجلسة التشريعية في سياق الدفاع عن صلاحيات رئاسة الحكومة «فانا لا أملك الحق في التفريط بصلاحيات رئاسة الحكومة، فهي ليست ملكي بل ملك المقام، ولا بد لاي رئيس حكومة ان يحترمها».
–  رفع الرئيس بري سقف ضغطه واعتراضه معتبراً انه «استهداف للمؤسسة التشريعية وانقلاب على اتفاق الطائف»، وملمحاً الى انه حتى لو غاب مكوّن اساسي عن الجلسة التشريعية (السني) «فان هذه جلسة تشريعية لمناقشة قوانين عادية، وفي هذه الحالة، فإن الشرط الميثاقي ليس إلزامياً لانعقادها، ولو غاب رئيس الحكومة المستقيلة فان البرلمان يصبح سيد نفسه حُكماً في لحظة انعقاده».
الا ان معاونه الوزير علي حسن خليل ذهب ابعد في ردّه على كلام ميقاتي في البرلمان اذ حذّر من «ان هناك مَن يريد اسقاط دور مجلس النواب وفرض شروطه عليه خلافاً للقواعد الدستورية»، محذراً من «اننا لا نريد ان نفتح نقاشاً حول هذه المسألة لأنه سيفتح نقاشاً ميثاقياً من نوع اخر اذا حاول البعض جعله امراً واقعاً عبر مقاطعة عمل مجلس النواب».
وفي موازاة ذلك، عكس مشهد الاول من تموز (يوليو) في مجلس النواب نوعاً من اصطفافات جديدة بين الكتل البرلمانية ما اتاح عدم تأمين نصاب الجلسة التشريعية، اذ الى جانب غياب قوى 14 آذار والرئيس ميقاتي، ساهم تغيب كتلة العماد ميشال عون في عدم توفير النصاب باعتبار ان كتلة النائب وليد جنبلاط حضرت.

وإذا كانت 14 آذار قاطعت تحت شعار «الدفاع عن صلاحيات رئاستي الجمهورية والحكومة في مواجهة رئاسة البرلمان»، فان عون غاب رفضاً لبند التمديد لقائد الجيش رغم اعلانه ان «الجلسة شرعية ودستورية ولكن اعتراضنا على جدول الاعمال».

عون والسعودية
الا ان إكمال عون تمايُزه من خلال استقباله السفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري على «غداء سياسي» اوحى بان في الامر ما هو أبعد من مجرّد تباين عابر في العلاقة مع حلفاء رئيس تكتل التغيير والاصلاح ولا سيما «حزب الله».
فلقاء الرابية الذي هو عملياً الثاني بين الرجلين خلال فترة وجيزة، شهدت «إنفتاحاً» بين الجانبين أسست له زيارات متبادلة بين عسيري والوزير «فوق العادة» في «التيار الحر»، جبران باسيل، عزّز انطباعات بان عون يسعى الى التموْضع في مكان وسطي يُبعده خطوة عن «حزب الله» من دون ان يقرّبه من 14 آذار، وبما يضمن له حرية حركة تحدّ من الخسائر التي ترتّبت  على تغطيته الحزب استراتيجياً من دون مقابل «دسم» في السلطة.
وكان لافتاً ان التقارب بين عون والرياض جاء في غمرة تحوّل «حزب الله» في نظر المملكة العربية السعودية الى مجرد «جماعة إرهابية تشارك في إحتلال سوريا». ولم يكن مصادفة «البيان الصحافي» للسفير عسيري الذي اذيع وهو في طريقه الى الرابية حين عبّر عن مخاوفه من «المشكلات المتنقلة بين المناطق اللبنانية، من طرابلس الى عكار وعرسال وصيدا، والتي لها إرتباط مباشر بتدخل حزب الله في الاحداث السورية»، معرباً عن إعتقاده «بأن هذه المخاوف تنذر بعواقب سلبية اذا لم يتم تدارك مسبباتها»، لافتاً الى انه «من المصلحة العامة ان يعيد حزب الله النظر في السياسة التي يتبعها تجاه الطائفة السنية والطوائف الاخرى»، ومنبهاً من «ان الممارسات التي يقوم بها حزب الله بحق لبنان واللبنانيين تعرض البلاد لأخطار لن تكون الطائفة الشيعية في منأى عنها».
وعلى طريقة تأكيد المؤكد خرج عسيري بعد لقائه زعيم «التيار الوطني الحر» ليعلن: «إننا تطرقنا مع الجنرال عون الى كل الامور بما فيها تصريحي عن تورط حزب الله في سوريا»، مشيراً الى «اننا اتفقنا على ما يضمن سلامة لبنان وأهله والتعاون بين ابنائه من اجل حفظ أمنه»، لافتاً الى «ان عون مرحب به في المملكة العربية السعودية التي هي البيت الحاضن لجميع اللبنانيين».
واستحضرت دوائر سياسية في مناسبة انفتاح «التيار الحر» على السعودية ما شهدته الاسابيع الاخيرة من محطات فاقمت الازمة المكتومة بين عون و«حزب الله» أبرزها:
- التمديد للبرلمان، الذي عارضه عون بشدة لاعتقاده أن في امكانه تحقيق فوز مرموق في الانتخابات، على النحو الذي يمنحه ورقة عبور الى تطلعه الدائم الى رئاسة الجمهورية. وما اثار استياء زعيم «التيار الوطني الحر» في هذا السياق هو دفع حليفه «حزب الله» في اتجاه التمديد الطويل الامد للبرلمان الحالي بما يجعله «الهيئة الناخبة» لانتخاب رئيس جديد في ايار (مايو) 2014، ما يعني عملياً سقوط آخر حظوظ عون بالوصول الى سدة الرئاسة.
– وقوف «الثنائي الشيعي»، اي «حزب الله» والرئيس بري سداً منيعاً امام الطعن الذي تقدم به عون امام المجلس الدستوري في قانون التمديد، من خلال افقاد «الدستوري» النصاب الضروري لإنعقاده بتغيب العضوين الشيعيين، كما الدرزي.
– وقوف «حزب الله» في طليعة داعمي التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي، مقابل رفض عون الحاسم لهذا الامر لرغبته المضمرة في ايصال صهره العميد شامل روكز، وهو ما يرفضه «حزب الله» رغم إلحاح عون.

تحركات
وفي غمرة هذه الانهماكات الداخلية برز تحركان: الاول لبناني في اتجاه قطر والثاني اميركي نحو لبنان.
فلم يكن عابراً مشهد الرئيس ميشال سليمان والرئيس نجيب ميقاتي ونائبه سمير مقبل في الدوحة حيث قدموا التهنئة لأمير قطر الجديد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
فهذه الزيارة الخاطفة لسليمان وميقاتي التي تطرقت الى العلاقات اللبنانية – القطرية والوضع في سوريا، جاءت في لحظة «حساسة» غير مسبوقة تمر بها الروابط بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي على خلفية انغماس «حزب الله» عسكرياً في الأزمة السورية.
والواقع ان محطة الرئيس اللبناني ورئيس حكومة تصريف الأعمال في قطر شكلت اول اطلالة لهما على الخليج منذ ان رسمت دول مجلس التعاون سقفاً هو الاعلى في اطار «غضبتها» على «حزب الله» ترجمته اولاً باعتباره «منظمة إرهابية» مع امتناعها عن وضعه على لوائح الحركات الإرهابية لـ «ضرورة القيام بالمزيد من الدراسة»، قبل ان تتّخذ قراراً بدأت بتنفيذه وقضى باتخاذ اجراءات «ضد المنتسبين الى حزب الله في اقاماتهم على أراضيها او معاملاتهم المالية والتجارية».
والمفارقة الأبرز تمثّلت في ان زيارة سليمان وميقاتي الى قطر تمت بعد ساعات من إكمال وزراء خارجية دول «التعاون الخليجي» خلال اجتماعهم التشاوري في المنامة ليل السبت «الهجوم» على «حزب الله» واصفين اياه بـ «الميليشيا» ومعلنين ادانة «استمرار تدخل ميليشياته تحت لواء الحرس الثوري» في سوريا، وداعين «الى وضع حد لهذا التدخل الذي سيكون معوقاً للجهود المبذولة لعقد مؤتمر جنيف – 2»، ومطالبين الحكومة اللبنانية بـ «الالتزام بسياسة النأي بالنفس ومنع تدخل أي طرف لبناني فيها».
اما التحرك الاميركي فكان من خلال زيارة نائب وزير الخارجية الاميركي وليم بيرنز الى بيروت حاملاً رسالة شديدة اللهجة دانت «بأقسى العبارات» ما اعتبرته واشنطن تدخّل «حزب الله» العسكري في سوريا، معلنة ان الحزب «قرر وضع مصلحته قبل مصلحة الشعب اللبناني»، ومعتبرة انه بسلوكه هذا «وضع مستقبل لبنان في خطر».
واعلن نائب وزير الخارجية الاميركي في ختام زيارته لبيروت التي استمرت يومين ان «أعمال «حزب الله» في سوريا تشكل خرقاً لسياسة لبنان بالنأي بالنفس عن أزمة سوريا وهي السياسة التي نؤيدها ونؤمن بها»، لافتاً الى «ان تدخل حزب الله في سوريا هو لمصلحة الحزب والرئيس السوري بشار الاسد وايران، الا انه ليس لمصلحة لبنان»، ومذكراً بـ «ان حزب الله إلتزم سياسة النأي بالنفس في إعلان بعبدا، وهو اثّر على الشعب اللبناني ايضاً بتدخله في سوريا».

فؤاد اليوسف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق