الاتحاد الافريقي يتبرأ من «الارهاب الليبي»
تطورات كثيرة، ومثيرة، شهدتها الساحة الليبية على مدى الايام القليلة الفائتة، وتركت بصمة واضحة على ذلك الملف الذي يزداد تعقيداً في كل ساعة. التطورات في مجملها تتعلق بالموضوع الامني بكل تفاصيله، وتدخل في تفاصيل الملف العسكري، وتفضي الى عمليات اقصاء لبعض القيادات العسكرية من جهة، وتنح تلقائي لقادة ميدانيين من جهة اخرى. وبين هذه وتلك، شهادات غير مريحة من قبل بعض الهيئات الاقليمية والدولية، حيث بدأت تلك الجهات تصف الساحة الليبية بانها مصدر للارهاب، وتعلن براءتها من كل تلك المجريات التي تشهد حالة من التصاعد المؤدي الى الفوضى.
ميدانياً، وضمن حالة الفوضى التي تعيشها البلاد، أعلن جهاز حرس المنشآت النفطية عن تعرض مقره في طرابلس لهجوم من قبل مجموعة مسلحة تتولى حراسة حقل كبير للنفط مما أدى إلى مقتل شخص واصابة خمسة اخرين.
وقال الجهاز في بيان: إن المجموعة المسلحة من مدينة الزنتان الغربية واعضاؤها هم ضمن المكلفين بحراسة حقل الشرارة النفطي الذي ينتج حوالي 350 الف برميل من النفط يومياً. وبحسب مصادر الجهاز، انتاب السخط هؤلاء الاشخاص بعد تكليف مجموعة اخرى الاشراف على عملية التنقيب في المنطقة. وقال بيان للجهاز إن خمسة أشخاص اصيبوا في القتال بينهم ثلاثة من المارة واثنان من اعضاء قوة الجهاز، وان أحد المارة لقي حتفه جراء القتال الذي توقف بعد وصول تعزيزات من قوة امنية لطرد المهاجمين من المقر الواقع في الضواحي الجنوبية للعاصمة. وقبل ذلك، انفجرت ثلاث سيارات مفخخة في مدينة سبها بالجنوب الليبي ما ادى الى مقتل شخص على الاقل. وقال ايوب الزروق، عضو المجلس المحلي للمدينة، ان ثلاث سيارات انفجرت في ثلاثة اماكن مختلفة بفارق نصف ساعة، متحدثاً عن سقوط قتيل على الاقل. ومن جهتها تحدثت وكالة الانباء الليبية عن سقوط قتيلين و17 جريحاً.
واوضح مسؤول امني ان السيارة الاولى انفجرت بالقرب من مركز للشرطة والثانية في حي تجاري والثالثة امام فندق. واكد ان السيارات الثلاث كانت مفخخة.
حوادث امنية
وفي حادثة اخرى، قتل ستة جنود ليبيين في هجوم على نقطة تفتيش تابعة للجيش في بلدة خشوم الخيل على بعد نحو 120 كلم جنوب سرت. وبحسب مصدر عسكري، ادى الهجوم الى حرق آليتين، والى اغلاق القطاع كاملاً، دون ان يتم العثور على المهاجمين.
وكانت سرت معقل نظام معمر القذافي آخر مدينة سقطت بايدي الثوار في آذار (مارس) 2011. ونسبياً، لم تطلها موجة العنف التي تهز البلاد منذ سقوط النظام السابق في العام 2011. وفي السياق ذاته، ذكرت وكالة الانباء الليبية ان ما لا يقل عن 31 شخصاً قتلوا واصيب اكثر من 100 بجروح في بنغازي، في مواجهات بين كتيبة ثوار سابقين ومتظاهرين.
واندلعت الصدامات التي استخدمت فيها جميع انواع الاسلحة عندما حاول عشرات المتظاهرين بينهم مسلحون طرد عناصر «درع ليبيا» من مقرهم في بنغازي.
وتضم كتيبة «درع ليبيا» ثواراً سابقين قاتلوا نظام معمر القذافي في العام 2011، وتتبع رسمياً لوزارة الدفاع. وتلجأ السلطات الليبية التي تجد صعوبة في تشكيل جيش وشرطة محترفين، باستمرار الى هؤلاء الثوار السابقين لتأمين حدودها او الفصل في نزاعات قبلية.
الى ذلك، كشف أعضاء في المؤتمر الوطني العام أن رئيس أركان الجيش الليبي يوسف المنقوش قدم استقالته الى المؤتمر غداة اعمال عنف في بنغازي أوقعت 31 قتيلاً.
وبحسب تلك المعلومة، فإن رئيس اركان الجيش قدم استقالته وقبلها المؤتمر الذي يعتبر أعلى سلطة في البلاد.
وتعرض المنقوش للمزيد من الانتقادات بسبب عجزه عن اعادة تنظيم الجيش. كما قرر المؤتمر الوطني العام اعطاء الحكومة اسبوعين لوضع خطة تهدف الى حل المجموعات المسلحة وادماج عناصرها بشكل فردي بالقوات النظامية.
وكان المؤتمر الوطني العام الليبي سبق ان قرر استبدال المنقوش وباشر وضع المعايير التي على اساسها سيتم اختيار خلف له. ويتهم المنقوش بانه غالباً ما يدافع عن شرعية المجموعات المسلحة التي تتألف من متمردين سابقين قاتلوا نظام القذافي عام 2011.
الموجة الجديدة من اعمال العنف الدامية بين ميليشيات مسلحة في ليبيا عجلت باعفاء وزير الدفاع محمد البرغثي من منصبه، في حين تحاول الحكومة التي تجاوزتها الاحداث استعادة نفوذها على ارض ملغمة. واعلن زيدان اعفاء وزير الدفاع محمد البرغثي من منصبه على ان يتم تعيين وزير جديد للدفاع في هذا المنصب، بناء على طلب المؤتمر الوطني العام.
وقال زيدان في خطاب ان اعضاء المؤتمر الوطني العام طلبوا من وزير الدفاع تقديم استقالته او التنحي. واضاف زيدان ان الوزير قدم استقالته في مطلع ايار (مايو) «لكننا طلبنا منه البقاء في منصبه» نظراً الى الاوضاع الجارية. واضاف: «سنقوم باعفاء وزير الدفاع من مهامه وسنعين وزيراً جديداً». وقدم البرغثي في 7 ايار (مايو) استقالته غداة تبني المؤتمر الوطني قانوناً ينص على منع رجالات النظام السابق من ممارسة العمل السياسي. وكان البرغثي قائد قوات سلاح الجو في عهد القذافي. في نطاق اوسع، اعلن مسؤول في الاتحاد الافريقي على هامش اجتماع حول منطقة الساحل في وهران (غرب الجزائر) ان ليبيا اصبحت مركزاً كبيراً لعبور الارهاب مؤكدا ان ذلك خطير جداً.
مركز عبور الارهاب
وكشف فرانسيسكو كايتانو خوزيه ماديرا مدير مركز الاتحاد الافريقي لمكافحة الارهاب، للصحافيين ان لديه العديد من التقارير التي تفيد بأن ليبيا اصبحت مركزاً كبيراً لعبور اكبر المجموعات الارهابية من بلد الى اخر. واضاف: لدينا معلومات تفيد بأن بعض الارهابيين الذين ينشطون في مالي يعتبرون ليبيا ملجأ ومكاناً لاعادة التنظيم. مؤكداً خطورة الموقف. وكان الوضع في ليبيا موضع مداخلات كثيرة في اليوم الثاني من هذا الاجتماع الذي يشارك فيه خبراء افارقة وغربيون ونظم في اطار المنتدى العالمي لمكافحة الارهاب.
وركز المتحدثون على ان قضية ليبيا تشغل بال الجميع، وانها احد المفاتيح من اجل التوصل الى ارساء الاستقرار في بلدان الساحل. واقترح الاتحاد الاوروبي مشروع تعاون من اجل اغلاق حدود ليبيا لكن مصادر غربية افادت ان انعدام النظام في ذلك البلد منذ اطاحة نظام القذافي نهاية 2011، بلغ حداً يجعل ذلك في غاية الصعوبة.
في موضوع مواز، انتخب المؤتمر الوطني العام الليبي نوري بوسهمين رئيساً انتقالياً جديداً خلفاً لمحمد المقريف الذي استقال بعد المصادقة على قانون يقصي المسؤولين السابقين في نظام معمر القذافي. وفاز نوري بوسهمين، وهو أول امازيغي يتولى منصباً سياسياً عالياً في ليبيا في الجولة الثانية بـ 96 صوتاً من اصل 184 على الشريف الوافي وهو ايضاً نائب مستقل من شرق البلاد حصل على ثمانين صوتاً.
طرابلس - «الاسبوع العربي»