الاقتصادمفكرة الأسبوع

اقصر اجتماع لاوبك خرج بأسهل قرار

كلما كانت اسواق النفط العالمية هادئة ومتوازنة، سهل على منظمة البلدان المصدرة للنفط اتخاذ القرارات بسهولة وسلاسة وسرعة. هذه كانت حال الاجتماع الاخير لاوبك. فهل تبقى الحال على هذا المنوال حتى موعد الاجتماع الجديد المقرر في 4 كانون الاول (ديسمبر) المقبل؟ وما هي الافاق المستقبلية للذهب الاسود؟

لم يدم الاجتماع الوزاري الاخير لاوبك في فيينا طويلاً، كما لم تتخلله اي مساجلات حادة، ولو ان الاتفاق على اختيار الامين العام الجديد رُحّل الى اجتماع كانون الاول (ديسمبر) المقبل في ضوء استمرار جو التنافس الحاد بين المرشحين من السعودية والعراق وايران.
ومع ترحيل الموضوع الخلافي الى الاجتماع الوزاري المقبل خرج اجتماع فيينا بقرار مؤداه ابقاء المنظمة على مستوى انتاجها المستهدف دون تغيير كون سوق النفط تنعم بالتوازن والاسعار مستقرة حول المستوى الملائم البالغ 100 دولار للبرميل.
واذا كان وزير النفط والثروة المعدنية السعودي، علي النعيمي قد اعلن عشية انعقاد اجتماع فيينا «ان سوق النفط في وضع جيد»، فان ذلك كان يوحي بان الانتاج الرسمي لاوبك سيبقى على حاله عند 30 مليون برميل يومياً، كما يوحي بالتوافق داخل المنظمة بما للسعودية من دور قيادي في اوبك، وهذا ما فسره النعيمي بعد ختام الاجتماع بـ «القرار السهل والسلس» الذي اتخذته المنظمة.

معادلة جديدة
وكان الوزير السعودي واضحاً وصريحاً قبل الاجتماع وبعده في تأكيد عدم وجود اي حاجة لضخ المزيد من النفط بسبب ازدهار انتاج النفط الاميركي، الذي اثار منافسة على حصص السوق في آسيا، واشعل حتى منافسة بين السعودية والعراق اكبر منتجين داخل المنظمة. وقبل عام، كانت اوبك تتجاهل الانتاج الاميركي من النفط الصخري، لكن هذا النوع من النفط الاميركي فرض نفسه رقماً مهماً في المعادلة النفطية، ومع ذلك، يرى منتجو الخليج بقيادة السعودية ان «اوبك» ستظل قادرة على ضخ 30 مليون برميل يومياً على الاقل شرط ان ينمو النفط الصخري بشكل معتدل.
وقال النعيمي: «ليست هذه هي المرة الاولى التي تظهر فيها مصادر جديدة للنفط. لا تنسوا التاريخ، كان هناك نفط من بحر الشمال ومن البرازيل، فلماذا كل هذا الكلام عن النفط الصخري؟
ولا شك في ان وصول سعر النفط الى 100 دولار وما فوق للبرميل شجع على انتاج كميات كبيرة من النفط الصخري في «نورث داكوتا» و«تكساس» لينافس خامات «اوبك» الشبيهة، مثل الخلطات الخفيفة المنتجة في نيجيريا والجزائر، وليس الخامات الاثقل مثل الخامات السعودية.
وبالفعل، كانت نيجيريا والجزائر الاكثر تأثراً بازدهار النفط الاميركي، اذ خسرتا ارضاً في سوقهما الاكثر ازدهاراً، وغيرتا اتجاه بعض الصادرات الى آسيا.
واذا كان العراق يضع نفسه في موضع المنافس للسعودية من خلال زيادة صادراته لاقتناص حصة اكبر من السوق الآسيوية، فان انتاج العراق وصادراته لا تزيد بالسرعة المأمولة بسبب ضعف البنية الاساسية، وصعوبات لوجستية.
ويتوقع وزير النفط العراقي عبد الكريم لعيبي ان تضخ حقول بلاده 3،5 ملايين برميل يومياً بحلول نهاية العام بزيادة 400 الف برميل يومياً عن المعدلات الراهنة.
وفي الاجتماع السابق لاوبك في كانون الاول (ديسمبر) توقع لعيبي انتاجاً بمعدل  3،5 ملايين برميل يومياً هذا العام. وخفف النمو المعتدل مخاوف منتجي الخليج الرئيسيين من ان يسيطر العراق على حصصهم في السوق الاسيوية.

3 سيناريوهات
ولم يختلف موقف سائر وزراء نفط الخليج عن موقف الوزير السعودي، اذ سبق لوزير الطاقة في دولة الامارات العربية المتحدة سهيل المزروعي ان اكد ان السعر الحالي للنفط «مناسب ومتوازن»، بحيث لن يؤثر سلباً على انتعاش الاقتصاد العالمي، فضلاً عن انه «يشجع على زيادة طاقات الانتاج».
اما بالنسبة الى الاسعار المستقبلية فقد رسمت «ادارة الطاقة الاميركية» 3 سيناريوهات لتطور اسعار النفط في السنوات الخمس والعشرين المقبلة، آخذة في الحسبان ثلاثة عوامل رئيسية تؤثر في الاسعار صعوداً او هبوطاً، وهي:
1- تطور نمو اقتصادات منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية التي تضم 28 دولة من الاقتصادات الكبرى، اضافة الى الدول الناشئة وعلى رأسها الصين ودول «البريكس».
2- تطور طاقات انتاج النفط في دول اوبك، وتطور معدلات الانتاج من الدول النفطية خارج اوبك.
3- افتراض عدم حدوث هزات جيو-سياسية في مناطق الانتاج الرئيسية للنفط.
والسيناريوهات الثلاثة هي: سيناريو السعر المرجعي اي المتوسط، وسيناريو السعر الاعلى، وسيناريو السعر الادنى. ففي السيناريو الاول توقعت ادارة معلومات الطاقة ان ينمو الانتاج في دول اوبك من مستوياته البالغة 35 مليون برميل يومياً بنهاية 2011 الى 48 مليون برميل يومياً في العام 2040. واعتبرت الدراسة ان الموارد النفطية لدول اوبك تؤهلها للانتاج اكثر من ذلك، لكنها ستلجأ الى خفض الانتاج لدعم الاسعار والمحافظة على احتياطاتها النفطية. وافترض هذا السيناريو عدم حصول هزات سياسية في دول اوبك تؤدي الى تغييرات كبرى في المعروض النفطي، وتدفقاته على الاسواق العالمية. وتوقعت الدراسة ان ينخفض سعر برميل الخام برنت من مستوياته الحالية الى 96 دولاراً في العام 2015، ثم يعود الى الارتفاع في السنوات التالية ليصل الى 163 دولاراً للبرميل في العام 2040. وسينجم هذا الارتفاع عن زيادة الطلب العالمي على النفط، والضغوط المتوقعة على المعروض.
والسيناريو الثاني يشير الى حدوث نمواقتصادي سريع في اقتصادات منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية يفوق التوقعات الحالية، وبالتالي يقود هذا النمو الى زيادة كبيرة في استهلاك العالم من النفط. ورسم السيناريو كذلك حدوث تباطؤ اقل من المتوقع في نمو اقتصادات الدول الناشئة، وعلى رأسها اقتصادات الصين والهند والبرازيل والدول الآسيوية وباقي الدول الناشئة.
وبحسب الدراسة نفسها، فان الاسعار المرتفعة للنفط ستجد استجابة قوية من الدول المنتجة للنفط خارج اوبك، متوقعة ان يزيد انتاج هذه الدول بنحو 8 ملايين برميل عن مستوياته الحالية. وتوقع هذا السيناريو ان يرتفع سعر برميل خام برنت الى 165 دولاراً في 2015. ويواصل ارتفاعه حتى يبلغ 237دولاراً للبرميل بحلول العام 2040.
وفي السيناريو الثالث تتوقع ادارة الطاقة ان ينخفض سعر خام برنت الى اقل من 80 دولاراً للبرميل في العام 2015، ثم ينخفض الى 75 دولاراً في العام 2017، ليبدأ بعدها الارتفاع التدريجي ليصل الى 175 دولاراً للبرميل في العام 2040. وتوقع هذه السيناريو ان تضعف قدرة اوبك على دعم الاسعار من خلال خفض الانتاج، كما كانت تفعل في السابق وفي الوقت الراهن، مشيراًالى ان هذا الضعف يحدث بسبب زيادة الانتاج من الدول المنتجة غير الاعضاء في المنظمة النفطية.

 

احتياطات الوقود الصخري متعاظمة
تمثل احتياطات النفط والغاز الصخريين 10٪ من اجمالي كميات النفط القابلة للاستغلال تقنياً في العالم، و32٪ من الغاز، وتتركز في حفنة من الدول لكن عائداتها المحتملة غير مؤكدة بحسب دراسة للوكالة الاميركية لمعلومات الطاقة. وتشير الدراسة نفسها الى ان اكثر من نصف الموارد المحددة من النفط الصخري خارج الولايات المتحدة تتركز في اربعة بلدان هي: روسيا، الصين، الارجنتين وليبيا. وتأتي الولايات المتحدة في المرتبة الثانية في هذا المجال بعد روسيا. اما بالنسبة الى اكثر من نصف احتياطات الغاز الصخري الموجودة خارج الولايات المتحدة فتتركز في خمسة بلدان هي: الصين، الارجنتين، الجزائر، كندا والمكسيك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق