رئيسيسياسة عربية

الانتخابات في ايلول او تشرين وفق قانون الستي

يكشف وزير في حكومة نجيب ميقاتي عن ضغوط دبلوماسية دولية تواكب الاتصالات الجارية بين الاطراف السياسية للوصول الى صيغة لقانون انتخاب يرضي الجميع، ويشكل المنطلق لتجرى الانتخابات على اساسه، على رغم اصرار اطراف سياسية في قوى 8 اذار على ضرورة التمديد للمجلس، افساحاً في المجال امام توليد قانون الانتخاب في فسحة مريحة، بعيداً عن ضغط المهل والاستحقاق والظرف السياسي.

في الوقت الذي يصر البعض على ان يكون التمديد تقنياً لخمسة اشهر كحد اقصى فتجرى الانتخابات في تشرين الاول (اكتوبر) المقبل، وفي حال تجاوز التمديد هذه الفترة سيتحول عندها تمديداً لولاية المجلس، اقله نصف ولاية (سنتان)، و يتم قطع الطريق على الاتفاق على اي قانون جديد وعلى اجراء الانتخابات. وحول هذه المحاور تدور المناقشات والاتصالات بين الاطراف السياسية. وينتظر الرئيس المكلف تمام سلام ما قد يتم الاتفاق عليه بين القوى السياسية ليحسم خياره بعدما نقل عنه زواره قوله انه «لا ينوي القيام بأية خطوة يكون من شأنها تعقيد الامور وتصعيد المواقف وتأزيمها».
وتقول مصادر مطلعة ان زيارات المسؤولين الاجانب الى بيروت خلال الاسابيع الماضية رسمت اكثر من علامة استفهام، سواء لاهدافها او توقيتها او تزامن الواحدة منها مع الاخرى. وتراكمت اجندات المسؤولين بطلبات تحديد مواعيد الاجتماعات للزوار على رغم ضغط الملفات الداخلية. وصبت نتائج الزيارات في منحى واحد وهو دعوة اللبنانيين الى «احترام مواعيد الاستحقاقات الدستورية، واجراء الانتخابات في موعدها، وتشكيل الحكومة لصيانة لبنان من تداعيات الازمة السورية، وضرورة التزام الاطراف اللبنانيين، لا سيما حزب الله، سياسة النأي بالنفس التي اعتمدتها حكومة نجيب ميقاتي، والتقيد باعلان بعبدا الذي وقعه اعضاء هيئة الحوار، ومن ضمنهم ممثل حزب الله النائب محمد رعد، ويقوم هذا الاعلان على تحييد لبنان عن الصراعات الاقليمية والدولية». وابدى الزوار مخاوفهم على وحدة لبنان وسيادته من تورطه في المعارك في سوريا وجلب الحريق السوري الى الساحة اللبنانية.

الرسالة الفرنسية
ماذا حمل معه الموفد الفرنسي الى لبنان وما هي الرسالة التي اراد ايصالها الى اللبنانيين؟
شكلت زيارة مدير دائرة الشرق الاوسط وافريقيا الشمالية في وزارة الخارجية الفرنسية جان فرانسوا جيرو الى لبنان محطة مهمة في ظل التطورات في المنطقة، وعلى عتبة الاستحقاقات على الساحة المحلية. واعتبرت زيارة موفد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس تكملة للزيارة الخاطفة التي قام بها الرئيس فرانسوا هولاند الى لبنان، وهو في طريقه الى السعودية حيث حرص على الاجتماع فقط مع الرئيس ميشال سليمان لابلاغه الموقف الرسمي الفرنسي، «ان باريس تؤيد الخطوات التي يقوم بها، وتدعم السياسة التي يعتمدها، وانه الوحيد القادر على جمع الاطراف والسعي الى ضبط الاوضاع في هذا الظرف. وان فرنسا تدعمه وتؤيد خطواته وهي على استعداد لتقديم كل دعم ومساعدة». وكرر جيرو امام الذين اجتمع معهم الموقف الفرنسي، مؤكداً اهتمام بلاده بالوضع اللبناني وبضرورة صيانة استقلال لبنان وسيادته ومنعه من الانجرار في المواجهات، بحيث لا ينتقل الحريق السوري الى الساحة اللبنانية، مشدداً على ضرورة التزام جميع الاطراف سياسة النأي بالنفس، والتقيد باتفاق بعبدا القائم على حياد لبنان. وسأل جيرو الشخصيات التي اجتمع بها عن الاسباب الكامنة وراء عدم اجراء الانتخابات، علماً بأن القيادات السياسية على اختلاف مواقعها اكدت على ضرورة اجراء الانتخابات، كما سأل بعض القيادات عن موقفها من سياسة النأي بالنفس، وكان سبق لها واعلنت التزامها بها، مطالباً ان يكون هذا الالتزام في الحد الادنى، بحيث يمكن انقاذ لبنان ومنعه من الانجرار في المواجهات، ويتمكن الغرب من ان «يسحب» لبنان من التهور في المستنقع السوري.
 وكشف وزير سابق، وهو صديق قديم لجيرو، عن جوانب مهمة من نتائج محادثاته مع حزب الله، معتبراً انها كانت المحطة المهمة في الزيارة. وان ما جرى خلالها من محادثات يكشف عن طبيعة مهمة جيرو. وتكشف مصادر مواكبة عن جوانب مهمة من الاجتماع الذي ضمه مع مسؤول العلاقات الخارجية في حزب الله النائب السابق عمار الموسوي الذي اكد رداً على استفسارات الموفد الفرنسي عن الوضع في الداخل وعن السلم الاهلي وعن الاستقرار وعن استمرار الهدوء في لبنان «ان الحزب يريد الهدوء في الداخل، ويسعى الى المحافظة على الاستقرار، ولن يدع الوضع في الداخل ينفلت من عقاله، ولن ينجر الى الفتنة، بل يعمل على وأدها في المهد، ويحرّم المواجهات في الداخل، وان تعليمات «السيد» الى عناصر الحزب بضرورة ضبط النفس وعدم الاستدراج الى مواجهات في الداخل في هذا الظرف». واكد الموسوي «ان الحزب هو ضد الفراغ، كما قال الامين العام للحزب، وانه مع اجراء الانتخابات وفق قانون يرضي الجميع، لاننا نحرص على المحافظة على حلفائنا لا سيما العماد ميشال عون، في ما يعود الى الاتفاق على قانون الانتخاب».

لقاء الموسوي – جيرو
وشرح الموسوي بشكل مسهب موقف الحزب من الملفات الداخلية وقانون الانتخاب والحكومة واجراء الانتخابات. وكرر المواقف التي اعلنها نصرالله في اطلالته الاخيرة حول هذه المواضيع. وشدد الموفد الفرنسي على ان بلاده لا تتدخل في الشأن الداخلي لجهة القانون او شكل الحكومة، الا ان بلاده تشدد على المطالبة بضرورة اجراء الانتخابات وفق الاصول، لئلا ينعكس الامر على سمعة لبنان وصورته في الخارج وفقدانه ثقة المجتمع الدولي به وخسارته الدعم الخارجي.
الا ان الشرح المستفيض بين المبعوث الفرنسي ومسؤول الحزب كان حول الازمة السورية والنظرة الى هذا الملف، فقد اكد الموسوي ان الحزب ليس على الحياد في ما تتعرض له سوريا، وان المؤامرة تستهدفها من قبل قوى دولية ومن وراء ذلك المقاومة في لبنان. واكد «ان مقاتلي الحزب يشاركون في المعارك، باعتبار ان الازمة في سوريا هي قضية حياة او موت». وقال الموسوي: «ان الحزب اعلن عن وقوفه الى جانب النظام ومشاركته في المعارك، ولم يخف موقفه من هذا الموضوع». وحثّ الموفد الفرنسي المسؤولين والقيادات السياسية الذين اجتمع معهم على ضرورة الاتفاق على قانون لاجراء الانتخابات في موعدها الدستوري، وعلى ضرورة تشكيل حكومة جديدة في اسرع
وقت لتجنب بقاء «السلطة المسؤولة» في الفراغ، لان الفراغ مخيف وخطير. وسأل جيرو محدثيه: ماذا يمكننا ان نقول لمن يسألنا عما يجري في لبنان؟ ولماذا لا تجرى الانتخابات وفق المهل الدستورية؟ ولماذا لا يتم تشكيل حكومة؟ فهل يعقل ان يتخلف لبنان عن الركب الديموقراطي، بعدما كان البلد الوحيد في المنطقة الذي يمارس النظام الديموقراطي، منذ قيام الدولة اللبنانية؟ كيف يعطل لبنان الممارسة الديموقراطية في الوقت الذي تتجه دول المنطقة نحو الديموقراطية، وتجري الانتخابات في معظمها رغم المواجهات وانتفاضات الربيع العربي، وقد حرصت هذه الدول على تأكيد التزامها بتداول السلطة؟!
ويرفض «الزوار الاجانب» منطق البعض بأن حل الملفات اللبنانية الداخلية ينتظر حل الازمة السورية. ويقول احد الزوار في مجلس خاص ان مسار الازمة السورية طويل، ولا يجوز ربط حل الملفات اللبنانية بحل الازمة السورية. وفي رأي احد الزوار ان هناك مفاوضات اميركية – روسية لعقد مؤتمر جنيف – 2 في العاشر من حزيران (يونيو) المقبل، الا ان هناك عوائق كثيرة حول انعقاده وتعود الى عدم الاتفاق على من يشارك فيه من المعارضة؟ كما ان هناك اعتراضاً غربياً على مشاركة ايران في هذا المؤتمر. ونقل الزوار رسالة واضحة الى اللبنانيين تقول بالآتي: «حاولوا الا تربطوا اوضاعكم وحلول الملفات المختلف عليها بالوضع في سوريا، واسعوا الى تحقيق فك ارتباط بين الساحتين اللبنانية والسورية، لان الترابط مضر بلبنان ويأخذه الى مواقع خطيرة ويربط الحلول في الداخل باتفاقات دولية واقليمية».

هجمة خارجية
والى جانب الموفد الفرنسي كانت زيارات لمنسق شؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا والخليج في الادارة الاميركية فيليب غوردن، ولوزير الدفاع الايطالي ماريو مورو وللمسؤول العسكري الاميركي الجنرال ليوت اوستن، وللمسؤول في الامم المتحدة المعني بعمليات الامم المتحدة هيرفيه لادسوس، ولمساعد الرئيس الايراني محمد رضا تاج الدين. وما بين هذه الزيارات كانت رسالة الاتحاد الاوروبي ومنسق الامم المتحدة بـ «ضرورة احترام الاستحقاقات الدستورية ولجم التداعيات الخطيرة الناتجة عن الوضع السوري وتقديم المساعدات الى لبنان لمواجهة ازمة النزوح التي يعجز عن تحمل وزرها بعدما تجاوز عدد النازحين المليون و200 الف شخص».
هل اقتنع اللبنانيون، ولا سيما القيادات بضرورة اجراء الانتخابات النيابية وفق الاستحقاق الدستوري حتى ولو لم يتم الاتفاق على قانون جديد وعلى اجرائها وفق قانون الستين؟
ينقل زوار بعبدا عن الرئيس ميشال سليمان قوله انه متمسك بضرورة اجراء الانتخابات في موعدها وفق القانون الذي يتم الاتفاق عليه بين القيادات، والا فان الانتخابات ستجري وفق قانون الستين، اما بشأن التمديد فيؤكد الزوار ان الرئيس سليمان ضد التمديد وهو مع تمديد تقني لفترة محددة بعد الاتفاق على القانون وعلى موعد اجراء الانتخابات، بمعنى ان يكون التمديد لفترة واضحة ومحددة يسبقه اتفاق على القانون وعلى موعد الانتخابات، اما التمديد الاداري اي نصف ولاية للمجلس او سنة اضافية فيقول الزوار ان الرئيس سليمان «مش ماشي» وقد لا يوقع على القانون. وانه يصر على اجراء الانتخابات خلال هذا العام 2013 وما بين ايلول (سبتمبر) وتشرين الاول (اكتوبر). وسمع الرئيس سليمان كلاماً من مسؤولين غربيين وعرب غير مطمئن وغير مريح في حال عدم اجراء الانتخابات في موعدها وعدم اعتماد المداورة وتجديد الطبقة السياسية، فيتحول لبنان الى دولة مارقة يفقد احترام المجتمع الدولي.

رفض التمديد الطويل
جاءت «الرسالة» الغربية وحتى العربية الى القيادات السياسية واضحة ومعززة بموقف ثابت من قبل الرئيس سليمان الذي رفض كل المحاولات التي بذلت لتمرير التمديد الطويل، بعدما حاولت جهات ان يشمل التمديد ولاية الرئيس سليمان لنصف ولاية، اي ثلاث سنوات، الامر الذي رفضه ورفض مجرد البحث فيه مشدداً على ضرورة احترام الدستور والاستحقاقات الدستورية. وامام هذه الوقائع عدل عدد من الاطراف السياسية مواقفهم، فبعدما كان التمديد يسير ببطء على اعتبار ان الجميع يريدونه اعترضت قوى 14 اذار على المبدأ مشترطة التمديد التقني بعد الاتفاق على القانون وعلى موعد الانتخابات. اما بشأن قانون الانتخاب فيقول نائب في قوى 8 اذار ان مسيحيي 14 اذار تخلوا عن المشروع الارثوذكسي لصالح المشروع المختلط الذي ارادوا منه اسقاط الارثوذكسي فقط لانهم يعلمون علم اليقين صعوبة تمرير مثل هذا المشروع.
يؤكد وزير مطلع بأن الانتخابات ستجري في الخريف المقبل وفق الستين مع بعض التعديلات وانه عند الاتفاق يتم الافراج عن حكومة تمام سلام لتبصر النور وتتولى الاشراف على اجراء الانتخابات بتشكيلة متوسطة (14) تضم حياديين ومستقلين وتكنوقراط، بعدما رفض سلام توزير المرشحين والحزبيين ورفض اعطاء الثلث المعطل الى اية فئة.

فيليب ابي عقل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق