تشكيل

احمد قليج يسأل: ربيع عربي ام ريح ورماد؟!

لم ير الفنان التشكيلي أحمد قليج في ما يحصل في العالم العربي ربيعاً بل هو ريح هوجاء عاتية لا تخلف وراءها الا الخراب والدمار. مقاربته الخاصة للاوضاع في المنطقة وللحالة السورية قدمها ضمن 33 لوحة انجزها بالاكريليك على القماش، شكلت معرضه «ريح ورماد» المستمر حتى اخر ايار (مايو) في غاليري زمان الحمرا، بيروت.

 «من اين جئت بكل هذا العنف»؟ سألنا أحمد قليج على هامش معرضه فأوضح  انه انعكاس لما يحصل في سوريا«“لكنني ركزت على الناس العاديين البسطاء الذين لا باع لهم في السياسة لكنهم دفعوا ويلاتها فدمرت منازلهم وقتل احباؤهم وتهجروا من ارضهم…».
  الحقيقة ان المتابع للمعرض السابق لاحمد قليج في العام 2011 سرعان ما يلاحظ ان المعرض الحالي اشبه بتتمة للمعرض السابق الذي اعتبره يومها «جرس انذار» وتحذير الى ما ستتطور اليه الاحداث، حيث كانت هذه الاحداث السورية في بداياتها. وفي هذا المعرض، يقدم الفنان نظرة المواطن المحايد الذي يتمنى التغيير لكنه يتألم للنتائج والاثمان الباهظة التي يدفعها.

مشاهد محفورة
لم يخف الفنان في حديثه الى «الاسبوع العربي» انه كان في سوريا عند بدء الاحداث وهناك مشاهد مؤلمة انطبعت في ذهنه وظهرت سريعاً في الرسومات بصورة تلقائية وعفوية، فكانت الصور تتسابق لتتوالد وتتظهر في مجموعة من اللوحات التي اختار لها هذا العنوان البليغ «ريح ورماد». كلمتان مكثفتان ينتج عنهما وضع واحد «ريح تقلع وتدمر ولا تترك وراءها الا الدمار».
اما اذا تأملنا الوان قليج فنرى انها بمعظمها تدل على العنف وان من خلال رمزية ايحائية في بعض اللوحات، وميل اكبر الى الواقعية التعبيرية في القسم الاكبر منها.  كما ويلاحظ المتابع لمسيرة الفنان ان
معرضه الحالي اكثر التصاقاً بالواقع، ربما نتيجة الظروف لكنها تدل على استمراره على نهجه السابق اذ لطالما كان الانسان هاجسه وهو يحمل همومه ومشاكله من خلال معارضه.

الوان قاتمة
ومما لا شك فيه ان التغيير طاول ايضاً الوانه وبشكل جذري، فلم تعد مشرقة وربيعية كما كانت في السابق، بل ذهبت صوب القتامة: الاسود والرمادي، لكنها لم تخل قطعاً من بعض الاضاءات التي لم يقصد بها الامل بل اضافها لضرورات توازن العمل ليس الا.
ومن الواضح هنا ان الوانه القاتمة في هذا المعرض تعكس حزنه الداخلي العميق الذي خيم على المعرض ككل ولفه الاحساس بالحزن والكآبة.
واذا قلت لاحمد قليج: ان بعض لوحاتك تصدم المشاهد وقد لا يرغب بشرائها؟ اجاب ان المعرض لا يهدف الى التسويق والبيع بل الى ايصال رسالة: «وجدت في اللوحة ملاذي، شعرت بعد انجاز اللوحات انني شفيت غليلي وحين تعرض اللوحات امام الجمهور اسر واستمتع بهذا التواصل وبمعرفة تأثير كل مفردة صغيرة اضعها برسم الناس، واعبر عن اشياء كثيرة من خلالها على وجوه الناس».
ونسأله ختاماً: «لماذا لم تترك مكاناً للامل»؟ اشار الى ان كل ما يحوط بنا وما نراه على شاشات التلفزيون لا يترك لنا مجالاً للتفاؤل.


من هو؟
احمد قليج مولود سنة 1964 في سوريا. حاصل على ديبلوم في الفنون التشكيلية من مركز فتحي محمد في حلب بالاضافة الى شهادته في الكيمياء. يقيم ويعمل في لبنان منذ 18 سنة. له معارض فردية عديدة ومشاركات في معارض جماعية.
عن البداية يخبر: «في الرابعة او الخامسة من عمري بدأت ارسم واكتشف سر الالوان. كانوا ينادونني «بيكاسو» الصغير او «ميرو». المفارقة انني لم اكن سعيداً بذلك لانني ما كنت اعرف ماذا يقصد هؤلاء الناس بهذا القول ولم اكن اعرف شيئاً عن الفنانين الكبيرين. في عمر 11 سنة ربحت الجائزة عن رسمي لقريتي، ومن هنا كانت الانطلاقة. وتجدر الاشارة الى انني لم ارسم يوماً بهدف العرض بل كنت ارسم لانني احتاج الى ذلك ولانني احب الرسم ويشعرني بنوع من الرضى الذاتي».
ويتابع: «تلقيت دروساً في الكيمياء وهذه المادة بعيدة كل البعد عن الفن لكنني في ذلك الوقت شاركت في عدد من المعارض الجماعية واستمريت بالرسم على سبيل الهواية الى يوم شعرت فيه انني ضائع مثل شخص يمر بالقرب من حياته او بمحاذاتها مما جعلني ادرك تماماً مكانة الرسم بالنسبة الي».

كوثر حنبوري 
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق