سينما

Perfect Mothers: والدتان وابنان وغرق في جحيم حب ممنوع!

موضوع العلاقات العاطفية بين فتيان صغار ونساء من عمر امهاتهم ليس جديداً في السينما، والامثلة لا تعد ولا تحصى، وعلى سبيل الذكر لا الحصر افلام مثل Class عام 1983 مع جاكلين بيسيه واندرو ماكارثي، وCheri مع ميشيل بفايفر وروبرت فراند عام 2009، وسلسلة الافلام الشبابية الكوميدية American Pie التي انطلقت عام 1999 وجسدت بين مجموعة قصص المراهقين قصة ولع الفتى فينش بأم صديقه ستيفر. ولكن ما تقدمه لنا اليوم المخرجة الفرنسية آن فونتان مختلف تماماً عن كل ما شاهدناه سابقاً. فونتان تصدمنا بتقديمها علاقات حب متقاطعة بين امرأتين وابنيهما من خلال شريطها الانكليزي الاول Perfect Mothers.

يعالج Perfect Mothers استسلام اربعة اشخاص من جيلين مختلفين لغريزة متعلقة بازمات العمر، اضافة الى الثقل الاجتماعي لهذا التجاوز الاخلاقي. شريط لم يمر مرور الكرام ولم يسلم من الانتقادات خلال مشاركته في مهرجان ساندانس (خارج المسابقة الرسمية). لقد ووجه بالنقد والمحاربة من قبل مجموعة من المحافظين من جمعية Sutherland Institute الذين طالبوا بتخفيض ميزانية المهرجان الممنوحة من الحكومة، في حال ظل المهرجان يقدّم افلاماً مشكوكاً في اخلاقيتها وتعارض القيم العائلية.

  مصدر القصة
حتماً الفيلم صادم وموضوعه يمس القيم العائلية، وهو مقتبس عن رواية قصيرة للاديبة الشهيرة الفائزة بجائزة نوبل للآداب دوريس لسينغ. هذه القصة غير التقليدية أثارت اهتمام المخرجة آن فونتان فرغبت بتقديمها في شريط سينمائي رغم صعوبة مناخها العابق برذاذ البحر وبرائحة تشبه سفاح قربى بمنظار جديد. وقبل ان تنطلق آن فونتان لتصوير فيلم Perfect Mothers، حاملة معها أبطالها الاربعة: النجمتين ناوومي واتس (المنتجة المنفذة للشريط) وروبن رايت والممثلين الشابين كزافيه سامويل وجيمس فرشفيل، الى شواطىء اوسترال
يا الشبيهة بالجنة التي ستتحوّل جحيماً درامياً، سافرت اولاً الى لندن لمقابلة دوريس لسينغ. هدف الزيارة كان معرفة مصدر القصة وهل جرت فعلاً أم انها وليدة خيال الكاتبة.  عندها اخبرتها دوريس لسينغ أن قصتها حقيقية وقد رواها لها صديق للابنين الاوستراليين عندما التقته الكاتبة في احد بارات المنطقة. بدأ يتكلم وهو في حالة من السكر الشديد، فأخبرها بأنه كان شاهداً على قصة الحب بين صديقيه اللذين اغرما واقام كل واحد منهما علاقة عاطفية وجنسية مع والدة الآخر. ويتابع الصديق أن الوالدتين كانتا صديقتي طفولة حميمتين فقد تربتا معاً وعاشتا كل حياتهما معاً وكانتا شبه سحاقيتين، وقد تابعتا تلك العلاقة الشاذة مع ابن كل منهما.

من الحقيقة والخيال
في في
لم آن فونتان، ليل (ناوومي واتس) وروز (روبت رايت) ليستا سحاقيتين وهذا ما ستظهره المخرجة بشكل واضح لا يحتمل اللبس من خلال مشهد رفض ليل حب احد رجال الجزيرة فيتهمها بأنها وروز على علاقة عاطفية، فتنفجر المرأتان ضحكاً بعد رحيله في واحد من اجمل المشاهد واكثرها اثباتاً لمدى موهبة واتس ورايت. إذاً ليل وروز صديقتا عمر وتقيمان جنباً الى جنب في بيتين متلاصقين قرب شاطىء اوسترالي ساحر تم تصويره بشكل مثير ورومنسي يغري على الاستسلام على رماله الى الابد وكأنه نداء حورية لا يمكن مقاومته. هذا الشاطىء شكل الاطار المثالي لتجسيد تلك الجنة التي لن يرغب احد من ابطالنا الاربعة في تركها او هجرها، لأنها تشبه كل واحد منهم بسحرها وجمالها وبحرها الذي يحتويهم مثل… أم! ليل وروز لم تغادرا الجزيرة يوماً، ففيها كبرتا وتزوجتا وانجبتا ولدين، وفيها مات زوج ليل عندما كان ابنها ايان (كزافيه سامويل) صغيراً، ومنها رحل زوج روز عندما كان ابنه طوم (جيمس فرشفيل) مراهقاً. ورغم ذلك تجد هاتان المرأتان توازنهما في منزلهما البحري وفي ولديهما الصغيرين اللذين سيكبران امام ناظريهما بجسدهما المصقول على لوحة ركوب الامواج. إمرأتان اربعينيتان وجميلتان ومراهقان يشبهان إلهين اغريقيين بشبابهما النابض بالحياة وبسحرهما الكبير، وغريزة حب وفخر وتملك وتشبث بالشباب من جهة امرأتين تقفان على المقلب الاخر من العمر، والخبرة من جهة الفتيين المراهقين.
  وقوع كل منهما في حب ابن الاخرى سيبدو حتمياً رغم قلة التفسيرات التي سيقدمها الفيلم الذي لا يوجه اصبع الاتهام ولا يقدم احكاماً مسبقة، مكتفياً بعرض واقع صعب الحدوث فعلاً، ولكنه ليس مستحيلاً. العلاقة الجسدية التي سيوافق عليها الاربعة مع الوقت ليست عقدة الفيلم الوحيدة، فالمرأتان تدركان ان ابنيهما وعشيقيهما سيكبران  وسيرغبان باختبار افاق جديدة وببناء عائلة. وهكذا ننتقل من صدمة العلاقة «الشاذة» بين والدتين توحيان بانهما سحاقيتين وابنين لم يتخطيا عقدة اوديب، الى صدمة زواج الابنين وانجابهما وبقائهما منجذبين لعشيقتيهما. عقدة لن نجد لها حلاً مع نهاية الشريط  الرائعة والتي ستظل مفتوحة على احتمالات عديدة، رغم اليقين باننا ندرك سلفاً كيف ستكون الخاتمة.

نجوم الفيلم
صحيح ان الفيلم غير ملفت باخراجه التقليدي والكلاسيكي، ولكن قوة مخرجته آن فونتان تكمن في طريقة سردها قصة جريئة وصادمة من دون أن توجه اصابع اتهام أو تقدم تبريرات من خلال سيناريو لافت عاونها فيه مجدداً كريستوفر هامبتون بعدما عملا معاً على شريط Coco Avant Chanel عام 2009. أيضاً التصوير جميل ومثير وفيه تعاونت مجدداً مع مدير تصوير Coco Avant Chanel كريستوف بوكارن. الفرنسية آن فونتان هي في الاصل راقصة ولكنها توجهت في بداية الثمانينيات نحو التمثيل والاخراج وكتابة السيناريوهات.
امتازت بمعالجة موضوعات قوية وجريئة في افلامها مثل Nettoyage à Sec عن الازدواجية الجنسية مع ميو ميو وشارل برلينغ، والدراما النفسية Nathalie عن علاقة حب مثلثة الاطراف من بطولة فاني اردان وايمانويل بيار وجيرار ديبارديو، وEntre Ses Mains من بطولة بنوا بولفورد وMon Pire Cauchemar مع الممثلة ايزابيل هوبير التي نصحتها بالاستعانة بالنجمة الاوسترالية الاصل ناوومي واتس لاداء دور احدى الوالدتين. ناوومي واتس نجمة فيلم King Kong والمرشحة للاوسكار عن دوريها الرائعين في 21 Grams (اخراج اليخاندرو غونزالس ايناريتو وبطولة شون بن وبينيسيو دل تورو) وThe Impossible مع ايان ماكريغور، ادركت فوراً ان الدور المعروض عليها سيترك بصمة في تاريخها الفني لأنه استثنائي. وهكذا وافقت على آداء دور «ليل» وتولت ايضاً مهمة تنفيذ انتاج الفيلم المصوّر في اوستراليا التي تعشقها ولا تتردد للترويج دائماً لها. اما شخصية «روز» فلم يكن ايجادها سهلاً بالنسبة الى آن فونتان التي ارادت ممثلة موهوبة وتشبه ناوومي واتس بشكلها وجسدها وطولها لتبدو فعلاً توأمها. آن فونتان كانت تتمنى اسناد دور احدى المرأتين الى النجمة جوليان مور التي تربطها بها صداقة قوية، ولكن جوليان المرتبطة باعمال اخرى نصحتها بمنح الدور الى الممثلة القديرة روبن رايت الزوجة السابقة للنجم شون بن. ولكن فونتان تخوفت في البدء من الاقتراح لانها لطالما شاهدت روبن رايت تؤدي دور الضحية في معظم افلامها، وهي كانت تحتاج الى ممثلة قادرة على تجسيد دور المرأة القوية والقادرة على التحكم بالامور وعلى السيطرة على مشاعرها. ولكن بعد جلسة تجربة، عادت واقتنعت بروبن رايت التي جسّدت دور روز ببراعة وتحكم وانوثة. ومن اشهر افلام روبن رايت Forrest Gump مع النجم طوم هانكس وThe Crossing Guard مع النجم جاك نيكولسون  وUnbreakable مع النجم بروس ويليس.
  ولآداء دور الابنين المراهقين، فقد اختارت آن فونان ممثلين اوستراليين. اولهما هو كزافيه سامويل الذي عرف شهرة عالمية بفضل مشاركته في الجزء الثالث من سلسلة Twilight بدور رايلي. ومن افلامه الاخرى My Best Men الذي تابعناه قبل عام في صالاتنا اللبنانية وأيضاً شريط  Anonymous من اخراج رولاند اميريخ. ولكن مشكلة كزافيه أنه مولود عام 1983 أي انه يبلغ الثلاثين من عمره، ولكن يبدو أن آن فونتان راهنت على ملامحه الجذابة والطفولية في الوقت عينه وقد نجحت في الرهان. اما الابن- العشيق الثاني في الفيلم فهو الممثل جيمس فرشفيل المولود في مالبورن عام 1991، والمعروف نوعاً ما بفضل مشاركته في الشريط الاوسترالي Animal Kingdom الذي رشح لجائزة اوسكار عام 2011.

مايا مخايل
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق