رئيسيلقاء

الياس عون: الصحافة اللبنانية ليست بخير والدولة غير مبالية

منذ سنوات طويلة، حمل الياس عون قلمه ومشى على دروب الصحافة والحياة، بحثاً عن وطن أفضل، يعيش فيه الانسان بحرية وكرامة. مارس مهنة الصحافة بحب وشغف، وبعزم وتصميم، وخاض غمارها في عهدها الذهبي وفي زمن العمالقة، وما زال. كتب في السياسة وفي الأدب وفي الفنون على اختلافها. برع في هذا الميدان، لأنه صاحب كلمة جميلة ومعبّرة وحرّة، ولأنه يؤمن بوطن تسود فيه المحبة والوئام والعيش الرغيد. فهو من الذين يعرفون ان الصحافة، هي مهنة المتاعب والشقاء والقلق، وخصوصاً عندنا في لبنان، وبالرغم من ذلك، سلك طريقها الوعرة واجتاز مراحلها كافة، وصولاً الى قمة الهرم. في الحوار التالي، يتحدث نقيب المحررين الياس عون، عن شؤون الصحافة وشجونها، وهو  الذي أحدث ثورة في داخل نقابة المحررين وأعاد الحق الى اصحابه، ويعمل حالياً، من اجل تحسين وضع الصحافة والاعلام بشكل عام… كما انه يتحدث عن السياسة ومشكلاتها، والشأن الاجتماعي وهمومه.

منذ تسلمك مقاليد نقابة المحررين، قمت بخطوات تغييرية وحيوية عدة… فما الذي دفعك الى اتخاذ هذه القرارات الصعبة؟
كان في بالي إن أتيت نقيباً للمحررين، ان احدث نهضة في الجدول النقابي للصحافة، الذي يشكو من قضايا عدة… منها، ان الذين هم خارج النقابة، اكثر من الذين ينتسبون الى النقابة، وهذا غلط.
لذلك، عندما انتخبت نقيباً للمحررين، سعيت الى دراسة كل الطلبات المقدمة، وكان مضى عليها سنوات عديدة، ولم يُبت بها. وعلى ضوء ذلك، فالذين تتوافر عندهم الشروط اللازمة، افسحت لهم في المجال للدخول الى الجدول النقابي، بالاشتراك مع نقيب الصحافة محمد البعلبكي الذي يترأس لجنة الجدول النقابي وأنا أمين سرّها. وهذه اللجنة بالذات، وبكامل اعضائها، هي التي تأخذ القرارات، بعد دراسة الملفات كافة. وتمت الموافقة على الطلبات المستوفية الشروط، والحمدللّه.
وعلى ضوء ذلك، اقفلنا الباب، على أمل ان  يعود اعضاء اللجنة، كل ستة شهور، الى الاجتماع، لمعالجة المشكلات التي ستطرأ، سواء بالنسبة الى المنتسبين او غير المنتسبين.
وحالياً، ترد إليّ طلبات جديدة، وسوف نقوم بدراستها، وعلى ضوء ذلك نقرر، لكي لا يبقى احد خارج الجدول النقابي للصحافة.

مشاريع كثيرة
ما هي القرارات الاخرى التي اتخذتها؟
بعدما بلغني انه خلال المؤتمرات الصحافية التي تقام من حين الى آخر، ان هناك من يدخل الى هذه المؤتمرات، لا علاقة لهم بالصحافة، لا من قريب ولا من بعيد – وشاهدت ذلك بأم العين – وهذا غير مسموح على الاطلاق. لذلك، توجهت ببيان الى الرأي العام والى من يعنيهم الامر، وحذرت من هذه التصرفات وحمّلت المسؤولية لأولئك الذين يقيمون مثل هذه المؤتمرات للتأكد من كل داخل الى المؤتمر، ان كان يمثل احدى الوسائل، سواء الصحيفة التي يعمل فيها، او التلفزيون او الاذاعة.
ولدينا مشاريع كثيرة نقوم بدراستها ونود تحقيقها.

تحسين وضع الصحافي
ما هي هذه المشاريع؟
اننا نحلم بتحسين وضع اهل الصحافة في لبنان، لان كل القطاعات تقريباً، نالت حقوقها الا قطاع الصحافة. وبالرغم من ذلك، هناك من يقول: شو على بال اهل الصحافة؟ وفي الواقع، ليس على بال الصحافي اي شيء… وبالتالي ليس في باله سوى البحث عن لقمة عيشه من دون ان يعرف كيف؟! اذ انه لا يتمتع بأي ضمان، لا اجتماعي ولا صحي ولا اي ضمان آخر…
انطلاقاً من هنا، اتصلنا بأصحاب العلاقة، سواء بوزير العمل او بوزير الصحة، وتناقشنا حول هذه القضايا التي نلاحقها بشكل دائم، واملنا كبير بالوصول الى نتائج ايجابية.
في الواقع، فان القضايا التي تواجهنا كثيرة… من بينها قيام مؤسسات اعلامية بصرف بعض العاملين فيها، ومن واجبنا ملاحقة هذه القضية لكي نتبيّن الاسباب التي تؤدي الى ذلك؟
وما هو سبب ذلك، في رأيك؟
السبب هو الازمة المالية التي تنوء تحتها بعض المؤسسات الصحافية، ولذلك فانني لا ألقي اللوم على اصحاب الصحف.
وهناك ايضاً، الضرائب التي تلاحق الصحافي الى بيته، كضريبة البلدية مثلاً، والهاتف. ففي الماضي، وبالتحديد في عهد المغفور له الرئيس فؤاد شهاب، والمغفور له الرئيس رينه معوض الذي كان يتسلم وزارة البرق والبريد – كما كان اسمها – كانت الدولة تخصم نصف القيمة المتوجبة على اصحاب الهواتف الثابتة، وبعدئذٍ تم الغاء هذا القانون – اذا جاز التعبير – ونحن اليوم نحاول احياء هذا الحق، وكذلك بالنسبة الى الرسوم البلدية وغيرها.

قحط مالي
من خلال مواكبتك الطويلة لشؤون الصحافة وشجونها، ما هي الصعوبات التي تواجهها المؤسسات الصحافية اللبنانية؟
كما سبق وقلت لك، هناك قحط مالي، والصحافة بحاجة الى تغذية، وهي غير متوافرة. في الماضي كانت الصحافة اللبنانية تعتمد على المخصصات الممنوحة من البلدان العربية التي صارت تعتمد على اعلامها ولم تعد بحاجة الينا.
من ناحية ثانية، في الماضي كان العديد من الصحافيين في لبنان، يتجهون صوب مختلف البلدان العربية، من اجل العمل في الصحف الكويتية والاماراتية والسعودية وغيرها، مساهمين في تأهيلها – وهذا العدد الكبير جداً تضاءل اليوم الى حدّ بعيد، لأن هذه المؤسسات صار عندها نوع من الاكتفاء الذاتي، ولم تعد بحاجة الى خبراتنا – وهذا فخر بالنسبة الينا، ونتمنى لهم التوفيق.
كذلك لا بد من الاشارة الى الجامعات اللبنانية التي استحدثت كليات اعلامية يتخرج منها المئات في كل سنة، وفي اعتقادي، ان هذه الكليات تساهم في تخريج عاطلين عن العمل. ولذلك اقترح على الجيل الجديد ان يبحث عن ميادين اخرى، غير الاعلام، لكي يؤمن مستقبله بشكل افضل.
صحيح ان البلدان العربية تشهد نهضة صحافية لافتة، ولكن هل هناك بديل عن الصحافة اللبنانية؟
يجب ألا نتشاوف بحالنا، ذلك الزمن قد ولّى، لكل زمن دولة ورجال.

بقاء الصحافة الورقية
ما مدى الخطر الذي تشكله الصحافة الالكترونية على الصحافة الورقية؟
ليس هناك من خطر، بل كل ما في الامر، ان الحياة تسير بسرعة هائلة نحو التطور. لكن لا غنى عن الصحيفة، ولا غنى عن الكتاب، لان الالكتروني عابر ولا يترسخ في الذاكرة، اما الصحيفة فهي عكس ذلك تماماً، وكذلك الكتاب، كلاهما ستكتب لهما الحياة على المدى البعيد.
اعود لأسال: هل الصحافة اللبنانية بخير؟
وبدوري اعود لأقول: الصحافة اللبنانية ليست بخير، فهي تشكو من أشياء كثيرة… أولاً، تشكو من عدم الدعم المالي، وثانياً، فان الدولة غير مبالية، فهي حتى اليوم لم تساعدنا على تصدير مطبوعاتنا بشكل مجاني، سواء عن طريق الجو أو عن طريق البر، مع العلم ان تكاليف الشحن في ازدياد دائم، وهذه الاعباء لا تستطيع الصحافة ان تتحملها وحدها. فالدولة مسؤولة في هذا المجال.

بين الصحافة وأهل السياسة
من خلال موقعك كنقيب للمحررين، كيف تحدّد العلاقة بين الصحافة وأهل السياسة؟
السياسيون بدلاً من ان يتحملوا مسؤولياتهم، فهم يعتبرون ان كل الاخطاء التي تحدث في لبنان تقع على الصحافة، الى درجة انهم ألقوا علينا وزر الحرب اللبنانية، وفي رأيهم ان الاعلام هو الذي صنع الحرب… ولعلهم نسوا او تناسوا، ان ليس عندنا سلاح ولا نحن شاركنا في القتال. وان دورنا يقتصر على نقل صوت الرأي العام، بسلبياته وايجابياته. ولا يسعنا إلا القول، لقد حان الوقت لكي يبرهنوا اننا فعلاً، بلد الفكر والحضارة والرقي.
وكيف ترى الحالة السياسية في لبنان؟
لعنة… خذ مثلاً ما يجري حالياً. اربع سنوات من عمر المجلس النيابي ولم يتذكر نوابه الا اخيراً، ان هناك قانوناً للانتخاب يجب انجازه… ونحن مثلاً، ننتظر ما سيجري عند جيراننا لكي نقرر مصيرنا! ليس لدينا حرية رأي ولا حرية موقف.
هذا هو رأيي، ومن يقرأني او يسمعني يدرك جيداً ما اقصد اليه.

تغيير الخريطة
وكيف ترى حال العرب؟
ارى ان هناك عملية الغاء ما كان يسمى سايكس بيكو. هناك تغيرات سوف تحدث في العالم العربي. باختصار، هناك مؤامرة تهدف الى تغيير الخريطة.
هل هذا يعني ان ما تحلم به اسرائيل سوف يتحقق؟!
يبدو كذلك. والغريب ان اسرائيل مرتاحة على وضعها، فهي لا تتحرك، لان هناك من يحارب عنها…
ما تقوله عن تغيير الخرائط خطير جداً، هل لديك معلومات حول هذا الموضوع، ام مجرد تحاليل؟
عندي معلومات، وسأكتب عن هذا الموضوع. ولديّ الكثير من المعطيات التي استقيتها من بعض رجال السياسة الذين التقيتهم خلال جولتي الاخيرة في مصر والمغرب وموريتانيا.

مشكلات اجتماعية
وأخيراً، تحدث النقيب الياس عون مطولاً عن الشؤون الاجتماعية، وبالتالي، عن المشكلات الكثيرة التي يعاني منها الشعب اللبناني، سواء عن ازمة السير الخانقة، او عن الاشغال التي تجري على الطرقات ولا احد يعرف متى وكيف ستنتهي، او ما يحصل في المستشفيات من مشكلات صحية، او قضايا التربية المعقدة… وكل هذه الازمات بأشد الحاجة الى حلول سريعة، قبل ان تتفاقم الامور الى ما لا تحمد عقباه!
وختم النقيب قائلاً: لقد خضنا في قضايا متعددة، دون ان ننسى قضايا الخطف والمبادلة والفدية، على امل ان يقضوا على هذه الآفة التي لا تشرّف اللبنانيين، ولا تشرّف لبنان.

اسكندر داغر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق