دوليات

ايران: من يخلف نجاد في الرئاسة؟

انه موسم النوويات، ففي شرقنا الاوسط، لم تكن ايران في حاجة الى هزة ارضية. ليتذكر العالم وجودها النووي. وفي الشرق الاقصى، لا يزال «الفتى» كيم سونغ اون، يدوزن اوتار العالم، على وقع «هوسه» النووي.

في ايران ضرب زلزال بقوة 6،3 درجة، في سلم ريختر، منطقة كاكي، على مسافة 80 كلم من موقع بوشهر النووي، واكد نائب المنطقة المنتخب عن بوشهر، عبد الكريم جهيري، انه لم تسجل، «حتى الآن، اضرار في المنشآت». كما اكدت ذلك، الشركة الروسية، التي بنت المولد النووي، الذي يبعد 18 كلم عن بوشهر، وقال مصدر في مؤسسة «آتومسترو اكسبورت» الى وكالة ريا الروسية، «ان مستوى الاشعاعات يبقى في اطار المعدل، وان الطواقم مستمرة في عملها، في شكل عادي».
وكانت جولة جديدة من المفاوضات بين ايران ومجموعة «1+5»، انتهت في كازاخستان من دون اتفاق، ولكن من دون قطيعة. وبينما قالت منسقة مجموعة الستة، انه لم يكن ممكناً الاتفاق على موعد اللقاء المقبل ومكانه، حذرت مصادر اميركية، من انه من غير الواضح، اذا كان من الممكن الاجتماع مرة اخرى، قبل الانتخابات الرئاسية الايرانية في 14 حزيران (يونيو) المقبل.
وتبقى ايران في اي حال، حتى بعد هذا التاريخ، ضمن الاطار الزمني الذي حدده الرئيس باراك اوباما، بسنة، للتوصل الى اتفاق تفاوضي. بينما رأى المندوب الروسي، انه من المؤكد، ان هذه الحلقة من المفاوضات، شكلت «خطوة الى الامام»، ونقلت وكالة الانباء الرسمية الايرانية عن لسان مندوب الاتحاد الاوروبي، ان الافرقاء، «تبادلوا، للمرة الاولى وجهات نظر مفصلة».

خطة عملانية
وكشف كبير المراقبين الايرانيين، سعيد جليلي – الذي قالت منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي اشتون، انها ستبقى على اتصال معه – ان ايران قدمت خطة عملانية، هي نسخة معدلة للاقتراحات التي قدمتها في المحادثات التي جرت، في شباط (فبراير) في عاصمة كازاخستان، كذلك.
وخيّب، الذي حصل، توقعات ثلاثة اشهر في المايا، عاصمة كازاخستان، بان تتوقف ايران عن تغذية اليورانيوم، في معدل 20 في المئة، مقابل تخفيف العقوبات.
والذي حذر منه جليلي، في ختام محادثات كازاخستان، من «ان العقوبات تقوينا»، ظهر بعد 48 ساعة، عندما اعلن محمود احمدي نجاد، في «اليوم الوطني للطاقة النووية»، عن تدشين مركز لاستخراج اليورانيوم وآخر لمعالجته في ولاية يزد في وسط ايران.
ولكن طهران تحتاج الى تغذية اليورانيوم، بنسبة مئة في المئة، لتصنع القنبلة الذرية وهي تقول ان في استطاعتها ان تصل الى 80 في المئة، بينما ردد وزير الخارجية الاميركية، جون كيري، خلال زيارته الاخيرة الى اسرائيل «ان ايران لن تملك قنبلة نووية».

الانتخابات الرئاسية
وفي الانتظار يتجه الاهتمام الى الانتخابات الرئاسية التي ستجري خلال شهرين. فالمعروف ان الحملات الانتخابية، في ايران، تكون قصيرة جداً، ولم تبدأ بعد بالنسبة الى الانتخابات الرئاسية ولكنهم يطرحون اسماء مرشحين محتملين، من علي لاريجاني ابن سلالة سياسية محافظة. وعدو احمدي نجاد الكبير، الى رئيس بلدية طهران كاليباف – القائد السابق في سلاح الباسدران، المنادي بالتحديث، والذي يتمتع بتقدير المحافظين المعتدلين واصلاحيي النظام، وهناك من لا يستبعد ان يرشح نفسه من جديد، الرئيس السابق خاتمي، الذي يتذكر ايرانيون كثر، عهده الاصلاحي القصير. ويصل المتفائلون الى حد طرح امكانية مستبعدة، لانها غير طبيعية ومجددة كثيراً. بالنسبة الى النظام، كأن يترشح وزير الخارجية علي اكبر صالحي، الذي يمكن اعتباره الحل الاصلح، للمشكلة الاساسية القائمة مع الولايات المتحدة. فالرجل خريج معهد ماساشوستس للتكنولوجيا، ومتعمق في المسألة النووية الايرانية، منذ ان كان ممثلاً لايران في وكالة الطاقة النووية الدولية، ومديراً لمؤسسة الذرة الايرانية.
اما احمدي نجاد، فان الدستور يمنعه من اعادة ترشيح نفسه، مرة ثالثة. ورب من يتساءل: اذا كان في استطاعته، ان «يجيّر» الشعبية التي يتمتع بها، الى مرشح يستطيع ان يواصل مشروعه السياسي الشعوبي. ونرى بعض المراقبين الايرانيين يشددون على عدم الاستخفاف بدور الرجل، وامكانية قيام «احمدي نجادية من دون احمدي نجاد»، بسبب مشاعر اجتماعية منتشرة ضد كل النخب، بمن فيها النخبة بين رجال الدين.

مشكلتان
ويبقى انه اياً كان الرئيس الذي سيأتي، فان النظام، سيجد ذاته مضطراً، بعيداً عن الاستعراضات النووية التي عودنا عليها احمدي نجاد، كما في هذا الاسبوع، الى ان يسعى الى حل مسألتين اساسيتين: مواجهة توجيه الاقتصاد نحو انماء الصناعة الوطنية، الاقل اعتماداً على الغاز والنفط، واسترسال احمدي نجاد في تفكيك الصناعة الوطنية، فاتحاً الحدود امام المنتوجات الصينية.
ومن جهة ثانية، هناك محاولة اخراج ايران من العزلة الدولية التي اوقعها فيها احمدي نجاد، والحصول من الاميركيين والجيران على اعتراف يعتبره الايرانيون من كل الاتجاهات، عبوراً اجبارياً نحو الطموح الكبير، بان تصبح ايران بلداً «طبيعياً».
ويتوقف ذلك الى حد بعيد على الاميركيين، الذين اعتبروا حتى الآن دولة غير موثوقة بينما المطلوب التوصل الى توافق يسمح بضمان المتطلبات الامنية، الضرورية والاعتراف لايران بالحقوق الطبيعية، التي تمنحها معاهدة عدم الانتشار النووي، اي نظرية الرئيس الاسبق رونالد ريغان: «ثق ثم دقق».
وفي كل الحالات، سيشكل انتخاب الرئيس الايراني القادم، اشارة مهمة الى امكانية حصول تحول، يستطيع تجنب حرب جديدة في الشرق الاوسط والافساح في المجال نحو تحقيق شروط حياة افضل للشعب الايراني.

جوزف صفير

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق