صفقة سلاح روسية لليمن قيمتها 7 مليارات دولار؟

بينما تتواصل جلسات الحوار الوطني اليمنية، وتشارك فيها جميع الفعاليات السياسية والقبلية والشعبية، ويقاطعها بعض التيارات الانفصالية، بدأت القيادة السياسية في صنعاء حراكاً خارجياً عنوانه محاولات استقطاب الدعم في شتى المجالات، واعادة ترميم العلاقات التي تضررت بفعل الاحداث التي عصفت بالبلاد، وادت الى الواقع الراهن.
بعد الجولات الخليجية التي استهدفت الحصول على دعم سياسي ومادي للمبادرة التي يجري تطبيقها تحت عنوان، الانتقال السلمي للسلطة في البلاد، قام الرئيس هادي الاسبوع الفائت بزيارة الى العاصمة الروسية موسكو، والتقى مع القادة الروس. واستضافت العاصمة الروسية موسكو قمة روسية – يمنية اعتبرها المحللون على قدر كبير من الاهمية، بحكم ما تطرقت اليه من مواضيع وما اسفرت عنه من نتائج، وفي مقدمتها بحث التعاون في شتى المجالات، وتوجيه رسالة الى المسؤولين الروس بان اوضاع اليمن، وعلى الرغم من كل الصعوبات كانت وما زالت مختلفة عن الاوضاع في دول الربيع العربي.
هادي، التقى عدداً من كبار المسؤولين الروس، واطلعهم على تطورات الوضع في البلاد، وخصوصاً الحوار الجاري بين مختلف الاطياف، والذي يتوقع ان يستمر اشهراً عدة، ويفضي الى وضع دستور جديد، وقانون انتخابي ينهي الخلافات القائمة بين مختلف الاطياف، ويضع حداً لحالات الاحتقان التي كانت قائمة، والتي ادت الى صراعات كادت ان تودي بالبلاد الى الهاوية.
وذكر هادي بأن الحوار يحظى بدعم أممي وخليجي، وان روسيا من بين الدول التي تتابع هذا الحوار وتشرف عليه. كما ذكّر بثوابت العلاقات بين الدولتين، ورغبة اليمن باعادة العلاقات كما كانت سابقاً، حيث الشراكة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً بين البلدين.
الرئيس هادي الذي وصل الى موسكو في زيارة تعتبر الاولى له منذ ان تسلم السلطة، التقى عدداً من كبار المسؤولين الروس وفي مقدمتهم الرئيس بوتين ورئيس الوزراء ديمتري مدفيديف. وخلال لقاء القمة عبر الرئيس بوتين، عن تأييده لمساعي الرئيس اليمني إلى تطوير بلاده وتحسين الأحوال المعيشية لليمنيين.
وعود روسية
واستهل بوتين لقاءه بالرئيس هادي، في ضاحية موسكو «نوفو أوغاريوفو»، بوعد بأن تبذل روسيا ما بوسعها لمساعدة ودعم الرئاسة اليمنية، لتهيئة الظروف من اجل «إعادة بناء البلاد وتنميتها، ورفع مستوى المعيشة وتهيئة الظروف الجيدة للحياة». ولفت بوتين إلى أن روسيا ترتبط باليمن بعلاقات ودية عريقة.
وفي محاولة لاضفاء نوع من الخصوصية على العلاقات، ذكّر بوتين بأن الرئيس اليمني درس في أكاديمية أركان الحرب بموسكو، وعبر عن أمله بأن يحفظ رئيس الجمهورية اليمنية الذكرى الطيبة للأيام التي قضاها في روسيا.
وعن العلاقات الاقتصادية قال بوتين أنها تشهد تطوراً مذكراً بأن حجم التبادل التجاري بين روسيا واليمن حقق في العام الماضي نمواً بلغت نسبته 43 في المائة. لكنه اضاف بأن حجمه ما زال محدوداً. وأضاف بوتين أن هناك مجالات أخرى تهتم روسيا واليمن بتطوير التعاون المشترك فيها مثل التعاون العسكري الفني. واعرب بوتين عن تمنياته بأن تنجح الجمهورية اليمنية التي تمر بفترة صعبة من تاريخها، في استعادة السلام والأمن وتهيئة الظروف المناسبة للتنمية المستدامة.
من جانبه ذكر الرئيس اليمني بأن زيارته الى موسكو تصادف مرور الذكرى الـ 85 لإقامة العلاقات الودية بين اليمن وروسيا، مؤكداً أن بلاده تجتاز الآن مرحلة صعبة، وانها بحاجة الى دعم موسكو الكامل. وأشاد هادي بالدور الإيجابي الذي تؤديه روسيا في مساندة اليمن.
الى ذلك، وعلى الرغم من اقتصار البيانات الرسمية حول المحادثات على التلميح فقط، لم تستبعد مصادر متابعة للحوار أن يكون استئناف التعاون العسكري الفني أحد المواضيع التي كانت مدرجة على جدول محادثات القمة بين الرئيسين. وفي هذا الصدد، استبق «الكرملين» لقاء القمة باصدار بيان صحافي قال فيه ان رئيسي الدولتين سيبحثان مجمل العلاقات الثنائية وإمكانية زيادة التعاون المشترك في المجال التجاري والاقتصادي ومجال الطاقة والمجال الإنساني والمجالات الأخرى، ويتبادلان الآراء حول قضايا دولية وإقليمية مهمة والوضع في الشرق الأوسط وأفريقيا الشمالية والأزمة السورية ومكافحة الإرهاب الدولي ومواجهة القراصنة. وبالتوازي، لم يستبعد مصدر في مؤسسة التصنيع العسكري الروسية إمكانية أن يقترح الرئيس اليمني استئناف التعاون المتوقف في مجال التسليح.
التعاون العسكري
وقال فياتشيسلاف دزيركالن، نائب رئيس هيئة التعاون العسكري الفني بين روسيا والدول الأجنبية للصحافيين: إن روسيا مستعدة لمعاودة التعاون مع اليمن في مجال التسليح بعد أن يعود الوضع في هذا البلد إلى طبيعته، في اشارات الى اعادة مندوبي الهيئة الى اليمن بعد ان تقررت اعادتهم اثناء احداث العنف التي شهدتها البلاد. حيث صدر قرار باعادتهم منذ حزيران (يونيو) 2011. ويُذكر أن قسماً كبيراً من أسلحة الجيش اليمني هي أسلحة سوفياتية وروسية الصنع. بينما تشير معلومات مؤكدة الى ان تلك الاسلحة اصبحت بحاجة الى تحديث، بينما يحتاج بعضها الى صيانة وبالتالي الى قطع غيار لا يمكن الحصول عليها الا من موسكو.
وأشارت السفارة اليمنية لدى روسيا في بيان صحافي إلى أن زيارة رئيس الجمهورية اليمنية إلى روسيا تحمل أهمية كبيرة من حيث توجهها نحو تعزيز العلاقات الروسية – اليمنية على أصعدة مختلفة: اقتصادية وعسكرية وسياسية. وفي السياق عينه، اكد محللون ان قمة بوتين – هادي سعت الى تحقيق امرين اثنين: الأول سياسي والثاني عسكري. وشدد المحللون على ان العامل العسكري يحتل أهمية كبيرة في مباحثات القمة التي جرت بين الزعيمين، وخلال المباحثات التي اجريت مع مسؤولين من مختلف المستويات هناك. وخلصت التحليلات الى أن هادي حرص على طمأنة موسكو بشأن الأوضاع في اليمن، وعمد الى تصحيح مفهومه تجاه هذه الاوضاع، خصوصاً وان لدى الجانب الروسي مفهوماً ونظرة خاصة بشأن ثورات الربيع العربي تختلف عن النظرة والمفهوم اللذين لدى الدول الغربية. حيث اكد هادي أن الانتقال السلمي للسلطة الذي يحدث في اليمن لن يؤثر على العلاقات اليمنية – الروسية.
واكد هادي أن العلاقات ستظل على ما كانت عليه في السابق، لأن الجيش اليمني يعتمد في تسليحه على المعدات العسكرية الروسية، وهي المعلومة التي يسعى الجانب الروسي الى سماعها، والبناء عليها في مجال العلاقات المستقبلية. وبحسب معلومات غير مؤكدة اطلقت على هامش القمة محادثات لتزويد اليمن بصفقة سلاح قيمتها اكثر من سبعة مليارات دولار، وتسوية ملفات عالقة في مجال التسليح وتسوية ديون قديمة.
موسكو – «الاسبوع العربي»