تشكيل

حركات تيري فان بياسن المضيئة تنشر الفرح

حالة من الفرح والايجابية والتفاؤل والمعنويات المرتفعة تولدها فينا مجموعة صور الفنان تيري فان بياسن الاخيرة المعروضة في غاليري الوان في الصيفي فيللاج بيروت، تحت عنوان «الحركات المضيئة».

انها قفزات وركض ولعب على الشاطىء الرملي او في البراري، فسحة حقيقية يحتاج اليها بقوة كل انسان في عصرنا المعاصر المرهق. فمن منا لا يتمنى ان تكون له فسحة حرية تامة يتصرف فيها كما يحلو له، يرقص، يقفز، يغني، يصرخ، يرفع الصوت، ويقلب نفسه رأساً على عقب؟ من منا لا يحلم باشياء وامور غريبة يمكن ان يجمعها بخياله لكن يصعب اجتماعها في الواقع؟!

ردة فعل على الحرب
ونتساءل حين ننظر الى الصور الطبيعية والمركبة: لعل الفنان لجأ الى هذا الاسلوب النظري الجديد كردة فعل على الحرب التي غيرت مسار حياته بشكل دراماتيكي ونعني الحرب الاهلية اللبنانية؟ نقول ذلك لان الفنان من اصل لبناني – بلجيكي (من اب بلجيكي وام لبنانية) ولد في لبنان سنة 1965 وحين كان في العاشرة من عمره اندلعت الحرب اللبنانية ولكي يتمكن من الاستمرار في العيش فيما الاهوال من حوله، كبت العنف وطور طريقة جديدة لديه في الرؤية  غير مألوفة، اهم ما فيها انها متفائلة ترفع المعنويات. ولم يكن الفنان يومها مدركاً ان هذا الاسلوب الذي يمكن ان نسميه المصفاة لذاكرته البصرية التي اختارها عمداً سيطبقها في عمله خلال السنوات التي تلت.
حين نتأمل الصور نرى بوضوح انها تحمل كل عناصر الجذب من نظافة، الى حيوية والى شفافية ثم الى الوان مشرقة. فان صور تيري فان بياسن تشبه صور الاعلانات. وعلى اي حال فان المصور له باع طويل في تصوير الاعلانات وقد اشتغل مع شركات مثل كوداك وسايكو ومارلبورو وغيرها وبالتالي فان صوره مثل الاعلانات، مباشرة. سريعة وجذابة، ونضيف عليها صفة الاناقة التي اكتسبها الفنان من صور الازياء التي خاض عالمها ايضاً.
ولعل اجمل ما في اسلوبه  هذا الشخصي جداً، الجانب المرح المرغوب جداً من قبل المتلقي المعطوف على ميله الطبيعي للتأليف والالوان، ويظهر هذا الجانب في عدد من اللوحات. ونتوقف بشكل خاص عند صورة عنوانها «راس ويد» وتبدو فيها يد تمتد فوق مياه البحر تمسك برأس صبية جميلة مبتسمة مغمضة العينين كما ان هناك صورة اخرى عنوانها «لمسة خيال» ويطلق الفنان فيها العنان لخياله وذائقته الفنية الفذة.

ميل طبيعي للتأليف
تيري فان بياسن ارسله والده الى بلجيكا ليجعله على مسافة من الحرب، وبعد بضع سنوات التحق بمعهد تقني وتابع دروسه في الهندسة والرياضيات، وفي هذا الوقت بدأ بالتقاط الصور. واول ردة فعل حيال صوره كانت من صاحب المختبر الذي ظهّر صوره حيث كان متأثراً جداً خصوصاً باهلية تيري الطبيعية للتأليف والالوان التي شجعته لتغذية موهبته الفطرية.
عام 1989 انتقل الى نيويورك ليساعد مصورين كبار مثل رالف جيسون وساره مون وارت كان وارتور الغور وغيرهم… الذين اعطوه المزيد من الخبرة والدفع وألهموه ليفكر باسلوبه المرئي الخاص. بعدها عاد الى بيروت حيث افتتح اول استديو تجاري  له بالتعاون مع صديق وصحافي مشهور هو باتريك باز فقوى الاستديو مهاراته التقنية واعطاه الفرصة لتصوير مجموعة واسعة من المواضيع لزبائن الاعلانات.
سنة 1997 انتقل الى لندن ليلعب مع الصبية الكبار، اي مملكة تصوير الازياء، مما اتاح له ذلك ان يقطف اسلوبه الشخصي ولاختبار لغته البصرية الجديدة المتداخلة عنده مع روح الدعابة وحب المزاح.

ك. ح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق