The Croods… دعوة الى شمس المغامرة

حان الوقت لأن نحيل الى التقاعد عائلة فلينستون الكرتونية التي تنتمي الى العصر الحجري والتي لطالما رافقت طفولتنا من خلال سلسلة الانيمايشن الاشهر في التلفزيون منذ الستينيات: The Flintstones، من ابتكار ويليام هانا وجوزف بارباره. حان الوقت لأن نودّع الاب فريد والام ويلما والابنة بيبلس، لأن عائلة اخرى من العصر الحجري ابصرت النور اليوم في السينما على يد شركة  Dreamworks، وهي ستنسينا كل ما سبقها بفضل طرافتها وابتكارها وسحر مغامرتها. انها عائلة كرودز التي ستحملنا على جناح مغامرة انيمايشن عائلية ممتعة بعنوان The Croods 3D من انتاج استديوهات «دريم واركس»، ويعتبر الفيلم باكورة الاتفاق الجديد بين «دريم واركس» وشركة التوزيع 20th Century Fox بعدما كانت Paramount Pictures هي التي تتولى توزيع جميع افلام «دريم واركس» في السابق.

الشريط من اخراج كريس ساندرز وكيرك دوميتشو ويروي قصة اهل الكهف، عائلة  كرودز المؤلفة من الاب كروغ  (يجسّده بالصوت الممثل نيكولاس كايج) الذي يبالغ في حماية اسرته، والام اوغا (صوت كاثرين كينير) الطيبة والحنونة، والجدة غران القوية، والاولاد: ايب المراهقة الثائرة (صوت ايما ستون) وثانك الفتى الاخرق وساندي الطفلة المتوحشة.

في ظلام الكهف
كروغ يشبه دجاجة تحمي صيصانها وتزرع في قلوبهم الخوف من العالم الخارجي، لذا هو يجبرهم على البقاء داخل الكهف في الظلام ليأمنوا شر الحيوانات المفترسة. الوقت الوحيد المتاح للخروج هو وقت الصيد لجلب الطعام. ولكن يبدو أن مشكلة سن المراهقة لا علاقة لها بالزمن والعصر، فايب ابنة الكهف ثائرة وترفض تنفيذ اوامر اهلها، تماماً مثل اية مراهقة في عصرنا الحالي. وهكذا ستخالف ايب تعاليم والدها وستخرج من الكهف وستلتقي بالفتى المغامر غاي (صوت راين رينولدز) الذي سيخبرها ان العالم بشكله الحالي على وشك ان يزول، وان الزلازل ستغيّر الارض استعداداً لبدء عصر جديد. رغم معارضة الوالد كروغ، ستصمم العائلة على الهرب من الكهف والكوارث الطبيعية والانطلاق مع غاي بحثاً عن غد افضل وعالم جديد وآمن.

سحر مشهدي
Croods 3D شريط عائلي ترفيهي مبهج ومليء بالطاقة والحيوية ونابض بالابتكار من ناحية الرسوم والخطوط الغرافية والالوان والشخصيات التي تقارب الواقع بتفاصيلها وخطوطها وحركتها . شركة «دريم واركس» نجحت في تقديم انيمايشن متقن لجهة سحر الديكورات والمشاهد الطبيعية الغنية والنابضة بالحياة والالوان، وبراعة تجسيد الشخصيات والمخلوقات الغريبة والحيوانات التي يمتلىء بها الشريط.
ينطلق الفيلم بالوان باهتة وترابية تصف جيداً المناخ الممل والروتيني الذي تعيشه العائلة، قبل ان تدب فيها الحياة والالوان والسحر الشبيه بالحلم مع انطلاقها وراء المغامرة. وكل ذلك بمواكبة تقنية البعد الثالث 3D التي تحقق انجازاً لافتاً جداً في هذا الفيلم، فتبرز الطبيعة وتمنح كثيراً من المشاهد طابع الشاعرية، خصوصاً مشهد توليد النار والشرارات المتطايرة. بدورها الموسيقى غنية بقدرتها على توليد مشاعر الخوف والخطر والسحر والابهار والمتعة والامل والرومنسية التي ستتوالى طيلة مدة الشريط، وهي من تأليف ألن سيلفستري الذي سبق ان فاز بالاوسكار عن موسيقى فيلم  Forrest Gump عام 1995.

طرافة عالية
صحيح أن السحر المشهدي طاغٍ، ولكنه لا يقلل من وهج الحوارات الطريفة والمواقف المضحكة التي يعبق بها الشريط. الحوارات مفخخة كلها بقنابل ضحك متواصل، ومشاهد التلاسن بين الصهر كروغ والحماة غران الفكاهية جداً، تماماً مثل مشاهد الثورة والمعاندة التي تبديها ايب تجاه والدها. هذه الاجواء تذكرنا بأن السيناريو ورغم تقديمه قصة عائلة من العصر الحجري، الا أنه معاصر في الوقت عينه، فأسرة كرودز تشبه اية عائلة عصرية، لأن لديها ابنة مراهقة مثل مراهقات هذا الجيل، ترفض الانصياع لرغبات اهلها، وترغب بتحقيق احلامها وفق مزاجها الخاص.
في اية حال الشخصيات من ابرز نقاط قوة الشريط، فكل شخصية مميّزة بحد ذاتها ونحن سنتعلق بسرعة بها رغم انها نمطية وشاهدنا مثلها في افلام انيمايشن كثيرة في السابق. بدورها رسالة الفيلم قوية وايجابية وعابقة بالامل والجرأة، فالشريط يدعونا الى تحدي خوفنا والتسلح بشمس المعرفة لمواجهة كهف الجهل. كما يدعونا ايضاً للتحلي بالشجاعة لمواجهة التحديات والمخاطر والعراقيل في سبيل اكتشاف الجديد وعيش حياة مختلفة، اكثر اثارة وحيوية.
تبقى الاشارة الى الاتقان الصوتي في تجسيد الشخصيات، فالنجم نيكولاس كايج نجح في جعلنا نتعاطف تماماً مع هذا الاب الجاهل والقابع في ظلام كهفه، ظناً منه انه يحمي عائلته. صوته المؤثر والعابق بالحنان والخوف واللهفة مثالي لشخصية كروغ. بدورها ايما ستون تألقت في تلوين صوتها بنبرة الثورة والمشاغبة والتحدي حيناً، والرقة والرومنسية احياناً اخرى عندما تكون برفقة غاي.

مايا مخايل