سياسة عربية

مصر تنهي ازمتها مع ليبيا وتسلمها قذاف الدم

يعتقد محللون ان حكومة طرابلس المؤقتة تواجه صعوبات كبيرة في تفكيك ازماتها الداخلية والخارجية. فبينما تسود الفوضى مختلف انحاء البلاد، وتمتلك التنظيمات ما يؤهلها لفرض ما تريد على مختلف الهيئات السياسية وغيرها، وتدير مواجهات مع القوى الامنية المختلفة، يتوقف المتابعون عند سلسلة ازمات بين الحكومة ودول الجوار.

تبعاً لتلك الازمات قررت حكومة طرابلس المؤقتة اغلاق حدودها مع دول الجوار اكثر من مرة، ووجهت اتهاماتها لتلك الدول بتسهيل مرور المتطرفين الى الداخل، وتنفيذ عمليات ارهابية، او تزويد بعض التنظيمات بما يمكنها من التمرد على النظام العام.
تضاف الى ذلك خلافات عميقة على ارضية ايواء دول الجوار اشخاص يتم تصنيفهم على اساس انهم من اركان النظام السابق، وممن يعملون على زعزعة استقرار البلاد المهتزة اصلاً.
في هذا السياق يتوقف المتابعون عند مفاصل الازمة القائمة بين كل من ليبيا ومصر، والتي تتشعب لتشمل تهماً بايواء اركان النظام السابق، وتسهيل مهمة تنظيمات متطرفة، ومنها بعض التنظيمات الاسلامية القريبة من جماعة الاخوان المسلمين الحاكمة في مصر. وتمتد الاتهامات لتشمل ايواء ابن عم العقيد القذافي احمد قذاف الدم الذي تطالب السلطات الليبية بتسليمه بينما تؤمن له حكومة مرسي الحماية اللازمة.
التطورات الاخيرة حول هذا الموضوع تتمثل بقرار مصري لطي ذلك الملف الخلافي مع الجارة ليبيا، التي كررت اغلاق الحدود مع مصر، والتي فرضت اجراءات امنية عنوانها التأكد من عدم ارسال اية اخطار عبر تلك الحدود.
فقد قرر النائب العام المصري طلعت عبدالله، حبس أحمد قذاف الدم، ابن عم القذافي 30 يوماً على ذمة التحقيقات التي تجريها النيابة العامة معه، في تهم تتعلق بالفساد وارتكاب جرائم قتل المتظاهرين في ليبيا، إضافة إلى تهم مقاومة السلطات وحيازة أسلحة نارية بدون ترخيص، أثناء القاء الشرطة المصرية القبض عليه الاسبوع الفائت.
وتدخل نواب سابقون من الحزب الوطني المنحل، في الوساطة لدى قذاف الدم من أجل تسليم نفسه، دون إراقة الدماء، مع ضمان عدم تسليمه إلى السلطات الليبية، إلا بعد إجراء تحقيقات معه من جانب القضاء المصري في التهم التي وجهتها إليه ليبيا.

تحقيقات قضائية
تجري النيابة العامة تحقيقات موسعة مع قذاف الدم، بعد تسلمها ملفاً بالجرائم المتهم فيها من النيابة العامة الليبية، عبر الإنتربول الدولي. وقال اللواء أحمد حلمي، مساعد وزير الداخلية، أن عملية القبض على قذاف الدم جاءت بناء على مذكرة من الإنتربول الدولي، تلقاها بدوره من النائب العام الليبي الذي أصدر مذكرة أعتقال بحقه. وأضاف حلمي ان  المذكرة شملت شخصيات عدة أخرى من رموز نظام القذافي، من بينهم السفير الليبي السابق في القاهرة، علي ماريا، وثلاثة آخرون أقل شهرة، منوهاً بأن قوة من الشرطة المصرية والإنتربول توجهت إلى منزل قذاف الدم من أجل القبض عليه في الواحدة صباح يوم الثلاثاء الفائت، ولكنها تعرضت لإطلاق النار من جانب حراسه، وهو شخصياً. ووقع تبادل لإطلاق النار بين الجانبين لأكثر من أربع ساعات. ولفت إلى أن العملية إنتهت بالتفاوض وتسليم قذاف الدم نفسه ومن معه من حراس.
من جهته، قال المستشار محمد عبد العزيز، رئيس محكمة إستئناف القاهرة الأسبق، أن مصر غير ملزمة بتسليم قذاف الدم أو أي لاجىء سياسي على أراضيها، إذا رأت أن هناك خطورة على حياته أو أنه لن تتوافر له محاكمة عادلة على الأراضي الليبية. ولفت إلى أن قذاف الدم مصري من جهة الأم، ولديه حق اللجوء إلى مصر، ولفت إلى أن القضاء المصري سوف يجري تحقيقات موسعة مع رموز نظام حكم القذافي بمن فيهم قذاف الدم قبل تسليمهم إلى السلطة الليبية، مشيراً إلى أنه في حالة ما إذا ثبت للقضاء المصري أن التهم الموجهة إليهم سياسية، أو أن هناك ثمة خطورة على حياتهم، فإن القانون الدولي يمنحه الحق في الإمتناع عن تسليمهم. وقال مصدر قضائي في مكتب النائب العام المصري: إن حكومة ليبيا بعد الثورة تطالب مصر بتسليم 1800 شخصية ليبية تقول بأنهم رجال أعمال ورموز ورجال أمن ومخابرات في عهد القذافي، ومن بينهم أحمد قذاف الدم.
وأضاف المصدر أن الدكتور محمد المقريف، رئيس المؤتمر الوطني الليبي، زار مصر أخيراً على رأس وفد ضم النائب العام ووزيري العدل والداخلية، واجتمع مع مرسي، والنائب العام المستشار طلعت عبدالله، ورئيس الوزراء هشام قنديل من أجل بحث هذا الملف، مشيراً إلى أن مصر أعلنت إلتزامها بالإتفاقية الدولية لتسليم المطلوبين، وشددت على ضرورة إقامة محاكمات عادلة وشفافة بحق من تراهم الحكومة الليبية متهمين، ووعدت بعدها بدراسة الملف. الى ذلك، وصل إلى العاصمة المصرية القاهرة وفد دبلوماسي رفيع المستوى من ليبيا لاستكمال إجراءات تسليم أحمد قذاف الدم، منسق العلاقات المصرية الليبية في عهد النظام السابق وابن عم معمر القذافي.

اللجوء الى مصر
يقيم أحمد قذاف الدم، ابن عم حاكم ليبيا المقتول معمر القذافي، في مصر عقب انشقاقه عن النظام الليبي السابق، في 24 شباط (فبراير) 2011، أي بعد نحو أسبوع من اندلاع الثورة الليبية. ولجأ إلى مصر بناء على طلبه، وحظي بحماية المجلس العسكري الذي أدار المرحلة الإنتقالية في مصر منذ سقوط مبارك وحتى تسليم السلطة للرئيس محمد مرسي. ويمثل وجود قذاف الدم في مصر أزمة سياسية خطيرة بين حكومتي البلدين، لا سيما أن السلطة في ليبيا تطالب بتسليمه ومحاكمته باعتباره ممن ساهموا في قتل الشعب الليبي أثناء الثورة، فيما ترفض السلطات المصرية هذا الطلب، معتبرة أنه لاجىء في مصر، وأنه يجب تقديم أدلة دامغة بناء على محاكمات عادلة من أجل تسليمه.
وفي موضوع آخر، استأنف المؤتمر الوطني العام -البرلمان المؤقت – اجتماعاته في مقره بالعاصمة طرابلس بعد تعليقها لمدة 12 يوماً. ولكن دون اية ضمانات تتعلق بحمايته وعدم اختراق حرمته من قبل متظاهرين كما حدث سابقاً. وعلق المؤتمر الوطني العام اجتماعاته منذ الخامس من الشهر الجاري إثر قيام محتجين بمحاصرة مقره واحتجزوا أعضاءه لساعات واعتدوا على بعضهم، وهددوهم بالقتل. وقال عمر عزوز مدير المكتب الاعلامي بالمؤتمر الوطني العام: إن البرلمان عاد لعقد جلساته في قاعة الاجتماعات الرسمية بعد غياب دام 12 يوماً. واضاف عزوز في تصريحات لمراسل الأناضول ان المؤتمر سيناقش في جلسته جملة من القضايا المؤجلة كإقرار الميزانية.
ولم يرد في جدول اعمال المؤتمر المنشور على الموقع الرسمي أي شيء عن قانون العزل السياسي الذي تسبب في تعليق جلسات المؤتمر الاسبوع قبل الماضي بسبب احتجاجات يطالب اصحابها بضرورة اقرار القانون.

عواصم -«الاسبوع العربي»

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق