سياسة عربية

الرياض: خطة لمواجهة الارهاب المنتشر عبر التواصل الاجتماعي

المؤتمر الدوري الثلاثين لمجلس وزراء الداخلية العرب الذي انعقد في العاصمة السعودية الرياض الاسبوع الفائت لم يكن لقاء عادياً، فالمعلومات المتسربة تشير الى ان البحث الذي تركز في موضوع الارهاب امتد ليشمل هذه الآفة وتطوراتها، واستخداماتها للتكنولوجيا الحديثة بما في ذلك وسائل الاتصال، والتواصل.

شارك في المؤتمر 21 وزيراً أو من يمثلهم، باستثناء سوريا التي لم يكن لها مقعد في الدورة الحالية.
وناقش المجلس تطورات النشاط الارهابي في المنطقة والعالم، ومصادر الدعم المادي واللوجستي التي تقدم للتنظيمات الارهابية بشكل عام، ولعمليات ارهابية محددة.
الوزراء العرب عقدوا سلسلة من الاجتماعات السرية والعلنية. وبحسب معلومات راشحة من احد اللقاءات المغلقة جرت مناقشات مستفيضة حول تأثيرات وسائل التواصل والاتصال حول النشاطات الارهابية، والحراكات المتطرفة في العديد من الدول، خصوصاً تأثيرات الفيسبوك والتويتر، والخدمات الهاتفية التي تقدمها شبكات الإتصال المحلية مثل «واتس أب» و«فايبر»، على ما اعتبرته تقارير امنية «حالة الإنفلات السياسي والأمني» في بعض الأقطار. وفوض الوزراء فريقاً أمنياً عربياً في مجال شبكات الإنترنت، التحرك للإتفاق على قواعد لتنظيم هذه الخدمات، والتعامل معها، بما في ذلك التعامل المالي.
من جهته، اكد العاهل السعودي في كلمة افتتح بها المؤتمر، والقاها نيابة عنه وزير الداخلية الامير محمد بن نايف، أن تحديات خطيرة وكثيرة تواجه امتنا العربية تهدد امنها، لكنه اشار الى ضرورة الحفاظ على الامن «القائم على اساس التعاطف بين ابناء الشعب الواحد وتعاونهم مع اجهزة الامن». ودعا خادم الحرمين الشريفين الى صياغة رؤية امنية عربية شاملة في افق مواجهة تتسم بالحكمة السياسية وتقوية التماسك الاجتماعي وتطوير التنسيق الامني وتفعيل دور المؤسسات الدينية والاجتماعية والتعليمية. ولفت الملك الى ضرورة ان تدرك اجهزتنا الاعلامية خطورة بث روح التفرقة والانقسام في الصفوف، مشيراً إلى أن بلاده تكافح الجريمة وفي مقدمتها الارهاب الذي وصفه بانه «آفة هذا العصر». الى ذلك، دان وزراء الداخلية العرب خلال مؤتمرهم «الدعم اللوجستي الايراني لعمليات ارهابية» نفذت في كل من البحرين واليمن. وحض الوزراء على تعزيز التعاون و«تسليم الارهابيين» الى الدول التي تطلبهم.

خطة مواجهة
ناقش الوزراء خلال مؤتمرهم الثلاثين في الرياض جدول أعمال تضمن خطة لمواجهة الإرهاب إثر انتشاره بفعل «الانفلات الاعلامي» ووسائل التواصل الاجتماعي وسبل مكافحته. وأدان الوزراء في بيان اصدروه في ختام اجتماعاتهم «الدعم اللوجستي الايراني لعمليات ارهابية في البحرين واليمن» واشادوا باجهزة الامن في البلدين لدورها في كشف خلايا ومخططات ارهابية خطيرة.
واشادوا بالجهود المبذولة للقضاء على الارهاب وتفكيك شبكاته وبتطور قدرات اجهزة الامن في مجال مكافحته، وخصوصاً في البحرين والسعودية والعراق. وحض البيان الدول العربية على تعزيز التعاون في ما بينها في مجال ملاحقة الارهابيين وتسليمهم الى الدول الطالبة. وأدان الوزراء بشدة العملية الارهابية في «اميناس الجزائرية» التي نفذت من قبل من وصفوا بـ «جماعة من المرتزقة»، واشادوا بـ «الرد السريع والحازم والمسؤول» للسلطات الجزائرية على هذا العمل الارهابي. والقضاء على الجماعة الارهابية وافشال هذا المخطط الاجرامي الخطير. وأشار البيان إلى أن القضاء على الارهاب يتطلب مواجهة شاملة ومستمرة ومنسقة ويستلزم تجفيف منابعه. وجدد البيان الادانة الثابتة للارهاب مهما كانت اشكاله ومصادره. الى ذلك، قالت مصادر مشاركة في الاجتماع: إن وزراء الداخلية يبحثون خطة لمكافحة الارهاب ومراقبة اتصالات العناصر التي يشتبه بانتمائها او تعاطفها مع القاعدة، وتجديد قائمة تتضمن اسماء مدبري الاعمال التخريبية. وتتضمن الخطة «مراقبة المواقع الالكترونية للافكار المتطرفة التي تعمل على تجنيد إرهابيين والتركيز على رصد الاتصالات بين التنظيمات الارهابية والتوصل إلى اكتشاف أماكنها». كما تدعو الخطة الدول الى «تكثيف جهودها لمنع الجماعات الارهابية والمتطرفة من استخدام شبكة الانترنت مواقع التواصل الاجتماعي».
من جهة اخرى، ناقش الوزراء مجالات البحث الجنائي والتحري والقبض على الهاربين من مرتكبي الجرائم الارهابية وامداد قاعدة البيانات والمعلومات بالمكتب العربي للشرطة الجنائية حول ظاهرة الارهاب. واكد مصدر مشارك ان المجلس سيتخذ قراراً بنقل المكتب الجنائي العربي من دمشق الى دولة اخرى. وحضرت المؤتمر وفود امنية رفيعة من جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي. وعلى جدول اعمالها كذلك، مشروع خطة مرحلية لتنفيذ الاستراتيجية العربية لمكافحة الاستعمال غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية ومشروع خطة الاستراتيجية العربية للحماية المدنية والدفاع المدني.

الانفلات الاعلامي
كما ناقش المجلس التوصيات الصادرة عن المؤتمرات والاجتماعات التي انعقدت في نطاق الامانة العامة خلال عام 2012 ونتائج الاجتماعات المشتركة بين خبراء من مجلسي وزراء الداخلية والعدل العرب وكذلك سبل دعم وزارة الداخلية الفلسطينية. وبحث كذلك في تدعيم العلاقة بين الشرطة والمجتمع من خلال تعزيز الشرطة المجتمعية وبناء شراكة بين اجهزة الامن وفعاليات المجتمع المدني واشاعة ثقافة حقوق الانسان، فضلاً عن بعض المسائل الادارية والمالية. الى ذلك، اعلن الامين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب محمد كومان خلال الجلسة الافتتاحية ان انتشار الفكر المنحرف والمتشدد والفتاوى الضالة بفعل الانفلات الاعلامي وازدهار وسائل الاتصال الجماهيري، كانت له انعكاسات كبيرة على الارهاب بحيث شهدنا زيادة ملحوظة في الاعمال الارهابية والاغتيالات السياسية والنزاعات الطائفية. الا انه استدرك قائلاً: «بات من المستحيل فرض رقابة صارمة على شبكة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي فلا بد بالتالي من تركيز خطاب تصحيحي يفند الفكر الضال». فـ «الفكر لا يواجه الا بالفكر».
وبدا واضحاً ان الامين العام يشير بذلك الى مركز اسسه وزير الداخلية السعودي الامير محمد بن نايف قبل اعوام عدة للرعاية والمناصحة، يحمل اسمه ويعمل على تخريج حوالي ثلاثين دفعة تضم آلاف الشبان «المغرر بهم». والى محاولة تقديم تلك التجربة على امل الاستفادة منها على نطاق عربي. ويعمل المركز في الرياض وجدة على إعادة تأهيل الآلاف من المتشددين عبر تخصيص برامج دينية واجتماعية ونفسية وتاريخية ودورات علمية ورياضية وفنية ومهنية وندوات خلال فترة زمنية يقضونها بالمركز.

الرياض – «الاسبوع العربي»
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق