سياسة لبنانية

ماذا سيحصل في جلسة مجلس الوزراء في 21 اذار؟

هل نحن على ابواب تسوية شاملة في المنطقة تنعكس ايجابيات على الساحة اللبنانية وتخرج لبنان من حال الركود؟ ام اننا لا نزال نراوح مكاننا ونتأثر بمرحلة الصراع الدولي – الاقليمي حول ملفات المنطقة، بما فيها الملف السوري؟

هل اقتنع اللبنانيون بانهم غير قادرين على احداث اي تغيير في ما يجري في سوريا، سواء اولئك الذين يدعمون النظام ام الذين يؤيدون المعارضة؟ وانطلاقاً من هذا «العجز» وعدم المقدرة لدى اللبنانيين في احداث اي تغيير في مجريات الامور في سوريا، هل اقتنع اللبنانيون بأن تكون مرحلة انتظار التسوية الشاملة والحلول، على البارد وليس على نار حامية من خلال التمسك بالاستقرار واعتبار الامن خطاً احمر؟ ولماذا هبت حمية الديبلوماسيين اخيراً للتأكيد على ان الانتخابات ستجري في موعدها الدستوري؟ وعلى ماذا استند الرئيس ميشال سليمان عندما اعلن امام نقابة المحررين ان الانتخابات ستجري بنسبة 95% وعلى اساس قانون جديد وليس على اساس قانون الستين؟ ولماذا لم يتوصل الاطراف الى الاتفاق على قانون جديد طالما ان الجميع يعارضون قانون الستين؟ واين العقدة في تأخير الاتفاق؟ وهل ان التباين في المواقف هو حول قانون الانتخاب ام حول طبيعة المرحلة المقبلة وحول المشروع السياسي؟
اسئلة كثيرة تطرحها الاطراف السياسية من دون ان يكون لدى اي فئة اجوبة دقيقة او معطيات كافية لشرح ما يجري واتخاذ المواقف انطلاقاً من العوامل  الخارجية. لقد عكس الحزب الاشتراكي صورة الوضع عندما اعلن امينه العام ظافر ناصر «انه بعد الاتصالات بين الحزب وتيار المستقبل تم التوصل الى تذليل معظم العقد. وان حركة السفيرة الاميركية والسفراء الاخرين تعكس وجود نوع من الضغط الدولي لاجراء الانتخابات في موعدها الدستوري. وتساءل: هل نحن على ابواب تسوية شاملة لان اجراء الانتخابات هو جزء منها ام لا؟

التأجيل والتمديد
في رأي اوساط سياسية وزارية مستقلة ونيابية في المعارضة ان مكونات 8 اذار لا سيما حزب الله، يستبعدون ان تكون الاوضاع الحالية في المنطقة، وفي سوريا تحديداً تسمح بالتوصل الى تسوية شاملة. وانطلاقاً من هذه المعطيات ترى المعارضة ان حزب الله ومكونات 8 اذار يحاولون التفاوض على قانون الانتخاب بشروط شبه مستحيلة، كونهم يتحكمون بالقرار وبالسلطة والحكومة لذلك يتمسكون بالمشروع الارثوذكسي كخيار انتخابي وان البديل عنه هو لبنان دائرة انتخابية واحدة بنظام نسبي. ان الامرين مرفوضان من قوى 14 اذار والاشتراكي والمستقلين، وهذا يعني ان قوى  8 اذار عندما تطرحهما لا تريد الانتخابات، وتدفع باتجاه الوصول الى الموعد الدستوري من دون اي اتفاق، عندها يطرح التأجيل وتمديد ولاية المجلس، والافادة من التمديد لاستمرار تحكم قوى 8 اذار  بالحكومة والسلطة، الى ان يحين الظرف الاقليمي الملائم للتسوية. وترفض قوى  8 اذار تقديم اي تنازل في قانون الانتخاب، وتتمسك بمواقفها محاولة الحصول على مكاسب مقابل اي تنازل، الامر الذي ترفضه قوى 14 اذار وترى ان الربيع العربي لا بد وان يحدث تغييراً في لبنان بعد انهيار مشروع الممانعة والمقاومة مع انهيار النظام السوري و«الضغوط» الدولية على ايران، من خلال العقوبات الاقتصادية والحصار لحملها على السير في المشروع  الذي تضعه الدول الخمس زائد واحد لحل الملف النووي. ان التطورات الاخيرة في العراق ليست سوى رسائل الى المسؤولين الايرانيين عشية الانتخابات الرئاسية، واشارات واضحة لما قد تقدم عليه ادارة الرئيس باراك اوباما، بعد الانتهاء من اختياره معاونيه، علماً بأن سياسة الادارة الجديدة تعتمد على التفاوض والحوار لحل المشاكل وليس على المواجهات.ان حال الانتظار هي السائدة، وقد اشارت المعلومات الديبلوماسية الى تطورات دراماتيكية في سوريا قد تقلب موازين القوى وتحدث تغييراً في المعطيات ومجريات الامور، ربما تدفع الى وقف العنف في سوريا والبدء بحوار بين اهل النظام والمعارضة وفق صيغة جنيف بعد تعديلها على ضوء المعطيات الاخيرة السياسية والعسكرية.
وسط هذه الاجواء ينقل زوار بعبدا عن الرئيس ميشال سليمان قوله: ان احداً من الاطراف المحلية غير قادر على تغيير ما يجري في سوريا، لا سلباً ولا ايجاباً، وان المواقف التي يتخذها البعض لا تقدم ولا تؤخر، وعلينا خلال فترة الانتظار ان نحافظ على الاستقرار فالامن خط احمر، وان نعتمد الهدوء لان اي صدام في ما بيننا لن يفيد احداً في الداخل او الخارج، بل يسهم في خراب البلد. وعلينا ان نكون جاهزين وفي اجواء هادئة بانتظار ان يحين الوقت للتسوية. فنعمل على تدبير امورنا بالممكن واي تورط لبناني في الازمة السورية يخرب لبنان الذي يعاني الكثير من تداعيات هذه الازمة عليه ومن عبء النازحين السوريين.

الازمة السورية
وتنقل التقارير الديبلوماسية معلومات مفادها ان المسعى الدولي، لا سيما الاتصالات بين واشنطن وموسكو، تصب في خانة السعي الى وقف العنف في سوريا خشية التداعيات من استمرار المعارك على دول الجوار، لا سيما العراق والاردن ولبنان، هذا ما حذر منه رئيس الحكومة العراقي نور المالكي وما قاله الامين العام لحزب الله حسن نصرالله من مغبة سقوط النظام في سوريا، لانه قد تكون له تداعيات على العراق ولبنان وقد يسهم في اشعال نار الفتنة السنية – الشيعية. واعتبرت اوساط معارضة مواقف المالكي ونصرالله رسائل ايرانية الى الغرب، مما حمل المسؤولين الغربيين على استعجال الحل. لقد ابدت حكومات غربية عدم موافقتها على السياسة التي تعتمدها واشنطن والقائمة على استمرار القتال في سوريا لاستنزاف ايران وحزب الله في وحول المواجهات واضعافهما. ان عدم استعجال واشنطن الحل ساهم في ظهور تنظيمات وحركات اصولية متطرفة ودخول عناصر للقاعدة في المعارك. ان هذه الاجواء ربما سرّعت خطوات الحل بعدما طالبت واشنطن بأن يتمكن النظام الجديد من احتواء الاصوليات والمتطرفين وترويضهم قبل الدخول في بازار التسوية، في الوقت الذي رفضت موسكو وجود اصوليات ومتطرفين على شاطىء البحر الابيض المتوسط، خشية ان يحرك هؤلاء دول الاتحاد السوفياتي سابقاً لا سيما الشيشان، ويستخدموها كورقة ضغط على روسيا من قبل الغرب، خصوصاً من قبل واشنطن. ويرى احد وزراء الخارجية السابقين ان جولة وزير الخارجية الاميركية جون كيري في المنطقة والرسائل التي وجهها الى المسؤولين العرب كانت واضحة وعكست تصور الادارة الاميركية لحل الازمات في المنطقة من خلال الحوار والتفاوض.
وتحاول الاطراف اللبنانية خلال فترة انتظار التسوية في المنطقة ملء الفراغ بالبحث عن صيغة جديدة لقانون الانتخاب. ولان الاجواء غير مؤاتية للحل، فان كلاً من الاطراف السياسية يحتفظ بمواقفه الثابتة من دون ان يقدم اي تنازل. فالجميع ينتظرون التسوية لكي يبنوا عليها مواقفهم في المرحلة المقبلة من المشروع السياسي المستقبلي. ولا احد مستعد للتنازل قبل معرفة المسار الذي قد تسلكه المنطقة بعد الربيع العربي. غير ان استمرار الخلاف السياسي لن ينعكس على الاستقرار  كما يؤكد اكثر من مسؤول، وان حال الاستقرار ستبقى قائمة وان الهدوء سيبقى محافظاً عليه لان الامن خط احمر. وتعي الاطراف السياسية حجم الضغط الخارجي للمحافظة على الاستقرار ومنع التفجير، خصوصاً في هذا الظرف، وهناك اكثر من دليل على ان الافرقاء على اختلاف مواقعهم وانتماءاتهم يلتزمون خيار الاستقرار على رغم ارتفاع نبرة خطابهم السياسي، وان ما جرى في صيدا بين الشيخ احمد الاسير وحزب الله  اكبر دليل على التزام الاطراف الهدوء وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في اجتماع المجلس الاعلى للدفاع الذي اكد على تطبيق القانون واعتبار الامن خطاً احمر ومنع المظاهر المسلحة وقطع الطرق وانهاء آفة الخطف مقابل فدية بعدما راجت مؤخراً، وتوقيف عناصرها.

قانون انتخاب
يكشف نواب في المستقبل ان الاتصالات الجارية مع الاشتراكي حول قانون الانتخاب شارفت على الاتفاق على صيغة، تمت مناقشتها مع حزبي القوات والكتائب وهناك توافق على الاتفاق على صغية موحدة من قبل 14 اذار يتم عرضها على الرئيس نبيه بري ليناقشها مع حلفائه. وتوضح اوساط المستقبل ان الفتور والخلاف اللذين هزا شباك قوى 14 اذار بسبب تبني القوات والكتائب المشروع الارثوذكسي الى جانب العونيين والمرده من دون التشاور مع حلفائهم في 14 اذار قد طوي وتم تجاوزه، من خلال الاجتماع الذي عقد في معراب بين الرئيس فؤاد السنيوره والدكتور سمير جعجع، بحضور نواب من المستقبل والقوات، وانتهى الى الاتفاق على تعزيز لحمة 14 اذار من خلال التأكيد على انها متينة وان ما جرى غيمة صيف وقد ولت وعادت 14 اذار اقوى مما كانت، وهي عازمة على الاتفاق على صيغة موحدة لقانون الانتخاب مع النائب وليد جنبلاط. وترفض قوى 8 اذار التفاوض مع 14 اذار حول قانون الانتخاب وتتمسك بالارثوذكسي بعدما انتقدت بعنف رئيسي الجمهورية والحكومة على توقيع مرسوم دعوة الهيئات الانتخابية التزاماً بالمهل الدستورية وهذا عمل اداري – دستوري الزامي، كما انتقدت وزير الداخلية على اعلانه فتح باب الترشيحات للانتخابات وفق قانون الستين الساري المفعول.
ورد الوزير شربل على منتقديه بالقول ان ما قام به هو عمل دستوري الزامي والا اتهم بمخالفة الدستور. واذا كانت الاطراف لا تريد قانون الستين فما عليها الا الاتفاق على قانون بديل، وقد سبق للحكومة ان ارسلت الى المجلس مشروع قانون منذ سنة لم يدرسه المجلس. فاذا كان المجلس مقصراً في تحمل مسؤولياته فلا يجوز له تحميل الوزير مروان شربل المسؤولية وانتقاده على تطبيق القانون والا اتهم بمخالفة الدستور. ويقول احد نواب المعارضة ان سقف المواجهات بين مكونات الحكومة والمنازلة الكبرى سيكون في جلسة مجلس الوزراء في 21 الجاري بحيث يبحث المجلس في موضوعين شائكين: سلسلة الرتب والرواتب وتشكيل هيئة الاشراف على الانتخابات تنفيذاً لنصوص قانونية لأنه يفترض تشكيل الهيئة قبل شهرين من بدء العمليات الانتخابية. ففي الوقت الذي يصر الرئيس سليمان على تشكيل الهيئة يعترض وزراء امل وحزب الله والتيار الوطني الحر. ويقول احد الوزراء ان تشكيل الهيئة لن يمر لانه يعزز حظوظ قانون الستين ولا انتخابات وفق هذا القانون. فهل ستتم التسوية قبل الجلسة ويتم الاتفاق على المخرج من خلال الاتفاق على صيغة جديدة ام يستقيل الرئيس نجيب ميقاتي ليتلافى المواجهة ويتهرب من اقرار السلسلة التي قد تكون لها تداعيات على الوضعين المالي والاقتصادي وفق ما يقول احد اركان الهيئات الاقتصادية.

استئناف الحوار
واستباقاً لما قد تسفر عنه جلسة 21 الجاري تطالب قيادات سياسية بضرورة استئناف اجتماعات هيئة الحوار وتأمين التواصل بين الاطراف والقيادات للاتفاق على المرحلة المقبلة، وتطبيق سياسة الحكومة «النأي بالنفس» وترجمة اعلان بعبدا قوانين ومراسيم لتثبيت مبدأ تحييد لبنان عن الصراعات الخارجية قولاً وفعلاً، ووضع حد لتوريطه في الازمة السورية وانقاذ الساحة المحلية من مواجهات تعمل جهات خارجية على حصولها. وتشعر مكونات الحكومة بأن رئيسها بات يميل الى الاستقالة بعد التطورات الاخيرة، لا سيما ما جرى بينه وبين وزير الخارجية ودعم حركة امل وحزب الله والتيار الوطني الحر موقفه، وقد اعتبر النائب محمد رعد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة ان موقف وزير الخارجية في اجتماعات الجامعة العربية في القاهرة هو موقف الحكومة في الوقت الذي ارسل ميقاتي كتاباً شديد اللهجة الى منصور يطلب منه التزام سياسة النأي بالنفس. وابلغ الرئيس ميشال سليمان منصور بعدما استدعاه الى بعبدا ان عليه ان يتشاور معه في اي موقف يتخذه ليتداول في الامر مع رئيس الحكومة. ان الضغط السياسي والمالي والاقتصادي والنقابي وشل الادارة والدولة قد يحملان ميقاتي على الاستقالة لمنع الانهيار وحصول صدمة قد تحدث تغييراً، لان الرئيس ميقاتي لا يمكنه ان يتحمل المزيد من الضغط عليه، لا سيما من قبل حزب الله.

فيليب ابي عقل

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق