معارض

عصام خليفة: هدف الثقافة تحقيق التنمية الانسانية

كعادتها في كل سنة، وفي مثل هذا الشهر، نظمت «الحركة الثقافية – انطلياس» المهرجان اللبناني للكتاب (السنة الثانية والثلاثون) برعاية الرئيس ميشال سليمان (ممثلاً بوزير التربية والتعليم العالي البرفسور حسان دياب)، وكعادتها ايضاً، استطاعت «الحركة»، وبهمة أمينها العام المؤرخ الدكتور عصام خليفة، ان تجعل من هذا المهرجان، على مدى 15 يوماً، حركة دائمة، ومحطة ثقافية مضيئة.

انطلق المهرجان مع كلمة أمين معرض الكتاب منير سلامه، مشيراً الى انه بالرغم من الظروف العصيبة التي يمرّ بها لبنان، وتمرّ بها المنطقة، يقام «المهرجان اللبناني للكتاب» من اجل مواجهة موجات التخلف المتلاحقة، بالعقل وبالثقافة… من قطع رأس أبي العلاء المعري، الى تغييب وجه أم كلثوم، وصولاً الى تحطيم تمثال طه حسين!
الى كلمة رئيس «الحركة الثقافية» الأب المدبّر ريمون هاشم (رئيس دير مار الياس – انطلياس)، لافتاً الى أن هذا العمل التضامني الوطني والفكري الذي ترعاه «الحركة الثقافية» أصبح على مرّ الأزمان موعداً منتظراً، يسلّط الضوء على أهمية الحوار والتعايش والتآخي، ويؤكد ان الاختلاف هو صحة، والتطور والتعدّد مسموح، لا بل مطلوب، وهو غنى لا بل حياة من اجل مجتمع متمدن ومتطور، خصوصاً عندما يمتزج عطاء الفكر بحضارة المحبة.

تحقيق التنمية الانسانية
بعدما اعطى صورة شاملة لنشاطات «المهرجان اللبناني للكتاب» في دورته الجديدة، حدّد أمين عام «الحركة الثقافية – انطلياس» دور هذه «الحركة» التي تسعى الى الدفاع عن حقوق الانسان اللبناني، لا بل الانسان العربي، الذي يعاني في هذه الايام، تداعيات تحركه في مواجهة الاستبداد والفساد والتبعية. مؤكداً، على ان هدف الثقافة هو تحقيق التنمية الانسانية التي تشمل الحرية السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتوافر الفرص للانتاج والابداع، والاستمتاع باحترام الذات وضمان حقوق الانسان. معتبراً، ان شعار «الحركة الثقافية» كان ولا يزال، الثقافة والقيم هما روح التنمية. والتنمية الانسانية هي تنمية الناس، من اجل الناس ومن قبل الناس.
ويرى عصام خليفة، ان في هذه المرحلة من تاريخ وطننا لبنان، وتاريخ المنطقة العربية، ثمة تحديات خطرة تفرض علينا ان نستجيب بأقصى درجات الوعي والمسؤولية. ذلك ان نتائج ما يجري ستطبع مستقبلنا الى اجيال مقبلة.
وخلص الى القول، ان «الحركة الثقافية» مستمرة في خدمة العمل الثقافي، وفي خدمة الشعب اللبناني، من اجل مستقبل اكثر تقدماً وعدالة.

انفتاح على العالم
اما الوزير حسان دياب، فاستهل كلامه بالاشارة الى ان «الحركة الثقافية – انطلياس» اسهمت ولا تزال، في نشر الوعي الثقافي في لبنان، من خلال تصديها لمعالجة كل ما يتعلق بشؤون الأدب والفن والعلم والفكر، وكل ما يمت الى العقل.
الى ان قال: لعل أهم ما يتميز به لبنان، هو انفتاحه على العالم ويتمثل ذلك بما يزخر به من المعالم الحضارية منذ اكتشاف الابجدية، ومن ثم هذا الكنز المكنون الذي تكدست فيه تجارب الاجيال التي تعاقبت فيها اللغات الارامية والسريانية واليونانية واخيراً اللغة العربية التي اغناها اللبنانيون بما اكتشفوه من بحارها الواسعة وأبعادها الغنية المشرقة، وما حققوا من معاجمها ودققوا من معانيها الخالدة نثراً وشعراً، وما نشروه من آثار العرب وآخبارهم، وما قاموا بتعريبه من روائع الفكر الغربي، وما قدموه من تراث المشرق العربي الى الغرب. واخيراً دورهم الريادي في طباعة الحرف العربي والذي يتجسد الآن في دُور النشر اللبنانية التي تضاهي في جودتها واتقان طباعتها دُور النشر العالمية.

واقع ثقافي مترد
غير ان الوزير دياب يعتبر، انه اذا كان للبنان ان يتغنى بهذا الارث الثقافي، وبمدى اسهامه في النهضة الادبية والفكرية في العالم العربي، بحيث بات يدعى بلد الاشعاع والنور، بما لديه من دُور العلم والمعاهد والجامعات، وايمانه بالحضارة والتوق اليها، الا ان الواقع الثقافي اليوم، سواء في لبنان او في عالمنا العربي عموماً، يدعو الى القلق، بل الى الأسى والألم، بعدما اصبح ظلام الجهل يعم دنيا العرب، كما تشير الى ذلك احصاءات اليونسكو. ذلك انه في الوقت الذي اصبح فيه تعلّم اللغات الاجنبية والتعامل مع لغة الكومبيوتر معياراً جديداً للتعليم، فان عدد الأميين في العالم العربي يناهز مئة مليون عربي، اي ان ثلث العرب لا يستطيع القراءة والكتابة.
ولفت الوزير حسان دياب، الى انه ليس في وارد اضفاء مسحة من التشاؤم على هذا الواقع الثقافي المتردي، الا انه لا بد لنا من مواجهة هذا التحدي الحضاري.

تحية إكبار وإجلال
اول ما لفتنا عند مدخل المعرض، لوحة تحية إكبار وإجلال لمثقفين كبار، لبنانيين وعرباً، رحلوا في سنة 2012، فتأخذنا الدهشة من كثرة عددهم، وكلهم أعلام في مختلف حقول الثقافة… وهم: الأديب والشاعر والرسام يونس الابن – المؤرخ العلاّمة الأب جوزف حجار – الأديب الدكتور جميل جبر – الشاعر سليم نكد – النائب السابق المحامي والأديب احمد سويد – الاكاديمي سامي مكارم – الروائي اسامة العارف – المهندس عاصم سلام – الدكتور محمد علي موسى – السفير فؤاد الترك – السفير كميل ابو صوان – الاكاديمي سمير سليمان – الاديبة والشاعرة إنصاف الأعور معضاد – الكاتب وهيب كيروز – الكاتب ناجي علوش – الصحافي عدلي الحاج – الاديب والشاعر هنري فريد صعب – رجل الدولة والانماء ادوار صوما.

ندوات وتواقيع
اكثر من 110 من دور النشر شاركت في معرض الكتاب لهذه السنة، فعرضت في رفوفها مجموعات كبيرة من الكتب التي تتناول مختلف فروع المعرفة، وهناك ما يزيد عن توقيع 50 مؤلفاً جديداً.
وشهد «المهرجان اللبناني للكتاب» في دورته الجديدة، حوالي 15 ندوة ناقشت بعض المؤلفات الجديدة، وبعض الموضوعات البارزة، منها: ندوة حول الاعمال الشعرية للياس لحود – ندوة حول كتاب المهندس والاديب ميشال عقل «بالثقافة نبني» - ندوة حول الارشاد الرسولي – وغيرها…
كما شهد «المهرجان» الاحتفال بمئوية ولادة الاديب والشاعر والمفكر الفذ رئيف خوري، وكذلك بمرور 150 سنة على نشاط عائلة صادر في ميدان الطباعة والنشر.

تكريم أعلام الثقافة
وحرصت «الحركة الثقافية» على تكريم أعلام الثقافة في لبنان والعالم العربي، فكرّمت في هذه السنة، الرعيل 28، وهم: الدكتور انطوان زحلان (فلسطين) – الدكتور عبد الجبار الرفاعي (العراق) – القاضي الياس بو ناصيف – الدكتور ابرهيم الحاج – الأب الدكتور ايلي كسرواني – الدكتور جورج قرم – المخرج السينمائي الرائد جورج نصر – الدكتورة سعاد الحكيم – البروفسور سمير نجار – الدكتور عبدو قاعي – الدكتور موسى وهبة – الرسام موسى طيبا – المخرج الاذاعي محمد كريّم.

كتب «الحركة الثقافية»
اما الكتب الجديدة التي اصدرتها «الحركة الثقافية – انطلياس» في هذه السنة، فهي: أربعة كتب: «كتاب المهرجان» السنوي الذي يتضمن نشاطات المهرجان في دورته الحادية والثلاثين، ويعتبر من المراجع التي لا بدّ منها. وكتاب «أعلام الثقافة في لبنان والعالم العربي». و«الكتاب السنوي» ويتضمن نشاطات «الحركة الثقافية» في الدورة الرابعة والثلاثين. وكتاب بعنوان «عصام خليفة: ضمير الجامعة وصوت الحق فيها» ويضم كلمات وشهادات ألقيت في حفل التكريم الذي نظمته له الجامعة اللبنانية.

باق في ضمير الشعب
بالاضافة الى كتاب «رئيف خوري: الأديب الحيّ والمفكر الحرّ – مئة عام على ولادته»، وساهم في تأليفه 24 باحثاً. كتب مقدمته الدكتور عصام خليفة، مشيراً الى ان «أمثال رئيف خوري يستمرون في ضمير الشعب، وان الثقافة التي دافع عنها تبقى رافداً اساسياً من روافد الفكر الانساني الذي يجمع بين الرغيف والحرية».
ولنا عودة الى بعض هذه الكتب.

اسكندر داغر
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق