أبرز الأخبار

العراق يدخل مرحلة التقسيم الفعلي: سقوط تكريت والموصل، والمسلحون يدقون ابواب بغداد

بينما تعلن مكونات الشعب العراقي كافة «انتفاضتها» سعياً الى تحرير ما احتله تنظيم داعش من مناطق ضمن اطار المثلث السني، وعلى اكتاف الاقليم الكردي، امتداداً الى مشارف العاصمة بغداد، تشير المعطيات الى صورة مختلفة. والى تفاصيل متعددة ومؤشرات تلتقي مع طروحات تقرأ مستقبل البلاد برؤية مختلفة.  وتتوقف عند سؤال: «هل يمتلك تنظيم داعش تلك القوة التي تستطيع السيطرةعلى مناطق شاسعة من العراق، وعلى بؤرة ملتهبة كانت وما زالت محل خلاف متعدد الاشكال والعناصر؟». ام ان ما يجري كان ثورة شعبية اطلقها سكان تلك المناطق الذين ينتمون في غالبيتهم الى التيار السني؟

الاحداث المتسارعة على الارض تجعل من الصعب جداً تتبع اي خيط من الخيوط التي تؤشر على المسار الصحيح، وصولاً الى نتيجة اقرب الى الدقة. غير ان قيام المسلحين بهدم الحدود ما بين نينوى العراقية والحسكة السورية يمكن ان يجعل «داعش» التصور الاكثر قرباً من الواقع. ولكن دون ان يتم استبعاد اية طروحات او تصورات اخرى.
المكونات، بدءاً من رئيس الوزراء نوري المالكي، وانتهاء ببعض الاطياف الشعبية، ترى ان تحرير ما احتل من ارض اصبح مسألة وقت. وان عملية التحرير قرار واجب التنفيذ. اما المعطيات على الارض فانها تؤشر على بدء المرحلة النهائية من مراحل الثورة، والتي يراها محللون انها تتمثل باطلاق مرحلة التقسيم، واستكمال ترسيم الخريطة العراقية الجديدة على الارض.
وفي الاثناء ثمة من يجد نفسه متضرراً من تلك الخريطة، ويصر على مقاومتها. وهناك من يقرأ ردود الافعال من تلك النظرة المصلحية الضيقة. الا ان جميع الاطراف باتت تنظر الى ما يجري من زاوية انه حدث جديد، ومن المعتقد انه ليس طارئاً، وانما حدث دائم» بدليل ان غالبية المجريات تمت بدون عنف، وان عمليات تسليم الارض للمسلحين كانت قريبة جداً من التراضي.

مؤامرة ام مخطط؟
فهل ما يجري كان مؤامرة؟ كما يراها المالكي وبعض عناصر حكومته؟ ام انها تنفيذ لمخطط تناول محللون تفاصيله ولكن بنوع من التحليل؟ وفي المقابل، هل تفلح ردود الافعال الطائفية في جبر ما انكسر؟ واعادة توحيد البلاد تحت راية واحدة؟ ام ان العوامل المصلحية المتقاطعة هي التي تفوز في نهاية المطاف؟
تساؤلات تبدو محيرة؟ وتبدو اجاباتها في غاية الصعوبة. لكن قراءتها تمر – اجبارياً – من خلال نفق يتكون من مسار وحيد. يراه محللون انه مسار التقسيم. والذي لا يتعلق بالعراق وحده، وانما يمتد الى مواقع اخرى، ويفضي في المحصلة الى خريطة جيو-سياسية جديدة للمنطقة. وهي خريطة ما زال البعض من السياسيين يراها بعيدة. والبعض الاخر يرفضها جملة وتفصيلاً مع ان الجولة الاخيرة من الاحداث تؤشر على سرعة تشكلها. فالمعطيات تؤشر على عمليات «استلام وتسليم» لبعض المناطق ولاطراف مختلفة. فقد سلمت قيادات عسكرية وشرطية بعض المواقع الى تنظيمات اسلامية متطرفة يعتقد انها تنتمي الى تنظيم داعش. وسلمت مواقع اخرى الى ميليشيات تابعة لقوات البشمركة. ما يفرض تساؤلات حول حقيقة ما يجري على الارض، وهل هو نوع من «التنفيذ الطوعي» لمخطط رسمته بعض الاطراف ورتبت اجراءات رسمه على الارض؟ ام انه نوع من الاحتلال القسري الذي تتفق الاطراف الفاعلة على مقاومته؟ وعلى اعادة الامور الى ماكانت عليه؟
وفي هذا المسار، هل ستكون هذه الاطراف قادرة على تحرير ما احتل من اراض؟  اما قبل ذلك، فمن هي الجهة التي نفذت الاحتلال؟ وهي تساؤلات تفرضها تسريبات عن «مؤامرة» نفذها بعض القادة. تقابلها اوامر باعتقال قيادات بالتهمة عينها.
وفي السياق عينه، ماذا سيكون رد الفعل الدولي على ما حدث؟ فتركيا اكدت توجيه الدعوة لحلف الاطلسي من اجل مناقشة التطور؟ والولايات المتحدة قالت انها تناقش موضوع المساعدات الممكنة لمواجهة الموقف؟ وسوريا اعلنت براءتها من الملف، واعتقدت انها تواجه خطر الارهاب بما يزيد عن الاخطار التي تتعرض لها بغداد. اللافت هنا ان كل الفرضيات تجد من المعطيات ما يعززها. ففرضية التقسيم والتعاطي مع استحقاق مرسوم مسبقاً له ما يعززه على الارض. بينما فرضية المؤامرة وان الامور تسير في اتجاه يتقاطع مع ما يريده المجتمع الدولي لها ما يعززها. وتبقى الاجتهادات حائرة بين هذه وتلك. بينما التطورات على الارض تتواصل وتترك بصمات قد يكون من الصعب محوها.


سقوط نينوى
فما الذي يجري؟
والى اين تسير الامور؟
الموصل، مركز محافظة نينوى، وتكريت عاصمة محافظة صلاح الدين، واجزاء كبيرة من المحافظتين، وجزء من محافظة كركوك، اصبحت خارج اطار السيطرة الهشة للدولة العراقية. والحدود ما بين نينوى والحسكة ازيلت تماما، وسط اشارات بان مشروع الدولة الاسلامية «العراق والشام» التي يقوم عليها مشروع داعش، قد وجدت الطريق مبدئياً لترسيمها.
والاخبار تتسارع حول سقوط مناطق جديدة في تلك المحافظات، وصولاً الى ابواب العاصمة بغداد التي لم تعد تبعد عن مناطق سيطرة المسلحين سوى عشرات الكيلومترات. وسط تساؤلات ليس عن حقيقة ما يجري، وانما عن الجهة التي تواصل تقدمها في مناطق السنة، وهل هي حركة «داعش» فعلاً؟ ام انها جهة اخرى؟
كم من التساؤلات تفرض نفسها على المشهد، وسيل من المعلومات يتردد في فضاء العراق، بعضها له اساس على الارض، ومرتبط بالمنطق، وبعضها الآخر يلامس الخيال. لكنها في مجملها معلومات تشكل لوحة قد تكون واقعية اذا ما ربطت بالفكرة الرئيسية التي كانت وما زالت مطروحة وبقوة، وتتعلق بالصيغة المستقبلية الخاصة بالعراق. والتي اشارت اليها تحليلات استراتجية منذ وقت مبكر. وتخلص الى فرضية تقسيم العراق.
وهي الفرضية التي يكاد يراها محللون بانها بدأت بالتشكل على ارض الواقع، وان الجولة النهائية من «التمثيلية العراقية» بدأت تظهر على مسرح الاحداث. ويراها آخرون بمثابة انطلاقة للمشهد النهائي من تلك التمثيلية التي تنتهي بتشكل مجموعة من الدول في بلاد الرافدين. وقد تمتد تبعاتها الى اكثر من دولة، وخصوصاً التشابك الديمغرافي العرقي والاثني في دول المنطقة.
المعلومات المتسربة من العراق، وتحديداً من وسط «المناطق المحررة» تشير الى ان تنظيم داعش هو الذي تمكن من طرد الجيش، وبسط سيطرته على مناطق واسعة تمتد بين العاصمة والاقليم الكردي في الشمال. غير ان معلومات اخرى تقلل من شأن هذه الفرضية وترى ان العراقيين من انصار الرئيس الراحل صدام حسين، والذين ينضوون تحت لواء نائبه عزت الدوري هم من سيطروا على تلك المناطق.
واستندت هذه الفرضية على رسالة تلقاها زملاء صحفيون اردنيون من شخصية اكاديمية عراقية لم تكشف عن اسمها. وجاء في الرسالة التي تلقاها الزميل الصحفي سليم المعاني من شخصية قال انه يعرفها جيداً، ويثق بصدقيتها ان قوات تابعة لعزت الدوري هي من «حررت» تلك المناطق.
غير ان زخم المعلومات المتدفق من الاراضي العراقية لم يتوقف كثيراً عند هذه المحطة، حيث جرى التركيز على فرضية نجاح «داعش» في دحر ممثلي السلطة العراقية، واستكمال السيطرة على منطقة كانت كل التحليلات تؤشر على ان مستقبلها سيكون مختلفاً عن الصيغة القائمة. وان من شان التغيير الجيوسياسي فيها ان يسهم في رسم خريطة جديدة للمنطقة، ابرز مفاصلها ايجاد المبرر المنطقي لتحويل الاقليم الكردي الى دولة كردية.

… وتكريت
ميدانياً، قالت آخر التقارير ان مدينة تكريت التي تبعد 160 كلم فقط عن بغداد سقطت في ايدي مجموعات من المسلحين المناهضين للحكومة الاربعاء بعد اشتباكات عنيفة، لم تدم الا لساعات معدودة، بحسب ما افادت مصادر امنية.
وتكريت، عاصمة محافظة صلاح الدين المحاذية لبغداد، ثاني مركز محافظة يخرج عن سلطة الدولة العراقية في يومين بعد سقوط مدينة الموصل  (350 كلم شمال بغداد) مركز محافظة نينوى في ايدي فصائل مسلحة تؤكد المصادر ان من بينهم «اسلاميين متطرفين». وبحسب روايات امنية، نقلتها وكالة «فرانس برس» اصبحت كل مدينة تكريت في ايدي المسلحين، وان المسلحين قاموا بتهريب نحو 300 سجين من السجن المركزي في المدينة. وتبعد مدينة تكريت نحو 50 كيلومتراً عن مدينة سامراء، حيث مرقد الامامين العسكريين، علي الهادي الامام العاشر لدى الشيعة الاثني عشرية والامام حسن العسكري الامام الحادي عشر. وسبق ان شهد العراق نزاعاً طائفياً دامياً بين السنة والشيعة بين عامي 2006 و2008 بعيد تفجير المرقد الشيعي الذي يبعد نحو 110 كلم عن شمال العاصمة العراقية.
وبحسب التقارير، أجبرت  القوات العراقية مجدداً على إخلاء بعض مقارها تحت ضغط المجموعات المسلحة التي نجحت في السيطرة على مناطق عدة في البلاد، وسط اتهامات للحكومة والجيش بالتقصير والإهمال.
فبعد أن سقطت مدينة الموصل في محافظة نينوى بيد المسلحين، قالت مصادر أمنية ومحلية إن المحافظة برمتها باتت تحت سيطرة هؤلاء، بالإضافة إلى مناطق أخرى من محافظتي صلاح الدين وكركوك.
وغداة هذا الانهيار الأمني، الذي دفع ببعض المسؤولين العراقيين لتحميل الحكومة والقيادات العسكرية المسؤولية، انسحبت قوات من الجيش من محيط مدينة الفلوجة التي تخضع منذ أسابيع لسيطرة المسلحين.
وبحسب مصدر في قيادة عمليات الأنبار، نقل الجيش معظم آلياته من معسكر الحبانية غرب الفلوجة، إثر ورود معلومات استخبارية بشأن عزم المسلحين اقتحامه والسيطرة عليه.
كما انسحبت القوات العسكرية من معسكري «طارق» و«المزرعة» في محيط الفلوجة تحسبا لهجوم محتمل من قبل المجموعات المسلحة التي يعتقد أنها تنتمي إلى تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام».

انهيار القوات العراقية
و«القراءات» التي تتكىء على هذه المعلومات تشير الى ان القوات العراقية تعيش حالة من الانهيار، وكل ما تفعله هو الانسحاب من امام المسلحين. وتعمد الى اخلاء بعض المواقع الماهولة لوجستيا خشية ان تقع في ايدي المسلحين الذين يواصلون تقدمهم، والذين يتعاملون مع خريطة متغيرة في كل لحظة استناداً الى تحركات الجيش والشرطة.
ويبدو أن إعلان الحكومة «حالة النفير العام» لم يحل دون استمرار الجيش في الانسحاب من المناطق الساخنة، في خطوة اعتبرها كل من رئيس البرلمان ونائب رئيس الحكومة تخلياً عن مهامها بالدفاع عن البلاد.
وكان رئيس مجلس النواب العراقي، أسامة النجيفي، قد اتهم القيادات العسكرية في الموصل بالتخلي «عن واجبها في الدفاع» عن الموصل، واستغرب «هروب الجيش من المدينة» وتركها تحت رحمة «الإرهاب».
أما نائب رئيس الوزراء، صالح المطلك، فقد حمل الجيش مسؤولية سيطرة المسلحين على محافظة نينوى، عازياً ذلك إلى «الطريقة التي بني بها الجيش على أساس المحاصصة والتسييس والفساد».
في المقابل، أعلن رئيس الوزراء، نوري المالكي، «النفير العام»، إلا أن ذلك لم يحل دون استمرار المسلحين في السيطرة على مزيد من المناطق وسط حال نزوح كثيف للمدنيين إلى إقليم كردستان العراقي.
وفي هذا السياق، كشفت المنظمة الدولية للهجرة أن أكثر من 500 ألف مدني فروا من الموصل، في وقت أمرت وزارة الداخلية بكردستان تسهيل دخول المدنيين إلى أراضي الإقليم.
وإزاء توسع رقعة الأراضي التي تسيطر عليها المجموعات المسلحة، اعتبرت الولايات المتحدة أن مقاتلي «الدولة الإسلامية في العراق والشام» باتوا يهددون منطقة الشرق الأوسط بأسرها.
وفي حين تم الاعلان عن اعتقال محافظ صلاح الدين احمد عبدالله من قبل المسلحين، تفجّر قتال هو الأول من نوعه بين قوات البشمركة الكردية ومسلحي التنظيم «داعش» في مدينة سنجار قرب الموصل.

بين البشمركة وداعش
فقد اندلعت اشتباكات عنيفة بين قوات البشمركة وعناصر «داعش» في إحدى النواحي التابعة لقضاء سنجار قرب الموصل. وقال قائد قوات البشمركة المتمركزة في سبيلك، اللواء عبد الرحمن كوريني، إن قتالاً عنيفاً اندلع ظهر الاربعاء بين قوات البشمركة وعناصر «داعش» في ناحية سنون التابعة لقضاء سنجار، لافتاً إلى أن قوات البشمركة تمكنت من قتل نحو خمسة مسلحين من تنظيم «داعش» وتدمير 20 عجلة تابعة لهم.
وأضاف اللواء كوريني في تصريح للموقع الرسمي للحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني أن قوات البشمركة ستبقى في ناحية سنون والمناطق المحاذية لها إلى حين القضاء على مسلحي داعش. وقد أعلنت قيادة قوات البشمركة في محافظة كركوك عن نشر قوات في إحدى المناطق في غرب كركوك لتغطية الفراغ الذي خلفه انسحاب الجيش العراقي منها.
وقال آمر لواء البشمركة في كركوك العميد شيركو رؤوف ان قواته توجهت نحو منطقة تل الورد (25 كم غرب كركوك) لملء الفراغ الذي خلفه انسحاب اللواءين 47 و46 التابعين للفرقة الثانية عشرة، مبيناً أن «الهدف من نشر هذه القوات تغطية الثغرات التي خلفها انسحاب الجيش العراقي وحماية أهالي كركوك». وأضاف إن «قوات البيشمركة ليس لديها خطط لتطهير قضاء الحويجة، لكنها قريبة من القضاء».
وقد سيطر مسلحو داعش على الأبنية الحكومية والأمنية في قضاء الحويجة ونواحي الزاب والرياض والعباسي والرشاد غرب المحافظة من دون مقاومة القوات الأمنية التي انسحبت منها. كما قاموا بنصب «سيطرات» تفتيش على مداخل المحافظة، وتمكنوا من اعدام 15 عنصراً أمنياً، فيما أحرقوا مباني حكومية، ونظموا دوريات بعجلات الجيش والشرطة.
وفي الاثناء، أعلنت وزارة الدفاع العراقية في بيان صحافي عن إحالة الضباط والمرتبات الاخرى ممن وصفتهم بـ «المتسربين والمتخاذلين» إلى المحاكم العسكرية لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم وإصدار أحكام غيابية بحق الذين لم يلتحقوا بوحداتهم.
من جهته، يرى نوري المالكي رئيس الوزراء الذي يخوض مفاوضات شاقة عنوانها التجديد لولاية جديدة، ان التطورات التي حدثت انما هي مؤامرة تستهدفه شخصياً. وبينما شدد على محاكمة «المتخاذلين كافة»، اعلن انه سيقدم على بناء جيش رديف من المتطوعين بموازاة الجيش الحالي. واعلن ان بعض المحافظات بدأت ببناء الوية جديدة مهمتها تصويب ما حدث من خلل.

المالكي يتهم
وبلهجة لا تخلو من الاتهامية، اعلن المالكي انه يعرف من اصدر الاوامر بسحب الجيش من نينوى. واكد انه بصدد وضع الاستعدادات لتحرير نينوى من الارهابيين. ومحاسبة المتخاذلين وتكريم من صمدوا.
ودعا سكان نينوى إلى عدم الاستسلام لإرادة الإرهاب. وقال إن العراقيين جميعاً يقومون معهم. وأشار إلى أن قوات الجيش والشرطة المتواجدة في محافظة نينوى أقوى من عناصر تنظيم داعش، معتبراً أن ما حصل في المحافظة هو «مؤامرة وخدعة».
في الاثناء، بحث رئيس التحالف الوطني العراقي «الشيعي» الحاكم إبرهيم الجعفريّ مع نائب السفير الأميركيّ في العراق جون فروشر التطورات الأمنيّة في البلاد عموماً وفي محافظة الموصل خصوصاً. وأكد الجعفريّ على ضرورة تفعيل الاتفاقيّة الأمنيّة بين البلدين وأهمية تعاون الجانب الأميركيّ في تجهيز القوات الأمنيّة بمختلف صنوفها بالأسلحة والمعدّات والأجهزة المُتطوِّرة لمُواجَهة الإرهاب معتبراً أنَّ العراق يقود معارك ضدَّ المجاميع الإرهابيّة نيابة عن دول العالم الأخرى.
وأشار إلى ضرورة الردِّ العسكريِّ الميداني السريع لحفظ سيادة وأمن البلاد، ومن جانبنا ندرك أهمية رصّ الصفِّ الوطني وتجاوز الخلافات والتفكير بحجم العراق كلّه؛ لمُواجَهة الخطر المُشترَك الذي يُهدِّد أرواح المواطنين.
وكان رئيس البرلمان العراقي اسامة النجيفي اعلن خلال مؤتمر صحافي في بغداد عن طلب العراق لمساعدات اميركية عسكرية عاجلة لمواجهة تمدد مسلحي داعش في عدد من محافظات البلاد.
وبالتوازي، نسبت مصادر عراقية إلى مكتب القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي اعلانه أن الهيئة القضائية العسكرية اصدرت اوامر بالقبض على كل من قائد القوات البرية الفريق الركن علي غيدان ومعاون رئيس اركان الجيش الفريق الركن عبود كنبر، بناء على اوامر المالكي الذي اتهمهما بالتخاذل والتقاعس. وأشارت إلى أنّ الاتصالات انقطعت بالمسؤولين الامنيين منذ مساء الاثنين قبل أن يظهرا في اقليم كردستان صباح الاربعاء. وأوضحت ان التبريرات التي ساقها كنبر وغيدان للمالكي عن اسباب الانهيارات الأمنية في محافظة نينوى لم تقنعه فأصدر اوامر باعتقالهما لكن هذا لم يتأكد بعد رسمياً.

السيستاني يدق النفير
من جهته، أكد المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني دعمه لمنتسبي القوات المسلحة حاثاً إياهم على الثبات والصبر، فيما دعا القيادات السياسية والحكومة العراقية لتنسيق الجهود في سبيل الوقوف بوجه الإرهابيين.
وقال مكتب السيستاني في بيان إن «المرجعية» تتابع بقلق بالغ التطورات الأمنية الأخيرة في مدينة نينوى والمناطق المجاورة لها. وأكد على «ضرورة توحيد كلمة القيادات السياسية والحكومة العراقية لتنسيق الجهود في سبيل الوقوف بوجه الإرهابيين وتوفير الحماية للمواطنين من شرور الإرهابيين».
ومن جهته، دعا المرجع الديني الشيخ محمد اسحق الفياض الساسة العراقيين إلى الوحدة والتكاتف وتوحيد الكلمة وتنسيق الادوار من اجل النهوص بالبلاد من ازمتها مشيداً بدور القوات المسلحة في مهمتها لدرء الخطر عن البلاد. وحث القوات المسلحة والاجهزة الأمنية على توفير الامن للمواطنين وحمايتهم والوقوف بشجاعة ضد خطر الارهاب.
بموازاة ذلك، شهدت البلاد حراكاً شيعياً صنفه متابعون بانه نوع من «استشعار الخطر». حيث اجرى رئيس التحالف الوطني الشيعي إبرهيم الجعفريّ محادثات مع عمار الحكيم، رئيس المجلس الأعلى الإسلاميّ. وعقب المحادثات عقد القياديان الشيعيان مؤتمراً صحفياً شددا خلاله على خطورة الموقف في محافظة الموصل.
وأكدا ضرورة الإسراع في وضع المُعالَجات التي من شأنها استعادة الأوضاع الطبيعيّة في المحافظة ومُحاسَبة المُقصِّرين في أداء واجباتهم الأمنيّة وضرورة توحيد الصفوف في مُواجَهة الأزمة الأمنيّة . ودعيا الرموز السياسيّة في البلاد إلى اجتماع عاجل لإيجاد حلول ووقف الانهيارات الأمنية.
ووصفا ما حدث في الموصل بأنه محزن، وانه يهدد العراقيين وسيادة العراق وثرواته، وأكدا ضرورة تكثيف الجهود للحيلولة دون تفاقم هذه الحالة وإرجاع الموصل وتقويم أداء القوات المُسلّحة، بشكل يكشف النقاب عن نقاط القوة والضعف، ووجها الدعوة الى الرموز السياسية للاجتماع والوقوف عند هذه الظاهرة.
وأشارا إلى ضرورة قيام دول المنطقة بالسيطرة على حدودها ومُخاطَبة الأمم المتحدة، وتذكير الولايات المتحدة الأميركيّة بالاتفاقيّة الأمنيّة والاستراتيجيّة مع العراق، وهي مُلزَمة بحسب بُنودها بأن تأخذ دورها الان.
ومن جهته، شدد الحكيم على ضرورة اعادة النظر في الاستراتيجية الأمنيّة الحالية ووضع الاستراتيجيّة الأمنيّة الصحيحة التي تأخذ في الاعتبار المُعالَجات الأمنيّة إلى جانب المُعالَجات الاجتماعيّة، والسياسيّة، والتنمويّة، وتستعين بالقوى الشعبيّة بشكل حقيقيٍّ في هذه المناطق والمحافظات. وحذر من دخول العراق حالة من الفراغ السياسيِّ مشيراً إلى اهمية الاسراع بتشكيل وعقد البرلمان والحكومة الجديدين.

احمد الحسبان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق