سياسة لبنانية

الامن في لبنان خط احمر والتوتر الحاصل تحت سقف الاستقرار الدولي

على رغم ارتفاع منسوب التوتر الامني مؤخراً على مساحة الوطن، وعودة اجواء الفتنة الى الساحة، بعدما عمل اكثر من طرف على وأدها في المهد، وعلى رغم القلق الذي يساور بعض الديبلوماسيين الغربيين من نتائج الخطاب السياسي العالي النبرة، وعلى رغم تخوف مسؤولين وقوى سياسية من خطورة الشحن المذهبي في البلاد، اكدت اوساط حكومية مطلعة ان جميع الاطراف اللبنانيين ملتزمون سقف الاستقرار الدولي وحدود الامن على انه خط احمر.

يقول احد الوزراء الامنيين ان الخط الاحمر المرسوم دولياً للاستقرار اللبناني لا يزال ساري المفعول ولا يمكن لاي طرف داخلي او اقليمي مهما علا شأنه جر الساحة الى مواجهات دامية واقتتال داخلي على قاعدة مذهبية او طائفية. ويؤكد الوزير الامني ان هناك مجموعة عوامل تتضافر للدفع نحو تعويم التهدئة وان بدت ظرفية او مؤقتة، طالما ان المواضيع الخلافية والملفات الشائكة هي خارج قدرات الحل.
وسط هذه المخاوف الامنية، وفي ظل قلق متزايد على الاستقرار وعلى السلم الاهلي، عقد المجلس الاعلى للدفاع اجتماعاً خصصه للمسائل الامنية بدءاً من الخطر الاسرائيلي جنوباً الى التطورات على الحدود الشرقية مع سوريا، الى عمليات الخطف مقابل فدية، والى التوترات والتحركات الامنية التي تهدد الوحدة. استهل الرئيس ميشال سليمان الاجتماع بعرض مسهب للوضع والمخاطر من خلال عدم وضع حد لما يجري وانعكاس التأثيرات الخارجية انطلاقاً من الخروقات الاسرائيلية وضرورة تحرك المجتمع المدني لردع اسرائيل، الى التوتر على الحدود اللبنانية – السورية وضرورة التزام «اعلان بعبدا» لجهة تحييد لبنان عن الصراعات الخارجية، ووضع حد لظاهرة الخطف لما فيها من تعريض لهيبة وصورة لبنان المؤسسات، وضرورة التزام الجميع سقف القانون.

مطالعة شربل
وكانت مطالعة لوزير الداخلية والبلديات العميد مروان شربل حول الوضع الامني عزا فيها ما يجري الى الانحراف في الممارسات السياسية، مما ادى الى قيام عصابات تمارس ارتكابات بذريعة ان ثمة من يرتكب مخالفات على الضفة الاخرى. وقال: لقد بتنا نخشى اتخاذ اجراءات حتى بحق عصابات الخطف او السرقة كي لا يخرج علينا من يقول لنا انتم اقوياء علينا وجبناء امام من يتقاتلون في طرابلس مثلاً. وقد اتخذ المجلس اجراءات رادعة لمنع الفتنة وطلب من الاجهزة العمل وفق ما ينص عليه الدستور والقانون لمنع اثارة النعرات الطائفية، بعد حركة الشيخ احمد الاسير وتحرك المجموعات الاسلامية السلفية والتظاهرة التي دعوا اليها في بيروت للمطالبة بالافراج عن الموقوفين الاسلاميين من دون محاكمة بعدما بدأ بعض هؤلاء التحرك في سجن رومية لممارسة الضغط على المسؤولين لحملهم على الافراج عنهم. وكانت بدأت محاكمة الموقوفين في العدلية  وسط تساؤلات كثيرة عن سبب التأخير ست سنوات على رغم الانتهاء من تشييد قاعة للمحاكمة في سجن رومية فلماذا يتم نقلهم الى بيروت للمحاكمة؟. وبناء على طلب المجلس ترأس وزير الداخلية العميد مروان شربل اجتماعاً لمجلس الامن المركزي لمواجهة التطورات في صيدا ووقف المواجهات بين الشيخ احمد الاسير وحزب الله على خلفية اعتراض الاول على اقدام عناصر من الحزب على استئجار شقق قبالة مسجد بلال بن رباح في عبرا حيث مقره وتحويلها الى شقق مسلحة ورفض المستأجرون السماح للاجهزة الامنية بتفتيشها للتأكد من خلوها من السلاح. واعلن الوزير شربل ان الاخلال بالامن ممنوع ودعا المجلس النيابي الى الاجتماع لان الوضع الامني في البلاد صعب ولا بد من وضع وثيقة دفاع لتجنيب لبنان الانقسام، فالمسألة غير محصورة في منطقة بل ستأخذ طابعاً طائفياً وسياسياً ومناطقياً.
ولان المجلس الاعلى للدفاع اتخذ سلسلة تدابير لوقف اعمال الخطف مقابل فدية وبعد تقرير رفعه احد الاجهزة عرض فيه آفة الخطف والعصابات مع الاسماء والهواتف والمنطقة ورسم خريطة واضحة للجهات التي تقف وراء هذه الاعمال، سارعت الاجهزة الى توقيف 45 شخصاً وهي تتعقب آخرين مطلوبين.

الامن خط احمر
بعد اجتماع المجلس الاعلى للدفاع قال الرئيس ميقاتي: تيقن الجميع ان لا مجال للمساومة بعد الان في الملف الامني وان الامن خط احمر وان الدولة لن تسمح لاي طرف بتعريض الاستقرار تحت اية ذريعة، حتى ان تعليمات قيادة الجيش واضحة في هذا المجال بانه من غير المسموح لاي فئة تعكير صفو الامن تحت اي حجة، لان الامن للجميع وسقف الاستقرار حد لا يمكن لاي طرف تجاوزه. ان ما جرى في صيدا وقبلها في عكار وطرابلس والبقاع وحتى في بيروت يؤكد ان التوتر الامني يبقى تحت سقف الاستقرار الدولي وان احداً لا يملك القرار بتجاوز الامن الذي هو خط احمر وان ارتفاع وتيرة الخطاب عند البعض هو لتحسين الشروط التفاوضية. فالجميع يعلمون ان اي توتر امني لا غطاء محلياً او خارجياً له وان كان البعض يهول بالامن الا انه لن يجرؤ على استخدام هذه الورقة الان. ان ارتفاع منسوب المواجهة بين العلماء السلفيين وحزب الله وتحذير نصرالله في اطلالته الاخيرة بـ «الا يخطىء احد في حساباته معه» ليست سوى مواقف تهويلية فالشيخ الاسير هدأ من مواقفه في مواجهة الشقق المسلحة ودعا جماعته الى التزام القانون. ان رد الاسير على نصرالله بان سلاحه لا يخيفه وانه ليس بمقدور نصرالله بعد الان ان يكرر 7 ايار (مايو) فالماضي ولّى الى غير رجعة، يأتي في سياق التحدي المتبادل بين الرجلين.
ويعتبر احد الوزراء ان الامن سيبقى ورقة بيد من لا يريد الانتخابات وقد يستخدمها في حينه وانه يسعى الى ابقائها ساخنة ليوظفها في الوقت المناسب. وان عدم الاتفاق على قانون الانتخاب يعني ان هناك من لا يريد حصولها.

ف. ا. ع

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق