سياسة لبنانية

سليمان والراعي وبري والجميل والسنيوره يعدون لطبخة تسوية تبدأ بالاتفاق على القانون

بعد سقوط اتفاق الدوحة ومفاعيله عند انفراط عقد حكومة الوحدة الوطنية برئاسة سعد الحريري، كان لا بد من انهاء كل مفاعيل الدوحة بما في ذلك قانون الستين الذي طالب به العماد ميشال عون في الدوحة واعتبره انجازاً حققه للمسيحيين وفق اليافطات التي رفعت بعد الدوحة.

الاعتراض على قانون الستين انسحب على المشروع الارثوذكسي الذي لم يحظ باجماع القوى السياسية ولم تتم الموافقة عليه من قبل مكونات المجتمع اللبناني، وقد اعتبره الرئيس ميشال سليمان غير ميثاقي ويتعارض مع روحية الطائف والنصوص الدستورية، وبالتالي فان الطعن فيه ممكن، والمشروع لن يمر لانه يعيد لبنان الى عهد المتصرفية، وفق ما قال نائب في المعارضة، مشدداً على استحالة تمرير المشروع في الهيئة العامة. وعلى رغم اعتراض الرئيس سليمان على الارثوذكسي، ورفضه من قبل كتلة المستقبل (السنة) والاشتراكي (الدروز) والمسيحيين المستقلين واحزاب القومي والبعث والشيوعي ورؤساء الحكومة والناشطين في المجتمع المدني، اصر رئيس مجلس النواب نبيه بري على استعجال اقرار المشروع في اللجان النيابية المشتركة خلال يومين بدل اربعة ايام خصصها لذلك، فقد تخلى عن مواقفه وثوابته السابقة وتجاوز اعتراض السنة والدروز وشريحة من المسيحيين والمجتمع المدني ومضى في التصويت على المشروع في اللجان رغم مقاطعة المعترضين وغياب النصاب الميثاقي.

خطوة بري
يرى احد الوزراء المعنيين ان لخطوة الرئيس بري تفسيرات عدة منها:
1- استعجال الخطوة لتكون بيد بري ورقة تفاوض ضاغطة وقوية يستخدمها للضغط على قوى 14 اذار لحملها على الرضوخ وتقديم التنازلات لصالح قانون جديد، والا سار بالمشروع حتى النهاية.
2- سحب المشروع من التداول السياسي والسجال حوله، خشية ان يتسع الشرخ بين اللبنانيين.
3- انهاء مسيرة المشروع عبر اللجان قبل ان يصل الى الهيئة العامة لانه لا يحظى برضى الاطراف وتشوبه عيوب ميثاقية.
لم يقدم الرئيس بري امام اللجان المشتركة الاقتراحات التي عرضتها لجنة التواصل النيابية بل اكتفى بتقديم الارثوذكسي من دون ان يكشف عن الاسباب التي حالت دون مناقشة الاقتراحات الاخرى ومنها اقتراح بري نفسه  حول المختلط مناصفة بين النسبي والاكثري.
وتكثفت الاتصالات فأوفد الرئيس سليمان مستشاره الوزير السابق خليل الهراوي الى بري لينقل له الموقف من الارثوذكسي وتمسك سليمان بمشروع الحكومة وترحيبه باقتراح بري. وزار البطريرك الراعي بعبدا وبحث الموضوع الانتخابي فوضعه الرئيس سليمان في خطورة تداعيات الارثوذكسي على السلم الاهلي. وترأس الراعي مساء اجتماعاً ضم القادة الموارنة غاب عنه الدكتور سمير جعجع لاسباب امنية، الا انه كان على تشاور مع البطريرك قبل واثناء وبعد الاجتماع. واكد المجتمعون على «انفتاحهم على اي طرح يؤمن صحة التمثيل لجميع المكونات الوطنية وفقاً لمندرجات الدستور». وتقول اوساط شاركت في الاجتماع ان الموعد كان مقرراً قبل زيارة البطريرك بعبدا. وليس للبطريرك من اجندة وليس في وارد دعم هذا المشروع او ذلك. ان البطريرك عازم على اكمال المسيرة التي بدأها والهادفة الى جمع القادة المسيحيين. ان البيان المقتضب بعد الاجتماع فتح نافذة على امكان الاتفاق. وعلى رغم تأكيد عون تمسكه بالارثوذكسي وقد شرب نخب الانتصار وهنأ الراعي والجميل وجعجع على اقرار المشروع، زار عون بري وبحث معه في الموضوع الانتخابي. وسمع عون ان قانون الانتخاب هو  قانون ميثاقي وطني وبالتالي يحتاج اقراره نصاباً ميثاقياً وليس نصاباً ورقياً. واعلن عون في مقابلة تلفزيونية ان حلمه ان يكون لبنان دائرة واحدة بنظام نسبي. وانه مع الارثوذكسي حتى يتم الاتفاق.

استغراب مواقف عون
استغربت المعارضة مواقف العماد عون الاخيرة وكأنه ينعي الانتخابات من خلال تقديم اقتراحات وطروحات عدة يعلم مسبقاً ان اطرافاً سياسية لا تقبل بها، وطرحها مؤشر على رفض الانتخابات وفق نائب في 14 اذار، ويعكس موقف عون رغبة الحزب في التأجيل والا لكان تم الاتفاق على صيغة توافقية. ان عدم الاتفاق على القانون يعني ان لا اتفاق على اجراء الانتخابات.
واوحى اكثر من ديبلوماسي غربي امام سياسيين لبنانيين ان تأجيل الانتخابات موضوع قيد البحث. لقد سبق لوزير الداخلية مروان شربل ان تحدث عن تأجيل تقني واداري لبضعة شهور. ويقول شربل امام زواره ان القوى السياسية غير متحمسة لاجراء الانتخابات، لان اي طرف غير ضامن لنتائجها او يفضل ان يبقى في وضعيته الحالية. فقوى 14 اذار هي اكثرية مع كتلة جنبلاط وهي خارج السلطة وقوى 8 اذار اقلية من دون وزراء جنبلاط تتحكم بالقرار السياسي وتتولى السلطة وتتمسك بها في هذا الظرف وفي عز التغيير. وتحاول 8 اذار عزل جنبلاط عن 14 اذار وتقليص موقعه الانتخابي فلا يتصرف من موقع بيضة القبان او الكتلة الراجحة او الوازنة. غير ان زيارة جنبلاط الاخيرة الى السعودية وان كانت للتعزية الا انها فتحت الباب امام استئناف التواصل مع المملكة بعد انقطاع سببه الانقلاب الابيض على حكومة الحريري. ان استئناف الاتصال بين جنبلاط والسعودية يمر حتماً، وفق نائب من 14 اذار، بعودة الاوضاع الى ما كانت عليه قبل الانقلاب، اي باستقالة حكومة نجيب ميقاتي وقد يحدد جنبلاط تاريخ رحيلها المرتبط عضوياً بالانتخابات. فاذا كان التوجه الى عدم اجراء الانتخابات لا يتم الاتفاق على القانون وتستمر الحكومة وسط حديث عن فترة التمديد للمجلس. واذا تم الاتفاق على القانون فهذا يعني ان هناك مرحلة جديدة تبدأ بتغيير الحكومة لتشكيل حكومة حيادية تشرف على الانتخابات.
ويعمل الرئيس سليمان والبطريرك الراعي والرئيس بري والرئيس الجميل والرئيس السنيوره من خلال الاتصالات على اعداد طبخة تسوية تبدأ بالاتفاق على القانون الانتخابي

فيليب ابي عقل

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق