أبرز الأخبارعالم عربي

سوريا… حرب المطارات

بالتزامن مع تغير واضح في الخطاب الغربي عموماً، والاميركي خصوصاً في ما يتعلق بالملف السوري، تحولت العاصمة الروسية موسكو في الايام الاخيرة الى قبلة لقيادات الدبلوماسية العربية، وسط اشارات تؤكد ان روسيا اصبحت مركزاً لمفاتيح حل الازمة السورية، التي بدت كأزمة مستعصية يمسك طرفاها بكل عناصر التشدد. ويتمسك مساندو تلك الاطراف بكل ما لديهم من عناصر قوة من اجل تثبيت تلك المواقف ومدها بعناصر التشدد.

ارتفعت وتيرة المواجهة بين الجيش النظامي والثوار، ضمن ما اتفق على تسميته بـ «حرب المطارات»، وهي الحرب التي فتحت الباب على تساؤلات كبيرة، محورها: ماهية ومبررات تلك الحرب، ولماذا محيط بعض المطارات موقع لها؟
في الموضوع الاول، اطلق الرئيس الاميركي باراك اوباما شارة «الانحناءة» الغربية باتجاه اعتراف دولي بالدور الروسي، وبصورة اكثر وضوحاً بتراجع حالة التشدد في ما يخص الازمة السورية. ففي خطابه عن حال الاتحاد تراجع الرئيس اوباما عن موقفه السابق بضرورة «اطاحة» نظام الرئيس بشار. وتحدث عن «ممارسة ضغوط» على الرئيس من اجل دفعه للتنحي. اما قيادة الدبلوماسية الاميركية الجديدة التي يلعب فيها نائب الرئيس جو بايدن دوراً بارزاً، ويقودها وزير الخارجية الجديد جون كيري،  فقد ترجمت بشكل سريع ذلك الموقف الى اجراءات تكاد تكون واضحة، وتؤشر الى تطور لافت في الموقف.
وفي المقابل بدا واضحاً ان الدبلوماسية الروسية تلقفت الاشارات، وفتحت ابوابها لاستقبال دبلوماسيين وسياسيين عرب، على امل تكريس ذلك الدور الذي يقوم اساساً على فتح قنوات الحوار بين النظام والمعارضة في سوريا، وبحيث يكون هذا الحوار مع النظام وليس مع الرئيس بشار، ومن خلال استحضار الاسلوب اليمني في ادارة الازمة، ويكون نائب الرئيس الشخصية البديلة مرحلياً.
يقابل ذلك حديث هامس عن دور ايراني اكثر تدجيناً، وعن مشروع قد يمتد الى المنطقة ككل ومن باب اعادة ترتيب الاوراق.

اتصال كيري – لافروف
كان وزيرا الخارجية الاميركي جون كيري، ونظيره الروسي سيرغي لافروف قد تباحثا مؤخراً كما اعلنت الخارجية الاميركية. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند ان الوزيرين تباحثا هاتفياً لمدة نصف ساعة وتناولا الوضع في سوريا والرد المطلوب على التجربة النووية التي اجرتها بيونغ يانغ. واضافت: «اتفقا ايضاً على مراجعة جدول مواعيدهما لتحديد لقاء جديد بينهما خلال الاسابيع المقبلة».
واوضحت نولاند ان الوزيرين تطرقا بشأن سوريا الى ضرورة قيام الولايات المتحدة وروسيا باستخدام نفوذهما على الاطراف المعنيين للتوصل الى عملية انتقال سياسي مضمونة. ويختلف البلدان بشأن النزاع السوري اذ تدافع روسيا عن حليفها بشار الاسد في حين تطالب واشنطن برحيله. غير ان روسيا باتت لا تمانع في رحيل الاسد وتتمسك ببقاء نظامه كطرف رئيس في هذه المرحلة.
كل ذلك بات مطروحاً على بساط البحث، لكنه ليس بالضرورة مؤكداً، فباستثناء موضوع الدور الروسي الذي انطلقت اشارته، والطريق التي اكتملت «هندستها» لتبدأ الوفود العربية بالتقاطر صوب موسكو،  يبقى كل شيء خاضعاً للنقاش. وفي تفاصيل هذا الموضوع يمكن البدء بما كشفته صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، عن ترتيبات تم التوافق عليها في مؤتمر ميونيخ، حيث اكدت في مقالة لها «أنه لا أمل في الخروج من الأزمة السورية دون مساعدة روسية».
وذكرت الصحيفة – في المقالة – أنه على الرغم من أن الأزمة السورية باتت أكثر مشاكل العالم خطورة واستعصاء على الحل، إلا أن مؤتمر ميونيخ للسياسات الأمنية، الذي انتهت فعاليات دورته التاسعة والأربعين، تمخض عن بادرتين من شأنهما أن يبعثا الأمل في اضطلاع روسيا بدور أكثر فاعلية في حل هذه الأزمة، بدلاً من الاكتفاء بدور المعرقل من الخارج.
وأشارت الصحيفة إلى ان إحدى هاتين البادرتين، تتمثل في الاقتراح الذي طرحه جو بايدن، نائب الرئيس الأميركي على وزير الخارجي الروسي سيرغي لافروف خلال اجتماع خاص، يتعلق بالعمل المشترك بين الولايات المتحدة وروسيا لضمان تأمين السيطرة على الاسلحة الكيماوية السورية، حال سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
واعتبرت الصحيفة هذا الطرح الأميركي بمثابة طمأنة لروسيا بأن دورها على صعيد الأمن والاستقرار محفوظ في مستقبل سوريا والمنطقة، بالإضافة إلى كونه يساعد في تقليص فرص سقوط مثل هذه الأسلحة في أيدي الجماعات الجهادية، كجبهة النصرة التي تنتمي إلى القاعدة، والتي تتفق واشنطن وموسكو على ضرورة محاربتها.
ولفتت الصحيفة المذكورة إلى البادرة الثانية التي تمخض عنها المؤتمر، والمتمثلة في رد فعل لافروف على تأكيد معاذ الخطيب، رئيس الائتلاف الوطني السوري بمدينة ميونيخ استعداده للقاء ممثلين مقبولين من نظام الأسد لتخفيف معاناة الشعب السوري، حيث اعتبر لافروف هذا الاستعداد من جانب الخطيب بمثابة خطوة مهمة، قائلاً: ان روسيا كانت مستعدة لاستئناف العمل مع المعارضة لتسهيل سير المحادثات. ورأت أنه يبقى على المعارضة السورية أن تسمي من ترى يده لا تزال نظيفة بين أعضاء نظام الأسد ليكون شريكاً مفاوضاً، فمسألة الفصل والغربلة هذه تعتبر خطوة ضرورية في أي انتقال سياسي.
واختتمت الصحيفة التعليق بالتأكيد على أهمية الدور الروسي للخروج من الأزمة السورية، قائلة: ان على الدبلوماسية الأميركية محاولة إقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالتوسط لإنهاء الصراع السوري، مؤكدة أنها تجربة تستحق المحاولة.

فرصة لروسيا
في تلك الاثناء، تشير جميع التحليلات الخاصة بهذا الملف الى ان موسكو لا تزال مقتنعة بامتلاك الأسد الوسائل الكافية للبقاء في السلطة، وبأنه يمثل أفضل درع ضد الجماعات الجهادية التي تهدد بتفكيك سوريا. وفي الوقت نفسه، لا تثق موسكو بالمعارضة وترى أن دعم الغرب لها ينبع من غياب الوعي السياسي الذي من شأنه إغراق سوريا في حالة من الفوضى العارمة كالتي أغرقت العراق في أعقاب الغزو الأميركي.
وفي الوقت نفسه، مثلت الأزمة السورية للسلطات الروسية فرصة لتقديم نفسها كقوة عظمى ليس من خلال تصديها للغرب فحسب، وإنما أيضاً في مقدرتها على حشد تأييد الصين لمواقفها. ومن اجل ذلك، يعرض التلفزيون الروسي الوضع في سوريا على أنه وقبل كل شيء مواجهة جديدة بين الشرق والغرب لا يمكن لموسكو فيها أن تتراجع عن موقفها. وان  المشكلة الرئيسية في سوريا تكمن في تصميم الغرب، الذي ساهم في إسقاط رؤساء عرب عدة بمن فيهم الحلفاء الأكثر إخلاصاً لأميركا، على دمقرطة الشرق الأوسط بشق الأنفس.
وتلاقي وجهة النظر تلك صدى واسعاً في أوساط الفئات المجتمعية البارزة في موسكو التي تحلل وتنشر عن السياسة الخارجية الروسية، حيث ينظر إلى الثورات العربية في المقام الأول من منظور لعبة جيو-استراتيجية للكبار، تشغل فيها الصحوة الاجتماعية في العالم العربي ومطالبها بالإصلاح وردود الحكومات العنيفة، المقعد الخلفي، تاركة القيادة لمخاوف القوى الخارجية الغربية.
التطورات الاخيرة دفعت بموسكو التي بذلت جهداً كبيراً في السابق من اجل استمالة الطرف العربي لتصوراتها الخاصة بالملف، الى فتح بواباتها من جديد امام قادة الدبلوماسية العرب، من اجل الحوار حول الملف السوري. وفي هذا الصدد، استضافت العاصمة الروسية موسكو يوم الثلاثاء الفائت 19 شباط (فبراير) الاجتماع الأول لمنتدى التعاون العربي – الروسي على مستوى وزراء الخارجية بمشاركة واسعة من وزراء الخارجية العرب مع نظيرهم الروسي سيرغي لافروف، والأمين العام للجامعة د. نبيل العربي.
وتجاوز الاجتماع هدفه المعلن المتمثل بـ «تدشين منتدى التعاون العربي – الروسي» الى البحث في التداعيات الخطيرة للأزمة السورية، بحكم ان روسيا تمثل السند الرئيسي والداعم الأول لنظام الأسد، حيث تصدر ملف هذه الأزمة المناقشات بين وزراء الخارجية العرب المشاركين ونظيرهم الروسي لافروف.

المعلم والخطيب الى موسكو
تزامن اللقاء مع اعلان نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف ان وزير الخارجية السوري وليد المعلم سيزور موسكو في 25 شباط (فبراير). وقال خلال مؤتمر صحافي: «ننتظر زيارة وزير الخارجية السوري الى موسكو في 25 شباط (فبراير)» موضحاً ان المحادثات ستتناول النزاع في سوريا والاجراءات الواجب اتخاذها لبدء حوار.
وكان غاتيلوف اعلن في وقت سابق ان رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض احمد معاذ الخطيب سيزور قريباً العاصمة الروسية. وبعدها ردت الخارجية الروسية بالقول ان المعلم لن يلتقي زعيم المعارضة السورية في موسكو.
واعلن غاتيلوف مجدداً ان لدى موسكو اتصالات مع ممثلي المعارضة ومع زعيم المعارضة الخطيب، لكن ليس هناك اي موعد محدد بعد لزيارته موسكو.
وبالتزامن مع الاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي – الروسي، قام العاهل الاردني بزيارة الى العاصمة الروسية موسكو، التقى خلالها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء وكبار المسؤولين الروس.
ومع ان الهدف من الزيارة يتمثل ببحث علاقات التعاون الثنائي بين البلدين، الا ان مصادر متابعة اكدت انه جرى البحث في تطورات الاوضاع في منطقة الشرق الاوسط، خصوصاً المستجدات على الساحة السورية.
وكان الديوان الملكي الاردني اعلن في بيان ان الملك عبدالله سيقوم بزيارة عمل الى موسكو يجري خلالها مباحثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تركز على الاوضاع الراهنة في منطقة الشرق الاوسط، خصوصاً المستجدات على الساحة السورية. واضاف ان المباحثات ستتناول ايضاً علاقات التعاون الثنائي وسبل تطويرها في مختلف المجالات وعدداً من القضايا التي تهم البلدين.
كما قام رئيس اقليم كردستان العراق مسعود البرزاني بزيارة إلى روسيا اجرى خلالها مباحثات تتعلق بتطوير العلاقات بين موسكو واربيل، خصوصاً في المجالات السياسية والاقتصادية ومناقشة الاوضاع في العراق والمنطقة.
وقالت رئاسة إقليم كردستان: إن البرزاني بدأ زيارة رسمية إلى روسيا بصحبة وفد رفيع المستوى حيث التقى كبار المسؤولين الروس وفي مقدمتهم الرئيس فلاديمير بوتين وبحث معه في جملة من القضايا المهمة المتعلقة بالعلاقات مع روسيا والتطورات السياسية في العراق والمنطقة عموماً وفي مقدمتها الوضع في سوريا.

طائرات وسفن روسية
في سياق آخر، أرسلت روسيا طائرتين تحملان مساعدات انسانية الى اللاذقية شمال غرب سوريا وقد تقومان باجلاء مواطنين روس يرغبون في مغادرة هذا البلد، فيما ارسلت البحرية ايضاً اربع سفن حربية اضافية الى المتوسط. وقالت وزارة الاحوال الطارئة الروسية في بيان ان طائرتي ايليوشين 62 وايليوشين 76 تنقلان 46 طناً من المساعدات اقلعتا قبل الظهر من ضاحية موسكو في اتجاه مطار اللاذقية وسوف تقومان باجلاء اي مواطن روسي يرغب في مغادرة سوريا، بحسب ما نقلت وكالات الانباء الروسية. واوضحت المتحدثة باسم الوزارة ايرينا روسيوس لوكالة ايتار-تاس الرسمية ان الطائرتين تنقلان مساعدات غذائية اضافة الى خيم ومولدات كهرباء وآنية مطبخ.
وتابعت انه بعد ذلك سيكون بوسع مواطني روسيا ومجموعة الدول المستقلة (الاتحاد السوفياتي سابقاً باستثناء دول البلطيق الثلاث وجورجيا) الراغبين في مغادرة هذا البلد الرحيل على متن الطائرتين.
واضافت انه تم تخصيص خط هاتفي مباشر للروس الذين يفكرون في مغادرة سوريا ووضع معالجين نفسيين لتلقي اتصالاتهم. وكانت روسيا اعادت في 23 كانون الثاني (يناير) 77 روسياً يقيمون في سوريا، معظمهم من النساء والاطفال في رحلات نظمتها وزارة الحالات الطارئة لنقل مساعدات انسانية، ولكن من العاصمة اللبنانية بيروت وليس من سوريا.
من جهتها اعلنت وزارة الدفاع الروسية انها سترسل اربع سفن حربية اضافية الى المتوسط كما انها ستتخذ اجراءات من اجل اجلاء محتمل لرعاياها من البلاد. وتنضم سفن النقل كالينينغراد وشابالين وسراتوف وازوف الى سفينة الدورية سميتليفيي وسفن تموين اخرى موجودة في البحر المتوسط كما نقلت الوكالات الروسية عن الوزارة.
وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان ان السفن ستكون «في خدمة عسكرية» بدون اعطاء المزيد من التفاصيل. لكن وكالة ريا نوفوستي نقلت عن مصدر عسكري قوله ان المهمة الرئيسية لهذه السفن الاضافية تكمن في الاجلاء المحتمل لرعايا روس من سوريا.
واضاف المصدر: «رغم ان مهمات السفن الحربية لم تعلن، يمكن الافتراض ان مهمتها الرئيسية ستكون المشاركة في عملية اجلاء محتملة للرعايا الروس من سوريا».

حرب المطارات
اما بخصوص الموضوع التالي، فتستمر العمليات العسكرية على وتيرتها التصعيدية في محيط عدد من المطارات في محافظة حلب في شمال سوريا، ضمن ما يسمى «حرب المطارات» في ظل استمرار انسداد أفق الحل السياسي للنزاع المستمر منذ  23 شهراً، وسط تساؤلات حول مبررات تلك الحرب. والتي يعتقد ان لها علاقة بميزان القوى بين الجيش والمعارضة. فعدا عن بعض التقارير التي تتحدث عن وصول شحنات من الاسلحة الى الجيش النظامي يحاول الثوار السيطرة عليها ومنع وصولها الى هدفها، هناك روايات اخرى تشير الى ان الثوار يرغبون بالسيطرة على بعض المطارات من اجل استخدامها في مجالات التسلح، واستقبال طائرات تحمل انواعاً من الاسلحة لها تمهيداً للخطوة الاهم في الصراع، والتي لم تتضح معالمها بعد.
واياً كان السبب، تشير المعلومات المؤكدة الى ان العملية محكومة بحالة سباق على الارض، يصر كل طرف على انه هو المتقدم فيها، وان لديه من عناصر التفوق ما يجعله هو الاقوى. في حين يقدر وزير الخارجية السعودي عدد القتلى الذين سقطوا بتسعين الف قتيل، وليس كما اعلنت الامم المتحدة والتي اشارت الى ان العدد سبعون الف قتيل.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الانسان عن اشتباكات عنيفة بين مقاتلين من كتائب عدة والقوات النظامية في محيط مطار كويرس العسكري في ريف حلب، وأخرى في محيط مطاري حلب الدولي والنيرب العسكري الملاصق له.
واشار الى قصف عنيف من القوات النظامية يتعرض له محيط مطار كويرس يستخدم فيه الطيران الحربي.
ويقع المطار الدولي المدني على طرف مدينة حلب الشرقي، ويقع كويرس الى الشرق اكثر من المدينة اي قرب مدينة السفيرة التي يشهد محيطها ايضاً معارك عنيفة منذ ايام.
وكان مقاتلو المعارضة بدأوا الاسبوع الماضي هجمات على هذه المطارات بالاضافة الى مطار الجراح – شرق حلب – ومطار منغ شمال المدينة، في محاولة لتحييدها من اجل الحد من قدرات الطيران الحربي وغاراته. وتمكنوا منذ ذلك الوقت من الاستيلاء على مطار الجراح وفيه طائرات حربية، وعلى مقر اللواء 80 المكلف حماية مطار حلب ومطار النيرب، وعلى مقر لكتيبة دفاع جوي قرب بلدة الحاصل شرق مطار حلب.

حل باستثناء الاسد
وفي وقت تؤكد الحكومة السورية انها ماضية في خطواتها لتنظيم مؤتمر حوار وطني، رافضة اي «شروط مسبقة»، شدد الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية على ان الحل السياسي للازمة يجب ان يستثني الرئيس بشار الاسد ورموز النظام.
ودعا وزير الدفاع الفرنسي جان-ايف لو دريان يوم السبت الفائت من ابو ظبي الى تحرك في سوريا، لتشجيع القيام بعملية انتقالية من دون الرئيس بشار الاسد.
وقال الوزير الفرنسي امام المشاركين في مؤتمر حول الدفاع في الخليج «حيال الثمن الباهظ الذي دفعه الشعب السوري حتى الآن، من الملح أكثر من أي وقت مضى التحرك من أجل تجاوز الانقسامات وتحقيق انتقال سياسي». واضاف ان التغيير في سوريا يفترض أن يكون «عملية انتقالية لا مكان فيها للرئيس الاسد».
في تلك الاثناء، اقترح الموفد الدولي الخاص الى سوريا الاخضر الابراهيمي اجراء حوار بين المعارضة السورية وما اسماه «وفداً مقبولاً» يمثل النظام في مقر من مقار الامم المتحدة، وذلك في وقت لا تزال جهود الحل السياسي للنزاع المستعر على الارض، متعثرة.
ودعا مبعوث الامم المتحدة وجامعة الدول العربية الى سوريا من القاهرة الاطراف السوريين الى التحاور للخروج من النفق المظلم.
وتوقع بعد لقاء مع الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي انه اذا بدأ حوار في مقر من مقرات الامم المتحدة بين المعارضة ووفد مقبول من الحكومة السورية فسوف يشكل بداية للخروج من النفق المظلم من سوريا.
واضاف ان المبادرة التفاوضية للحوار التي طرحها رئيس الائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية احمد معاذ الخطيب بشأن فتح حوار مع ممثلين عن الحكومة السورية ما زالت مطروحة وستظل مطروحة.
وتابع ان مبادرة الخطيب فتحت باباً وتحدت الحكومة السورية لتؤكد ما تقوله باستمرار من أنها مستعدة للحوار والحل السلمي، داعياً كل الاطراف الدولية والاقليمية الى دعم هذه المبادرة من اجل انجاحها.
وكان الخطيب ابدى استعداده للتحاور مع ممثلين للنظام حول رحيل نظام الرئيس بشار الاسد خارج سوريا، بينما دعت دمشق الى حوار غير مشروط على الاراضي السورية.
وفي لندن، قالت المفوضة العليا لحقوق الانسان في الامم المتحدة نافي بيلاي ان المجتمع الدولي يتردد ازاء التدخل في سوريا لان الحكومات تتساءل عن جدوى الانخراط في حرب قد تطول كثيراً.

دعوة سعودية لوقف العنف
في موضوع آخر، أكد مجلس الوزراء السعودي أهمية توحيد الرؤية الدولية في التعامل مع الأزمة السورية وضرورة نقل السلطة والوقف الفوري لسفك دماء الشعب السوري والخروج بموقف صلب يحفظ لسوريا أمنها واستقرارها ووحدتها الترابية ويستجيب لتطلعات الشعب السوري المشروعة. جاء ذلك خلال جلسة مجلس الوزراء السعودي التي عقدت خلال الاسبوع الفائت برئاسة ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الامير سلمان بن عبد العزيز في قصر اليمامة في مدينة الرياض.
وتجمع التحليلات على أن سوريا باتت في سلم أولويات المملكة العربية السعودية، إذ لم تترك منبراً دولياً إلا وتكلمت فيه عن مآسي الشعب في سوريا، كان آخرها ما صرح به وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل في الرياض بأن الحكومة السورية ترفض اي حل، لذلك يواجه العرب «مأزقاً كبيراً» في سوريا، مجدداً الطلب من مجلس الامن الدولي القيام بما يتوجب عليه في هذا الشأن.
في تلك الاثناء، قرر وزراء الخارجية الاوروبيون تمديد العقوبات على النظام السوري ثلاثة اشهر، لكنهم فتحوا الباب لتأمين وسائل حماية اكبر للمدنيين. وتم تعديل العقوبات التي مددت حتى نهاية شهر ايار (مايو) لتأمين دعم اكبر ومساعدة تقنية لحماية المدنيين، بحسب نتائج الاجتماع الذي بحث خلاله الوزراء في امكانية رفع الحظر عن الاسلحة الى مقاتلي المعارضة.
وعلق الوزير الفرنسي لوران فابيوس بالقول: ان القرار دعم اضافي للائتلاف السوري المعارض الذي يمثل المعارضة لنظام الرئيس بشار الاسد. وانه اتخذ بناء على طلب رئيس هذا الائتلاف احمد معاذ الخطيب. وسلة العقوبات التي تنتهي في نهاية شباط (فبراير)، تستهدف شخصيات في نظام بشار الاسد وكيانات وتشمل ايضاً حظراً على الاسلحة والنفط، اضافة الى سلسلة من العقوبات التجارية والمالية. واوضح الوزراء في ختام الاجتماع انهم سيواصلون تقويم واعادة درس نظام العقوبات ضد سوريا اذا لزم الامر بهدف دعم ومساعدة المعارضة، والتشديد الذي استهدف تعزيز المساعدة التقنية يرمي الى تلبية جزئية لمطالب بعض الدول وفي مقدمها بريطانيا التي طالبت برفع حظر الاتحاد الاوروبي المفروض على شحنات الاسلحة الى المعارضين المسلحين.

عسكرة متنامية
رحب وزير خارجية بريطانيا وليام هيغ بـ «تسوية» تتيح الذهاب الى ابعد من ذلك في غضون ثلاثة اشهر. واوضح ان تفاصيل ستعرض في الايام المقبلة حول شروط تعزيز الدعم غير العسكري.
وحذرت غالبية من الوزراء من خطر عسكرة متنامية للنزاع اذا تم رفع الحظر على الاسلحة. واعلن وزير خارجية لوكسمبورغ جان اسلبورن انه لا يوجد شح في الاسلحة في سوريا.
واضاف نظيره البلجيكي ديدييه رايندرز ان الهدف ليس مقاتلة الجهاديين في مالي لتزويد سلاح للجهاديين في سوريا. وفي بيانهم، دعا وزراء الخارجية الاوروبيون ممثلي النظام السوري الى عدم تفويت الفرصة والرد ايجاباً على عرض الحوار السياسي الذي قدمه رئيس الائتلاف السوري المعارض.
واللافت هنا ان الوزراء الاوروبيين ما زالوا ينظرون الى القضية من زاوية تتعلق بتعظيم الدور الذي يمكن ان تقوم به بلدانهم حتى ولو كان دوراً يستند الى عناصر القوة. لكنهم يتوقفون عند المشروع الاميركي الذي لم يعد متحمساً الى هكذا تصورات. والذي بات يميل الى ما يصفه محللون بالتقليل من الاندفاعات العاطفية والثأرية، والجنوح نحو الحلول العقلانية، وفي مقدمتها المشروع الروسي الذي ما زال محل خلاف على نطاق واسع

عواصم -«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق