رئيسيسياسة عربية

القاهرة: قانون جديد للتظاهر يرفع منسوب الاحتقان في الشارع

اثار قرار الحكومة المصرية وضع قانون جديد ينظم عملية التظاهر ردود فعل واسعة على مستوى الشارع، خصوصاً في اوساط المعارضة، حيث توالت الردود المؤكدة ان القانون الجديد يمس الحريات العامة، ويخفض سقف الديمقراطية لجهة انه يضع المزيد من القيود على عمليات التظاهر، التي تراها المعارضة حقاً طبيعياً من حقوقها ووسيلة تعبير رئيسية من وسائل الرفض للممارسات التي تقوم بها السلطة بقيادة جماعة الاخوان المسلمين.

بحسب الاحتجاجات التي سادت شارع المعارضة في مصر فإن جماعة الاخوان المسلمين التي تتولى الحكم في مصر تراجعت عما كانت تطالب به عندما كانت في صفوف المعارضة، واثناء الثورة. وانها وضعت القانون للحد من نشاطات اساسية كانت تمارسها حتى بعد ان جرت الانتخابات الرئاسية.
فقد أقرت الحكومة المصرية مشروع قانون ينظم التظاهرات، وينص على وجوب طلب ترخيص مسبق لها وإمكانية تغيير مسارها أو إلغائها، فيما ترى منظمة هيومان رايتس ووتش ان القانون يمنح الدولة مزيداً من السلطة لقمع الاحتجاجات.
وتتضمن مسودة القانون 24 مادة لتنظيم حق التظاهر، من أبرزها أنه لا يجوز التظاهر إلا بعد تقديم إخطار بذلك إلى قسم أو مركز الشرطة المزمع بدء التظاهرة ضمن دائرته، قبلها بخمسة أيام على الأقل، وتستثنى من الإخطار، مناطق طالب القانون رئيس مجلس الوزراء بتحديدها على أن يكون من بينها ميدان التحرير، حيث يحق التظاهر فيها دون إخطار، بحسب المصدر ذاته.
وتحظر مسودة القانون على المتظاهرين التعدي على الأشخاص أو الممتلكات العامة أو الخاصة أو تعريضهم للخطر، واغلاق الطرق أو الميادين، وحرق الإطارات أو أي مواد تسبب الاشتعال، وحمل الأسلحة والذخائر والمفرقعات، وارتداء الأقنعة والأغطية، والكتابة أو الرسم بالألوان أو الطباشير أو بأية مادة أخرى على الممتلكات العامة أو الخاصة، والتظاهر في المناطق السكنية بعد الحادية عشرة مساء.

تظاهرات محددة
ومن بين بنود مشروع القانون التي تثير الجدل، حظر رفع لافتات أو ترديد هتافات تتضمن إهانات أو تمييزاً أو ازدراء للديانات السماوية أو تثير الشقاق أو العنف أو الكراهية أو تشمل تعدياً على هيئات أو مؤسسات حكومية. وستكون التظاهرات محددة في كل محافظات البلاد في اماكن يختارها المحافظ. ويحظر مشروع القانون ايضاً بناء المنصات للخطباء واستخدام الخيم طيلة فترات الاعتصام، اضافة الى اللافتات او الشعارات التي تعتبر تشهيرية او مهينة للديانات او المؤسسات العامة. واعتبر احمد عزت رئيس القسم القانوني في مؤسسة حرية الفكر والتعبير ان هذا المشروع يفرض قيوداً على حق التظاهر وينتهك كل مبادىء حرية التعبير.
وسيحال مشروع القانون إلى مجلس الشورى الذي يهيمن عليه الإسلاميون والذي يتولى التشريع لحين انتخاب مجلس النواب خلال الشهور المقبلة لمناقشته وإقراره.
ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن وزير العدل أحمد مكي قوله: إن مشروع القانون وضع «من أجل إعادة السلمية الى التظاهرات التي تعتبر من أقوى الحقوق المتاحة للشعب المصري». وقال مكي انه بموجب مشروع القانون سيكون الاحتجاج السلمي حقاً تتعين حمايته وهو ما يتطلب إخطار الشرطة رسمياً قبل التظاهرة بثلاثة أيام على الأقل. ويمكن للشرطة أن تأمر بتغيير مسار تظاهرة الاحتجاج. وسيكون من حق السلطات أن تطلب أمراً قضائياً بحظر تظاهرة كما يقضي مشروع القانون بتجريم قطع الطرق واغلاق الميادين وارتداء أقنعة أو أغطية رأس على الوجه. وأعرب حزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، عن تمسكه بنهج استكمال بناء مؤسسات الدولة، رافضاً ان تجره أي جهة الى العنف.
الحكومة، وعلى الرغم من تأكيدها على ان مشروع القانون من المشاريع المهمة لبناء الدولة، اعلنت استجابتها لبعض المطالب التي رفعتها المعارضة. فقد رفضت الحكومة التراجع عن مشروع القانون، لكنها وافقت على ادخال تعديلات عليه. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة العدل المستشار محمود أبو شوشة: إن الوزارة انتهت من تعديل القانون استجابة لتحفظات القوى السياسية على مسودته الأولى.
وفي تصريحات صحافية، كشف أبو شوشة أن التعديلات أجريت على بندين، أحدهما يتعلق بمحيط التظاهر، والآخر بالعقوبات المترتبة على سلوك السب والقذف خلال التظاهرة.
وحددت المسودة الأولى للقانون حرما لا يزيد على 500 متر لإقامة أي تظاهرة أمام القصور الرئاسية والمجالس التشريعية ومقار الوزارات والمحافظات ومقار السفارات والبعثات الدبلوماسية والمحاكم والنيابات والمستشفيات ودور العبادة والأماكن الأثرية ومديريات الأمن والإدارات التابعة لها والمناطق العسكرية، بينما عدلت المسودة الجديدة المسافة إلى 200 متر فقط، وفق أبو شوشة.
وأضاف أن المسودة الجديدة ألغت عقوبة السب والقذف التي تضمنتها المسودة الأولى، وتركت عقاب من يرتكب هذه الجريمة خلال التظاهر للقواعد العامة التي يتضمنها قانون العقوبات.

انتقادات واسعة
وجه حقوقيون انتقادات واسعة لمشروع قانون التظاهر، بنسخته المقدمة من الحكومة، الذي يناقش بمجلس الشورى حالياً، مشيرين إلى أن هذا المشروع يخل بجميع المعايير المرتبطة بحرية التعبير والحق في التجمع السلمي، فضلاً عن إخلاله بالحد الأدنى للتشريعات الدولية المنظمة لممارسة الحقوق والحريات. الى ذلك، افاد مصدر قضائي ان النائب العام المصري سيستدعي شيخاً سلفياً لاستجوابه في شأن فتوى اصدرها تجيز قتل قادة في المعارضة المصرية. وكان شيخ سلفي يدعى محمود شعبان افتى في فيديو اذاعته معظم قنوات التلفزيون المصرية خلال الاسبوع الفائت ان المعارضين من جبهة الانقاذ الوطني «ينبغي قتالهم واذا اقتضى الامر قتلهم» وفي مقدمتهم اثنان من قادة جبهة الانقاذ هما محمد البرادعي وحمدين صباحي.
وتزامنت هذه الفتوى مع اغتيال المعارض اليساري التونسي شكري بلعيد ما اثار مخاوف كبيرة في صفوف المعارضة المصرية. وبعد تصريحات شعبان، قرر وزير الداخلية المصري اللواء محمد ابرهيم «تكثيف الدوريات الامنية» في محيط منزلي البرادعي وصباحي. وفي الوقت نفسه، قررت وزارة الداخلية تسليح رجال الشرطة من ذوي الرتب المنخفضة بمسدسات، بعد تنظيمهم احتجاجات طالبوا خلالها بتسليحهم وتحسين ظروف عملهم وسط تزايد الجرائم العنيفة في البلاد. ووافق وزير الداخلية محمد ابرهيم على استيراد 100 الف مسدس بعد احتجاجات الشرطة. ويحمل ضباط الشرطة المصرية اسلحة خفيفة، ولكن رجال الشرطة الاقل رتبة غير مسلحين

القاهرة – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق