تحقيقرئيسي

شهر التسوق في لبنان كان ولكأنه ما كان

ايام قليلة وتضع حملة وزارة السياحة الـ «50% على مدى 50 يوماً» اوزارها، نعم تأخرت الخطة السياحية لكنها حلت وكان لا بد منها، علّها تنقذ الوضع السياحي وتنعش البلاد وتعيد الحياة الى وطن الارز، و كان في بال منظميها «نشر الاجواء الايجابية وتحريك الدورة الاقتصادية وتشجيع السياح على المجيء الى لبنان بأسعار معقولة وتنافسية»… لكن شهر التسوق في لبنان كان ولكأن شيئاً لم يكن؟

الخطة السياحية اطلقت بناء على حملة حسومات بنسبة 50% على مدى 50 يوماً بدأت اعتباراً من 8 كانون الثاني (يناير) 2013  ولغاية 28 شباط (فبراير)، لتشمل أسعار تذاكر السفر والفنادق واستئجار السيارات والشقق المفروشة، الى جانب عروضات خاصة في أسعار المطاعم والتسوق… وهكذا غطت لافتات الحسومات واجهات المحال بدءاً من الـ 50 في المئة،  وصولاً الى 70 في المئة، وروجت العديد من الفنادق لرزماتها المخفضة لتصل أسعار بعضها «الى الحضيض»، ومثلها فعلت المطاعم والمقاهي، ومع كل ذلك، كانت الصدمة، حملة الـ 50 في المئة  لم تؤت ثمارها، الركود ما زال سيد الساحة، لا سياح ولا حجوزات، معاناة التجار والمؤسسات السياحية ما زالت على حالها: المطاعم، المقاهي، الفنادق والمنتجعات السياحية ما زالت تتخبط في محنتها، وما سجل من تحسن، طفيف لا يذكر، لم تتعد نسبته الـ 10%، وكما أقفل العام 2012 بدأ العام  2013 ويستمر، وكأن شيئاً لم يكن.
اما «بيت القصيد» فهو ان الحظر الخليجي ما زال على حاله، ومسؤولون عن مؤسسات سياحية يؤكدون: «الانقاذ السياحي لا يحتاج الى عروضات ولا تنزيلات، ليرفع الحظر الخليجي عن لبنان  وستنقلب الاوضاع السياحية رأساً على عقب».
هل فشلت خطة الانقاذ السياحي، هل لبنان مهدد بالانهيار السياحي؟ هل مصير السياحة في بلاد الارز رهن الحظر الخليجي؟ وماذا بعد شهر التسوق؟ «الاسبوع العربي» سألت ومستشار وزير السياحة ميشال حبيس يجيب…

الهدف «حلحلة» التشاؤم و«كسر» الشلل
يجمع اصحاب المؤسسات السياحية ان حملة الـ «50 في المائة على مدى 50 يوماً» لم تأت بأي مردود سياحي، فهل يمكن القول انها فشلت، وما هي اسباب فشلها؟
لا يمكن في هذا السياق الحكم على هذا النوع من الحملات بالفشل او عدمه، ان هدف الحملة هو خلق جو ايجابي في البلد واشهر التسوق ليست حملة جديدة بل هي عادة سنوية احببنا ان نعيدها هذه السنة لتبديد الاجواء السلبية والتشاؤمية التي استهدفت صورة لبنان، وتحديداً لان المنطقة كلها تمر بظروف ضاغطة. ان اي مبادرة تقام في ظل هذه الاجواء لا يمكن ان تفشل او تنجح بل هي تساهم في حلحلة التشنج، حيث اننا لا ننكر ان هناك مشاكل حقيقية في هذه المرحلة.

كسر المقاطعة الخليجية؟
الهدف الأول لهذه الخطة كان كسر المقاطعة الخليجية للبنان وجذب السياح إليه من جديد، فضلاً عن تشجيع المواطن اللبناني على الإنفاق والاستفادة من العروضات والحسومات، ما الذي تحقق من كل ذلك؟
لم تهدف الحملة الى كسر المقاطعة الخليجية، لان هذه المقاطعة قرار سياسي وهي ليست بسبب الاسعار ولا هي تحتاج الى عروض او تنزيلات لكسرها، هذه المقاطعة ليست بيد وزارة السياحة بدون شك، هي نتيجة لاوضاع سياسية وامنية تمر بها المنطقة وبالتالي فهي اكبر من ان يكسرها شهر تسوق. ان الاحصاءات بالفعل تشير الى استمرار انخفاض عدد السياح الخليجيين، وهو امر طبيعي نتيجة لاستمرار قرارات الحظر، اما مفاعيل شهر التسوق فعلينا الانتظار لانتهاء شهر شباط (فبراير) لقراءة الاحصاءات لندرس مفاعيلها بدقة على صعيد الاستقطاب السياحي. ومما لا شك فيه ان هذه الحملة ساهمت في خلق صورة ايجابية عن لبنان لانها ترافقت مع حملة دعائية جميلة ومشجعة.

اختراق اسواق جديدة
يقول خبراء ان لبنان كان بامكانه ان يكون المستفيد الاول سياحياً مما تشهده الدول العربية، لكنه اجهض هذه الفرصة والخطة السياحية الاخيرة جاءت متأخرة جداً، وغير مدروسة و«مسلوقة»، ومن عيوبها انها لم تواكب بحملة اعلامية – تسويقية – ترويجية لها في البلدان التي توجهت اليها مثل تركيا ومصر والأردن والعراق، ومن المآخذ ايضاً انها لم توجه نحو بلدان بعيدة، ما هو تعليقكم؟
هذه الحملة ليست بخطة متكاملة  وبالفعل اتت على عجل بعد احداث امنية وارتفاع مستوى التوتر، وخصوصاً في الاعلام، فكان لا بد من كسر الشلل عبر هذه المبادرة البسيطة وقد قمنا بالترويج لها عبر القنوات الديبلوماسية والاعلامية، الا ان خطة الوزارة هي ابعد من هذه الحملة وهي اختراق الاسواق الجديدة من اميركا واستراليا والصين وروسيا، وقام الوزير بزيارات متتالية الى تلك البلدان وقامت الوزارة على اثرها بالتعاقد مع شركات علاقات عامة لترويج لبنان في هذه البلدان. اما بالنسبة الى الاستفادة من الاوضاع للمزيد من الاستقطاب السياحي، فالواقع ان الوضع معقد لان لانهيار الاوضاع في سوريا اثراً عميقاً على السياحة في لبنان، ان عبر اقفال الحدود البرية الذي افقدنا مئات آلاف السياح التقليديين، وقابله عدم قدرة لبنان على تطوير الطيران لاستيعاب المزيد من الرحلات، او بالنسبة الى اعتبار المنطقة كأقليم سياحي واحد، متى انهارت الصورة الامنية في بلد انعكس الامر على البلد الآخر.
هل يمكن خرق هذا الجمود والركود السياحي طالما هناك حظر خليجي، وهل من خطوات لحلحلة هذا الحظر؟
جميع الظروف اتت لتحدث هذا الركود، احداث امنية داخلية، اقفال المعابر البرية، اضافة الى قرارات الحظر. لقد توجه وزير السياحة بطلب لمقابلة المسؤولين الخليجيين وهو ما ننتظره، كما ان الرئيس ميقاتي يقوم بخطوات ايضاً في هذا الاطار.

تقدم الاجانب
ثمة من يعتقد بأن فشل خطة الانعاش السياحي يؤكد اكثر فاكثر ان نجاح مواسم السياحة في لبنان رهن بالسياح الخليجيين وحسب، فما رأيكم؟
اولاً ان هذه ليست خطة للانعاش السياحي بالتأكيد، انها مجرد شهر تسوق كما قلنا، وان لبنان منفتح على الجميع دون استثناء وخصوصاً اخواننا الخليجيين، ونحن نعتقد ان علاقة طويلة جمعت لبنان بالبلدان الخليجية وهو ما جعل لبنان مقصداً سياحياً مهماً لأهل الخليج، وهو شيء نفتخر به ولا يحتاج الى اعادة تأكيد، ونحن نؤمن ان هذه الازمة ستنجلي عاجلاً ام آجلاً، الا اننا وقبل قرارات الحظر بدأنا خطة لتنويع مصادر السياح ، وذلك لتنمية جميع المناطق كما تنمية السياحات الثقافية والدينية والطبية، وبدأنا نشهد ارتفاعاً في السياحة الاوروبية والاميركية، وهو ما نبني عليه الآن.

زوار عراقيون واتراك
هل صحيح ان خليجيين خرقوا حظر بلدانهم وزاروا لبنان وما هي اعدادهم؟ وماذا عن الزوار الاجانب؟
بالطبع هناك سياحة خليجية وافدة ولم تنقطع تماماً الا انها تراجعت بنسبة كبيرة وهذا طبيعي نتيجة للحظر، الا ان التراجع بلغ نسبة 21 في المئة بالنسبة الى السياح الخليجيين، اما الاوروبيون والاميركيون فسجلوا تقدماً بنسبة 10%.
من المسؤول الاكبر عن الاحجام السياحي عن لبنان: الوضع السياسي ام الامني ام الاعلام اللبناني وما يبثه الى الخارج؟
كل هذه العوامل تجتمع ولا ننس ان ما تمر به سوريا والمنطقة هو خطير ولا ننكر ان تأثيره سيىء الا انه ليس كارثياً.
توصف حركة السياحة باتجاه لبنان حالياً بالـ «معدومة»؟ من يزور لبنان في هذه المرحلة؟ من اي بلدان ولأي سياحة؟
الاكيد ان حركة السياحة ليست معدومة، فان نسبة التراجع عن العام 2011 بلغت 17% وبالتالي ليس الوضع كارثياً. يزور لبنان سياح من جميع البلدان وهناك ارتفاع ملحوظ بعدد السياح العراقيين، ونعمل لزيادة رحلات الطيران بيننا وبين جميع المدن العراقية كما نعمل لاستقطاب شارتر من روسيا. والملفت زيادة عدد السياح الاتراك الى لبنان.
هل هروب السياح الاجانب بحجم غياب السياح الخليجيين؟
لا يوجد هروب للسياح الاجانب، لقد زار لبنان خلال فترة الاعياد سياح من جميع الجنسيات وقمنا باستقطاب رحلات تعريفية لصحافة اجنبية نقلت صورة ايجابية عن البلد وتفاجأوا من التضخيم الذي يطاول لبنان.
السياح الذين كانت وجهتهم لبنان اين يصبون اليوم، في اي بلدان؟
عموماً في تركيا، دبي، قبرص والاردن، هذا بالنسبة الى السياح الخليجيين، اما السياح الآخرون فحافظت حركتهم على مستواها كما قلنا.

تضخيم
اشرف شهر التسوق على نهايته، ماذا بعد، ما هي الخطوات اللاحقة؟ كيف سيقاوم لبنان سياحياً، وكيف سينقذ مؤسساته السياحية المهددة بالافلاس والاقفال؟
انه شهر تسوق ومفاعيله تتغير بحسب كل مؤسسة اذا قدمت عروضاً واستفادت منه، والوزارة مستمرة بتطبيق خططها لاسواق جديدة. اما الحديث عن اقفال وافلاس مؤسسات فهو مبالغ فيه، حيث ان العديد من المؤسسات تفتح اعمالاً لها في لبنان وقد اعطت وزارة السياحة 260 مرحلة اولى لمؤسسات مختلفة، وبالتالي فان تصوير الوضع بهذا الشكل مبالغ فيه. لقد مرت المؤسسات السياحية بظروف قاسية الا ان متانة القطاع الخاص وقدرته على التأقلم هما شيء مميز في لبنان.
قيام شركة طيران الشرق الأوسط بتقديم حسومات 50% في مقابل اعتمادها رزمات عدة مترابطة للقادمين من دول الخليج واميركا واوروبا لم يعط النتيجة المتوخاة ولم يزد من نسبة الحجوزات على متنها، فيما رأى خبراء انه كان على وزارة السياحة اعتماد شركتي طيران في حملتها، فما رأيكم؟
هذه التجربة مع طيران الشرق الاوسط يستحق البناء عليها وسنطورها بالشكل الصحيح وهي مبادرة ايجابية، نحن نستطيع الاتفاق مع شركة طيراننا الوطنية على هكذا رزم فيما شركات اخرى غير ملزمة بتقديم اي عروض، وما نحاول القيام به هو زيادة الرحلات الى لبنان وافتتاح خطوط جديدة، حيث سيتم افتتاح خط طيران مباشر من مدريد الى بيروت وهو ما نحتاجه لزيادة الاستقطاب الى لبنان.
وماذا عن موسم التزلج في لبنان، من هم رواده لهذا العام وهل يقتصر على اللبنانيين؟
موسم التزلج جيد وواعد هذا العام. ان رواد التزلج هم من جميع البلدان ومن يزر اماكن التزلج يلحظ التنوع والاقبال، وتقوم وزارة السياحة بمشروع لربط اماكن التزلج مما يؤدي الى المزيد من المستثمرين والى تطوير المعايير ليصبح لدينا مراكز تزلج اكثر عالمية كون لبنان مركز التزلج الوحيد في المنطقة.

غيمة صيف ستمر
واخيراً، هل لبنان مهدد حقاً بالخراب وبالانهيار السياحي، وهل نحن في اسوأ مواسمنا السياحية؟ وما الذي ينقذه؟
لبنان ليس مهدداً بالخراب، ان هذا البلد استطاع ان يقاوم اسوأ الظروف والحروب وما زال يقدم للعالم امثولة في الضيافة والسياحة حيث ان براعة اللبناني في هذا المجال باتت مثالاً وقدوة. ان ما ينقذ البلد هو ابعاد السياسة عن السياحة، وعدم ادخال بلدنا في زواريب السياسة الداخلية. واؤكد اننا لسنا في اسوأ مواسمنا السياحية فالاعداد التي تم تسجيلها هي مماثلة لتلك المسجلة في العامين 2008 و2009، والحديث عن اقفال وانهيار هو مجاف للحقيقة، وما نمر به مع اخواننا الخليجيين هو غيمة صيف ستمر وستنقشع حيث ان العلاقة معهم هي علاقة اخوية قبل ان تكون علاقة سياحية. المرحلة المقبلة تتطلب التعاون من الجميع فما يمر على المنطقة ليس سهلاً، الا ان لبنان استطاع حتى الآن الحفاظ على نموه واستقراره وهذا انجاز كبير ويدل على متانة اقتصادنا الوطني.

 


شقير: الحل حكومة جديدة تطمئن الخليجيين

 

 

رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان محمد شقير في حديث الى «الاسبوع العربي» اكد ان حملة الانعاش السياحي تلك ماتت قبل ان تولد، اللبنانيون لم يشعروا بها ولا حتى سمعوا بها. ويعقب «ان كانت هذه الحملة لجذب السياح الخليجيين الى لبنان، نحن نسأل: هل مقاطعة اهل الخليج للبنان بسبب غلاء تذاكر السفر والفنادق والاسواق التجارية، ام تحت ضغط الاجواء والظروف السياسية وعدم الاستقرار الامني؟!
برأي شقير ان الحملة جاءت غير مدروسة ومتسرعة، لكنها اطلقت بنوايا حسنة مع العلم ان منظميها كانوا يدركون نتائجها سلفاً، لكن القيام بمحاولة لانقاذ الوضع يبقى افضل من الانتظار والتفرج. للاسف الخطة لم تسفر عن تقدم، الوضع السياحي يزداد تأزماً وسوءاً، وفي هذا الشهر سجل تراجع اقتصادي خطير في كل القطاعات. والارقام تحكي، فهي مخيفة.
وما يقال عن زيادة حجوزات الطيران يشرحه شقير بالقول انها حركة حجوزات اللبنانيين وليس السياح الوافدين الى لبنان، اللبناني اصبح اكثر سفراً بحثاً عن العمل في الخارج نتيجة تردي الاوضاع الاقتصادية في الداخل، والى ذلك هناك حركة سفر لافتة يسجلها السوريون الذين يغادرون بلادهم الى الخارج ويعودون عن طريق مطار بيروت، هذا ما تسجله حركة مطار بيروت. واما عن الارقام الصادرة عن الدوائر الرسمية فلا ثقة بها. وعلى حد قوله تكفي العودة الى الارقام التي عرضها نقيب اصحاب الفنادق بيار الاشقر في مقارنة بين العامين 2012 و2013 لندرك حجم الازمة، التي طاولت كل القطاعات، من قطاع الفنادق الى تأجير السيارات الى المطاعم والمتاجر وغيرها وغيرها… وحتى موسم التزلج سجل تراجعاً، اذ لا يقصد مراكز التزلج الا اللبنانيون، ولا حركة لسياح خليجيين ام اجانب.
ويضيف شقير ان سياسة الحسومات والتنزيلات التي وصلت الى 50%  التي التزمتها هذه القطاعات منذ اكثر من شهر ليست بكافية لانقاذها ولا لاجتذاب السياح العرب، أن «ما ينقذها هو حكومة جديدة وانتخابات نيابية واستقرار الاوضاع في سوريا، ما يبث اجواء سياسية جديدة مطمئنة للرعايا الخليجيين وغير الخليجيين ويشجعهم مجدداً على ارتياد لبنان».
وعن زيارة الرئيس ميقاتي الى السعودية ولقائه ولي العهد السعودي، علق شقير ان الزيارة كانت محض بروتوكولية ولم تسفر عن نتائج على الارض، مكرراً ان المطلوب حكومة جديدة تكون على علاقة جيدة مع العالم العربي، تبث اجواء اطمئنان وارتياح وثقة يمكن على اساسها رفع قرار الحظر الخليجي على لبنان وتالياً عودة السياح الخليجيين الى ديارنا.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق