أبرز الأخبار

سوريا تنسق مع العراق وتلاحق «داعش» بالغارات الجوية

يشير متابعون لتطورات الملفين السوري والعراقي الى حالة النشوة «غير المنضبطة» التي تعيشها خلايا داعش هذه الايام، ويتوقفون تحديداً عند الحالة النفسية للتنظيم في قواعده المنتشرة على الارض السورية، حيث المعلومات المتدفقة عبر الحدود تؤشر على انتصارات خارقة حققها التنظيم على الارض العراقية.

يبدو ان ذلك الدفق المعلوماتي انعكس على ممارسات ذلك التنظيم الذي تقول المعلومات ان منتسبيه باتوا يتصرفون كدولة، ويعتقدون ان الامارة الاسلامية تحققت على الارض، وانهم باتوا مكلفين بادارة تلك الدولة وفقاً لتصوراتهم الشرعية.
اول تصرف قاموا به، فتح الحدود ما بين العراق وسوريا، وارسال اشارات مضمونها ان مشروعهم على وشك الاستكمال بالوصول الى الحدود الاردنية، ويعتقدون ان ما يحتاجونه فقط الوقت، الذي يحتسبونه بالساعات والدقائق، وفي اسوأ الاحوال بالايام.
غير ان تلك الحالة اصطدمت بالواقع، حيث شن الطيران السوري غارات على مواقع لتنظيم داعش، الامر الذي ادى الى خسائر جسيمة.
فقد قصف سلاح الجو السوري مقار لتنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» (داعش) بالقرب من الحدود مع العراق المجاور لسوريا.
وقال المرصد السوري لحقوق الانسان، ان «الطيران الحربي يقوم منذ يوم السبت بقصف مقار تابعة للدولة الاسلامية في العراق والشام وخصوصاً مدينة الرقة (شمال) والحسكة (شمال شرق)» المتاخمة للعراق.
واكد مدير المرصد رامي عبد الرحمن «بانها المرة الاولى التي يكون القصف فيها عنيفاً بهذا الشكل».
وعزا المرصد اسباب القصف لكون الدولة الاسلامية «تمكنت من ادخال اسلحة ثقيلة الى سوريا وخصوصاً الدبابات وسيارات الهمر» التي تركها الجيش العراقي وراءه.

قصف بالطيران
ففي الرقة، قام سلاح الطيران «بقصف منطقة مبنى المحافظة، التي يتخذها التنظيم كمقر رئيسي، ومبنى المحكمة الشرعية وقصر الضيافة» دون ان ترد معلومات عن خسائر بشرية، بحسب المرصد.
وبث ناشطون من الرقة صوراً، تبين حفراً واسعة امام مقار التنظيم في هذه المدينة. واضاف المرصد ان  الطيران الحربي شن غارات على مقار لداعش في مدينة الشدادي الواقعة في ريف الحسكة الجنوبي.
ورأى مدير المرصد رامي عبد الرحمن ان هذه الغارات تمت «بالتنسيق مع السلطات العراقية» التي تتهيأ لشن هجوم لاستعادة مناطق عدة في البلاد قام التنظيم بالاستيلاء عليها في شمال البلاد لا سيما الموصل.
ويقول خبراء ومعارضون سوريون ان تنظيم داعش الاسلامي المتطرف يسعى في سوريا الى اقامة «دولته» في المنطقة الممتدة من الرقة شمالاً الى الحدود السورية العراقية في الشرق لاقامة تواصل مع عناصر التنظيم نفسه داخل العراق.
وظهر التنظيم في سوريا في ربيع 2013، وقوبل بداية باستحسان معارضي الرئيس بشار الاسد الباحثين عن اي مساعدة في قتالهم ضد القوات النظامية. الا ان هذه النظرة سرعان ما تبدلت مع ارتكاب التنظيم تجاوزات وسعيه الى التفرد بالسيطرة.
وتخوض فصائل المعارضة المسلحة في سوريا وبينها جبهة النصرة المتطرفة منذ كانون الثاني (يناير) معارك ضارية ضد تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» الذي تتهمه بتنفيذ مآرب النظام السوري وبالتشدد في تطبيق الشريعة الاسلامية وبتنفيذ عمليات قتل وخطف عشوائية.
وتسببت هذه المعارك التي شملت محافظات حلب والحسكة ودير الزور وادلب، بمقتل اكثر من ستة آلاف شخص من الطرفين.

استعادة كسب
في الاثناء، استعاد الجيش السوري السيطرة على مدينة كسب الحدودية مع تركيا في محافظة اللاذقية بعد اسابيع من سيطرة مقاتلي المعارضة على هذه المدينة التي تسكنها غالبية ارمنية.
ونقل التلفزيون الرسمي السوري في شريط اخباري عاجل عن مصدر عسكري ان «وحدات من الجيش العربي السوري وبالتعاون مع الدفاع الوطني اعاد الامن والاستقرار الى مدينة كسب بريف اللاذقية».
واضاف المصدر ان «وحدات الجيش بالتعاون مع الدفاع الوطني قضت على اعداد كبيرة من «الارهابيين» في كسب ودمرت اسلحتهم» مشيراً الى ان هذه الوحدات “تقوم بازالة الالغام والعبوات المفخخة التي زرعتها في المدينة.
وكان مقاتلو المعارضة سيطروا على المدينة في نهاية اذار (مارس)، ما اجبر معظم سكان كسب ذات الغالبية الارمنية على النزوح عن منازلهم بسبب المعارك قبل ان يتم الاعلان السبت عن انسحاب غالبيتهم منها أمام تقدم القوات النظامية، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن ان «القوات النظامية دخلت الى مدينة كسب وتقدمت فيها دون ان تسيطر عليها بالكامل» مشيراً الى ان «اشتباكات ما تزال تدور فيها» عقب انسحاب غالبية مقاتلي جبهة النصرة والكتائب الاسلامية الليلة الماضية منها.
واشار الى ان انسحاب اغلبية مقاتلي المعارضة جاء بعد «ان تمكنت عناصر من حزب الله اللبناني الذي يساند الجيش في عملياته من الاستحواذ على عدد من التلال المحيطة بمدينة كسب» لافتاً الى ان ذلك «من شأنه وضع المقاتلين بمرمى الجيش وعناصر الحزب».
واوضح عبد الرحمن ان «المقاتلين فضلوا الانسحاب على ان تتم محاصرتهم» من قبل القوات النظامية كما حدث مع بقية المقاتلين في معاقل المعارضة لافتاً الى «نقص في الامداد لدى مقاتلي المعارضة وتقدم عناصر حزب الله وعناصر النخبة الذين يتمتعون بخبرة كبيرة».
وتعتبر بلدة كسب استراتيجية لوقوعها قرب المعبر الوحيد مع تركيا في محافظة اللاذقية، معقل الطائفة العلوية التي ينتمي اليها الرئيس بشار الاسد، والذي يقوم المقاتلون عبره بنقل جرحاهم لاسعافهم في تركيا، حليفة المعارضة.

اتهام تركيا
وتتهم دمشق تركيا بالتورط في معركة كسب ومساندة المجموعات المسلحة، مشيرة الى ان هذه المجموعات دخلت المدينة من الاراضي التركية. وفي وسط البلاد، ذكرت وكالة الانباء الرسمية ان «وحدة من الجيش والقوات المسلحة اعادت الامن والاستقرار الى قرية ام شرشوح والمزارع المحيطة بها بريف حمص بعد القضاء على المجموعات الارهابية المسلحة فيها».
الى ذلك، دعا السفير الاميركي السابق في سوريا روبرت فورد الإدارة الأميركية إلى إعداد استراتيجية «تتعامل مع الأسد والجهاديين على السواء»، قائلاً إن الولايات المتحدة لا تحتاج تنفيذ غارات جوية في سوريا، ولا تحتاج وضع قوات على الأرض، “ولكن مع دول شريكة من مجموعة أصدقاء سوريا، مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا وتركيا وقطر والعربية السعودية، نستطيع أن نزيد بحدة تدريب المعتدلين في المعارضة المسلحة وما يُقدَّم إليهم من مساعدات مادية».                                                                                                   
واعرب فورد عن اقتناعه بعدم وجود حل عسكري، لكنه أضاف «بالإمكان إنقاذ شيء في سوريا بتهيئة الظروف لمفاوضات حقيقية نحو إقامة حكومة جديدة، وهذا يتطلب تمكين المعارضة المسلحة المعتدلة».
وشدد فورد على «أن الجيش السوري الحر يحتاج قدراً أكبر بكثير من الدعم المادي والتدريب، ليتمكن من خوض حرب عصابات مؤثرة. وبدلاً من الاحتفاظ بمواقع في المدن، حيث يمكن أن يدكّها طيران النظام ومدفعيته، فإن المعارضة المسلحة تحتاج مساعدة على اعتماد تكتيكات لخنق حركة قوافل النظام واجتياح دفاعات ثابتة له».
وقال فورد إن الجيش السوري الحر يحتاج لتحقيق ذلك «مزيداً من المعدات العسكرية، بما في ذلك مدافع هاون وقذائف صاروخية لضرب المطارات وتعطيل عمليات الإمداد الجوي للنظام وصواريخ أرض ـ جو تكون خاضعة لضوابط معقولة». وأضاف فورد «إن إعطاء المعارضة المسلحة هذه القدرات الجديدة سيهز ثقة جيش الأسد، وحتى إيران ستفكر في سلامة رحلاتها الجوية لنقل الإمدادات».

ا. ح
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق