أبرز الأخبار

جدل حول انتخابات سوريي الخارج: الابرهيمي يستقيل، و«رايتس ووتش» تعيد فتح ملف الكيميائي

المدقق في تفاصيل المشهد السوري، يتوقف عند كم من التطورات التي تدفع بالملف نحو صور متناقضة، لكنها تلتقي في تقاطعاتها عند مشاريع تازيم واضحة. فالانتخابات، والوساطة الدولية، والمقاومة، و«الكيميائي»، كلها ملفات باتت متغيرة، وتدفع بالموضوع كاملاً نحو التأزيم.

في الوقت الذي انطلقت الحملة الانتخابية الرئاسية السورية التي يخوضها ثلاثة مرشحين، والتي تبدو محسومة لصالح الرئيس بشار، حدثت جملة من التطورات ابرزها استقالة المبعوث الاممي والدولي الاخضر الابرهيمي من مهمته في سوريا، واصفاً الوضع هناك بـ «الصعب» ولكن دون ان يفقد الامل بالتحسن.
وبالتزامن، تم الكشف عن تطورين مهمين، اولهما، تقرير لمنظمة دولية يرفع منسوب الشك باستخدام الكيميائي في المواجهات الاخيرة بين الجيش والمعارضة. والثاني مقتل المئات من المعتقلين اثناء التعذيب، والخشية على مصير آلاف المعتقلين، من ان يلاقوا المصير عينه. ميدانياً، ثار جدل حول مجريات الانتخابات الرئاسية التي ستجري في الثالث من شهر حزيران (يونيو) المقبل.  ففي الوقت الذي ساد اعتقاد بان الحملة الانتخابية التي يفترض انها تجري وفقاً لاسس التعددية، لا تختلف كثيراً عن المواسم الانتخابية السابقة للثورة، تطرق النقاش لمسالة اللاجئين السوريين في الخارج وما اذا كان ممكناً اشراكهم في الانتخابات.
الفكرة اثارت جدلاً واسعاً تناول الملف من زوايا عدة، ابرزها امكانية اجراء الانتخابات في الدول التي تستضيف لاجئين، ومدى تقبل تلك الدول للفكرة، واستعدادها لتنظيمها ولتحمل تبعاتها الامنية وغيرها، ومدى انعكاس تلك الخطوة في حال انها تمت على النتائج النهائية للانتخابات.

رفض الاعتراف
الا ان الجدل توقف مرحلياً عند قضية اساسية تتعلق بعدم اعتراف المعارضة اصلاً بالانتخابات ورفض العديد من الدول والهيئات الدولية لها. وان تمرير ذلك المقترح يعني ان المعارضة اقرت بشرعية الانتخابات، وهو الامر الذي يدعم موقف الرئيس الاسد الذي ترشحه الدوائر لان يكون الفائز فيها بغض النظر عن التفاصيل الكاملة للخطوة، خصوصاً وان صناديق الانتخاب ستنقل الى دمشق، وسيتم فرزها هناك. وف
ي اسوأ الاحوال سيتم فرزها في السفارات، ومن قبل موظفين سوريين. الدافع وراء المقترح اعتقاد بان اجراء الانتخابات في الخارج يعني مشاركة المعارضة، وبالتالي اصوات كثيرة ليست في صالح الرئيس الاسد. وهناك اكثر من خمسة ملايين سوري في الخارج اغلبهم من المعارضة، ما يعني احتمالية تغيير المشهد من خلال انتخابات مباشرة.
الا ان الخوض في التفاصيل يخلص الى ان الفكرة لا يمكن ان تؤدي الغرض منها، وان من شأنها ان تضفي الشرعية على الانتخابات دون ان تؤثر في نتائجها المحسومة.
ومع ذلك فقد بدأت بعض الدول وخصوصاً دول الجوار التي تستضيف لاجئين سوريين بدراسة مقترح بهذا الخصوص. حيث اعلنت الحكومة الاردنية انها تدرس ذلك الخيار. بينما رفضت دول غربية ومنها فرنسا اجراء الانتخابات على اراضيها.
في السياق عينه، اشارت تقارير اخبارية الى ان الحملة الانتخابية في العاصمة السورية دمشق تحولت الى مهرجانات لمبايعة الرئيس بشار. وانه لا يوجد اي صوت للمرشحين الاخرين، باستثناء بعض الصور خارج المدينة.

استقالة الابرهيمي
في موضوع آخر، أعلن الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الثلاثاء ان موفد الامم المتحدة والجامعة العربية الى سوريا الاخضر الابرهيمي استقال على ان يغادر منصبه فعلياً في نهاية ايار (مايو).
وأشار بان كي مون إلى أن الإبرهيمي لم يتلق الكثير من العون في مهمته، وأنه واجه الكثير من الصعوبات، مضيفاً إلى أنه يعمل على إيجاد بديل له في أقرب وقت ممكن.
وكانت تقارير اخبارية كشفت عن مفاوضات جادة مع الأخضر الإبرهيمي لتولي منصب رئيس لجنة المشاورات السياسية في الجزائر المزمع أن يتم تعيينها من طرف بوتفليقة في الأيام القليلة المقبلة، كأول محطة من ورشة الإصلاحات التي تعهد بالقيام بها، بعد أن أوكل رئاسة الحكومة إلى مدير حملته الانتخابية عبد المالك سلال وعينه في منصب وزير أول. وقالت المصادر أن السمعة العالمية التي يتمتع بها الإبرهيمي وشبكة العلاقات الدولية التي استطاع أن ينسجها عبر مسيرته الطويلة من خلال مهامه المختلفة سواء في الخارجية الجزائرية أو لدى هيئة الأمم المتحدة تصب في صالحه.
ومن بين الأسماء المرشحة للقيام بالمهمة بحسب تقرير لصحيفة الغارديان اللندنية كيفن رود، رئيس الوزراء الاسترالي العمالي السابق، وميشيل وليامز، المسؤول البريطاني السابق بالأمم المتحدة، وخافيير سولانا، السياسي الاسباني الذي عمل أميناً عاماً للناتو وممثلاً للسياسة الخارجية بالاتحاد الاوروبي، وكامل مرجان، وزير الدفاع ووزير الخارجية التونسي السابق في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي الذي اطاحه الربيع العربي.
وكان دبلوماسيون غربيون سرّبوا معلومات تقول إن الدبلوماسي الجزائري الذي يناهز الثمانين عاماً، بات يشعر بالإحباط لعدم قدرته على تحقيق أي خرق يذكر خلال مهمته التي تسلمها قبل نحو عامين، وهي مهمة لم يصمد فيها سلفه كوفي عنان أكثر من ستة أشهر، حيث غادر قبله وشعور الإحباط نفسه كان رفيقه.
وزاد من إحباط الإبرهيمي على ما يبدو إصرار بشار الأسد على الترشح لولاية ثالثة في الانتخابات المقبلة في حزيران (يونيو) المقبل، ومنعه المعارضين في الخارج من خوض هذه الانتخابات.
ورغم جهود الإبرهيمي الكبيرة وصبره الطويل لمحاولة الجمع بين المعارضة والنظام في اجتماعات جنيف-2، فقد فشل في التقريب بين وجهات النظر. ليس هذا فقط، بل تسبب باستقطاب انتقادات كثيرة من كل الأطراف بسبب مقاربته لإنهاء الأزمة.
وكانت المعارضة السورية والقوى الغربية انتقدتا إصراره على دعوة إيران إلى مؤتمر جنيف-2، فيما النظام اتهمه بأخذ طرف في المفاوضات والخروج عن مهمته.

قتلى تحت التعذيب
في موضوع آخر، كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان عن معلومات تتعلق بعدد الذين قتلوا تحت التعذيب داخل المعتقلات وأقبية الأفرع الأمنية السورية وثكنات النظام العسكرية «منذ بداية العام الجاري 2014، وحتى ليل الثلاثاء 13 أيار (مايو)». وبلغ عدد هؤلاء القتلى بحسب التقرير، «847 قتيلاً تم إبلاغ عائلاتهم وذويهم بمفارقتهم للحياة»، بينهم «15 طفلاً دون الثامنة عشرة من العمر، وست نساء».
واوضح المركز ان هؤلاء قضوا نتيجة تعرضهم للتعذيب والإعدام الميداني وسوء الأوضاع الصحية والإنسانية، وحرمانهم الأدوية والعلاج الذي يحتاجونه.
ورجح المركز ان يكون العدد الفعلي للقتلى اكبر من الرقم الذي تم توثيقه. مشيراً الى ان عشرات الآلاف من السوريين في السجون والمعتقلات، بينهم 18 الف معتقل مفقود يخشى ان يكون قد لاقوا مصيراً مشابهاً للشهداء الـ 847.
ويتعرض المعتقلون في السجون والفروع الامنية «لاساليب تعذيب وحشية» تسبب بحالات الوفاة، او الاصابة بأمراض مزمنة، مترافقة مع حرمان من الغذاء والادوية والعلاج اللازم، بحسب المرصد.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن، ان عدد ضحايا التعذيب «يتزايد في الفترة الاخيرة»، عازياً الامر الى عدم وجود رادع للنظام. وانه بات يسلم الجثث الى ذويها وكأن شيئاً لم يحصل.
ودانت المفوضة العليا للامم المتحدة لحقوق الانسان نافي بيلاي الشهر الماضي تعميم التعذيب في سجون النظام، واستعماله ايضاً من طرف بعض المجموعات المسلحة، لا سيما المتشددة منها. وانتقدت منظمات حقوقية بشدة اساليب التعذيب والاعتقال التعسفي الذي تقوم به الاجهزة الامنية السورية، منذ اندلاع الاحتجاجات المناهضة لنظام الرئيس بشار الاسد منتصف آذار (مارس) 2011.
في سياق آخر، افادت دراسة صدرت في جنيف ان عدد الاشخاص المهجرين في العالم نتيجة نزاع او وضع ناجم عن ازمة بلغ 33،3 مليون نسمة في نهاية 2013، مشيرة الى ان هذا الرقم القياسي سببه خصوصاً الحرب في سوريا التي تؤدي الى نزوح عائلة عن منزلها كل دقيقة.

الاسلحة الكيميائية
الى ذلك، أعلنت منظمة هيومن رايتس ووتش وجود أدلة قوية على استخدام النظام السوري غاز الكلور في هجمات بالطيران على ثلاث بلدات خلال نيسان (أبريل)، ما يشكل مخالفة لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية.
وقالت المنظمة إن الأدلة توحي بقوة بقيام مروحيات حكومية سورية بإلقاء قنابل برميلية «براميل متفجرة» مزودة باسطوانات من غاز الكلور على 3 بلدات في الشمال السوري في منتصف نيسان (ابريل) 2014.
وأضافت في بيان أن هذه الهجمات استخدمت غازاً صناعياً كسلاح، وهو عمل محظور بموجب الاتفاقية الدولية التي تحظر الأسلحة الكيميائية، والتي انضمت إليها سوريا في تشرين الأول (أكتوبر) 2013، إثر اتفاق يقضي بتسليم ترسانتها الكيميائية.
وأكدت المنظمة أن الحكومة السورية هي الطرف الوحيد في النزاع الذي يمتلك مروحيات وأنواع أخرى من الطائرات.
وقالت المنظمة أن الهجمات استهدفت بلدات كفرزيتا شمال محافظة حماة، والتمانعة وتلمنس في محافظة ادلب. ووقعت الهجمات بين 11 نيسان (ابريل) و21 منه.
ونقلت المنظمة التي تتخذ نيويورك مقراً لها، عن طبيب تولى معالجة الضحايا، أن الهجمات أدت إلى قتل ما لا يقل عن 11 شخصاً وأدت إلى أعراض تتفق مع التعرض للكلور في نحو 500 شخص آخرين.
واتهم ناشطون معارضون النظام بشن هذه الهجمات باستخدام براميل متفجرة تلقيها الطائرات المروحية. وأقر التلفزيون الرسمي السوري بحصول هجوم كيميائي في كفرزيتا، متهماً جبهة النصرة بالوقوف خلفه.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن الأدلة المستمدة من مقاطع الفيديو والمعلومات التي نشرها نشطاء محليون توحي بأن القنابل البرميلية المزودة بالكلور استخدمت في كفر زيتا في 12 نيسان (ابريل).
إلا أن المنظمة لم تتمكن من تأييد هذه التقارير بأقوال الشهود، مشيرة إلى ان أحاديث الشهود والأطباء عن أعراض تتفق مع التعرض للكلور، مباشرة بعد قيام المروحيات بإلقاء القنابل البرميلية في خمسة تواريخ على ثلاث بلدات، من شأنه أن يستبعد احتمال تلفيق المقاطع المصورة.
وأكدت منسقة البعثة المشتركة للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية سيغريد كاغ الأسبوع الماضي أن بعثة لتقصي الحقائق حول استخدام الكلور وصلت إلى دمشق.
ودعت كاغ دمشق إلى إنهاء مهمة نقل الأسلحة الكيميائية في أقرب وقت. وما يزال النظام يحتفظ بنحو ثمانية بالمائة من ترسانته. ويحول الوضع الأمني في البلاد دون الوصول إليها، بحسب كاغ.

ا. ح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق