مؤتمر وطني حول ليبيا بداية 2019 قد يمهد الطريق لاجراء انتخابات
السراج يدعو الى «نظرة موحدة» حول الملف الليبي في اجتماع باليرمو
أبلغ مبعوث الأمم المتحدة الى ليبيا مجلس الأمن الدولي الخميس أن مؤتمراً وطنياً سيعقد في ليبيا في الأسابيع الأولى لعام 2019 من أجل الدفع لاجراء انتخابات في العام الذي يليه.
وقال المبعوث الأممي غسان سلامة إن المؤتمر سيوفر «منصة» لليبيين للتعبير عن رؤاهم للمستقبل بحيث لا يتم الاستمرار في «تجاهلهم» من قبل هؤلاء الذين هم في السلطة في هذا البلد المنقسم.
وتهدف الانتخابات في ليبيا الى قلب الصفحة على سنوات من الفوضى بعد إطاحة معمر القذافي عام 2011 شهدت انبثاق حكومتين تتنافسان السيطرة في هذا البلد النفطي.
وفشلت خطة مدعومة من فرنسا لإجراء انتخابات في 10 كانون الاول (ديسمبر) بعد رفض الولايات المتحدة وروسيا وقوى أخرى لجدولها الزمني في مجلس الأمن.
وقال سلامة للمجلس عبر دائرة فيديو من طرابلس إن المؤتمر الوطني الذي كان قيد المناقشة منذ العام الماضي قد تم تأجيله بسبب القتال المستمر والانقسامات السياسية.
وأضاف «الآن، الظروف مؤاتية أكثر».
ولفت الى أن «المؤتمر الوطني سيعقد في الأسابيع الأولى لعام 2019، والعملية الانتخابية التي ستليه يجب أن تبدأ في ربيع 2019».
وأشار المبعوث الأممي الى استطلاع يظهر أن 80 بالمئة من الليبيين يطالبون بإجراء انتخابات، مشدداً على أن الدعم الدولي للمؤتمر أمر أساسي.
وجاء قرار المضي قدماً في عقد المؤتمر الوطني قبيل محادثات ستستضيفها إيطاليا في صقلية الأسبوع المقبل وترمي إلى دعم جهود تحقيق الاستقرار في ليبيا.
ودعمت قوى عالمية ودول عربية جماعات متحاربة في ليبيا، ما عرقل التقدم نحو نهج مشترك.
وطالب رئيس الحكومة الليبية المدعومة من الأمم المتحدة فايز السراج في مقابلة مع فرانس برس بـ «رؤية مشتركة» ووضع حد «للتدخلات السلبية من بعض الدول».
تنتج ليبيا 1،3 مليون برميل نفط يومياً عادت عليها بـ 13 مليار دولار في النصف الأول من هذا العام.
لكن سلامة قال إن الليبيين أصبحوا فقراء بشكل متزايد بينما تتم سرقة المليارات من خزائن الدولة.
«نظرة موحّدة»
في السياق دعا رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج الخميس المجتمع الدولي إلى تبنّي «نظرة موحّدة حول الملف الليبي» خلال اجتماع باليرمو المقرّر أن يفتتح الإثنين في هذه المدينة الإيطالية.
وخلال مقابلة حصرية أجرتها معه وكالة فرانس برس في مقرّ حكومة الوفاق المعترف بها دولياً في طرابلس انتقد السراج (58 عاماً) «التدخّلات السلبية للأسف» لبعض الدول في ليبيا، من دون أن يسمّيها.
وإذا كانت حكومة الوفاق تسيطر على القسم الأكبر من غرب ليبيا فإن شرق البلاد يسيطر عليه «الجيش الوطني الليبي» بقيادة المشير خليفة حفتر الذي سيشارك بدوره في اجتماع باليرمو.
ويعزو كثير من الليبيين الأزمة المستفحلة في البلاد إلى التنافس القائم بين هاتين الحكومتين ويحمّلون الأطراف الخارجية، الغربية والعربية، التي يدعم كل منها هذا الطرف أو ذاك، المسؤولية عن إطالة أمد النزاع.
وإذا كان السرّاج انتقد هذه «التدخلات السلبية»، فهو «أشاد»” بالمقابل بالدور الذي تقوم به فرنسا في سبيل حل الأزمة في بلاده.
وقال «يجب توحيد الموقف الدولي تجاه ليبيا وتجاه الملف الليبي حتى نقدر أن نتجاوز هذه الازمة».
وفي أيّار (مايو) الماضي، استضافت باريس لقاء قمة جمع الأطراف الأربعة الرئيسيين في الأزمة الليبية من بينهم السراج وأفضت إلى الاتفاق على تنظيم انتخابات في 10 كانون الأول (ديسمبر)، لكن الالتزام بهذا الموعد يبدو غير ممكن.
«عدم التزام»
وأعرب السرّاج عن أسفه لـ «عدم التزام الأطراف المعنية الليبية التي حضرت لقاء باريس وتنصّلها من مسؤولياتها وبالتالي حدث إخفاق في ما تمّ الاتفاق عليه».
ووجّه رئيس حكومة الوفاق انتقادات للبرلمان المناوئ لحكومته والذي يتّخذ مقرّاً له في مدينة طبرق في شرق البلاد لعدم احترامه مسؤولياته التي التزم بها خلال لقاء باريس بإعداد إطار قانوني لتنظيم الانتخابات.
وردّاً على سؤال عن الفترة اللازمة للتحضير للانتخابات قال السرّاج «في اعتقادي إنّ الحديث عن أيّ موعد للانتخابات المقبلة دون إيجاد أي إطار دستوري يبقى نوعاً من التمنّي».
ويشكّل تحديد موعد للانتخابات الليبية المقبلة أحد أسباب الخلاف الرئيسية بين باريس من جهة وروما وواشنطن من جهة ثانية بشأن الملف الليبي، ذلك أنّ باريس تضغط باتجاه الالتزام بموعد العاشر من كانون الأول (ديسمبر) بينما تعتبر إيطاليا والولايات المتحدة أن تحديد موعد الانتخابات ليس هو بداية الحل بل نهايته.
وحول التنافس القائم بين باريس وروما بشأن الملف الليبي، أكّد السرّاج على «ضرورة توحيد المواقف بين فرنسا وإيطاليا بحيث لا تكون هناك نقاط اختلاف».
وقال «بالتأكيد فإن ايطاليا تسعى لتنظيم لقاء وذلك لاهتمامها بالملف الليبي لكنّ هذا يتطلّب حالة من التوافق بين كل الاطراف، سواء الإقليمية أو الأوروبية أو الدولية، بحيث تكون هناك نظرة موحّدة نحو الملف الليبي».
«حسم وحزم»
وشدّد رئيس حكومة الوفاق على وجوب أن يفي الأطراف بالتزاماتهم، مذكّراً بأنّه «سبق وأن تمّ ترتيب لقاءات عدة في السابق لكن للأسف عدم الالتزام بمخرجات هذه اللقاءات حال دون الاستفادة من القرارات التي اتّخذت».
وأضاف «يجب أن يكون هناك حسم وحزم».
والسرّاج مهندس ورجل أعمال سابق يتحدّر من طرابلس وعيّن رئيساً لحكومة الوفاق الوطني في كانون الأول (ديسمبر) 2015 إثر مؤتمر عقد في منتجع الصخيرات في المغرب برعاية الأمم المتّحدة، وقد باشر مهامه في العاصمة في آذار (مارس) 2016.
ومنذ تولّى السراج مهامه كان التحدّي الرئيسي الذي واجهه هو انعدام الأمن في عموم ليبيا، وخصوصاً في العاصمة، حيث تتناحر فصائل مسلحة لبسط سيطرتها على الأحياء والمدن مما يؤدي في أحيان كثيرة إلى معارك دامية.
وبين أواخر آب (أغسطس) وأواخر أيلول (سبتمبر) أسفرت معارك بين فصائل مسلحة أتت من مدن في غرب ليبيا وأخرى ومن طرابلس عن مقتل 117 شخصاً على الأقلّ وجرح أكثر من 400 آخرين.
وفي مواجهة الضغوط التي مارستها بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، أعلنت حكومة الوفاق عن «ترتيبات أمنية جديدة» لم تر النور بعد.
وعن هذه الترتيبات قال السراج «نحن الآن بصدد اعتمادها وبدء تنفيذها»، منوّهاً إلى أنّ هذا الأمر بحاجة إلى دعم دولي والتزام من كل الأطراف الليبيين للحؤول دون تجدد اعمال العنف.
وأوضح رئيس حكومة الوفاق إن هذه الترتيبات تقضي بإحلال «وحدات نظامية من الشرطة والجيش» محل الفصائل المسلحة.
لكنّ السراج حرص على توضيح أنّ «هذه التشكيلات بعض منها قام بجهود إيجابية وساهم في تأمين العاصمة وبعض المدن ومحاربة الإرهاب».
وأضاف إن «وضع كل هذه التشكيلات في سلّة واحدة هو نوع من التجنّي على هؤلاء الشباب الليبيين».
ا ف ب