أبرز الأخباردوليات

مفاوضات «النووي الايراني» تتواصل، ومحاولات لاخراجها من عنق الزجاجة

بينما تشير المعلومات المتسربة من الكواليس الى ان المفاوضات الخاصة بالملف النووي الايراني تتواصل بزخم شديد، يتوقف متابعون عند مسرب آخر لمعلومات، مضمونها دخول المفاوضات «عنق الزجاجة»، وان الرسائل المتبادلة بين اطراف العلاقة انحرفت قليلاً عن مسارها الذي كان معلناً، وعن نهجها الذي خلق انطباعاً عاماً بسلاسة العملية التفاوضية، وامكانية التوصل الى اتفاق ينهي الازمة ويطوي الملف الخلافي.

المفاوضات التي تواصلت، والتي اشير الى انها تسارعت وتيرتها منذ مطلع الشهر الجاري، ايذاناً ببدء مرحلة جديدة عنوانها «البحث عن اتفاق دائم»، تخللتها عقبات كثيرة وكبيرة، والى المستوى الذي دفع بمحللين الى الاعتقاد بانها دخلت «عنق الزجاجة»، اشارة الى صعوبات بدت واضحة من خلال الرسائل المتبادلة.
التحليلات المتعلقة بهذا الملف اخذت بعين الاعتبار التطورات الاقليمية والدولية، وانعكاساتها على الملف الن
ووي، خصوصاً تطورات الملف الاوكراني الذي افضى الى تأزيم العلاقة بين واشنطن والغرب من جهة، وروسيا من جهة اخرى. وفي مسار آخر التدخلات الايرانية في البحرين خصوصاً، وفي منطقة الخليج العربي عموماً.
فالقراءات الخاصة بالمشهد باطاره الواسع تميل الى الاعتقاد بأن ما هو مطلوب من ايران حالياً يكاد يكون مختلفاً عما كان في السابق. وان العملية تقتضي قدراً من التشدد في مجال المفاوضات، يساعد في ذلك حراك ايراني داخلي يمارس ضغوطاً على حكومة حسن روحاني، ويدفعها الى التعاطي بحذر شديد مع ملف المفاو
ضات.
من جهتها – وبحسب مصادر متابعة – رفضت ايران تفكيك اية منشآت نووية، فيما وافقت على اطار للمحادثات المنتظرة منتصف الشهر الجاري. وتحدثت ايران عن عدد من «الخطوط الحمراء» وحذرت الغرب والوكالة الدولية من الاقتراب منها.

حركة وفود
ومن ابرز مفاصل جدول المحادثات التي ستبدأ خلال الاسبوع المقبل، عملية التخصيب، وضوابط تلك العملية، ومنشأة فوردو النووية المقامة تحت الارض، ومفاعل آراك، وزيارات المفتشين الى منشأة بارشين العسكرية، حيث تشتبه الوكالة الدولية بوجود انشطة مشتبه بها.
العملية التفاوضية المتواصلة ارتفعت وتيرتها على مدى الايام القليلة الفائتة، حيث وصلت منسقة الشؤون الخارجية في الاتحاد الاوروبي كاترين اشتون الى طهران، ووصل وفد ايراني مختص الى جنيف، وتواصلت المفاوضات في اكثر من مكان، وجرت متابعة حثيثة لتطورات هذا الملف في اكثر من عاصمة من عواصم «5 + 1». غير ان مخرجات تلك العملية بمجملها تضمنت رسائل تكشف عن ازمة ثقة، وعن عقبات تمنع الوصول الى اتفاق دائم يطوي تلك الصفحة التي تنقل العالم كله الى مجالات التأزيم عند كل منعطف.
وفي هذا السياق، صرحت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاترين آشتون – الاحد – في اطار زيارتها الاولى الى ايران، ان المفاوضات النووية بين طهران والقوى العظمى في مجموعة 5+1 «صعبة» و«لا ضمان للنجاح في التوصل الى اتفاق نهائي».
وقالت آشتون في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرها الايراني محمد جواد ظريف: «ان الاتفاق المرحلي المبرم في تشرين الثاني (نوفمبر) 2013 مهم جداً جداً لكنه ليس باهمية الاتفاق النهائي». وقالت: «اننا نخوض مفاوضات صعبة مع تحديات، ولا ضمان للنجاح». وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن بلاده تقبل فقط بأي اتفاق مع القوى الكبرى يحترم حقوق الشعب الإيراني.
من جهته، قال ظريف إن إيران عازمة على الوصول الى اتفاق، وان الامر يتعلق بالتزام الطرف الآخر بتعهداته. وقال، إن إيران تقبل فقط بالاتفاق الذي يحترم حقوق الشعب الإيراني.
وتركزت محادثات آشتون على عدد من القضايا، على رأسها البرنامج النووي الإيراني قبل انعقاد جولة جديد من المحادثات بين إيران والقوى العالمية المقرر أن تعقد في فيينا في 17 آذار (مارس) الجاري.
وأولت وسائل الإعلام والصحف الإيرانية أهمية قصوى لزيارة آشتون ووصفتها بعض الوسائل المقربة من الإصلاحيين بأنها «إنجاز» يسجل للرئيس حسن روحاني الذي فاز في الانتخابات التي جرت في حزيران (يونيو) متعهداً بمزيد من الإنفتاح على الغرب.

تبديد الشكوك
في هذه الاثناء، دعا المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا امانو ايران الى تبديد كل الشكوك الغربية المتعلقة باحتمال وجود بعد عسكري في برنامجها النووي. وقال امانو خلال اجتماع مجلس الحكام الذي يعقد اجتماعاً مغلقاً في فيينا، ان التدابير الاولية التي اعتمدتها ايران «تشكل مرحلة ايجابية، لكن ما زال يتعين القيام بخطوات كثيرة لايجاد حلول للمشاكل العالقة».
ورأى امانو انه من الضروري توضيح كل المسائل المتعلقة ببعد عسكري محتمل، وتطبيق ايران البروتوكول الاضافي الذي يتيح للوكالة الدولية القيام بمزيد من عمليات التفتيش.
وقال الرئيس روحاني انه رغم «آلاف الساعات» من التفتيش، لم تعثر الوكالة الدولية للطاقة الذرية على اي دليل لوجود اهداف عسكرية لبرنامج ايران النووي.
ودافع روحاني عن برنامج بلاده النووي وقال انه «كان دائماً دفاعياً في طبيعته، وسيبقى كذلك دائماً».
من جهة ثانية، دعا روحاني الشارع الايراني الى الهدوء وسط تصريحات استفزازية لمتشددين ايرانيين. وقال امام مسؤولين من الجيش ووزارة الدفاع «احياناً لا يسعى الشخص الى الحرب، ولكن يتحدث وكأنه يسعى اليها، وتنظر الاطراف الاخرى الى ذلك على انه تهديد». واضاف ان السياسة الخارجية لجمهورية ايران الاسلامية تقوم على تحقيق الانفراج وبناء الثقة.
وكان المفاوض النووي الإيراني عباس عراقجي قد اعلن ان المفاوضات التقنية بين إيران ومجموعة «5 + 1» ستجري على هامش مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية بين الثالث والسابع من اذار (مارس) الحالي في فيينا. وان مواضيع تخصيب اليورانيوم ورفع العقوبات والتعاون النووي الدولي «ستكون على جدول اعمال هذه المفاوضات التقنية التي ستعود ثانية خلال الاجتماع الرئيسي في 17 اذار (مارس) الجاري.  وتوقع ان تعقد اجتماعات عدة قبل تموز (يوليو) المقبل بين الجانبين».

التزام ايران
في الاثناء، يؤكد متابعون ان ايران ملتزمة تماماً بالبنود التي تم الاتفاق بخصوصها وان المجموعة الاوروبية تبالغ في تخوفاتها وفي شكوكها  بالنوايا الايرانية. وفي هذا السياق، افاد تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية ان ايران تواصل احترام تجميد بعض انشطتها النووية بموجب الاتفاق مع القوى الكبرى، وهو شرط لمواصلة المفاوضات الهادفة الى حل الازمة المتعلقة ببرنامج ايران النووي المثير للجدل.
وجاء في التقرير ان تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل الى 20% الذي يثير قلق المجموعة الدولية «لم يحصل» وذلك عملاً ببنود الاتفاق المرحلي لمدة ستة اشهر الذي ابرم في جنيف بين القوى الكبرى وايران ودخل حيز التنفيذ في 20 كانون الثاني (يناير).
وفي هذا التقرير تؤكد الوكالة الدولية للطاقة الذرية ان مخزون اليورانيوم المخصب بنسبة 20% «يجري تخفيفه او تحويله الى اوكسيد اليورانيوم».
واضافت الوكالة ان ايران تواصل التخصيب على مستويات متدنية تصل الى 5% «بوتيرة انتاج مماثلة لتلك المعلن عنها» في تقرير الوكالة الصادر في تشرين الثاني (نوفمبر) وهو ما يتوافق ايضاً مع التزاماتها.
وتابع التقرير ان ايران لم تنصب اجهزة طرد مركزي جديدة تستخدم لتخصيب اليورانيوم في موقعي فردو ونطنز. وبخصوص مفاعل اراك الذي يعمل بالمياه الثقيلة حيث يمكن ان يستخدم البلوتونيوم الذي ينتجه في صنع قنبلة ذرية، اكدت الوكالة انه «لم يتم نصب اي عنصر كبير اضافي ولم يحصل اي انتاج او اي اختبار للمحروقات من اجل المفاعل».

احمد الحسبان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق