لندن اول مدينة «اسلامية» خارج العالم الاسلامي
تحولت لندن او هي في طور التحول الى عاصمة «اسلامية»، مصرفياً ومالياً، بعدما توسعت في تبني الخدمات الاسلامية، وهي ما زالت ماضية في هذا الخط لما يربط هذه العاصمة الغربية بالشرائح العربية والاسلامية.
تعتبر العاصمة البريطانية اول مدينة خارج العالم الاسلامي تستضيف المنتدى الاسلامي الاقتصادي العالمي حتى 31 تشرين الاول (اكتوبر) الماضي، باعتبار انها تطمح لأن تكون عاصمة للتمويل الاسلامي الذي يعيش اوج انطلاقته، ويشكل رافداً مهماً لبورصة لندن (سيتي).
وكان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قد اعتبر في كلمته ابان افتتاح المنتدى «ان لندن هي اكبر مركز للتمويل الاسلامي خارج العالم الاسلامي. وطموحنا اليوم هو الذهاب الى ابعد». واضاف: «انا لا اريد ان تكون لندن فقط عاصمة تمويل اسلامي كبرى في العالم الغربي، وانما اريد ان تكون لندن مع دبي وكوالامبور احدى اكبر عواصم التمويل الاسلامي في العالم».
ورأى «ان الاستثمار في لندن مفيد بالنسبة اليكم وفتح لندن امام استثماراتكم هو جيد بالنسبة الينا».
منارة اسلامية
تبدو لندن اليوم اشبه بمدينة – منارة للتمويل العالمي. وتحتوي بورصتها على قطاع مصرفي يتجاوز عدد وحداته 20 مصرفاً بريطانيا تقدم الخدمات التمويلية الاسلامية في حين ان 49 من الصكوك الاسلامية تم ادراجها في بورصة لندن منذ خمس سنوات قيمتها 34 مليار دولار.
لكن هذا الرقم لا يساوي سوى جزء ضئيل من قالب الحلوى، ويمثل قطاع التمويل الاسلامي، الذي سجل طفرة بنسبة 150٪ منذ العام 2006، نحو 1300 مليار دولار في العام المقبل، بحسب الحكومة البريطانية.
ماهية التمويل الاسلامي
ينطوي التمويل الاسلامي على مجموعة العمليات والمنتجات التمويلية المطابقة للشريعة التي تمنع الربا، وتحظر المضاربة، وكل استثمار في القطاعات التي تعتبر «حراماً»، اي غير شرعية، كالكحول والميسر والاباحية.
والواضح ان رغبة لندن في فرض نفسها منصة قوية للتمويل الاسلامي تمر بصورة خاصة باصدار الخزينة البريطانية صكوكاً للمرة الاولى في بلد غير اسلامي.
ويقدر حجم الدين السيادي المطابق للمبادىء الاسلامية بنحو 234 مليون يورو في العام المقبل.
مؤشر اسلامي
يأمل وزير المال البريطاني جورج اوسبورن، الذي شارك في افتتاح المنتدى، ان يكون اصدار الصكوك قناة لجذب الاستثمارات، وحفز المؤسسات البريطانية على سلوك هذا المسلك من اجل زيادة اموالها.
وبالنسبة الى العالم الاسلامي، يشكل اصدار هذه الصكوك «فرصة مرحباً بها» في لندن، على حد قول الرئيس الافغاني في المنتدى حميد كرزاي، الذي يعتبر ان التمويل الاسلامي يمكن ان يلعب دوراً في «دعم القيم الاخلاقية والمعنوية».
وعبر رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف عن سروره لعدم انحصار التمويل الاسلامي بالعالم الاسلامي وقال ان هذا النوع من التمويل «يمثل ركيزة مهمة للبورصة». ويكشف رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون عن استعداد بورصة لندن لاطلاق مؤشر اسلامي يجمع المؤسسات المطابقة لمبادىء الاستثمار في الاسلام.
واضاف كاميرون: «عندما يرتفع التمويل الاسلامي بنسبة 50٪ اسرع من القطاع المصرفي التقليدي، نريد ان نطمئن الى ان جزءاً مهماً من هذه الاستثمارات دخل الى بريطانيا».
دعم النمو
يزيل التمويل الاسلامي كل المخاوف حيال الاستثمارات الاجنبية. ويقول كاميرون: «الاستثمار الاجنبي يخلق الثروة والوظائف، ويساعد على النمو». ومن هنا رسمت الحكومة طريقاً الاولوية فيها للمبادلات مع القوى الناشئة، وهي حسمت قرارها المتعلق باصدار صكوك اسلامية بدءاً من العام المقبل».
والواقع ان التركيز على الاقتصاد الاسلامي والصيرفة الاسلامية هو من اهم ركائز واهتمامات الاقتصاد الآن. وهناك العديد من المزايا التي تفيد المستثمر اثناء وجوده في لندن، منها فارق التوقيت الذي يمنح التواصل مع آسيا والاميركتين، بالاضافة الى اوروبا خلال يوم عمل واحد. ثم اللغة الانكليزية لغة التجارة والاعمال، مستوى عالٍ من المحامين، وافضل شركات التدقيق المحاسبي، وافضل الجامعات.
لندن اسلامياً
توجد في لندن اليوم مصارف اسلامية تعمل بالفعل، و25 شركة محاماة تقدم خدمات واستشارات قانونية وفقاً للشريعة الاسلامية، وبرامج جامعية في الصيرفة الاسلامية، اضافة الى 16 جامعة تقدم برامج للاقتصاد الاسلامي، بما فيها جامعة كامبريدج. وفيما تقدر الاستثمارات الاسلامية عالمياً بنحو تريليوني دولار، تتصدر بريطانيا الدول الغربية في قطاع الصيرفة الاسلامية، اذ تبلغ قيمة الاصول الاسلامية فيها نحو 12 مليار جنيه استرليني، وتحتضن اكثر من 20 مصرفاً دولياً للخدمات المالية الاسلامية، ستة منها تعمل تماماً وفق الشريعة الاسلامية. وتعد بورصة لندن المقر العالمي الابرز لاصدار السندات الاسلامية (صكوك) التي بلغت قيمتها في السنوات الخمس الاخيرة نحو 34 ملياراً توزعت على 49 اصداراً.