تونس: اعلان الحرب رسمياً على «انصار الشريعة»

بينما تتسارع الازمة التونسية، وتتسع الفجوة بين الحكومة والمعارضة، وتصر المعارضة على رفض جميع المقترحات التي تتقدم بها حكومة العريض، والائتلاف الاسلامي الحاكم، برئاسة المنصف المرزوقي، يتوقف محللون عند بدايات مشروع انقسامي جديد قد لا يكون بعيداً عن النهج المصري الجديد.
بينما يؤكد المسؤولون الحكوميون ان تونس بعيدة كل البعد عن النهج المصري، وان الخلافات القائمة هناك لا تزال تحت السيطرة، يرى المحللون ان معطيات التصعيد تحولت الى حالة قائمة، يصعب معها التنبؤ بما يمكن ان يحدث في المستقبل المنظور.
الحكومة من جهتها تعمل على تقديم المقترحات الحوارية، الا انها لا تجد الصدى عند المعارضة التي يصفها متابعون بانها اشبه بالجبل الجليدي، وان ما هو ظاهر منها لا يشكل سوى جزء يسير، بينما الغائر في المياه يشكل العنصر الرئيسي فيها. ويشار هنا الى جماعة انصار الشريعة كمحرك رئيس لحالة الفوضى القائمة، التي تطورت الى اتهامات بانها هي التي تقف وراء الاغتيالات التي نفذت، وتلك التي ما تزال ضمن قائمة كشفت عن بعضها مصادر امنية متابعة.
فالتنظيمات والمرجعيات التي تظهر في الواجهة تعد شيئاً قليلاً قياساً الى ما هو «تحت الارض». وبالتزامن تواصل الحكومة اتخاذ الترتيبات الوقائية، والتي تحولت راهناً الى اجراءات عسكرية هدفها الحد من قدرة المعارضة التي تتجه نحو الترسيم كثورة على اثارة الاشكالات الامنية.
تنظيم ارهابي
فقد أعلن رئيس الحكومة التونسية المؤقتة علي العريض عن تصنيف تنظيم أنصار الشريعة رسمياً كتنظيم إرهابي لضلوعه في اغتيالات سياسية وأعمال عنف ضد الجيش والأمن وارتباطه بتنظيم القاعدة. وقال العريض: إن تنظيم أنصار الشريعة الذي يتبنى السلفية الجهادية ضالع في اغتيال السياسي المعارض شكري بلعيد والنائب البرلماني محمد البراهمي. وكشف عن قرار لمجلس الأمن القومي بتصنيف التنظيم في خانة الإرهاب. وزاد العريض بالتأكيد على ان مسؤولية التنظيم حدود الاعتقالات الى تنفيذ العمليات الإرهابية في البلاد، وانه هو مسؤول عن العمليات ضد الجيش والحرس والأمن وعن جمع الأسلحة. واتهمه بالتخطيط لاغتيالات أخرى ولعمليات مداهمة لمراكز الأمن والانقضاض على السلطة.
وبالتزامن، كشفت وزارة الداخلية عن ان جماعة انصار الشريعة التي تنتمي الى «السلفية الجهادية» والمصنفة كتنظيم ارهابي، خططت لاغتيال نحو 20 شخصية سياسية وإعلامية. وأعلن مصطفى بن عمر المدير العام للامن العمومي في مؤتمر صحافي بمقر وزارة الداخلية ان قائمة الاغتيالات التي خططت لها الجماعة تضم سياسيين بارزين مثل مصطفى بن جعفر (رئيس البرلمان) والطيب البكوش الامين العام لحزب «نداء تونس» الذي يعتبر أبرز حزب معارض في تونس، وعامر العريض القيادي في حركة النهضة الاسلامية الحاكمة. وأضاف ان القائمة تضم وداد بوشماوي رئيسة «أوتيكا» وإعلاميين معروفين في تونس هم: نوفل الورتاني وسفيان بن فرحات وهيثم المكي ولطفي العماري، والمفكران محمد الطالبي وألفة يوسف، والمخرج السينمائي نوري بوزيد، ورجل الدين المعتدل الشيخ فريد الباجي، إضافة الى الحبيب قزدغلي عميد كلية منوبة التي تحظر دخول طالبات منقبات الى قاعات الدروس. وتابع ان اجهزة الامن التونسية احبطت في الثاني من آب (اغسطس) الماضي عمليات اغتيال كانت تستهدف خمس شخصيات بينها كمال مرجان، آخر وزير دفاع في عهد الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي.
وحذر رئيس الحكومة المؤقتة من أن كل من ينتمي إلى التنظيم الذي يتزعمه أبو عياض سيكون عرضة للملاحقات القضائية. واعلن العريض عن إصدار مذكرة جلب دولية بحق مؤسس «انصار الشريعة» سيف الله بن حسين البالغ من العمر 48 عاماً، والمكنى بأبي عياض. ومن جهتها، اكدت الجماعة ان ردها سيتأخر بعض الوقت. وبررت اسباب التأخر – في بيان نشرته على مواقع التواصل الاجتماعي – الى المشاورات والدراسات التي تجري حول الموضوع. الى ذلك، قرر الرئيس التونسي المنصف المرزوقي عسكرة الحدود الجنوبية لبلاده مع الجزائر وليبيا. واعلن ان تلك المناطق الحدودية مناطق عسكرية عازلة. وحدد مدة سنة كاملة لسريان هذا القرار.
عسكرة الحدود
وأعلن وزير الدفاع التونسي رشيد الصباغ، ان المرزوقي اتخذ هذا القرار الاستثنائي تماشياً مع الوضع العام، وبهدف تجنب الكثير من العمليات التي تهدد أمن البلاد ولمقاومة عمليات التهريب التي تكثفت، وإدخال السلاح، وخصوصاً عمليات التهريب في جبال الشعانبي وسمامة بولاية القصرين على الحدود مع الجزائر، حيث يواصل الجيش عملية عسكرية للقضاء على مسلحين مرتبطين بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي.
وأضاف الوزير ان القرار سيبقى ساري المفعول سنة كاملة وانه قابل للتمديد أو التقليص حسب الظروف وأنه بالامكان اتخاذ قرار مماثل في مناطق أخرى. واوضح أنه ليس بإمكان من له تجارة وعمل قانوني والسياح دخول المنطقة العازلة في الجنوب التونسي إلا بموجب تصريح من الوالي.
وترتبط تونس بحدود برية طولها حوالي 500 كلم مع ليبيا وحوالي 1000 كلم مع الجزائر. وينتشر على طول هذه الحدود تهريب السلع المختلفة والمخدرات والاسلحة.
وفي الوقت نفسه، اعلن الائتلاف الحاكم في تونس بقيادة حركة النهضة الاسلامية عن طرح مقترح للخروج من الازمة، مجدداً رفضه تلبية طلب المعارضة استقالة الحكومة. وقال احد ممثلي الائتلاف والمسؤول في حزب التكتل العلماني (المولدي الرياحي) ان المقترح يقوم على فكرة استعداد الحكومة المشروط للاستقالة، على أن يترافق ذلك مع جملة من التدابير. واضاف انه ينبغي الاتفاق على حيثيات استقالة الحكومة الحالية، داعياً الى استئناف اعمال المجلس التأسيسي المجمدة منذ بداية اب (اغسطس) بسبب الازمة السياسية التي اندلعت اثر اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي في 25 تموز (يوليو). ورفض الرياحي التطرق الى تفاصيل مقترحات الائتلاف الحاكم بهدف تسهيل الحوار وتخفيف التوتر وما اسماه «المزايدات»، لكنه قال ان الحكومة المقبلة ستضم سياسيين وتكنوقراط. وسلم المقترح لفريق من الوسطاء يضم الاتحاد العام التونسي للشغل، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة، والرابطة التونسية لحقوق الانسان، ونقابة المحامين. لاحقاً، أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق بعد للخروج من الأزمة السياسية القائمة بين الائتلاف الحاكم بقيادة حركة النهضة الإسلامية والمعارضة.
تونس – «الاسبوع العربي»