رئيسيسياسة عربية

سباق بين التفجير والحل

ظهّرالخرق الجوي السوري  للسيادة اللبنانية الخلاف بين اهل الحكم الى العلن. فبعد قصف مروحية سورية لوسط بلدة عرسال، ندد الرئيس ميشال سليمان بالحادث، وطلب من وزير الخارجية تقديم شكوى ضد سوريا الى مجلس الامن وضد سوريا والمعارضة السورية الى الجامعة العربية لانها اعترفت بها.

تقاعس وزير الخارجية في تنفيذ توجيهات رئيس الجمهورية التي تشاور بشأنها مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وبرر تقاعسه بحجج سربها الى الاعلام الا انها عكست كلها الخلاف القائم بين الرئاسة الاولى والرئاسة الثانية، وبين الرئيس ميشال سليمان والاطراف اللبنانية التي تدور في الفلك السوري. و نفى الرئيس سليمان امام زواره ان يكون على خلاف شخصي مع احد، وخصوصاً مع الرئيس نبيه بري، وان هناك الكتاب الذي يحكم العلاقات بين المؤسسات ويحدد الصلاحيات، وبالتالي لا خلاف اذا ما التزم كل طرف بحدود الدستور والقانون. ويعتبر مسؤول امني ان الخرق السوري خطير للغاية، وان كلام وزير خارجية سوريا عن احترامه سيادة لبنان يبقى في اطار الكلام، نظراً الى ما يجري على الارض. ومطالبة سوريا لبنان بضبط الحدود معها يرد عليها وزير بالقول: لماذا لا تقدم هي على ضبط الحدود ولديها جيش جرار؟ ولماذا رفضت في الماضي الترسيم والتحديد وضبط الحدود؟ ويسأل نائب في قوى 14 اذار: ألم تستفد سوريا من حال الفلتان على الحدود في الماضي؟ ألم ترسل عناصر فتح الاسلام الى لبنان، والسلاح والمسلحين؟ ويضيف: ان نصرالله الذي يبرر ارسال مقاتلي الحزب الى سوريا لمقاتلة جبهة النصرة والمتطرفين «السنة»، ألم يعلن في العام 2007 في حرب نهر البارد بين الجيش وفتح الاسلام القريبين من القاعدة ان مخيم نهر البارد خط احمر؟ فكيف يقاتل اليوم هذه الجماعات؟ الا يخشى ردود الفعل على لبنان؟

سباق
يقول مسؤول امني سابق ان الساحة اللبنانية تعيش حالاً من السباق بين الحل والانفجار. فعلى رغم التأكيدات والتطمينات التي قدمها الامين العام لحزب الله حسن نصرالله في اطلالتيه الاخيرتين، تستمر الخروقات الامنية متنقلة بين المناطق وتحاول الاجهزة الامنية والعسكرية لجمها وابقاءها في اطارها المحدود. ويقول عضو في الامانة العامة لقوى 14 اذار ان انخراط حزب الله العلني في الحرب في سوريا تحت عنوان جهادي، ستكون له تداعيات على الساحة يتأثر فيها بعض المناطق لا سيما الحدودية، ومنطقة عرسال تحديداً للتواصل بينها وبين المعارضة السورية لمنع حزب الله بالاشتراك مع قوى النظام في سوريا من تسلم جبهة عرسال واقفال الحدود. وتحت هذا العنوان تجري بين الحين والاخر المواجهات، وقد وضعت عرسال في نقطة الاستهداف من قبل النظام السوري وحلفائه في لبنان، بعد سقوط القصير، وباتت حدودها المنفذ للمعارضة في حين ان مقاتلي الحزب وعناصر الجيش السوري يسيطرون على المناطق الحدودية الاخرى. وقد صعّدت مشاركة الحزب في المعارك المواجهات في الداخل، خصوصاً بعدما اعلن الحزب استمراره في المشاركة تحت عنوان دعم النظام ومنعه من السقوط وغلفها بعنوان وطني «الدفاع عن لبنان».
وتتخذ الاجهزة العسكرية والامنية التدابير اللازمة لمواجهة اي تطور امني بعدما نجح الجيش في ضبط الوضع في طرابلس. وفي الاجتماعات التي عقدها المسؤولون الامنيون، لفت احد المسؤولين الى ان الوضع هو انعكاس للخلاف السياسي والتجاذب الاقليمي والدولي، وانه يعطي الصورة عن الانقسام الحاد في البلاد. كما انه صورة لتداعيات الازمة السورية على لبنان بعد ان ارتضى بعض اللبنانيين المشاركة في المعارك، وان يكونوا الوقود لمواجهات دولية واقليمية وان يلعبوا على ملاعب القوى الكبرى من دون ان يملكوا القدرة على التغيير، كما قال احد الوزراء عندما انتقد من يتدخل في الحرب السورية بانه غير قادر على التغيير في المعادلة، سواء لجهة النظام او لجهة المعارضة.

صفقة
وفي رد الوزيرالمطلع على سقوط القصير، قال ان ما جرى تم وفق صفقة، فقد اعلن الغرب بعد سقوطها تسليح المعارضة وقد بدأ السلاح النوعي بالوصول اليها. الا ان هذا التطور الغربي في دعم المعارضة لن يسمح لها بالانتصار على النظام، وفق خبير عسكري، بل يمنع النظام من احراز انتصارات. وعلى رغم دعوة نصرالله الاطراف الى القتال في الساحة السورية وابعاد الساحة اللبنانية نظراً لخصوصيتها، يكشف مسؤولون امنيون عن محاولة حثيثة لاستدراج النار السورية الى الساحة اللبنانية. ويقول مسؤول كبير ان الصراع القائم بين الاطراف على الساحة المحلية ليس حول الاصلاحات او التعديلات او المشاريع، بل انه حول سوريا. ويقول وزير الداخلية انه لامر غريب ان يختلف اللبنانيون من اجل سوريا، بدلاً من ان ينصرفوا في هذا الظرف الى الاهتمام بأوضاعهم وبشؤون الناس وتحصين الاستقرار وضبط الامن، ولو فعلوا ذلك الم يكن الوضع في لبنان افضل مما هو عليه الان، لا سيما اقتصادياً مع تدفق السياح والمستثمرين؟ ان ما نقوم به هو انتحار. ويقول مسؤول ان ما يقدم عليه السياسيون هو جلد للذات، فاللعبة السياسية اكبر منهم فلا يجوز ان يكونوا وقوداً على ملاعب الكبار.
ويقول مسؤول آخر ان الامن في لبنان هو امن سياسي اي توافقي يتحقق من خلال التنسيق وليس باستخدام امن بالقوة، نظراً الى الاوضاع والظروف التي يمر فيها لبنان. فالوضع في طرابلس هو الصورة ويجب قيام توافق سياسي في اي منطقة.ان معالجة الحوادث التي وقعت في البقاع مؤخراً طوقت عبر التواصل والاتصالات. وقد اتخذ الجيش التدابير الضرورية لمنع اي ردة فعل ولجم التدهور. ويقول مرجع امني ان الاطراف وعلى رغم الاختلافات في ما بينها تعي خطورة المرحلة والمغامرة بالامن وهذا ما عكسه كلام نصرالله في اللجوء الى الفتاوى  لتحريم اطلاق الرصاص وليس الى القانون. ويؤكد مرجع مسؤول ان لاخوف على الامن في لبنان وان الجيش رغم قدراته المتواضعة هو بالمرصاد.

ف. ا. ع
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق