سياسة عربية

حركة باتجاه الخليج قبل تشكيل الحكومة لضمان الدعم

كيف يمكن للرئيس المكلف تمام سلام ان يسير بين الالغام ويجتاز العوائق في طريق التأليف ويتخطى الحواجز التي ارتفعت عالياً في وجه تشكيل الحكومة بعد شروط ومطالب الاطراف، وكيف يمكنه تصحيح صورة لبنان في الخارج قبل التأليف خشية ان تولد حكومته ميتة لا يعترف بها الاشقاء والاصدقاء قبل الخارج؟

حال التردي التي وصلت اليها البلاد بفعل اداء وتصرفات البعض وانخراط حزب الله في المعارك في سوريا، حملت رئيس البلاد ميشال سليمان على رفع الصوت عالياً، داعياً الجميع الى التزام سياسة النأي بالنفس والتقيد باعلان بعبدا وسقف الدستور والقانون، لافتاً الى انه في الوقت الذي كان يفترض الاحتفال بعرس الديموقراطية في لبنان باجراء الانتخابات في 16 الجاري، عمدنا الى تمديد ولاية المجلس. وسأل: هل كانت ستؤجل الانتخابات لو اقر القانون الانتخابي في حينه؟ كما اطلق البطريرك الماروني «صرخة وطنية» لانقاذ لبنان بعد الحال التي وصل اليها، منتقداً مشاركة حزب الله في المعارك في سوريا، مؤكداً على ان وحدة الجيش والقوى المسلحة الشرعية هي وحدها التي تحمي الوطن، معلناً دعم رئيس الجمهورية في ما يقوم به والرئيس المكلف تمام سلام في تشكيل الحكومة، متهماً فريقي 8 و14 اذار في تعطيل الانتخابات وتعطيل تأليف حكومة قادرة وجديرة برفع تحدي الازمة الاقتصادية المعيشية؟
يعيد الرئيس المكلف تمام سلام اشعال المحركات لتأليف الحكومة بعد انتظار فرضته المهل  الدستورية لايجاد مخرج – تسوية لتأجيل الانتخابات، وتمديد ولاية المجلس 17 شهراً. ويقول وزير ان صورة الاجماع النيابي (124 نائباً) على تكليف سلام، تبدلت محلياً وخارجياً وبالتالي باتت تتطلب اعادة النظر في الحسابات وفي الاسس التي وضعها سلام لتأليف الحكومة.

مواقف عربية منتقدة
فعلى الصعيد الخارجي وبعد تورط حزب الله في المعارك في سوريا بقرار ايراني من دون الاخذ بعين الاعتبار تداعيات المشاركة، وبعد المعارك الضارية التي ادت الى سقوط القصير، وما تردد في اروقة ديبلوماسية عن سقوطها عبر صفقة جرت بين القوى الكبرى للتهيئة لمؤتمر جنيف – 2  صدرت مواقف عربية كان الابرز ما صدر عن دول مجلس التعاون الخليجي. فقد انتقدت مشاركة الحزب في المعارك وحمّلت لبنان المسؤولية. ودعت رعاياها الى عدم المجيء الى لبنان، وحثت الموجودين على مغادرته. واشارت الى اجراءات ستتخذ بحق من يتعامل مع حزب الله، لتورطه في سوريا، معتبرة ان المشاركة تستهدفها. واعلنت مقاطعة الحزب، وقد وصفه الرئيس المصري محمد مرسي بالعدو عندما اعلن قطع العلاقات مع النظام السوري الحالي.
وعلى الصعيد المحلي ارتفع سقف معارضة تورط الحزب في سوريا خوفاً من ادخال لبنان في اتون الحرب، ونقل الحريق السوري اليه. وقالت اوساط 14 اذار «ان يافطة المقاومة التي كان يتستر وراءها الحزب لينفذ الاجندة الايرانية ويضع يده على الدولة ومؤسساتها شيئاً فشيئاً، سقطت وبان وجه الحزب الحقيقي هو ميليشيا شيعية تعمل لحساب الحرس الثوري الايراني وتتلقى الاوامر منه، وهي تابعة لولي الفقيه، وما يعنيها هي مصالح ايران وليست مصالح لبنان. واجندتها ايرانية وليست لبنانية. فالامين العام للحزب حسن نصرالله لا يعترف بالدولة التي يطالب بان تكون قوية، وهو يعمل على ضرب مؤسساتها المدنية والامنية والعسكرية يومياً في مخطط  لتفريغها وشلها. وقد اكد ذلك في المواقف الاخيرة، عندما اعلن استمرار مقاتلي الحزب في سوريا للدفاع عن النظام، على رغم طلب الرئيس سليمان من النائب محمد رعد وجوب التزام الحزب سياسة النأي بالنفس واعلان بعبدا وسحب مقاتليه من سوريا واحترام سيادة الدول».
وحمل الرئيس سعد الحريري على مواقف الحزب فقال رداً على مؤتمر نصرالله «انه اطاح مفهوم الدولة، وقرر ان يكون رأس الدولة والقائد الاعلى للقوات المسلحة والسلطة التنفيذية التي تجيز فتح الحدود امام آلاف المقاتلين للمشاركة في القتال في سوريا، ورأس السلطة التشريعية التي تصدر فتاوى بدل تطبيق القانون».
وانطلاقاً من هذه المعطيات اعلنت 14 اذار رفض المشاركة مع حزب الله في الحكومة بعد تورطه في الحرب في سوريا، معددة  تدرج مبررات التدخل، من حماية الشيعة اللبنانيين القاطنين في منطقة القصير، الى حماية مقام السيدة زينب، الى مواجهة التكفيريين في حرب استباقية، الى مواجهة المشروع الدولي الذي يستهدف المقاومة، الى حماية ظهر المقاومة، الى حماية لبنان، الى الدفاع عن النظام، وكل هذه التبريرات هي لتغطية الحقيقة وهي ان التدخل تم بقرار ايراني لحجز مقعد لايران في جنيف – 2. ودعت 14 اذار الى تأليف «حكومة الناس» من وزراء حياديين يهتمون بمصالح المواطنين، بعيداً عن 8 او 14 اذار.

رسالة بري
وعلى صعيد 8 اذار نقل الوزير علي حسن خليل رسالة من الرئيس نبيه بري  الى الرئيس سلام تطالبه بحكومة سياسية وفق الاوزان والاحجام والثلث الضامن لطمأنتهم، وان يكون  وزراؤها من السياسيين يمثلون الكتل. ورفضت 8 اذار شروط 14 اذار معتبرة ان مطالبتها بعدم اشراك الحزب في الحكومة يأتي تلبية لاملاء اميركي. ويقول مسؤول امني سابق مطلع ان سلام اتى على اساس شرطين: عدم اشراك الحزب في الحكومة. وعدم اعطاء 8 اذار الثلث الضامن. ونقل الوزير وائل ابو فاعور الى سلام اجواء النائب وليد جنبلاط بعد اجتماعهما مشدداً على وجوب عدم اقصاء الثنائي الشيعي عن الحكومة، متخوفاً من تداعيات ذلك امنياً بعدما تردد ان اصحاب القمصان السوداء نفذوا انتشاراً تكتيكياً في المرتفعات المطلة على الضاحية في منطقة الجبل، الامر الذي اعتبره جنبلاط رسالة واضحة. وقد رد وزير سابق على هذه المعلومات بالقول ان 7 ايار (مايو) جديدة غير ممكنة.
وتؤكد اوساط سلام ان المعايير التي وضعها لا تزال قائمة فلا ثلث معطلاً ولا حكومة اوزان واحجام ولا وزير ملكاً او وديعة، بل وزراء غير سياسيين وغير حزبيين وغير صداميين يعملون كفريق واحد في حكومة المصلحة الوطنية للاهتمام بشؤون الناس، وتنفيذ المداورة في الحقائب. انه يريدها حكومة الواقع لان حكومة الامر الواقع هي بتلبية الشروط. اما على الصعيد العربي فتحدثت المصادر عن تحرك رسمي باتجاه عواصم الخليج لشرح الموقف اللبناني وطلب المساعدة لحكومة سلام التي يرجح ان تشكل قريباً من خبراء واختصاصيين قريبين من القوى السياسية ولكنهم غير سياسيين، ومن يرفض الحكومة يحجب الثقة عنها.

فيليب ابي عقل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق