تحتفل فرنسا ودول غربية أخرى اليوم الجمعة 8 أيار (مايو) بالذكري السبعين للانتصار على النازية وانتهاء الحرب العالمية الثانية. وفي الجزائر، سكان سطيف، وخراطة، وقالمة يستحضرون «المجازر» التي ارتكبها الجيش الفرنسي بحق الأهالي الذين خرجوا مطالبين بالحرية وباستقلال الجزائر.
في باريس، يضع الرئيس فرانسوا هولاند اليوم باقة ورد على تمثالي الجنرال شارل ديغول والجندي المجهول تكريماً لكل الذين سقطوا تحت نيران النازية خلال الحرب العالمية الثانية (1939-1945) ولأجل الحرية، كما يلقي خطاباً بهذه المناسبة التاريخية.
وإذا كان تاريخ 8 أيار (مايو) 1945 يعتبر بالنسبة الى فرنسا والفرنسيين نهاية المصائب والأحزان والقتل، فبالنسبة الى الجزائريين لهذا اليوم دلالة خاصة كونه يذكرهم بالمجازر التي ارتكبها الجيش الفرنسي المستعمر آنذاك في ثلاث مدن في الشرق الجزائري وهي سطيف وخراطة وقالمة.
ففي وقت خرج فيه الآلاف من الجزائريين إلى الشوارع للاحتفال بنهاية الحرب العالمية الثانية وللمطالبة، هم أيضاً، باستقلال بلادهم، رافعين الأعلام الجزائرية وشعارات موالية للحرية والاستقلال، رد الجيش الفرنسي بالقمع مستخدما القوة المفرطة ضد المتظاهرين في سطيف وقالمة وخراطة بأمر من الجنرال ريموند دوفال.
فرنسا لم تعترف رسمياً بـ «مجازر» سطيف
وتشير بعض الإحصاءات الجزائرية إلى مقتل 45 ألف شخص وإصابة العشرات بجروح فيما تحدثت الحكومة الفرنسية آنذاك عن مئات القتلى.
ورغم العنف الذي استهدف الجزائريين في 1945 في وقت كانت فيه فرنسا تحتفل بنهاية الحرب العالمية، إلا أن أية حكومة فرنسية لم تبادر إلى الاعتراف رسمياً بهذه «المجازر» التي لا تزال تشغل ذاكرة الجزائريين وتعكر صفو العلاقات بين البلدين رغم مرور أكثر من 50 سنة على الاستقلال.
لكن يجدر القول بأن الأمور بدأت تتغير نوعاً ما في السنوات القليلة الأخيرة. ففي عام 2005 ، وصف السفير الفرنسي في الجزائر هيبير كولان لفرديير خلال زيارة إلى سطيف «المجازر» التي تعرض لها سكان المنطقة بـ «مأساة لا يمكن العفو عنها».
وفي عام 2008 وخلال زيارة سفير فرنسي آخر، برنار باجولي إلى مدينة قالمة، وصف هذا الأخير القمع الذي تعرض له سكان المنطقة بـ «المجازر التي أدت إلى مقتل آلاف الضحايا».
وزير قدامى المحاربين في فرنسا يعترف بعذاب الجزائريين في 1945
وعرفت العلاقات الفرنسية – الجزائرية انفراجاً منذ تولي فرانسوا هولاند الرئاسة في 2012. وللمرة الأولى قام جان مارك توديسكيني بزيارة خاصة إلى الجزائر في إطار أحداث «سطيف» حيث وضع إكليلاً من الزهور على النصب التذكاري للضحية الجزائرية الأولى التي سقطت خلال قمع الفرنسيين لتظاهرات الثامن من أيار (مايو) 1945.
وهي سابقة أولى في العلاقات الفرنسية – الجزائرية كون أنه لم ينتقل حتى الآن إلى الجزائر أي مسؤول فرنسي رفيع المستوى للمشاركة في ذكرى ضحايا سطيف.
وقال الوزير الفرنسي «للمرة الأولى سيقرن الفعل بالقول، لترجمة التكريم الفرنسي للضحايا، وللاعتراف بالعذاب الذي عانى منه الجزائريون» معتبراً زيارته «حركة قوية».
وقام هذا الوزير بزيارته لسطيف في نيسان (أبريل) الماضي وليس في أيار (مايو) لأن فرنسا تحتفل في الثامن من أيار (مايو) بالذكرى السبعين للانتصار على النازية.
فرانس 24