سياسة لبنانية

عرسال: وضـع أمنـي مضطـرب يفتقر الى قرار سياسي

عادت بلدة عرسال البقاعية الى واجهة الأحداث بعد المعلومات عن لائحة اغتيالات تبلغها عدد من وجهاء عرسال غير المقربين من رئيس البلدية السابق علي الحجيري المعروف بأبي عجينة، مع العلم أن لائحة الاغتيالات هذه ليست بجديدة وتعود لأكثر من شهر، لكن الجديد هو أن رئيس البلدية باسل الحجيري تلقى اتصالاً منذ فترة فيه تهديد علني بقتله وذلك إثر إعلان البلدية نيتها باتخاذ بعض الإجراءات في البلدة منها حظر تجول السوريين ليلا حماية لسلامتهم وسلامة البلدة.
وتشير مصادر عرسالية الى وجود لائحة اغتيالات فعلية، وأن «داعش» و«النصرة» سيباشران بتنفيذها، وهي تضم الى الحجيري عدداً من المخاتير والشخصيات التي دأبت في الفترة الأخيرة على إصدار بيانات تناشد الجيش التدخل لوضع حد لتجاوزات المسلحين في البلدة.
ويبدو أن التدابير التي اتخذتها بلدية عرسال ومناشدة فعالياتها تدخل الجيش، يشي بوجود رابط ما بين التهديدات بالاغتيال وتلك الإجراءات، خصوصا وأن الجماعات الإرهابية المسلحة التي استباحت البلدة منذ مطلع آب (اغسطس) عام 2014 فقدت مناطق نفوذها في الجرود وباتت شبه محاصرة، ما يعني وفق مصدر أمني أنها تبحث عن بديل آمن ولم تجد أفضل من عرسال التي لطالما ناصرت الثورة السورية ولكن ليس الإرهابيين.
وعلى رغم نشاط الجيش اللبناني بالقبض على قيادات من المجموعات الإرهابية في «جبهة النصرة ـــ فرع القاعدة في بلاد الشام» و«داعش» في عرسال، من السوريين والعراسلة، ومقتل عدد من هؤلاء في المواجهات الدائمة مع الجيش، إلا أن البلدة البقاعية لا تزال تعيش القلق من الخلايا النائمة الإرهابية فيها. فـ «حرب التصفيات» بحق العراسلة والسوريين ما زالت قائمة، وإرهاب الجماعات المسلحة يتكرر في البلدة بين الحين والآخر، وكذلك استهداف الجيش ودورياته.
المطلعون على الأوضاع في عرسال وجرودها وطبيعتها المتداخلة بين الأراضي اللبنانية والسورية، يدركون جيداً التعقيدات التي تحول دون منع الإرهابيين من التسلل الى داخل الأراضي اللبنانية، خصوصاً في ظل وجود بعض الأشخاص الذين يتعاملون معهم ويؤمنون لهم غطاء كاملاً من مأوى ومأكل ومدهم بالأموال عن طريق التشبيح والأتاوات وطرق أخرى غير شرعية، بالإضافة الى تأييد عدد كبير من النازحين السوريين لهم داخل المخيمات، وهؤلاء يعدون بيئة حاضنة للإرهاب. وتؤكد معلومات أن الجيش بدأ فعلاً بوضع خطط عسكرية لمنع تسلل المسلحين الى عرسال وباستحداث مواقع جديدة بعضها غير منظور هدفها تطبيق كمائن ضد العناصر المتسللة. كما وضع الجيش في نطاق عمله العسكري مجموعة أسلحة جديدة منها مدفعيات تعمل تحت الأشعة الحمراء، بالإضافة الى استلامه أعتدة لوجستية مثل رادارات ومناظير ليلية وقام بزرع ألغام في عدد من المعابر التي يمكن أن يدخل منها الإرهابيون الى داخل الحدود اللبنانية.
البعض في عرسال يعتبر أن لائحة التصفيات تطاول كل من تجرأ على الوقوف بوجه أبو عجينة (رئيس البلدية السابق) وكذلك شقيق أبو طاقية وسائر الذين تجرأوا على زيارة قائد الجيش والإعلان صراحة أن عرسال ترحب بالنازحين وترفض الإرهابيين. كما ويعتبر هذا البعض أن اللائحة هي معاقبة عرسال على اقتراعها للاعتدال في البلدية ومعاقبتها انتخابياً لمن صادروا قرارها وأوصلوها الى الاختناق الذي تعاني منه. والبعض الآخر يؤكد أن ما يحصل عند حدود عرسال هو نتيجة طبيعية للإرهاب الذي خسر ما يقارب الخمسين في المئة من الأراضي التي احتلها في العراق، وضاقت عليه ساحته السورية الخلفية المتصلة بجرود عرسال من جرود القلمون الى الرحيبة، وبعد فشل الهجمات الانتحارية في القاع في تحقيق أهدافها. ومع عدم القدرة على التحكم بالقرى الشيعية المحيطة، وبذلك لم يبق سوى عرسال.
وتعتبر مصادر أمنية أن دخول الجيش وتموضعه داخل عرسال وإمساكه بالأمن فيها هو الحل الأول ولكنه يحتاج الى قرار سياسي واضح وصادر عن مجلس الوزراء، وهو ما ليس متوافراً على ما يبدو حتى الآن برغم الذيول الكارثية على عرسال والمنطقة نتيجة عدم اتخاذه سابقاً. كما وأنه مطلوب من الجيش تشديد الخناق على المسلحين في الجرود عبر إعادة النظر بوضع مخيمات النازحين الواقعة خارج سيطرة الجيش. أما في ما خص وضع المخيمات، فترى المصادر أنه إما أن تنقل المخيمات في الجرود الى ما قبل حواجز الجيش وبالتالي تتوقف الإمدادات التي تصل الى الجرود تحت شعار عدم تجويع النازحين وأطفالهم، مما يؤدي الى وصولها للنازحين، وإما توسيع منطقة سيطرة الجيش الى ما بعد مخيمات النازحين بعد حاجز وادي حميد، وبالتالي اقتلاع ذريعة الإمدادات من ناحية وضبط الوضع الأمني من ناحية ثانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق