يبدأ البابا فرنسيس الجمعة زيارته الى القاهرة لتأكيد دعمه للاقباط، أكبر طائفة مسيحية في الشرق الأوسط، بعد الاعتداءات التي استهدفتهم أخيراً، وستكون فرصة له للدفاع عن التسامح والدعوة الى السلام الى جانب الإمام الاكبر لجامع الازهر الشيخ أحمد الطيب.
وتقلع طائرة البابا من روما الساعة 10،45 صباحا (8،45 ت غ) لتصل إلى القاهرة في تمام الساعة الثانية ظهرا (12،00 ت غ). ويصل الى مصر في وقت أعلنت حالة الطوارىء في البلاد بعد تفجيرين انتحاريين تبناهما تنظيم الدولة الإسلامية ضد كنيستين قبطيتين في التاسع من نيسان (إبريل) وأسقطا 45 قتيلاً.
وكثفت السلطات المصرية تدابيرها الامنية في محيط كل كنائس البلاد، خشية تعرضها لأي اعتداء أثناء زيارة البابا، كما ستواكب إجراءات حماية مشددة تحركات رأس الكنيسة الكاثوليكية في العالم، بحسب مصادر أمنية مصرية.
وكتب البابا فرنسيس في تغريدة على موقع «تويتر» الخميس «من فضلكم، صلوا من أجل زيارتي غداً كداعية للسلام في مصر».
ولا يزال التهديد قائماً في مصر. فقد تعهد تنظيم الدولة الاسلامية تكثيف هجماته ضد الأقباط، وأغلبيتهم من الارثوذكس، وهم يمثلون قرابة 10% من سكان مصر البالغ عددهم 92 مليوناً.
وقبل التفجيرين الاخيرين، قتل 29 شخصاً في هجوم انتحاري تبناه أيضاً تنظيم الدولة الإسلامية في الكنيسة البطرسية المجاورة للكاتدرائية المرقسية في القاهرة، حيث سيقيم البابا فرنسيس اليوم صلاة مع بابا الاقباط تواضروس الثاني.
ولدى وصوله إلى القاهرة، سيتوجه البابا أولاً الى القصر الرئاسي للقاء قصير وخاص مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
ويحظى السيسي بتأييد واسع من أقباط مصر، بعد اطاحة بسلفه الإسلامي محمد مرسي في صيف العام 2013. كما أنه أول رئيس مصري يشارك في قداس عيد الميلاد في الكاتدرائية القبطية في القاهرة.
وفي أيلول (سبتمبر) 2016، أصدر السيسي قانونا جديدا من شأنه تسهيل إجراءات بناء الكنائس في البلاد، خلف قانوناً متشدداً متوارثاً من عهد الدولة العثمانية.
وفتح هذا القانون الباب لاضفاء الصفة القانونية على أوضاع العديد من الكنائس التي بنيت دون ترخيص.
إذابة الجليد بين الفاتيكان والأزهر
وستشكل لحظة لقاء الحبر الأعظم الأرجنتيني مع شيخ الأزهر أحمد الطيب، محطة مهمة من الزيارة. وسيسبق اللقاء خطاب يلقيه البابا في «المؤتمر الدولي للسلام» الذي ينظمه الأزهر.
ويدير الأزهر الذي يعود تاريخ إنشائه لنحو ألف سنة، جامعة ومدارس في مدن عدة في البلاد، يتوافد عليها آلاف الطلاب الأجانب من كل بقاع الأرض لدراسة العلوم الدينية قبل العودة الى بلادهم كرجال دين. وهو معروف بمواقفه المناهضة بشدة لكل تطرف إسلامي.
لكن الأزهر يجد نفسه وسط تجاذبات بين السياسة والدين منذ أطلق السيسي دعوته الى إجراء إصلاحات دينية لمواجهة الفكر الجهادي المتطرف.
ويقاوم الأزهر الى حد كبير فكرة فرض هذه الاصلاحات المتعلقة بشؤون الدين من الخارج.
وتهدف زيارة البابا بشكل خاص الى إعادة الحرارة الى العلاقات بين الأزهر والفاتيكان التي شهدت توتراً على مدى عشر سنوات بعد تصريحات للبابا السابق بنديكتوس السادس عشر في ايلول (سبتمبر) 2006 ربط فيها بين الاسلام والعنف.
وتأزمت الأمور أكثر مطلع العام 2011، حين قرر الأزهر تجميد علاقاته مع الفاتيكان لأجل غير مسمى، إثر دعوة البابا بنديكتوس إلى حماية المسيحيين في مصر بعد تفجير انتحاري استهدف كنيسة في الاسكندرية.
ومنذ انتخابه في العام 2013، أطلق الحبر الأعظم الأرجنتيني مبادرات عديدة لتعزيز السلام، وقدم إشارات رمزية للانفتاح على المسلمين.
فقد زار مساجد المسلمين، وغسل أقدام مهاجرين مسلمين خلال الاحتفالات التي سبقت عيد الفصح، واصطحب ثلاث أسر مسلمة من اللاجئين السوريين على متن طائرته من جزيرة ليسبوس اليونانية إلى الفاتيكان.
ويبلغ عدد الكاثوليك في العالم 1،3 مليار. وتوجد في مصر أقلية كاثوليكية صغيرة يبلغ عدد افرادها 270 ألفاً، استعدت بحماس لاستقبال البابا الذي سيترأس قداساً في استاد رياضي عسكري بإحدى ضواحي القاهرة السبت.
وتأتي زيارة البابا فرنسيس بعد 17 عاماً من تلك التي قام بها البابا يوحنا بولس الثاني الى مصر.
ا ف ب